كرم الله والبطون الخاوية

حروف ونقاط

كرم الله والبطون الخاوية

النور أحمد النور

والي القضارف كرم الله عباس الشيخ ،وقد شغل من قبل رئاسة اتحاد المزارعين والمجلس التشريعي بولايته،وظل دوما مثيرا للجدل بتصريحاته النارية وأحاديثه التي تصدر من دون محسنات بديعية أو تشذيب فتصيب تارة ،وكثيرا ما خرجت عن المألوف وأخطأت هدفها،وقد كان يشفع له أن يتولى مناصب غير رسمية.

ويبدو أن كرم الله جاء الى منصب الوالي يعتقد أنه بلغه على أكتاف الجماهير،ناسيا أن قادة الحزب في الخرطوم يرون ما لا يرى اذ يعتقدون أن “الشجرة” من رفعت منسوبي الحزب الى المناصب وليس الجماهير التي انتخبتهم،حتى لا يستأسد أحد على حزبه.،وهذا موضوع طويل سنعود له يوما.

كرم الله بعد بالونة دعوته الى التطبيع مع اسرائيل ،دخل في مواجهة مع وزارة المالية ،ووجه نيران صديقة الى الوزير علي محمود ،فالخلاف حول نصيب الولاية من الدعم الاتحادي لا ينبغي أن يكون موضع نزاع لأنه محسوم عبر مفوضية تخصيص الايرادات التي حددت معايير لقسمة الدخل القومي وليس أمام وزارة المالية الا تطبيق ما يحال اليها من المفوضية.
ما راج من معلومات أن كرم الله ذهب قبل يومين الى وزارة المالية للقاء علي محمود ولكن يبدو أن الوزير لم يكن راغبا في اللقاء، فاشار اليه أن يلتقي وزير الدولة وهذا ما أغضب كرم الله الذي عاد في اليوم التالي ودخل في ملاسنات مع الوزير اقتربت من أن تتحول الى اشتباكات لولا تدخل بعض من حضروا .

كرم الله غادر الخرطوم غاضبا الى ولايته ودخل اذاعتها وحل حكومته ثم انتقل الى ساحتها في لقاء جماهيري موجها مدفعية ثقيلة الى الحكومة المركزية ونعتها بالقبلية والجهوية والعنصرية، وقال حسب مراسلي الصحف هناك الذين نشرت صحف الخرطوم تقاريرهم الخبرية إن الحكومة المركزية تتعامل في إدارتها لشؤون البلاد بمعايير الكيل بمكيالين بالمحاباة والمحسوبية، ووصف شعار الجمهورية الثانية بأنه يشتمل على ذات “الأوساخ والأدران والشعارات الجوفاء للفترة السابقة” على حد تعبيره – مطالباً الحكومة المركزية بالاغتسال سبعين مرة على غرار ما كانت تطلبه من المعارضة سابقاً، وقال إنه ينتظر مستقبلاً بائساً في المرحلة المقبلة بسبب انهيار وتدني مؤسسات الحكم التنفيذية والمدنية والسياسية والتشريعية، وانتشار الفساد والمحسوبية في مفاصل الدولة. ودعا الحكومة الاتحادية لأخذ العبر والاتعاظ من انهيار الجبابرة والطغاة وسقوطهم في ثورات الربيع العربي، واتهم وزارة المالية بمحاولة خنق حكومته بعدم دفع مديونيات واستحقاقات الولاية على المركز بهدف إيقاف برنامجه الإصلاحي في الولاية، وهدد بتمرد أهل الولاية إذا تمادى المركز في هدر حقوقهم.

وأكد كرم الله أنه لن يستقيل، وسيقود حكومة الولاية من أجل مكافحة الفساد والمفسدين والمحافظة على حقوق الفقراء والمزارعين والضعفاء ، ووصف بعض القيادات النافذة في الخرطوم بأنها جاءت إلى الحكم من الريف “فقيرة وشعثة مغبرة”، لكنها تجبرت وتكبرت بعدما امتلكت زمام الأمور وتمتعت ببريق السلطة ورغد العيش والسكن في الأحياء الراقية في المنشية والمعمورة، وطالب كرم الله رئيس الجمهورية ونائبيه بالتنحي إذا لم يستطيعوا قيادة البلاد في المرحلة المقبلة.
قيادة الحزب الحاكم شعرت بخطورة موقف كرم الله باعتباره عصيانا سياسيا، وسارعت الى ابتعاث مسؤول الشرق في الحزب الشريف عمر بدر الى القضارف لاحتواء الأزمة، لكن يبدو أن مهمته لم تحقق هدفها ،لذا فقد استدعي الوالي الثائر الى الخرطوم للقاء القيادة السياسية ،وأمامها مطالبته بالاعتذار عن أقواله وخطابه الذي وزع فيه النيران يمينا ويسارا،أو تقديم استقالته ،أو الطلب من مجلس الولاية التشريعي بسحب الثقة عنه،والخيار الأخير استخدام الطوارىء لاقالة الوالي وتعيين بديل عنه،وكلها خيارات ستترتب عليها تداعيات شتى،وستكون لها آثار سياسية غير مريحة.

موقف كرم الله من وزارة المالية ليس صراعا شخصيا مع علي محمود،الذي يرمز للخزينة العامة، وغالبية الولاة يشعرون بما عبر عنه والي القضارف ويعتقدون أن ولاياتهم مظلومة من الخرطوم ،ولكنهم صامتون يفرغون الهواء الساخن من صدورهم داخل غرف مغلقة،..فالظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد تجعل الولايات تكد لتوفير الفصل الأول “مرتبات” ، أما الخدمات والتنمية فلا موارد لها،فلا تجعلوا من كرم الله كبش فداء ،وزعوا موارد البلاد بعدالة،واحذروا مواطني الولايات الذين يجد مثل خطاب والي القضارف مكانا في أفئدتهم ،وصبرهم له نهاية ، فلا تدفعوهم الى الخيارات الصفرية.

الصحافة

تعليق واحد

  1. استاذ النور:
    تحية واحترام.
    كغيري من المغبونين في هذا البلد المنكوب.يعجبني لدرجة الحيرة ما يفعله والي القضارف الشجاع.هو صادق وهو سوداني اصيل.السيد الوالي له الف حق ان يعتبر وزير المالية هو مشكلتة بل ومن اكبر مشاكل السودان.هذا الوزير الاتي من اصقاع جنوب دارفور من قريتة التي تسمي (بريدية)ضواحي رهيد البردي,والذي قد قبض عليه يوما(عندما كان واليا لجنوب دارفور, ما مع فتاة متلبسا بالزني(والقصة معروفة)وقد عاصرتها في تلك الفترة_ وقد لا يكون ذلك غريبا, فقد عودنا حكام الانقاذ علي اشتهاء النساء حلالا وحراما.,في وقت يكون فيه الشعب لا يجد ما ياكله ناهيك عن ما ينكحه..هذا الوزير لا يرجي من ورائه خيرا.
    هذا الوالي لا يشبه هؤلاء الناس,لذا لن يبقي في ولايته مع انه والي منتخب من مواطنيه…ولكم في كاشا عبرة …
    فالنرفع القبعات تحية لكرم الله.

    الياس احمدخير الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..