أخبار السودان

الثوار يوافقون مبدئيا على هدنة مشروطة لوقف إطلاق النار..قبائل ليبية تصف المجلس الانتقالي بـ«الذل والعار» وتعلن تمسكها بالقذافي

أعاد رئيس الحكومة الليبية الموالية لنظام حكم العقيد معمر القذافي المشهد السياسي في ليبيا مجددا إلى المربع صفر، عندما اعتبر أن القذافي الذي يقود حكم ليبيا منذ عام 1969، «رمز لبلاده ومحررها». وقال البغدادي المحمودي في مؤتمر صحافي عقده بشكل مفاجئ ظهر أمس في العاصمة الليبية طرابلس هو الأول من نوعه له منذ اندلاع الثورة الشعبية في السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي: «لذلك لا يمكن أن نقول له (القذافي) تنح أو اترك البلد».

وشدد رئيس الحكومة الليبية على أن القبائل الليبية التي أنهت مساء أول من أمس مؤتمرها الوطني بطرابلس معلنة ولاءها التام للقذافي، هي الممثل الشرعي لليبيين اليوم وليس المجلس الوطني الانتقالي، الذي قال إنه «لا وجود له» بعد الملتقى الذي حضره نحو ألفين من ممثلي ورؤساء مختلف القبائل الليبية.

وأضاف أن «القبائل هي المخول الرسمي للسياسة الليبية الآن ولا ممثل غيرها، نحن كحكومة لم نتدخل في هذا الملتقى لكننا ملتزمون بكل ما جاء فيه من توصيات مهمة لوحدة وحقن الدماء الليبية». وأعلن أن هذه القبائل هي التي «ستتولى عملية الاتصال بالمنظمات الدولية والدول العربية والأفريقية لمعالجة الوضع في ليبيا».

وسعى المحمودي إلى استخدام لهجة معتدلة ضد المجلس الانتقالي الممثل للثوار، كما تجنب توجيه أي انتقادات لاذعة للوزراء والدبلوماسيين الذين انشقوا مؤخرا على نظام القذافي وأعلنوا عن انحيازهم للثورة الشعبية ضده. وحث المحمودي هؤلاء جميعا إلى ضرورة «تحكيم العقل والمنطق من أجل حقن الدماء ومصالحة الليبيين».

وانتقد رئيس الحكومة الليبية، الدول العربية على دعمها للعمليات العسكرية التي يشنها التحالف الغربي وطائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) ضد القذافي، وقال «إن الحرب على النظام الليبي بدأت من قطر وانتقلت إلى مجلس التعاون الخليجي لتصل أخيرا إلى الجامعة العربية التي وفرت لمجلس الأمن الدولي الغطاء الشرعي اللازم لفرض حظر جوي على ليبيا».

وقال المحمودي: «في هذه الحرب التمويل عربي والضرب غربي، تمنينا أن يكون الحل على أيد عربية». وفي المقابل أثنى على مواقف روسيا والصين، مشيرا إلى اتصاله الدائم بهما، وقال إن «يد ليبيا ممدودة لجميع دول العالم لإقامة علاقات سياسية واقتصادية مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية».

بيد أن المحمودي امتنع عن اتخاذ أي مواقف حادة مع فرنسا وسعى للحفاظ على شعرة معاوية معها، حيث أوضح أن قيام فرنسا بطرد 14 دبلوماسيا ليبيا من أراضيها لا يمكن أن يكون سببا لقطع العلاقات السياسية والاقتصادية القائمة بين البلدين. كما شن هجوما لاذعا على محاولة تجميد أموال النظام الليبي في البنوك الخارجية في عدة دول، ووصف عملية استخدام هذه الأموال بـ«القرصنة».

واعتبر في رد مباشر على إقرار مجموعة الاتصال الدولية في روما مؤخرا لخطة مساعدة مالية للمتمردين تنص على استخدام هذه الأموال لدعم الثوار، أنه «ليس من حق أحد أن يطلب من مجلس الأمن نيابة عن الدولة الليبية فك تلك الأموال». وقال المحمودي إن حكومته ملتزمة بـ«دفع جميع الرواتب للعاملين فيها بما في ذلك مدن المنطقة الشرقية، الخاضعة للثوار»، مضيفا «ليبيا ليست محتاجة إلى أي مساعدات، وهي دولة غنية».

كما أرجع المحمودي تدفق المهاجرين غير الشرعيين تجاه أوروبا إلى قيام حلف شمال الأطلسي بقصف حرس السواحل وحرس الحدود في ليبيا، محذرا من أن السواحل الليبية أصبحت نتيجة لهذا القصف مفتوحة للهجرة غير الشرعية «دون حدود»، على حد قوله.

إلى ذلك، قرر المؤتمر العام للقبائل الليبية في ختام أعماله التي دامت يومين في العاصمة الليبية طرابلس، تكليف وزارة العدل الليبية بتشكيل لجنة قانونية لمقاضاة كل من ساهم في العدوان على ليبيا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. كما قررت القبائل الليبية تكوين وإشهار «رابطة لشهداء الاعتداء الصليبي على ليبيا»، وأعلنت عن قبولها بأي لجنة يتم تشكيلها تكون محايدة بشأن الادعاءات الكاذبة بخصوص المرتزقة والتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية باعتبارها جرائم حرب قام بها حلف «الناتو».

واعتبرت في البيان الختامي الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه «لا شرعية لما يسمى بالمجلس الوطني الانتقالي الذي يتخذ من بنغازي (المحررة من قبضة القذافي) مقرا له»، ووصفته بأنه «مجلس الذل والعار والهوان المزعوم من قبل الصهيونية والاستعمار والذي كان سببا في مأساة الليبيين والليبيات»، مستنكرة كل من اعترف ودعم هذا المجلس.

وأكدت القبائل الليبية على التمسك بالقذافي الذي وصفته بأنه ضمير الإنسانية، ورمز عزة ليبيا ومحررها، معتبرة أن طبيعة العلاقة معه هي علاقة تاريخية وجدانية تتجاوز العلاقة العادية كزعيم سياسي. وأضافت في بيانها الختامي: «لذا، فلا يحق وبكل الأعراف أن يطلب أحد رحيله عن وطنه»، معلنة «إدانتها لكل تطاول على شخصه الكريم».

[COLOR=blue]الثوار يوافقون مبدئيا على هدنة مشروطة لوقف إطلاق النار[/COLOR]

ليبيان من الثوار ينظران الى مستودع الوقود الرئيسي وألسنة اللهب تتصاعد منه بعد قصفه من قبل قوات العقيد القذافي أمس (أ.ب)
القاهرة: خالد محمود
بينما يستمر حلف شمال الأطلسي (الناتو) ودول التحالف الغربي المناهض لنظام حكم العقيد معمر القذافي في الضغط على الثوار المناوئين له للقبول بحل سياسي، في ظل تراجع الأداء العسكري لـ«الناتو» وهبوط معدلات قصفه الجوي والصاروخي لمواقع القذافي العسكرية، كشفت مصادر مسؤولة في المجلس الانتقالي الليبي الممثل للثوار عن أن المجلس مستعد للقبول بعرض القذافي بوقف إطلاق النار.

لكن نفس المصادر التي تحدثت من معقل الثوار ومقر المجلس الانتقالي في مدينة بنغازي عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط» قالت، في المقابل إن المجلس يريد الحصول على ضمانات بأن لا يستغل القذافي أي هدنة لتعزيز قدراته العسكرية مجددا.

وقالت المصادر: «بالطبع يرحب الثوار والمجلس بوقف إطلاق النار لحقن دماء الليبيين، الخيار العسكري لم يكن بإرادتنا، القذافي فرض علينا القتال المسلح فرضا، لكن يتعين أن نتأكد من أنه لن يسمح للقذافي باستعادة قدراته العسكرية مجددا خلال أي هدنة».

ورأت المصادر أن بإمكان حلف الناتو تشديد مراقبته لنظام القذافي لمنعه من شراء المزيد من الأسلحة أو جلب المزيد من المرتزقة الأجانب للقتال إلى جانب قواته العسكرية وكتائبه الأمنية.

واعتبرت المصادر أن الجزء الأهم في هذا الإطار بالنسبة للثوار هو ضمان أن لا تبقى قوات القذافي في حدود مواقعها الحالية، وأن تنسحب من كافة المدن الليبية إلى خارجها، مع توفير ضمانات بأن لا تعود مجددا لاستخدام السكان المحليين والمدنيين كرهائن أو دروع بشرية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الاجتماع الأخير لمجموعة الاتصال الدولية الخاص بليبيا، الذي استضافته العاصمة الإيطالية، روما، قد منح الثوار مهلة لمدة أسبوعين لتقرير أي الخيارات أنجع للتعامل مع نظام القذافي.

وقالت مصادر المجلس الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن «الناتو» يرغب في أن يوافق الثوار على هدنة مشروطة، لكن لا شيء واضحا حتى الآن، مشيرة إلى أن الحكومة التركية تسعى إلى إقناع دول التحالف الغربي بخطة مبدئية في هذا الإطار.

وقال مسؤول عسكري في المجلس الانتقالي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا بقيت قوات القذافي في مواقعها المعروفة، وإذا وفرنا لها مساحة زمنية لالتقاط أنفاسها، فإنها ستتحول إلى وحش كاسر يدمر الأخضر واليابس».

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه: «يهمنا وقف إطلاق النار. لسنا نقف حجر عثرة أمام أن يكون واقعا على الأرض، لكن هل نسمح للقذافي بأن يعيد تسليح نفسه مجددا، وهل من ضمانات بأن لا يسمح له المجتمع الدولي بذلك».

واعتبر أن هذه الأسئلة وغيرها مشروعة، ومطلوب من الجهات التي تتحدث عن توقيع هدنة أن تجيب عنها قبل أن تدعو إلى الجلوس إلى أي طاولة مفاوضات مع القذافي، الذي شدد على أنه ليس جديرا بالثقة، وأنه فقط يقدم التنازلات للبقاء في السلطة، وأنه لا يعتزم بأي حال من الأحوال التخلي عنها.

وأضاف بقوله: «الله غالب.. (الناتو) حقق إنجازات طيبة في إطار حماية المدنيين ومنع قوات القذافي من استغلال التفوق الجوي لصالحها، لكن في المقابل ما زال القذافي على رأس السلطة وما دام هو في مكانه فلا أمل في أي حل سياسي مقبول».

وبينما تراجعت إلى حد كبير هجمات «الناتو» التي يقول نظام القذافي إنها لا تفرق بين الأهداف المدنية والعسكرية، ويستغلها في إطار حملة دعائية واسعة النطاق للتدليل على أن طائرات لم تأت لحماية المدنيين بل لقتلهم، يستمر نظام القذافي في حشد سكان المدن التي ما زالت تحت سيطرته، خصوصا في المنطقة الغربية، حيث تتمركز معظم قواته العسكرية وكتائبه الأمنية.

ونجح القذافي، إلى حد كبير أيضا، في إرباك «الناتو» عن طريق نشر قواته على مسافات متباعدة داخل الأراضي الليبية المترامية الأطراف بحيث يصعب اكتشافها أو قصفها، مستغلا العامل الجغرافي لصالحه.

واعترف مسؤول في المجلس الانتقالي ببنغازي بأن استراتيجية القذافي قد نجحت تماما في دفع «الناتو» إلى إظهار نغمة يأس من أن تؤدي عملياته الجوية ضد قوات القذافي في كسر شوكة نظامه الحاكم.

وأضاف هو (القذافي) يستخدم المدنيين كدروع بشرية، ليس فقط حول مقره الحصين في ثكنة باب العزيزية بالعاصمة الليبية، طرابلس، ولكن أيضا حول مختلف المواقع العسكرية، التي ربما تكون أهدافا مشروعة لـ«الناتو».

واعتبر أن ما يحدث هو مباراة بين آلة القذافي الدعائية وطائرات «الناتو» التي لاحظ أنها بدأت مؤخرا في تجنب قصف مواقع عسكرية مباشرة في طرابلس وسرت بسبب وجود المئات من أنصار القذافي حولها.

ولفت إلى أن «الناتو» ليس بمقدوره تحمل أن تؤدي ضرباته الجوية إلى مقتل المئات من المدنيين الذين يستغلهم القذافي لمنع «الناتو» من الاستمرار في العمل العسكري ضده، مشيرا إلى أن الثوار يعانوا أيضا في نقل رسائل إلى سكان العاصمة، طرابلس، في ضرورة الابتعاد عن الأهداف العسكرية للقذافي لتمكين «الناتو» من أداء عمله بكفاءة أعلى.

وقال: «هذه مسألة أخلاقية، إذا ضربت مواقع القذافي العسكرية بصورة مكثفة فسيسقط مدنيون، ليس لأن الطائرات تستهدفهم، ولكن لأن النظام الليبي يستخدمهم كدروع بشرية، هذه حقيقة على الأرض مع السف».

ويحرص «الناتو» على أن تبقى أهدافه العسكرية واضحة، لكن نصائحه للسكان المدنيين بالابتعاد عن تلك الأهداف العسكرية لم تلق آذانا مصغية حتى الآن.

وأدى قصف خاطئ من طائرات «الناتو» لمواقع عسكرية تابعة للثوار إلى مصرع وجرح العشرات منهم، بينما تقول قيادة التحالف الغربي إن هذه الخسائر واردة في ظل اتساع رقعة العمليات العسكرية ضد القذافي في مختلف أنحاء ليبيا.

وتحرص وسائل الإعلام الليبية الرسمية الداعمة للقذافي يوميا على بث أخبار ومعلومات تؤكد استمرار تدفق الحشود الجماهيرية على مقر إقامة القذافي، ويفرون من الأهداف المدينة والعسكرية التي يحتمل أن طائرات «الناتو» قد وضعتها على لائحة القصف الجوي والصاروخي.

ومع ذلك تقول مصادر ليبية رسمية في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوافد الشعبي إنما هو تعبير عن تأييد وتعاطف سكان العاصمة مع نظام القذافي الذي لم يعرفوا غيره مطلقا كحاكم مطلق الصلاحيات للبلاد على مدى السنوات الـ42 الماضية.

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..