ينبوع السودان السياحي.. الباشمات والكتمبور والطيور الأوروبية.. لا بُدّ من الدندر وإن طال السفر

الدندر – محمد أحمد الكنون
التاريخ والجغرافيا والتنوع البيئي والأحيائي والجمالي هي ركائز المشهد الكامل لمحمية الدندر ليست أكثر من الصورة إفصاحاً وتعبيراً، إنها صور تروي وتحكي عن جمال الطبيعة والإنجاز والإعجاز.
بجانب الطفرة الهائلة لشرطة محمية الدندر بقيادة اللواء شرطة جمال آدم البلة مدير شرطة محمية الدندر الاتحادية الذي أحدث نقلة نوعية كبرى للنزل السياحي للسفاري البيئي والطبيعي، الذي انعكس إيجاباً على توافد السياح الأجانب والعرب وطلاب الدراسات البيئية والطبيعية من الجامعات السودانية والعالمية وإدارات البحوث.. وأن الكاتب مهما أوتي من بلاغة لن تكون أبلغ من الصورة ما بين جمال الفكرة والإنجاز.
لوحة متفردة
ها هو جمال البلة يجمل هامة الوطن الجميل بصنع لوحة متفردة زينت سماء السودان، ووضع بصمة ورسمة جميلة لبوابة السودان للسفاري البيئي، محمية الدندر، هي عنوان السودان الشهير طرزها جمال البنا بالخدمات ورصعها بالثريات وسورها بالمكتسبات، ووضع للسياحة السودانية اسماً ومكانة تحت الشمس أحال ليل محمية الدندر إلى نهار والجدب إلى أنهار للأمانة والتاريخ، وضع جمال البلة رؤية تعبيرية تسندها الكثير من المكتسبات والإنجازات والمشاهد الحية لا يخذلها الخيال المترع، ولابد من الدندر وإن طال السفر، قطعاً يبقى الأجمل هو ما لم نفصح عنه، ويظل الوعد.
طيور أوروبا في النيل الأزرق
وأُنشأت محمية الدندر في العام 1935م ومساحتها أكثر من 10 آلاف ميل، وتعد واحدة من أهم المحميات الطبيعية في العالم وتنوع أحيائي وبيئي لا مثيل له في كل المحميات الطبيعية في العالم وتعد ممراً آمناً للطيور المهاجرة من أوروبا إلى أفريقيا في هجرتها السنوية، وتعد الملاذ الأخير للحيوانات الوحشية في شمال السودان وأفريقيا والعالم العربي، مما أهلها لتسجل ضمن محميات المحيط الحيوي التي ترعى من قبل اليونسكو والمرفق العالمي للبيئة والحياه البرية، وتوجد به أكثر من 17 نوعاً من الثديات الكبيرة مثل الأسود والأفيال والنمور والجاموس والضباع بأنواعها والصيد بأنواعه مثل الزراف النادر والباشمات والكتمبور والغزلان والتيتل وأبو عرف والخنزير البري (الحلوف) وكلب السمع.
أشجار يانعة
يطيب التجوال في لوحة الدندر الطبيعية، فترى باسقات الدوم لها طلع نضيد ومنظر أشجار الدوم المتراص على حافة نهر الدندر كعقد لؤلؤ يزين جيد عروس، راسمة لوحة رائعة توحي بروعة المشهد، وتقترب تدريجياً، تبادلك أغصان الدوم التحايا، وهي تلوح بالترحاب وتتنعانق الأشجار على مختلف ألوانها وعبيرها، منها الصفراء الفاقع لونها تسرى الناظرين، وهي مثل قوارير العطر تفوح ألقاً وعبقاً، ويطيب التجوال في لوحة الدندر التي أبدع فيها الخالق البارئ المصور، فيها تطالعك أشكال من الغزلان ترقص بين الأفنان رقص الطرب النشوان، وتنظر ثم تعيد النظر كرتين فترى عيون المها، عيون الصيد الناعسات في صورة رائعة تكاد تنطق، ويطيب التجوال في لوحة الدندر، فترى أسراب النعام نافرة بسيقانه الطويلة تنزوي بين حشائش النال والمحريب، وتقف عندما يدخلها الاطمئنان، ويمتد التجوال في لوحة الدندر، وتلوح قطعان الجامومس بأنواعها وأشكالها بين أشجار السنط متأهبة ومستوحشة، ويطيب التجوال فترى الليث واللبوة والأشبال في منظر طبيعي بديعي في محمية الدندر معلماً مهماً من معالم الحياه البرية والطبيعة في العالم.
سياحة غير تقليدية
منتجع قلبو السياحي الجديد يُعد نقلة نوعية ويحتل قلب المحمية الناضج، وهو منطقة من مناطق الجذب السياحي يتكئ بألوانه الذهبية على حافة الرمال جانب خور قلبو الذي يمتاز بشواطئه الخلابة، وأصبحت السياحة البيئية نوعاً جديداً من السياحة، وأضحت بديلاً للسياحة الكلاسيكية المصنوعة من البلاجات، وتوفر للسائح فرصة لممارسة نوع جديد من الأنشطة ضمن طقوس الحياة، وتُعد إشارة لزيارة الغابات البكر والنباتات والحيوانات البرية ومشاهدتها على الطبيعة والدندر هي النوع الوحيد لهذا النوع من السياحة في العالم، ويطيب التجوال في فردوس الدندر، حيث تطالعك البحيرات والميعات والعيون الجارية كل حين تزورها أسراب من الطيور من كل زوج بهيج: القطا، الحبار، الأوز، دجاج الوادي ومئات الأشكال والأنواع من الطيور، ما أبدعها من صور جمالية تضمها الدندر الطبيعية وما أحلى السياحة في ربوع هذا المخزون الطبيعي الذي حبا به الله السودان، وهذه قطرة من هذا الفيض الإبداعي.. الماء أصل الحياة والطبيعة أصل الجمال، والعين أصل الكلام، وجمال البلة أصل الجمال، ولكل شيء أصل، ومحمية الدندر أصل الجمال..
وختاماً، لابد أن أشير إلى جهود شرطة محمية الدندر في استصحاب المجتمعات المحلية أو للمحمية لإبراز وجه السودان المشرق، مما أدى إلى أن توكن هذه المجتمعات جزءاً أصيلاً من السياحة والمشاركة المجتمعية وشكلت هذه المجتمعات سياجاً لحماية الحياه البرية والطبيعية والسياحية، وهذا الجهد يحسب لشرطة الحياة البرية في التعامل الراقي الثلث مع المجتمعات حول المحمية وقدمت الخدمات المتمثلة في المياه والصحة ودعم الزراعة لهذا المجتمع.
اليوم التالي