خطبة الجمعة التي ألقاها الحبيب آدم أحمد يوسف نائب الأمين العام لهيئة شئون الأنصار بمسجد الهجرة بودنوباوي

بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة التي ألقاها الحبيب آدم أحمد يوسف
نائب الأمين العام لهيئة شئون الأنصار بمسجد الهجرة بودنوباوي
11 سبتمبر 2015م الموافق 27 ذو القعدة 1436هـ
الخطبة الأولى
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على حبيبنا محمد وآله مع التسليم، قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً .
الإنسان هو سيد مخلوقات الله كرمه الله وميزه على سائر المخلوقات بالعقل الذي به يعرف ربه فيعبده ولا يشرك به شيئا، والأديان السماوية ما أنزلت إلا لتنظيم حياة الناس وربطهم بخالقهم. ورسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي هي خاتمة الرسالات كانت أكثر إفصاحا عن كرامة الإنسان فالإنسان مكرم في كل مراحل حياته منذ مولده وحتى مماته فلا يُلقى في العراة مثل الحيوانات ولا يُحرق مثل النفايات وإنما يُغسل ويُكفن ويُغبر بصورة تُليق بإنسانيته ثم يُدعى له بالخير نقول هذا وفي الاسبوع المنصرم تصدرت صورة الطفل إيلان الكُردي السوري الجنسية صفحات الصحف والمجلات العالمية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي والصورة في حد ذاتها كانت آية من آيات الله التي لفتت أنظار العالمين لمأساة شعوب وأمم مغلوبة على أمرها الصورة تعكس حجم المعاناة التي يعانيها الشعب السوري الذي فرّ من جحيم الحرب إلى مصير مجهول فكان البحر هو المقبرة التي ابتلعتهم جميعا. إن مأساة الشعب السوري هي مأساة كل الشعوب العربية ودول العالم الثالث التي تربع على عرشها طغاة تسندهم مليشيات تحمي نفسها بالسلاح ضد شعوبها. فنظام بشار له أشباه في عالمينا العربي والإسلامي، جماعات تسلطت على رقاب شعوبها بقوة السلاح وظلت تحكم قهراً واسبتداداً عقودا من الزمان حتى ضاقت شعوب المنطقة بها فخرجت في ثورات الربيع العربي. ولمّا كانت تلك النظم قد سخّرت كل إمكانيات البلاد لتبقى على سُدة الحكم أصبحت مقاومتها شبه مستحيلة اللهم إلا في بلدين لذلك ظلت الحرب مشتعلة أربعة أعوام في كل دول الربيع العربي فلجأ المغلوبون على أمرهم فلم تستقبلهم بلاد المسلمين العرب فكانت وجهتهم إلى بلاد الإفرنج وظلت العناوين الرئيسية في الصحف الغربية كل يوم تبشر بوصول دفعات من اللاجئين السوريين. والغربيون يستقبلونهم بالورود! أين نحن المسلمين؟ وأين يذهب عائد النفط والمعادن التي تُستخرج كل يوم بآلاف الأطنان؟ أين الزكاة؟ وأين التكافل والتراحم الذي حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ مليارات الدولارات والريالات والدراهم يوميا تُدخر في البنوك الغربية وفقراء المسلمين المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة هائمون على وجوههم في أرجاء المعمورة. حكامنا يسرقون قوت شعوبهم ويدخرونه في البنوك الغربية. وإن شاء الله سيكون لهم عذاباً وجحيماً تُكوى به جباههم وجنوبهم وسيصلون سعيرا.
ونحن في السودان مأساتنا هي الأكبر من نوعها ولكن الإعلام لم يولها اهتماما كبيرا، فالحرب في دارفور أكلت الأخضر واليابس ومئات الآلاف من الضحايا والمواطنون سكنوا المعسكرات لأكثر من عقد من الزمان وظل الإقليم بأثره منطقة غير آمنة حُرقت القُرى وهُجّر السكان وهُلك الزرع والضرعُ. وجبال النوبة هي الأخرى لم تكن بأحسن حال عن دارفور وكذلك جنوب النيل الأزرق ولكن الإعلام العالمي لم يعر مشكلة السودان اهتماماً ويكفي أن مجلس الأمن قد أصدر عدة قرارات بشأن السودان في الفصل السابع حتى أصبح رأس الدولة مطلوب لدى العدالة الدولية. وإنسان السودان فيما تبقى من جزءٍ بعد فصل الجنوب أصبح يعاني معاناة يومية وذلك من أجل توفير لقمة العيش الكريم وتعليم الأبناء والتداوي من المرض. إن المواطن قد سُجن بين أضلاع مثلث (لقمة العيش والتعليم والعلاج)، لقد فقد المواطن الأمل في مستقبل مشرق وصار همه كيف يحصل على حياة كريمة وضيق العيش هذا انعكس على سلوك إنسان السودان فكثرت الجرائم التي كانت غريبة على أهل السودان وأصبح المواطن مستعد لفعل أي شيء للحصول على لقمة العيش وقد قرأنا عبر الصحف وسمعنا عن قصص وحكايات السودانيين والسودانيات داخل وخارج القطر وكثرت الروايات عن امتهان بعض السودانيين لأعمال ما كانت تخطر على قلب بشر وهكذا تغيرت كثير من (السودانيات) التي كنا نتغنى بها مثل (دُخري الحوبة ومُقنع الكاشفات) وسمعنا وقرأنا عن زواج المثليين في بلادنا وراجت تجارة المخدرات بين أوساط الشباب وأصيب الناس في أخلاقهم وقديما قال الحكيم:
إذا أصيب الناس في أخلاقهم فأقم عليهم مــــأتما وعويلا
وأكلُ المال العام صار سمة أغلب المسئولين حتى ابتدع النظام فتوى التحلل أي بعد أن تأكل المال العام تأتي وتعترف وترجع بعض ما أكلت إلى هذا الحد صرنا في بلادنا وحُقّ علينا قول القائل: (يكاد المرابي يقول خذوني).
في خلال العقدين والنصف التي حكمت فيها الإنقاذ السودان تغير كل شيء في بلادنا حسا ومعنا فإذا تحدثنا عن الاقتصاد ومعيشة الناس وأصبحنا نقارن بين اليوم والأمس لذُهلت عقولنا ولما صدقنا ما نعيشه من فوارق في الأسعار والأرقام لقد وصل سعر رطل اللبن إلى سعر أكثر من خمسة بقرات حلوب مقارنة بالأمس وقس على ذلك القوة الشرائية للجنيه السوداني تضاءلت مئات إن لم تكن آلاف المرات أمام الدولار والعملات الحرة الأخرى ومشاريع التنمية تعطلت جميعها وعلى رأسها عظم ظهر البلاد مشروع الجزيرة ومصانع المنتجات المحلية الصغيرة التي كانت تعول آلاف الأسر لم تكن موجودة اليوم وذلك لكثرة الرسوم الخرافية التي أفقرت غالبيتهم إن لم يكن جلهم ونحن نعيش في دولة لا تحترم الإنسان بل تحتقره وتنتهك حرماته وتسلبه حقوقه وشاهدي في ذلك سلسلة طويلة من الشواهد ابتداءً بفصل العاملين في الدولة عقب مجيء هذا النظام وذلك بحجة الصالح العام في المؤسسات المدنية والعسكرية وإحلال هؤلاء المفصولين بموظفين جدد أصحاب ولاء ومحسوبية للنظام. وكذلك عدم توظيف الخريجين وخاصة الذين لهم نشاط معادي للنظام في الجامعات فهؤلاء مصنفون لمواقفهم الحزبية أو لتوجهاتهم الفكرية فحُرموا من الوظيفة في وطنهم. وكذلك حل كل النقابات واستبدالها بنقابات موالية للنظام وهكذا تغيرت دولاب النظام الإداري في البلاد وفقا لمنظومة النظام الإنقاذي الحاكم ولم ينتهي الأمر بالسلك الوظيفي بل تعدى لأصحاب المهن الهامشية تحكمت المحاليات حتى على (الدرداقات) التي تحمل بضاعة المتسوقين فقد سيطرت المحليات على جميع الدراداقات وأصبحت تؤجرها للعمال بإيجار مقدم يدفع العامل الإيجار مقدما ويستلم الدرداقة بضمان ثم يرجعها آخر اليوم وإذا عُثر على أحد العمال يعمل بدرداقة لم تكن تتبع للمحلية فمصيره السجن والغرامة وثالثة الأسافي مطاردة الباعة المتجولين والذين معظمهم من خريجي الجامعات والمعاهد العليا الذين حملوا شهادات دون أن ينتموا إلى حزب المؤتمر الوطني فهؤلاء مطاردون وملاحقون وبضاعتهم مصادرة ولم ينجن (ستات الشاي) اللائي يحملن هم المعيشة في زمن فيه كثير من الرجال هربوا من مسئولياتهم فمنهم من سافر إلى جهة غير معلومة ومنهم من أعلن عدم مقدرته لإعاشة إبنائه فتصدرت المرأة المسئولية بكل شجاعة وإقدام ولكن مصيرهن هو الملاحقة من قبل المحليات ومصادرة امتعتهن والغريب في الأمر تأتي نفس المرأة إلى المحلية لتشتري مواعينها التي صودرت منها لتزاول المهنة وبعد اسبوع يتكرر نفس السيناريو والرابح هو المحلية وموظفينها الذين يأكلون أموال النسوة والعمال المغلوبين على أمرهم، كل هذا يحدث في بلادنا التي رفعت شعار التوجه الحضاري وتطبيق شرع الله وهكذا أصبح الشعار الإسلامي حصانا سابق يراهن عليه حكامنا. ونتيجة لتلك المضايقات لهؤلاء الشباب الذين أجبرتهم ظروف الحياة أن يعملوا في تلك المهن الهامشية ورغم ذلك لم يُتركوا وشأنهم وأيضا مطاردة النساء اللائي يزاولن هذه المهن الشريفة ولم يجدن طريقا إلى ذلك تضطر الحكومة أن تجبرهم لمزاولة أعمال غير شرعية من امتهان الرزيلة ومتاجرة المخدرات لأن الجوع أخو الكفر وكما قيل عجبا لمن لم يملك قوته ولم يشهر سيفه، نقول للنظام ممثلا في البرلمان أن تعقد جلسة خاصة تناقش الحالة المعيشية في البلاد وحالة مطاردة العاملين في الأعمال الهامشية والتي هي من صنع الحكومة وإيجاد حلول تليق وكرامة الإنسان الذي كرمه الله وسيده على مخلوقاته.
يا أهل النظام لا تدفعوا الناس دفعا للخروج من الإسلام ولا تعينوا الشيطان على المسلمين. يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الخطبة الثانية
أيها الأحباب لقد طالعتنا الصحف السيارة بقصة مفادها أن موظف كبير في الدولة كان يعمل بشهادة مزورة والجدير بالذكر أن الشهادة قد استخرجت من إحدى الجامعات السودانية العريقة وتفيد الأنباء بأن الشهادة موثقة من وزارة الخارجية وتم تعيين هذا الموظف في درجة وظيفية وتدرج حتى بلغ رأس الهرم الوظيفي في الوزارة المعنية وأصبح مسئولا كبيرا يتقاضى راتبا شهريا كبيرا إضافة إلى العلاوات والبدلات والحوافز، وقد مكث هذا الموظف في تلك الوزارة سنين عددا ولم يدر أحدا بهذا.
ونقول إن مثل هذا العبث يحدث في نظام لم يكن يستغرب الإنسان بما يحدث فيه لأن النظام ذاته جاء عن طريق غير شرعي فقد جاء نظام الإنقاذ بانقلاب عسكري على حكومة ديمقراطية منتخبة من قبل الشعب لذلك إن هذا الذي يحدث يكون بمثابة نقطة في محيط وما خفي أعظم، وقد سمعنا من قبل أن عددا من الأطباء كانوا يعملون في الحقل الطبي بل لهم عيادات مفتوحة في أنحاء العاصمة المثلثة ولم تكن لهم شهادات وسمعنا وقرأنا عبر الصحف عن المباني التي انهارت وكانت تتبع لوزارة الداخلية وحوادث الطيران المتكررة بصورة شبه سنوية إن لم تكن شهرية وغيرها من الإخفاقات التي تحدث في بلادنا في ظل هذه الحكومة التي جاءت بطريقة غير شرعية لذلك الشيء من معدنه لا يُستغرب. وما حدث للموظف الذي زور شهادته يحدث بصورة متكررة في أغلب الجامعات بل هنالك شهادات عليا في درجة الماجستير وحتى الدكتوراه وُجدت مزورة وموثقة من الخارجية إذن هذا العبث مألوف ولكن نقول ما حدث لهذا الموظف كما يقول أهلنا السودانيين (المجانيين كتار لكن القيد يقع في شقي الحال).
ديوان المراجع العام بصورة دورية يكتب كل عام عن حجم الاختلاسات بأرقام فلكية بل من الطرائف في ذات مرة قارن المراجع العام بين اختلاس ذلك العام والعام الذي سبقه فكانت نسبة الاختلاس أقل هكذا أصبح الأمر مألوف لقد أصبحت الرزيلة مألوفة في مجتمعنا حتى كدنا لا نراها رزيلة بل أصبح عندنا المألوف هو النشاز وليس الطبيعي. إن بلادنا كانت في الماضي من أفضل البلاد العربية والأفريقية في الخدمة المدنية وفي التعليم العالي ولم يستطع حتى رأس الدولة أن يتوسط لأبنائه بدخول مؤسسة تعليمية فقد كان التعليم مستقل وكذلك الخدمة المدنية والمؤسسة العسكرية بل كل دولاب الخدمة كان نزيها ولكن اليوم أصبح الأمر أشبه بالفوضى فقد زُورت المئات إن لم يكن الآلاف من الشهادات وتدنى التعليم وانهار دولاب الخدمة المدنية وأصبحنا نحكم بقانون الغابة الذي نصه (البقاء للأقوى) وصار المثل القائل (الماعندو ضهر يضرب على بطنه) والمؤهل للتوظيف هو الحسب والنسب والولاء الحزبي.
قبل مجيء هذا النظام كان السودان قد شارك في كل مجالات الخدمة المدنية في بناء دول الخليج والمملكة العربية السعودية فقد كان سنويا هناك انتداب للموظفين والمعلمين بصورة دائمة ومنتظمة وكان كل موظف ومعلم ينتظر دوره لينال حظه من الانتداب وكانوا موظفين أكفاء في مجالاتهم المختلفة وأيضا كانت دورات الانتداب للأطباء والمهندسين إلى المملكة المتحدة فكان آلاف السودانيين الذين برزوا في جميع تخصصات الطب والهندسة في أعرق الجامعات البريطانية ثم عادوا لرفع مستوى الخدمة المدنية والصحية في بلادنا.
اليوم كل هذا ذهب أدراج الرياح وأصبح المؤهل هو البعد والقرب من الذين سهروا ليلة 30 يونيو من العام 1989م فأصبحوا حكام اليوم فإذا رضي عنك أولئك فأنت الوالي وأنت الوزير المقرب وأمورك كلها تسير على ما يرام وإلا فأنت من المغضوب عليهم أولئك المعارضين.
ما هكذا تورد الإبل يا حكامنا هداكم الله.
أيها الأحباب في اطار نشاط هيئه شؤون الانصار الدعوي و الفكري غادر فجر اليوم وفد يتكون من الاحباب الدعاة متوجها الي المملكة الاردنيه الهاشميه وذالك للمشاركة في دورة تدريبية في اسلوب الدعوة وفقه الدولة بدعوة من مركز الامام ابي عبدالله الشافعي العلمي.
اللهم اهدنا واهدي أبناءنا وارحمنا وارحم آباءنا وجنب بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

الردود

تعليق واحد

  1. عمي الشيخ في دي كذبت:
    “فقد كان التعليم مستقل وكذلك الخدمة المدنية والمؤسسة العسكرية..”
    أورنيك التقديم للجيش يسألك عن شخص رتبة في الجيش مغروف لديك يمكن الرجوع له
    كذلك القبيلة.

  2. هذا النظام الفاسد الذي لن يشبع من الفساد والمال الحرام باسم الاسلام والظلم والنفاق والرقيص في الحفلات وارهاب الشعب ،لن بزول الا بمقاومة مسلحة وجيش حر يدافع عن الشعب ضد مرتزقة جهاز الامن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..