ترتيبات إدارية جديدة لتنقلات وترقيات السفراء

الخرطوم: هيثم عثمان
كشف وزير الخارجية إبراهيم غندور، عن ترتيبات محددة وجديدة لعملية تنقلات السفراء بالخارج. وأبلغ غندور السفراء في اجتماع الأسبوع الماضي حسبما نقلت مصادر بالخارجية لـ «الإنتباهة»، أن هناك ترتيبات جديدة لعملية تنقلات السفراء بين المحطات الخارجية. وأوضحت المصادر، أن الاجتماع الذي أفصح فيه الوزير عن عملية ترقيات قريبة، شهد تأكيدات من قيادة الوزارة بحسم مسألة التنقلات العشوائية للسفراء دون إكمال فترتهم بالمحطة لأربع سنوات.وجزمت بأن عدداً من السفراء الذين تخطتهم الترقيات السابقة وعمدوا إلى تقديم مذكرات احتجاج وشكوى لمجلس المظالم، تراجعوا عن الدفع بتلك الشكاوى عقب الاجتماع الحاسم. يذكر أن عدداً من السفراء تقدموا بشكوى ضد تخطيهم إبان الترقيات الأخيرة. كما أثارت العملية الخاصة بالترقيات والتنقلات ردود أفعال عنيفة هزت الوزارة أخيراً.

الانتباهة

تعليق واحد

  1. عجبني هذا المقال الصادر من سودان نايل ليتكم تشاركوني وابداء الراي بين دبلوماسيوو الامس واليوم والغد
    الدبلوماسية السودانية: من الفعالية الإيجابية إلى إنفعال التهويش الحركى (5) .. بقلم: الحارث ادريس الحارث

    التفاصيل
    نشر بتاريخ: 18 أيلول/سبتمبر 2015

    inShare

    سفيرات ودبلوماسيات على خط أفق السياسة الخارجية

    ضمت وزارة الخارجية حتى نهاية الثمانينات نخبة متفردة من السفيرات والدبلوماسيات عاطرات الذكر وراجحات الكفاءة اللواتى عاصرت بوزارة الخارجية ؛ ومنهن السفيرات اللواتى بلغن مرتبة السفير عبر التدرج الوظيفى فى المهنة الدبلوماسية: زينب محمد محمود عبد الكريم والتى عملت سفيرا للسودان بالسويد والتى تشرفت بالتعرف على دماثتها وانسانيتها وجدارتها عن كثب خلال سفارة زوجها د.عمر عبد الماجد بدولة الزائير ( الكنغو) فى منتصف الثمانينات ؛ والسفيرة فاطمة البيلى ( عقيلة السفير أحمد يوسف التنى) التى عملت قائما بالاعمال بسفارة السودان فى الكويت فى ظروف الحرب القاهرة فى اوائل التسعينات والتى شطرت النظام الاقليمى العربى إثر غزو صدام المشؤوم لدولة الكويت والذى وقفت معه الانقاذ فى مرحلتها الاولى. والاستاذه أسماء محمد عبدالله التى تشكل مع السفيرتين اعلاه ثالثة ثلاث هن ابكار الدبلوماسيات السودانيات خلال فترة الثمانينات.

    ومن جيل الثمانينات اذكر من زميلاتى الدبلوماسيات الاستاذه ناهد أبو عكر والتى كانت احد اعمدة إدارة المراسم ولوقت طويل على أيام قيادة السفير السابق سيد شريف لادارة المراسم والتى ربطتنا بشكل مباشر بمراسم القصر على عهد الرئيس الراحل جعفر النميرى ومديرها السابق السيد نديم عدوى . واذكر منهن الاستاذه الاقتصادية سلوى عوض بشير وهى من ذوات العقل الراجح والحضور الدائم حيث زاملتها فى الادارة الثقافية على عهد السفير احمد الطيب الكردفانى وفى القاهرة لدى حضورها برفقة زميلها عمر الصديق ( سفير سابق للسودان فى بريطانيا) إلى القاهرة لحضور احد المؤتمرات الافريقية فى عام 1985 .

    والاستاذة منى عبد الرحمن حسن والاستاذة الاعلامية نادية عيسى جفون سفيرة السودان بالسويد اواسط التسعينات والمديرة لإحدى إدارات الوزارة لاحقا ؛ والأستاذه ” الأوكسونية” سلوى كامل دلاله التى أستقرت بالنمسا موطن سلاطين حاكم دارفور على عهد حكمدارية الجنرال غردون ؛ المناهض للثورة المهدية ؛ والاستاذه اميره عقارب والتى ظلت على إتصال فينة واخرى عبر وسائل التواصل الاجتماعى . ومنهن ايضا السفيرة عايده عبد المجيد مدير إدارة حقوق الانسان بالوزارة . اعتقد بإن وجود إدارة بهذا الاسم يسد فراغا كبيرا بالوزارة اذ ثمة ارتباط كبير لحقوق الانسان بالدبلوماسية وتوجد العديد من الكتب فى هذا المجال من قبل اساتذة القانون الدولى والدبلوماسيين السابقين . والسفيرة مها سليمان أيوب ومها خضر وإلهام شانتير وسوسن عبد المجيد والراحلة ماجدولين عبد الرحمن .

    ومن الزملاء الدبلوماسيين الاديب الراحل عبد الهادى الصديق الذى عاصرته فى حداثة مهنتى الدبلوماسية حيث عملت معه لبعض الوقت تحت إشراف السفير احمد الطيب الكردفانى ؛ وكان يطمئننى بحديثه العذب وقامته الادبية ونظاراته السميكة ليخفف عنى وقع ملاحظة السفير الكردفانى بأنى مكتوب بقلم الرصاص وانا سكرتير ثالث. ومنهم المنظر الأكاديمى ومبتدع عبارة سؤال الهوية “السودانوية” واستاذ اللغة والادب الفرنسي ، السفير د. نور الدين ساتى والذى قرأت كتاباته حول السودانوية اكثر من التقائه.

    أما السفير جمال محمد إبراهيم فقد التقيته مجددا عندما ابتعث إلى سفارة السودان بلندن فى منتصف العشرية الاولى من الألفية الثانية . وأذكر انه كان جم النشاط وهو من المبادرين بوصل حبال الود مع الجالية السودانية . وكان يبعث بالصحف السودانية بشكل منتظم مما أسهم فى ربطى بالتطورات على الساحة السودانية . وقرأت له عدة مقالات فهو صاحب قلم مسهب وقريحة نشطة.

    كما اذكر رعيل السفراء الاماجد الشاذلى الريح السنهورى وجلال حسن عتبانى والراحلين يوسف مختار وعثمان عبدالله السمحونى وعمر قرنى وطه أبو القاسم ؛ وعمر السيد طه واحمد دياب وعثمان نافع الذى التقيته فى نهاية الثمانينات على أيام سفارته فى اثيوبيا ؛ وعبد المجيد على حسن ومعتصم البرير ود. عبد اللطيف عبد الحميد ومحمد عبد الدائم وحمد النيل احمد وسليمان الدرديرى وحسن آدم عمر وعبد الله جبارة وعوض محمد الحسن الذى لايزال نشطا بقلمه ونقرأ له فينة واخرى . ومنهم ذوى التخصص فى القانون والادارة والموارد البشرية مثل السفير عصام ابو جديرى والمقيم فى المهجر الاوربى فى لندن .

    واذكر منهم السفير احمد يوسف التنى الذى عاصرناه وهو سفيرا بالقاهره على ايام الدورة التدريبية بمعهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية المصرية فى اواسط الثمانينات وزوجته الفضلى السفيرة فاطمه البيلى وقضينا معه عاما اكاديميا كان من اميز الاعوام ؛ وهو يكون بذلك من المساهمين فى إعدادنا فى فترة التلمذة الدبلوماسية بالقاهرة حيث ضمت تلك الدفعة صفوة ممتازة من الدبلوماسين ؛ عادل أحمد خالد شرفى الذى عمل بالعراق ونيويورك والهند ثم ترك الخارجية مغاضبا ومنح وسام الجدارة والشجاعة لصموده فى السفارة ببغداد فى ظروف الحرب القاهرة ؛ ومحمود محمد عبد الغنى المعروف فى اوساطنا بلقب ” اللورد” فكان والده من رجال الاعمال ويملك سفنا تمخر عباب النيل فيما بين القاهرة وأسوان حيث كان يقيم بمصر وطنه الثانى . وكان محمود هو الوحيد من الدفعة الذى يلبس قمصان بأزرار معدنية ( cuff link ) .

    وكان أيض معنا الزميل ألور دينق رواى من جنوب السودان وزميل الدراسة الجامعية بكلية القانون بجامعة الخرطوم؛ وأذكر انه احرز نمرة كبيرة فى مادة الشريعة الاسلامية ؛ حيث يعتقد الكثيرون ان اخوتنا من جنوب السودان لمناوءتهم لتطبيق الشريعة كمسيحيين فهم ليسوا عالمين بها؛ والحقيقة ان كلية القانون تدرس الشريعة الاسلامية لمدة اربع سنوات يشتمل فيها المقرر كل فروع الشريعة من تاريخ التشريع الاسلامى إلى الميراث . وبالتالى فإن كل اخوتنا من الجنوب الذين تخرجوا من كلية القانون ملمين بتفاصيل الشريعة اكثر ممن يزعمون بأنهم وحدهم الملمين بالاسلام والشريعة. وإذكر على ايام التدريب بالقاهرة بمعهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية اننا كلما جئنا للدوام على ايام الشتاء نجد الزميل ألور دينق لابسا بدلته الداكنة بأناقه ؛ واقفا لدى ركن يستشمس فيه قبل بداية المحاضرة الصباحية الاولى . وكنا نجد ان زميلاتنا الدبلوماسيات المصريات يتحلقن حوله ؛ وذات يوم سألت زميلنا عصمت كامل قبانى وانا اقترب منه – لأستنشق ضوع عطره الفرنسى المفضل لديه ” أراميس 900 ؛ وباكو رابان ” – عن سر الحلقة الصباحية وكنت لا افهم شيئا فى الشأن النسائى ؛ فضحك عصمت وقال لى ؛ الا تعرف سر تحلق المصريات حول زميلنا ألور حتى الآن فقلت لا والله. وقال لى انهن معجبات بسمرته الناعمة وبياض أسنانه الناصعة وكان ألور شخصا عذب الابتسامه ولا تغادر شفتيه. ولما قرأت بعد ذلك بوقت طويل مقالا عن ان المرأة تبدأ بفحص طريقة لبس الرجل ثم يتجه نظرها إلى قدميه لترى نعاله ؛ ثم تنتظر ان يتكلم لتقيّم صحة أسنانه وهى السبب الرئيس فى محبتها للرجل تذكرت ألور فى ذلك الوقت وبدأ ت أضحك بشكل غريب؛ وكأنى أرخميدس حين خرج عاريا من حوض السباحة يقول وجدتها وجدتها؟

    واستغربت كيف يكتبون فى الشعر العربى : إذا شاب رأس المرأ أو قل ماله فليس له من ودهن نصيب. وكنا نقيم ثلاثتنا ؛ ألور دينق ? حاليا وكيل وزارة رئاسة الجمهورية بدولة جنوب السودان – ومحمد عبد الله إدريس ? سفير الجامعة العربية فى مقديشيو حاليا فى شقة بشارع الجمهورية بدون اى إحساس بأن ذلك من الشمال وذا من الجنوب . ومنهم عطاء الله حمد بشير وتجربته مع منظومة الايقاد ؛ وعبد الرحيم خليل. ومنهم من تميز فى الرسم والفن مثل الراحل صالح باشمون الذى يخط بيراعه على الورق الابيض حتى يبدو لك مشهد لوحة باهرة تماما مثل الراحل احمد عمر احمد البشير طيّب الله ثراهم. واذكر ان مارك منسا كان يتحدث البلغارية حيث درس الاقتصاد هناك؛ والسفير الراحل صلاح هاشم كان يتحدث الفارسية قبل ان تكتمل فصول العلاقة السياسية فى تحالف ايدولوجى بين إيران والسودان على عهد الانقاذ؛ والوزير جمال محمد احمد كان يتحدث الامهرية ؛ والسفير الراحل صديق احمد محمد كان يتحدث الايطالية ؛ ومن الفرانكفونيين الذين اذكرهم من السفراء الراحل الطيب حميده ؛ ومحمد المكى ابراهيم شاعر امتى ود. عمر عبد الماجد عبد الرحمن شاعر أسرار تمبكتو القديمة .

    وبنحو خاص أذكر السيد السفير د. حيدر حسن حاج الصديق ( على قاقرين) ورغم انه كان أشهر لاعب كرة قدم فى السودان فى السبعينات وأسدت قدماه ورأسه وعقله الكروى والاكاديمى فخرا للسودان وكرة القدم السودانية بنادى الهلال السودانى ومنتخبنا القومى ؛ وسيظل إنجازه الكروى محفورا فى الذاكرة الجمعية لجمهور الكرة السودانية ؛ إلا انه شخص جمّ التواضع ووافر الادب والحياء والكرم . ولا يفوتنى ان اذكر ان على قاقرين هو أول من ” ضوقنا” طعم الدولارات ؛ فلما قدم من بانقى فى الربع الأول من الثمانينات لقضاء إجازته السنوية وجدنى فى ظروف صعبة فاعطانى مائة دولار وكانت مثار دهشتى فلم اكن يومها سوى فرانكفونيا صغيرا مكتوبا بقلم الرصاص ؛ فانصلح حالى بشكل ملفت حيث كان راتبى وقتها اكثر بقليل من مائتى جنيه سودانى. وتلك كانت فاتحة الخير لكل ما لحقها من دولارات وجنيهات استرلينية. وامثال على قاقرين جديرين بتمثيل السودان فى محافل ارفع شأوا سواء فى عالم الدبلوماسية او فى الوظائف الادارية القيادية لكرة القدم الافريقية.

    ومن الفرنكوفونيين السفير عمر العالم الذى سبقته شهرته فالتقيته مرة واحدة فى حياتى خلال العام الماضى فى لندن ولم تكتمل ترتيبات العشاء المقترح ؛ ومنهم الفاتح ابراهيم حمد ؛ وعبد الوهاب الصاوى ومحمد احمد عبد الغفار ود. نور الدين ساتى وسيد جلال الدين وعبد الباسط بدوى واحمد حامد الفكى والراحلان حسن حمراى و بشير بكار والزميل كازميرو رودلف.

    ومن جهة اخرى كان اواخر موسم الصيف المطير فى لندن حافل وجامع حيث جمعت مناسبة سياسية أقيمت بجامعة لندن بكلية بيرك بك الشهيرة بجانب السفير الفاتح عبدالله ؛ وزير الخارجية السابق الذى أشرت إليه فى مقال سابق بأنه أحد ثوار الوزارة ؛ السيد إبراهيم طه أيوب امد الله فى عمره ؛ فهو دائما يسعى بكل جهده لجمع شتات الدبلوماسيين وربط المهجريين منهم بمن بقى فى الداخل وينافح مع اهل السودان من اجل إنبثاق فجر ديمقراطى رابع طال انتظاره لربع قرن ويزيد فأصبح يرتقب مثل إرتقاب الشيعة للمنتظر . وضم الجمع كذلك السيد السفير فاروق عبد الرحمن وكيل وزارة الخارجية السابق ومؤلف كتاب سنوات التيه الضخم ؛ ضخامة تجربته فى الحياة وتنوع أسفاره حول العالم؛ والسفير عصام ابو جديرى السفير السابق فى سوريا ومدير الشئون الادارية السايق بوزارة الخارجية ؛ و قدم الزميلان الرشيد سعيد وهاله بابكر النور (زوجه) من باريس للمشاركة فى نفس المناسبة ؛ ولا يزالان يتمتعان بنضرة الشباب والنشاط العقلى والحس السياسى والتطلع إلى مستقبل سودانى أفضل . كما انضم إلى مجمع الدبلوماسيين والسفراء السابقين بالمهجر الاوربى مؤخرا ؛ السيد السفير عادل محمود شرفى بعد توجهه من سفارة السودان فى كمبالا إلى لندن مباشرة وإنضمامه إلى المعارضة ؛ حيث سبق له ان انتزع ترقيته بقرار صادر من احدى المحاكم بالسودان وربما تكون هذه اول سابقة ترقى تم الحصول عليها عبر التقاضى. ولم اوفق إلى إلتقاء السفير الفاتح الذى قدم إلى لندن عدة مرات. وكنت قد لاحظت فيه ثلاث صفات اثناء عملى فى باكورة الشباب مع السفير الفاتح بالادارة القانونية: هو ذلك الرجل الذى اخذ من المهنة الدبلوماسية الثقة بالنفس والهدوء ؛ ومن مهنة القضاء الرزانة ودقة العبارة ورجحان الرأى. اما الثالثة وكنت اتوق ان التقيه لأتأكد من إستمراريتها فهى تفضيله البليزر الازرق السماوى الداكن والبنطال الرمادى وهو ” لبسه عرفت قيمتها وخلفيتها التاريخية فى الاناقة بعد إقامتى فى بريطانيا . وهو لا يعلم اننى أستعرت منه هذه الفكرة بحيث لا يخلو دولاب ملا بسى منها ؛ وفوجئت بسفير بريطانيا فى كنشاسا يلبس بنفس الطريقة عندما زار السفير د. عمر عبد الماجد فى عام 1987 . ولما تم نقل الزميل اللغوى كازميرو رودلف ليحل محلى فى كنشاسا فى أواخر عام 1988؛ لاحظت انها لبسته المفضلة ؛ فسألته من اين أقتبست هذه الفكرة ؟ فقال انه اعجب بطريقة لبس السفير الفاتح عبدالله فصمم ان يستأثر بها عندما ينقل الى الخارج.

    هذا السفير والقاضى الهادىء الرزين يملك معجبين كثر ربما لم يعلم بهم لتواضعه. وكانت أيضا سانحة زار خلالها وزير الخارجية السابق ابراهيم طه أيوب والسفراء الفاتح عبداله يوسف وفاروق عبد الرحمن وعصام ابو جديرى وعادل محمود شرفى الزميل الراحل احمد عمر قبيل وفاته ببضع أيام. وضم اللقاء ايضا السفير السابق والمفكر محمد بشير المقيم فى لندن منذ التسعينات والذى يعمل ويحفر معرفيا لترسيخ مقاربة جديدة ومنظومة فكرية تتناول التراث والديمقراطية والهوية وغيرها من امهات القضايا السودانية والعربية بل كتب عن المهدية والبعث العربى وغيره من قضايا.

    وخلال الفترة من عام ( 1957-1986) ضمت وزارة الخارجية حوالى 88 دبلوماسيا من الحائزين على بكالريوس ودبلوم او ماجستير الاقتصاد وادارة الاعمال ؛ وحوالى 8 8 دبلوماسيا من الحائزين على بكالريوس الآداب ؛ و27 دبلوماسيا من الحائزين على بكالريوس وليسانس وماجستير القانون وما يقرب من 40 دبلوماسيا من الحائزين على بكالريوس العلوم السياسية ؛ وحوالى 12 دبلوماسيا من الحاصلين على بكالوريوس اللغات الانجليزية والفرنسية والالمانية والروسية وغيرها ؛ و 22 دبلوماسيا او يزيد من حملة شهادات الدبلوم والماجستير فى شتى التخصصات وحوالى 7 من حملة شهادة الدكتوراة. ويلاحظ ان ان معظم هؤلاء الدبلوماسيين كانوا من خريجى جامعة الخرطوم من كليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والقانون.

    ومن أصل نيف وثلاثمائة دبلومسى كان منهم حوالى مائتين وعشرون ونيف من خريجى جامعة الخرطوم والبقية الباقية من خريجى الجامعة الاسلامية والقاهرة الفرع وجامعات بريطانية وهندية ومصرية وعراقية وسعودية وشرق اوربية. ولا ننسى أيضا ان من بينهم خريجين من جامعات فرنسية ومن بينها السربون. فتأمل كيف قضى الاسلاميون على تطور الدبلوماسية السودانية وذلك بإبعادها لعدد كبير من هؤلاء بدون وجه حق سوى انهم ليسوا ” إخوانيين” ؛ طالما ثبت ان الدبلوماسية لا تكون بدون سفراء ودبلوماسيين محترفين. ولذا لا يصلح الشخص غير الملتزم ان يكون دبلوماسيا ناجحا وان خدم بوزارة الخارجية ، لأن مهنة الدبلوماسية تتطلب استعدادا خاصا فى الرقائق الناعمة المبرمجة لسلوك الدبلوماسى ؛ وما يكتسب منه بالتعلم محض إضافات تقل او تكثر حسب خبرة هذا او ذاك من الدبلوماسيين. وكل الذين ذكرنا ومن لم تسعفنى الذاكرة لذكرهم مشهور بالإناقة وحسن الهندام ووفرة الاطلاع والقبول والبهاء والوقار إذ صارت بهم وزارة الخارجية مجمعا للصفوة وديوانا للعلم والعلماء وحقلل للمبدعين وباحة للثقافة وفضاء للمثاقفة وفضاء نخبويا لمتعددى المشارب واللغات.

    [email protected]

  2. وكمان اخر سودانيل ليت الراكوبة نقل تلك المقالات لجمهورها
    خَــواطِـر عن عقـد التَمكيـْن .. بقلم: جَمَـال مُحمّـد إبراهيْــم

    التفاصيل
    نشر بتاريخ: 18 أيلول/سبتمبر 2015

    inShare

    أقرب إلى القلب:

    [email protected]
    (1)

    الخرطوم، أواسط سنوات التسعينات..

    كنّا عدداً من موظفي الحكومة في الدرجات الوسيطة أو العليا، ممن ضمتنا دفعة التدريب على الدفاع الشعبي، في معسكر مفتوح أقيم في ملاعب جامعة الخرطوم. ولأني أعاني من غضروف مزمن ، منذ سنوات ، فقد تقدمت لاعفائي عن التمارين العضلية العنيفة، والاكتفاء بالمشاركة الشكلية، فيمادون ذلك من التمرينات. يشرف على التدريب العسكري جنود من ذوي الخبرة العسكرية العالية، وعلى رأس المعسكر ضابط شاب عمره في حدود الثلاثين،أو أكثر بقليل. في دفعة الدفاع الشعبي تلك، كان معي صديقي السفير د.حيدر حسن حاج الصديق، نجم الرياضة المعروف بـ”علي قاقارين”، وأيضاً وكيل الحكم المحلي صديقي “علي جريقندي”، ونائب وكيل وزارة الصناعةوقتذاك، الأخ “المدني” وغيرهم. هذه أسماء معروفة والتوقع أن تكون المعاملةبقدرٍ من الاحترام، لا التعالي والاستفزاز المذل.

    يبدو أن جلوسنا خارج صفوف التدريب لساعات طويلة ، أغاظ ذلك الضابط الشاب ، فقرر استدعاء كل الذين قرر الطبيب المسئول بالمعسكر،إعفاءهم من التدريب العضلي العنيف، وخاطبنا ذلك الضابط الشاب مستفسراً ، بلهجة ساخرة : – أنتم “الخسائر” إذاً. . !؟

    (2)

    كان سؤاله استفزازياً ، خاصة وأن معظم المتدربين “الخسائر” المشار إليهم، هم من كبار موظفي الحكومة ، وليس فيهم من سنه دون الأربعين ، أو من قلّت درجته الوظيفية عن المجموعة الخامسة، وهي درجة وسيطة، وتمهّد للترقي للوظائف القيادية العليا. لم يتراجع الضابط الثلاثيني المشرف على كتيبتنا ، عن توجيه أوامره لنا بالوقوف “انتباه” ، شرع بعدها يسأل كل واحد عن وظيفته. زميلنا، ضمن جماعة “الخسائر”، مدير فرع لبنك النيلين ، ولنسمه “لطفي”. كان الرجل يشكو دائماً من مضاعفات مرض السكري، فطلب ذلك اليوم، إذناًبالخروج من “الطابور” والجلوس ليرتاح قليلا. هبّ الضابط الشاب وصرخ في وجهه:

    – عجيب.. ألم تكن تقف دائماً على “كاونتر” البنك، وتحسب النقود لعملاء مصرفك.. فكيف تشكو الآن من الوقوف. .؟

    ردّ الرجل بهدوء:

    – أنا لا أعمل على الكاونتر، في هذه السن. أنا مدير فرع البنكفي مدينة “بحري”. . !

    في الحقيقة أن صديقنا “لطفي” يكبر ذلك الضابط الشاب، بأكثر من خمسة عشر عاما، وتوقع اعتذاراً من طرفه، لكنه تأبّى، فكان الأمر مدعاة لامتعاضنا جميعاً.

    إن توقير كبار السن- في كل الأحوال- قيمة من القيم التي عرفتها مجتمعاتنا، يحضّنا عليها الدين، وتعزّزها التقاليد، وترسخها الأعراف. لا. . ليس مقبولا أن يقترن معسكر الدفاع الشعبي بإهدار قيمة احترام جيل من كبار السن. ذلك يناقض ثقافتنا الدينية والاجتماعية، ويحدث ثقوباً في ثوب التقاليد الايجابية الراسخة. .

    (3)

    لا نرمي للتشكيك في العقيدة القتالية، وإنما نعرض لأساليبٍ، قد لا تتسق مع تلك العقيدة. ثمّة فلسفة وراء تدريب قيادات الخدمة المدنية، الوسيطة والعليا، على بعض أبجديات الانضباط العسكري، مثلها مثل أيّ خدمة وطنية، تؤهّل الناس ليشكلوا “جيشاً إحتياطياً”، يساند الجيش الرسمي عند الملمّات. كانت الحرب مستعرة بين القوات المسلحة وقوات الحركة الشعبية المتمردة في جنوب السودان، أول سنوات التسعينات في القرن الماضي. لم تكن الملمّاتهي مقاتلة الحركة الشعبية في تلكم السنوات، بل المقصود بلا مواربة، هو مقاتلة الاستكبار، في الشرق أو في الغرب، وذلك ما أثار حفيظة الغرباء واتهموا النظام الجديد في السودان، الذي حكم السودان بدءاً بـ يونيو 1989،أنه ينوي تقويض الاستقرار في الإقليم وفي المنطقة برمتها.

    ومثلما كان نشيد “المارسيليز” يزيد حماس المقاومة الفرنسية للغزو النازي لبلادهم في الحرب العالمية الثانية، فقد جرى اعتماد أناشيد حماسية، شاعت في الشارع السوداني، بقليل تحوير، قصد منها أن تشكل جزءاً من العقيدة السياسية/ القتالية، لشعب أعدوه لمجابهة عدوٍّ متوهّم هنا وهناك، في “أمريكا” وفي “روسيا”:

    أمريكا وروسيا قد دنا عذابُـها

    علـــَّي إن لاقيتـــهــا ضرابُـها

    وأصل الأهزوجة، أنها ممّا ردّد عبدالله بن رواحة في موقعة مؤتة، قبل ثمانية قرون هجرية:

    يَا حَبَّـذَا الْجَنَّــةُ وَاقْتِــرَابُــهَا

    طَيّـِبَــةٌ بَـــارِدَةٌ شَـــــرَابُــهَا

    وَالـرُّومُ رُومٌ قَـدْ دَنَا عَذَابُـهَا

    عَلـَيَّ إِنْ لاقَيـْتُـهَا ضِرَابُـهَا

    كان مطلوباً منا في ذلك المعسكر- وبعضنا من المختصّين بعلاقات البلاد الخارجية- أن نردّد : أن أمريكا وروسيا قد دنا عذابها. . !

    ( 4)

    تتبع البلدان الرشيدة، نظماً للتدريب العسكري تستهدف الشباب في سنٍ مبكرة، مثلما هو متبع في نظام الخدمة الوطنية في السودان الآن، ومن اشتراطاته الانخراط في تلك الخدمة – عسكرية أو تطوعية في أيّ عمل إداري- قبل الحصول على الشهادة الثانوية، أوالالتحاق بالدراسة الجامعية.ذلك أمر منطقي لتعزيز الوعي بموجبات الروح الوطنية في تلك السنّالطرية. غير أن إجراءات تدريب موظفي الخدمة المدنية من كبار السن،وأكثرهم في درجات قيادية ، لا يبدو منطقياً، إلا إذا ارتبط ذلك باختباراتخفية، قصد التأكد من الولاء السياسي، أومراجعة من هم “في المنطقة الرمادية”، قبل ادماجهم ضمن المرضيِّ عنهم في المحاصصة السياسية/الإدارية، التي عرفت في أدبيات السياسة السودانية مؤخراً، بسياسة “التمكين الإداري”. ذلك قاد إلى اتساع فجوة الثقة المفقودة، بين النظام ومن يعينونه من رجال الخدمة المدنية.

    لكأنّ التدريب الراتب للإرتقاء بالوظيفة العامة، والذي كان متاحاً لرجال الخدمة المدنية بمختلف مهنهم، سواءً في داخل السودان أو خارجه، قد صار نسياً منسياً. ليس في الأمر ما يدهش، إذا علمنا أن باب التدريبوالابتعاث الخارجي لرفع القدرات، وبرامج الدراسات فوق الجامعية لمنسوبي الخدمة المدنية ، قد أوصد تماما. ليس ذلك فحسب، بل جرى لتنفيذ تلك السياسة في أول تسعينات القرن الماضي، إغلاق عددٍ معتبرٍ من الملحقيات والمستشاريات الثقافية والتعليمية ، بما في ذلك الملحقيات العسكرية، التي تتابع تدريب العسكريين في الخارج. الرسالة هي أن السودان في غنىً عن الأخر الأجنبيّ، وسيعتمد على إمكانياته الذاتية، ومن بينها دورات تدريبية،على غرار “كورسات” الدفاع الشعبي الإجبارية، التي جئنا على ذكرهاأعلاه. أجبرت أعدادٌ من أطباء، ومحاضرين في الجامعات، وسفراء من وزارة الخارجية، ومدراء بنوك، وكبار الإداريين، والكثير من قياديي الخدمة المدنية، وبعضهم على أعتاب سن التقاعد، للإنخراط في تلك الممارسات،التي وصفها أكثر المشاركين فيها، بأن مقاصدها الأساسية، هي كسر هيبة الوظيفة الإدارية العليا، وإذلال منسوبيها ، بلا مسوغ سياسي ولا إداري ولا أخلاقي مقبول.

    (5)

    أول سفيرٍ من وزارة الخارجية، ألحقوه بالدفعة الأولى في برنامج الدفاع الشعبي، سقط مريضاً بعد خمس أو ست سنوات، بداءِ السرطان اللعين ، لكن لم يجد الرجل- وهو من أميز سفراء وزارة الخارجية- تعاطفاًعلى حالته المرضية المتردية، وحاجته للعلاج العاجل، من طرف قيادة وزارته التي أرسلته لمعسكرات الدفاع الشعبي قبل سنوات، وتأبّت أن ترسله لمراكز العلاج بالخارج، بل ترك ليأسى بعيداً ، ويتوفاه الله، وهو دون سن التقاعد بقليل..

    كان الذين يرسلون لمعسكرات التدريب على الدفاع الشعبي من قدامى الدبلوماسيين، هم هدف للتندر من القادمين الجدد، الذين جاءت بهم سياسات “التمكين”، ليكونوا دبلوماسيين بـ”الولاء”، بعضهم وصفالدبلوماسيين المهنيين بأنهم “أقباط” الدبلوماسية السودانية- مع الاعتذار لأهلنا الأقباط- فهم أقلية سودانية تعاني أيضاً قدراً من الإقصاء غير قليل.لكن ينطوي هذا التوصيف على تلميحٍ خبيث، بأن وزارة الخارجية تشكل بؤرة من بؤر “العلمانيين” البعيدين عن الدين الإسلامي، ويتوجب تحجيم وجودهم فيها. بلغ الاستخفاف بالدبلوماسية المهنية أقصاه في سنوات التسعينات من القرن الماضي، حين نصّب بعض صغار الدبلوماسيين، ومنجرى تعيينهم نواباً للسفراء، مراقبين ذوي نفوذ، يديرون أمور البعثات الدبلوماسية من وراء ظهر رؤسائهم من السفراء المهنيين.. وصف دبلوماسي كبير في كتاب مذكراته، ذلك الحال بأنه يدعو للتندر والحسرة، إذ أفضتكل تلك الممارسات إلى إهدار المؤسسية وضياعها، عبر قلب نظام الانضباط البيروقراطي بين مستويات الوظائف الدبلوماسية المختلفة، فانهار احترام التراتبية التي كانت في انضباطها أشبه بتراتبية المؤسسات العسكرية، انهياراً لا يحترم فيه صغار الدبلوماسيين كبارهم من السفراء. .

    كتب السفير أحمد عبدالوهاب جبارة الله في كتابه “محطات دبلوماسية”، الصادر في القاهرة عام 2014: (. . يجد المرؤ موظفاً دبلوماسياً صغيراً أو مبتدئاً، لكنه يتمتع بنفوذ داخل إدارة ما في ديوان الوزارة، أو في إحدى السفارات، يفوق زملاءه من أهل المهنة الذين لم تطلهم يد الإقصاء من الخدمة، أو حتى أن نفوذه قد يفوق نفوذ السفير الذى قضى أكثر من عشرين عاماً في الخدمة الدبلوماسية، لكنه لا يتمتع بعضوية التنظيم السياسي الحاكم !!) وأشار في صفحة 418 من كتابه،إلى أن السلطة العليا الرسمية. . كانت تشجع ذلك الانقلاب البيروقراطي، لأنها أرادت أن تتعامل حصرياً مع “أهل الثقة”، وليس مع “أهل الخبرة”، وأضاف السفير جبارة الله: ( أنهُ وللأسف فقد سادت ممارسات كثيرة، لا تتفق حتى مع أسس الأخلاق والسلوك المستقر في الثقافة الاجتماعية السودانية. . )

    (6)

    كنتُ في بلدٍ إسلامي، وأنا نائب للسفير الذي عملت معه لقرابة عامين، حين رتبت حفلاً مختصراً داخل السفارة لوداعه، قبيل مغادرته النهائية. ألقيت كلمة وداعية مراسمية مقتضبة أمام العاملين في تلك البعثة الدبلوماسية، وكان من البديهي أن أعدّد بعض منجزاته المعلنة، خلال أدائه لمهامه سفيراً في ذلك البلد. حين وقف ذلك السفير على المنصة، كان أول قوله:

    ( إنّ كلّ الذي سمعتموه من نائبي، هو عبارة عن شهادة “شاهد ما شفش حاجة” ..! ) هذا لسان من لا يمكن أن يكون دبلوماسياً البتة. لقد كان معلماً للفيزياء،ولكنهم جاءوا به في إطار تمكين من هُم أهل الولاء، ليكون سفيراً بلا أية مقدمات ، ولا أية خبرات ، في ذلك البلد الهام . .

    ولأنني لم أتناول جانباً من اتصالاته التي كان يجريها دون أن يخبرني بها، وتتعلق بتعاون نفطي سرّي، يتجاوز عقوبات دولية مفروضة على تصدير نفط ذلك البلد، كان ظنه أني- كمثل عادل إمام في مسرحيته تلك-لا أعلم بها..! هكذا كان قدر “الدبلوماسي المهني”: إما الإحراج أوالتغييب الكامل ، وإن كان شاهداً على شيء، فهو “ما شفش حاجة”. قدراتي الدبلوماسية المتواضعة، أعانتني على مقاومة التغييب المتعمّد، فلم أكن “أطرشاً” في زفة “التمكين” المتصاعد، في تلك السفارة التي عملت فيها أوائل التسعينات من قرن مضى. . .

    (7)

    ما أثار الدهشة عند “الدبلوماسيين المهنيين” في سنوات التسعينات تلك، هو الفهم المقلوب الذي جاء به كثير من القادمين الجدد، للعملالدبلوماسي الخارجي. في فهمهم أن الخروج إلى العالم المختلف، للعملفي سفارات للسودان في الخارج، هو الجائزة الكبرى. أول كسب ذلك الدبلوماسي، هو توفير أكبر نسبة من راتبه من العملات الصعبة، خلال فترة عمله في تلك السفارة، ليعود غانماً بعد انقضاء مهمته، ليستثمر ماله في منصرف يعود عليه بعائدٍ، يضمن له استقراره واستقرار أسرته، إزاء صعوبات المعيشة الماثلة في السودان.. ذلك هو الهمّ الأكبر، لجلّ القادمين عبر سياسة التمكين. العمل الخارجي في فهم معظم “الدبلوماسيين المهنيين” ، هو القيام بمهمة تمثيل البلاد بتجرّد وبانقطاع وبتضحيات.الواجب الوطني للدبلوماسي المهني، يحمله إلى مناطق تصنّف “مناطق شدة”، عليه تحمل إقامته وعمله فيها، وإن كان في ذلك ما قد يعرض حياته للخطر، والأمثلة كثيرة لا تحصى. إن اقترن بزوجة وامتلك منزلا، ذلك أقصى أحلامه. بعض قصيري النظر يحسبون المهمة الدبلوماسية متعة وسياحة وبحبوحة عيش، فلا يرون مافي الانقطاع لخدمة الوطن من معاناة، ولا في العمل الخارجي من ثمن باهظ يلحق بفقدان الاستقرار، وباضطراب تعليم الأبناء ، وأكثر من ذلك ، ما يتصل بعمله في مناطق الشدة والنزاعات والزعازع..

    لكن إن سألت عن حال بعض دبلوماسيي هذه الأيام، سترى عجباً، إذ فيهم من امتلك استثماراً مهولاَ، أو محلا لبيع قطع الغيار، أو فيهم مَن اقترن بزوجة على زوجته الأولى، أو مَن ابتنى بناية ذات شقق للكراء. وإن لم يكمل تغطية تكاليف مشروعاته، فإنه سيطلب أن تمدّد له فترة بقائه في السفارات الخارجية. أعرف سفيراً تجاوز العشرة أعوام في سفارة واحدة، وآخر جاء إلى سفارته وهو سكرتير دبلوماسي، وبقي فيها إلى أن تدرج مترقياً، حتى تولاها سفيراً معتمدا.

    في سنوات الستينات والسبعينات، كان الدبلوماسيون في وزارة الخارجية السودانية، يتردّدون في تنفيذ النقل للعمل بالخارج، وكان أكثرهمقادمين من أسر فقيرة ومن خلفيات متواضعة، لكن لم يكن جمع العملات الصعبة، مما يحفزهم أو يعدونه في حساباتهم. أكثر سفارات السودان وقتذاك تعتبر “مناطق شدة” ، ولم يكن العمل فيها “جائزة”، يحسد عليها الدبلوماسي من أقرانه القابعين في ديوان الوزارة.

    (8)

    مقالي هذا هو ابتدار لحثِّ الدارسين المتخصّصين، للنظر بعين العلم الموضوعية، لظاهرةٍ، بدت مقبولة في وجهها السياسي والإداري، ومشفوعة بمبررات دينية، غير أنها أفضت إلى تداعيات واسعة الأثر ، ليس فقط في منظومة الخدمة العامة ، ولكن تمدّدت إلى أن لامست منظومة القيم والأخلاق والسلوكيات العامة. إن المثل الذي توسعتُ فيه عن تجربة الدبلوماسية السودانية التي تصادمت مع سياسات التمكين، لايختزل التجربة في تلك المهنة وحدها، بل أن تلك السياسة تمدّدت وشملت جميع المهن الإدارية والفنية والهندسية والطبية والتربوية وغيرها، شمولاً وليس حصرا.. أدعو علماء الإجتماع والعلوم السياسية، لسبر غور تجربة سياســــــات ” التمكين”، تلك البدعة التي توسّعت زماناً ومكاناً، منذ 1989. . فكانت أداة للترهيب السالب، أكثر منها أداة للتغيير الايجابي، وتركت آثاراً إجتماعية على قطاعات عديدة من مكونات المجتمع السوداني، لا تخطؤها عين. .

    صحيفة “الرأي العام”

    الخرطوم- الخميس 17 سبتمبر 2015

  3. سفراء اى كلام كنت بالصدفة احضر اخبار تلفزيون السودان قبل يومين وكان ضيف الاخبار سفير السودان فى يوغندا وتم توجيه عدة اسئلة له وكانت ردوده فى غاية الجافة والفظاظة
    الواحد ما عارف كيف زى دا ممكن يكون سفير ليها حق العلاقات تكون فى الطين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..