التهميش الأسري… البنات في عين العاصفة.. جدران صامتة

الخرطوم – زهرة عكاشة

دائماً ما تواجه الفتيات العديد من الصعاب ولاسيما في سنين المراهقة التي تمر بهن كالشباب تماماً، لكن لدى الفتيات الموضوع مختلف ويحتاج لوقفة وتفكير بعمق، حتى يخرج من إطار النميمة وتزجية الوقت، في ظل عدم تفهم أو تقبل فئات كثيرة في المجتمع التحولات الكبيرة التي تمت في حياة الناس وعدم إدراكهم للدور المتعاظم للفتيات في كل القطاعات الحيوية.

ولأن هنالك الكثير من الفتيات يعانين من التطنيش والتهميش من قبل الآباء، ومن الأمهات بوجه خاص، بحثنّ عن الاهتمام والرعاية في مكان آخر، هكذا هو الحال الواقع على مجتمعنا لاسيما بعد التطور الكبير في وسائل الاتصال وجعل الفضاء مفتوحاً على مصرعية، يستقبل ويرسل كل الإشارات الإيجابية منها والسلبية، هل فعلاً هناك أسباب تبرر للفتاة الانغماس في غمار أمواج العاطفة المتلاطمة، وهل الأسرة تلعب دوراً كبيراً في ذلك الأمر؟ هذا ما سيوضح من خلال التقرير التالي:

ملاذ آخر

لأن مشاعرهنّ في هذه السن تبحث عن متلقٍّ ولابد أن يكون حاضراً، عدَّت الباحثة الاجتماعية غادة عمر أن الفراغ العاطفي الذي تعيشه الفتاة أحد أهم الأسباب والعوامل التي تجعلها تبحث عن ملاذ آخر، لاسيما حرمانها من عاطفة الأسرة وحنانها وأمنها، وكذلك النظرة الاجتماعية والموروث الثقافي والبيئي الذي يلعب دوراً كبيراً في طبيعة التعامل مع الفتاة ومخاطبتها والتواصل معها. وقالت: على الأسرة – خاصة الأبوين – عليهم مسؤولية عظيمة تجاه الفتاة ومشاعرها واهتماماتها، فعليهم أن يعتنوا بها ويحرصوا على غرس تعاليم الدين والأخلاق الفاضلة داخلها منذ الصغر، وإعطائها ما تحتاجه من العاطفة والمشاعر الجياشة لاسيما الاهتمام بكل متطلباتها واحتياجاتها الخاصة التي لا تتنافى مع الشرع والخلق، فضلاً عن ملء حياتها الوجدانية وإشباع رغباتها النفسية. وتوضح غادة أن للفتاة في مرحلة المراهقة متطلبات خاصة، فهي تحتاج إلى من يتواصل مع فكرها وعاطفتها ولغتها ومشاكلها، وأن هذا الأمر لا يحتاج إلى كبير عناء من الأسرة أو يكلفها بذل وقت أكثر من اللازم، وتؤكد الباحثة أنه في كثير من الأحيان تحتاج الفتاة إلى من يصغي لهمومها ويتفاعل معها، ويحتويها لتحقيق استقرارها وشعورها بالاطمئنان والأمان الأسري والاجتماعي.

وتحذر غادة من أن إهمال الفتاة من قبل الأسرة خطأ كبير وجرم في حقهنّ، خاصة وأن البعض في مجتمعنا يقسو على الفتاة، وربما يصل الأمر إلى تعرضها إلى الضرب والإهانة بحجة الحفاظ على التقاليد الاجتماعية في السودان وعلى سمعة وصورة العائلة في مجتمعنا، وتشير الباحثة إلى أن الفتيات قد يتعرضنّ إلى ظلم أكبر عند تزويجها بمن لا ترضاه، ونبهت إلى أن إهمال الفتاة وإغلاق الأبواب في وجهها وحرمانها من التعامل مع أفراد الأسرة من الكلمة الطيبة وعدم إحساسها بالدفء المنزلي سيدفعها إلى البحث في الاتجاه الخطأ عن من يتواصل معها، ويعوضها عن كل ذلك الحرمان، وهو ما قد يدفعها للوقوع في الخطأ.

فراغ وممارسات خاطئة

فيما تُحمِّل الباحثة النفسية زينب حسن الأسرة عدم الاستقرار النفسي لدى الفتيات، فضلاً عن حرمانهنّ عاطفياً. وقالت إن أهمية هذا الجانب تكمن في أنه يحقق استقراراً وأمناً نفسياً واجتماعياً، ينعكس بشكل مباشر على أمن واستقرار المجتمع بشكل عام، خاصة وأن مجتمعنا مجتمع محافظ، فلابد من ملئه وفق عاداتنا وتقاليدنا، لذا هناك ضرورة من معالجة هذا الأمر بطريقة مقبولة وببرامج تستصحب ثقافة هذا المجتمع وقيمه الدينية والاجتماعية بإشراف العائلة، ولكن عندما ينعدم هذا الجانب من الفهم لدقة المرحلة التي تعيشها الفتاة في فترة المراهقة، نجد أن الواقع يعكس كثيراً من التصرفات غير اللائقة والممارسات القبيحة التي تتم في إطار الفراغ العاطفي، بينما الفراغ في حقيقة الأمر يولد شعوراً بالوحدة والقلق الذهني حتى أن بعض الفتيات يرددن مقولة تفيد بأن “لا أحد في الأسرة يفهمها”.

وتقول الباحثة النفسية إن طبيعة الفتاة عاطفية وحساسة، لذلك ينصب تفكيرها وخيالها في البحث عن الجانب العاطفي، لذا وجود (الحب) في الأسرة ومن الجميع والشعور بحب الآخرين، هو كفيل بتبديد كل نقص في هذا الجانب العاطفي، لأن الفتاة تحتاج في حياتها الأسرية وبشكل مستمر إلى من يفهم مشاعرها ويتقبلها، بل تحتاج إلى من يشاركها في مشاعرها وأحاسيسها، ومن يشعر بما يجول في عقلها من عائلتها، وبمن يهتم بها وبذاتها وشخصيتها وقيمتها كأنثى من جميع النواحي. وعندما تفتقد الفتاة في هذه المرحلة الخطرة كل هذه الأمور قد تقع في الخطأ، علماً بأنها ستكون قد وجدت حينها الجانب الحسي العاطفي وافتقدت للجانب العاطفي المعنوي،

ودعت الباحثة النفسية زينب حسن إلى عدم غفلة الآباء عن بناتهم المراهقات في تلك السن الحرجة ومراعاة ظروفهم وأحوالهم العاطفية مع إعطائهم ثقة كاملة في أنفسهم كي تساعدهم على التصرف السليم، وهو ما لا يتناقض مع عدم إعطائهنّ حريتهنّ الكاملة في اتخاذ قرارات تؤثر في استقرارهنّ النفسي والاجتماعي. وشددت على أن التعرف على مشاكل الأبناء في مرحلة المراهقة يساعد على تداركها في مهدها، ونصحت زينب الآباء والأمهات بمحاولة التقرب من بناتهم وأبنائهم، مع وضع الرقابة على تصرفاتهم ومراعاة عواملهم النفسية عند وقوع المشكلات

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. غريب العالم العربي!! تكرس كل جهدها وتضع كل شرفها في عاتق بناتهم. أما أولادهم إذا لم تكن له عدة عشيقات فالخوف يراودهم. أولادنا يعشقون بنات الناس مافي مشكلة لكن بنتي لا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..