ست الشاي .. ميلوتراجيديا البقاء !!

ست الشاي .. ميلوتراجيديا البقاء !!

إعداد / حسن وراق
[email][email protected][/email]

كلاكيت:
ستات الشاي حالة وليست ظاهرة .الشعب السوداني باسره يتحلق حول ستات الشاي متفردين عن باقي شعوب الارض التي لا تعرف ستات الشاي كما هو عندنا .. ست الشاي تجسد حنين الام في الاسرة السودانية ، عند اعداد شاي الصباح يتدافع الابناء الصغار والكبار للاستمتاع بحضور الام وهي تنشر الدفئ والحنان وتوزع اكواب الشاي في فاتحة يوم جديد بالامل والدعاء ..صباح يا عليم رزاق يا كريم. حنان الام يبدأ مع جلسة الشاي صباحا ومن هنا ارتبط السودانيون بست الشاي بإعتبارها رمز الامومة والحنان المجسد لدور الام في مجتمع السودان,,

زووم إن:

الحصاحيصا المدينة الوحيدة في السودان التي لاتعرف اين تذهب فيها مساءً ،ان كنت بمفردك او مع افراد الاسرة او ضمن الشلة.. كيف وأين يقضي اهل الحصاحيصا اوقات فراغهم سؤال لا يمكن ان يجيب عليه المسئولون بمحليتها وخاصة لجنة الامن والذين يصدرون في قرارات لا تراع طبيعة وخاصية المدينة وإنسانها..

مدخل اول:

اعتدنا ان نشرب الشاي عند ( لمياء ) شابة صغيرة مجتهدة ، مقتبلة في العمر ومناضلة ، مهمومة بالمستقبل وفي معيتي بعض افراد الاسرة والاصدقاء والاهل والذين تعودوا علي خلق برامج في مدينة لا يحترم مسئوليها ، النساء ولا تفرد لهم مساحات للترويح وكلما سمع مسئول كلمة ( إمرأة ) يستدعي الشيطان في عقله الباطن لانه قرينه ويفترضه ثالثا حتي مع أمه وأبيه كي يجد عملا لامن المجتمع والنظام العام و قدوقدو ويضعهم في حالة الاستاند باي وحصد حوافز غرامات محاكم النظام العام.
.
مدخل ثاني:

توقفنا بالعربة التي اعتدنا ان نشرب الشاي بداخلها لعدم وجود اماكن مخصصة للاسر والعوائل، ورغم عن ذلك رضينا بالمكتوب مقدر. الساعة التاسعة مساء الاربعاء و(عقاب شهر) وجدنا تربيزة ( لمياء) وكل ادواتها ومعدات صنع الشاي في مكانها لم تفترع رزقها بعد.. شرقرق احترق البن بداخله وصينية صغيره عليها 3 فناجيل وسكرية صغيرة ملعقة صغيرة في كوب صغير به ماء الورد الممزوج بالكركديه واخري جافة لتناول السكر ، يبدو انها اول الطلبيات التي لم يتم تقديمها بعد … قشدة (جمادة) سميكة تغطي حلة اللبن المتبخر ونار في منقد(كانون) من الطين تحولت الي هبوت و رماد.. امرأة تجاوزت عقدها الخامس، تلملم في اواني الشاي بعد أعادة غسلها واقفة علي طولها ترفع يديها الي السماء متجهة (ناحية الخرطوم) ، تدعو ربها وعيونها تحجر فيهما الدمع .. الله يضرهم في عافيتهم.. يشل ضراعهم ..يكشف حالهم ..ي..ي..يالله يالله يالله نحنا ما نعيش يعني؟؟ يختلط البكاء مع الدعاء استغفر الله وحسبنا الله ونعم الوكيل .

مدخل ثالث:

تسمرت في مكاني وظننت ان نوبة السكر راودتني مرة اخري وانا ارتجف ولم يعد بمقدوري الوقوف.. يا جماعة الحاصل شنو البت ( لمياء ) حصل ليها حاجة ؟؟ اجابات غاضبة وحزينة من مجموعات هي الاخري اعتادت علي تزجية الوقت بعد يوم عمل شاق في الكمائن واعمال البناء وزراعة الجروف ..( لمياء ) كشوها ناس النظام العام لانها شغالة بعد الثامنة مساء .. يا جماعة صلاة العشاء تنتهي ثمانية ونص في شاي بشربوه قبل الصلاة؟؟ .. يعني ست الشاي مويتها ما تسخن تطفي بيها النار وتمشي اهلها والله شنو؟؟ أسئلة لا تحتاج اجابات.

مدخل رابع:

لمياء ذات الثمانية عشر ربيعا جمدت امتحان الشهادة حتي توفر رسوم الامتحانات.. ترتيبها داخل الاسرة هي ،البنت الكبري للخالة آمنة والتي لها ستة من الابناء والبنات توفي والدهم الخفير باحد المصانع في حادث عمل وترك للخالة آمنة مسئولية تربية 4 بنات وولدين هما آخر العنقود.. اظلمت الدنيا في وجه الام ولكنها لن تستطع ترك فلذات اكبادها دون ان تعمل لتطعمهم من ذات الطعام البائر الذي تبيعه للفقراء العاملين بالمصانع وفي المساء تقوم ابنتها لمياء بمساعدتها ببيع الشاي تحت الانوار الباهرة والكاشفة لاحدي الكافتريات علي طول طريق الخرطوم مدني “شمال مصنع الصداقة” والتي يرتادها سائقي الليل في هذا الطريق الخطر علهم يغالبون النوم والنعاس بكوب قهوة او شاي في اسفارهم علي طريق الموت ..

زووم آوت:

المداخل كثيرة وقد تطول الا ان لجنة أمن المحلية من واجبها حفظ الامن و من حقها اصدار ما تراه من قرارات ولكن القرار الذي يصدر بخصوص تقنين عمل بائعات الشاي فيه اجحاف وظلم لا يراع الظروف الانسانية والاجتماعية للكثير من الاسر السودانية التي تبحث عن العيش الشريف .. بائعات الشاي وعلي حسب ما صرحت به وزيره الرعاية الاجتماعية ، من اهم الشرائح الاجتماعية في السودان وعلي عاتقهن تقع مسئوليات جسام.. انهن ضحايا الفقر نتاج الظروف الاقتصادية.. انهن مجموعة من الارامل والمطلقات اللائي فقدن ازواجهن وكافليهن وأرباب اسرهن في ظروف مختلفة وبعضهن يتقاسمن ظروف الحياة مع ازواجهن قليلي الدخل او العاطلين عن العمل او المفصولين او المسرحين وهم علي الرغم من قسوة الحياة فهن يواجهن سخافات البعض وتحرشات ضعاف النفوس وعسف المسئولين وموظفي الجبايات وهجمات السلطة التي تسترزق وتتحفز من عرقهن وهن لا يطقن قضاء ساعة واحدة بلا عمل فما بال ان يتم اجبارهن علي ترك العمل و اختصاره وتقليل ساعاته فالبديل سوف يكون كارثة وبيلة.. تضييق السلطات علي ستات الشاي يعني دفعهن الي ممارسات غير كريمة تبيح المحظور وتنشرالحقد و الجريمة .
كلاكيت أخير:

ستات الشاي لمن لا يعرف، يأتين في المرتبة الاولي لايرادات محلية الحصاحيصا حوالي 3000 ست شاي يتحصل من الواحدة فيهن كل ستة اشهر مبلغ 75 جنية تكلفة رخصة صحية غير المزاولة التي تتراوح مابين 130 الي 150 جنيه سنويا و الرسوم الاخري،، المحزن في الامر ان التضييق يبدأ بالمحلية لتجديد الرخص وما ان يدفعوا للمحلية حتي تلاحقهم سلطات النظام العام بحجج مختلفة لتقنين ساعات عملهن علما بان ساعات عمل ستات الشاي المسائية تبدأ بعد العشاء. تبرير السلطات ان هنالك ممارسات غير قانونية تتم وراء بيع الشاي أمر غير مقنع لمنع او تقتير او حرمان ستات الشاي من ممارسة جلب ارزاقهم . الاعمال المخالفة يمكن ان تتخذ عدة استار وذرائع فمن كان يصدق ان هنالك اعمال لا اخلاقية وممارسات بغاء كانت تتم داخل المسجد العتيق بالحصاحيصا ؟؟ لم تغلق السلطات المسجد ولكنها وضعت ضوابط تمنع مثل هذه الممارسات . هنالك حقيقة لا يصدقها احد وهي ان اغلبية اعضاء الغرفة التجارية بالحصاحيصا 70% تقريبا هم ستات الشاي واللائي تحاربهن السلطات لانهن شريحة مستضعفة. نرجو من السلطات وخاصة لجنة الامن مراجعة قراراتها بشأن ستات الشاي و الشرائح الضعيفة . اذا كان الولاة والمعتمدون وبقية المسئولون ، يعيشون في ابراج عاجية لا يلتصقون بالمواطنين يصبح حكمهم ظالم والظلم ظلمات الي يوم القيامة وان دعوة المظلوم ليس بينها وبين الخالق حجاب،، انظروا ايها السادة الحكام والمسئولون الكم الهائل من زملائكم الذين تداهمهم الامراض اللعينة والغريبة وطائرات الاردن ولندن تطير بهم ذهابا وتؤوب بهم نعوشاً واجساد عليلة فاقدة الذاكرة والبريق ، موفورة بالمحن والاحن والذهول وحالات الاعاقة الغريبة .. كلها من دعوات المظلومين ايها السادة المسئولون .. اتقوا الله و اتركوا الناس يعيشون بكرامة وبلا تضييق يرحمكم الله واحمدوا الله كثيرا انه لم يكتب عليكم حياة القوم المستضعفين لا انتم ولا ذويكم,, تخيلوا لو ان احدكم او احد افراد اسركم ضاقت به احوال الدنيا واصبح رزقه من بيع الشاي او افتراش الارض بيعا وشراء..؟؟ الم اقل لكم.. احمدوا ربكم وهذا النظام الذي باعد بينكم وبين بؤس الحاجة وذل السؤال وعيش الطوي والمسغبة.. كثير من هذه الاسر التي تبيع الشاي تعيش في ظروف قاهرة ومؤلمة تحاصرهم مصروفات ضخمة من فواتير الطعام والشراب والسكن والعلاج والتعليم وفاتورة أخري هي اكثر كلفة,” كيف تقضي يومك شريفا ” ومطمئنا من عاديات الانقاذ ،، كل الهم ان يمضي اليوم بسلام و آمن من ظلم السلطات ورسوم المحلية وعسف باشبوزقاتها اللئام غليظي القلب.. ستات الشاي لا حول لهن ولا قوة الا التضرع بالدعاء علي القوم الظالمين . .

تعليق واحد

  1. يا رب تنصرهم على معدومي الضمير سارقو قوت الشعب وعرقهم.. وان شاء الله موية الشاي الحارة في وجه كل فرد يضايقهم

  2. الاستاد حسن تحياتى …هل من الممكن ان دوله بهدا الحجم من رجلات الامن بمختلف مسمياتها لاتعرف من هو الفاسد ومن هو القيم وما هو العدل ….ان هؤلاء القوم لهم لهم مواصفاتهم الخاصة لتسمية الاشياء كل شئ له اسم خاص ومعنى خاص فى قاموس خاص بهم ….خد مثلها الرشوه ..يقولون لك حفدنا حتى يتم…. ومثال اخر الواصطة فى العمل ..اسمها تدكية من …… عندما تلبس ام كلثوم عباية مع بنطلون تحاكم باللبس الفاضح وتجلد ….وعندما ترقص فلانة مع السيد فلاح هدا تواضع …..ياخى خلينا من المناشدات والدراسات …افضحوا واكتبوا ونحن نقراء ثم مادا بعد …

  3. يا أستاذ وراق هل تعلم أنو السوق الشعبي لوحده فيه قرابة المائتان بائعة شاي تحت مظلة الدكاكين تحت اللواري السفرية تحت الأشجار هذه هي الإنقاذ وما أوصلته بحال السودان اللهم يا فراج فرج هم أهلنا بالسودان وخلصهم من الكيزان يا رب العالمين وولي لهم من يصلحهم ويصلح حال السودان لقد طفح الكيل وماتوا الأطفال في المستشفيات بنقص الأدوية وعدم الاهتمام أنهم مهتمين بأنفسهم ومتهمين بالفارغة اللهم يا رب العالمين أرينا فيهم عذابك أنهم طغوا وأفسدوا في البلاد وطغوا وأحدثوا فيها الفساد . يا رب العالمين خلص السودان من الكيزان الحرامية الدجلين يا رب العالمين ( أصلاح حال أهلنا في السودان . أنهم صبروا على هذه الشرذمة الحاكمة زمننا طويلاً دون أي جدوى بل زاد الخراب أكثر وظهر الفساد في أرجاء البلاد ( الزنا ، المجاعة ، الفقر ) فهذا حال البلاد التي يكون نظامها فاسد

  4. التحية للأستاذ حسن والتحية والتقدير الدكتور عمر القراى…

    أرفعوا أيديكم عن (ست الشاي) !!
    إن تصريح وزيرة الشئون الإجتماعية ، بمنع بائعات الشاي بحول عام 2009م ، تصريح خاطئ، ومتعسف، ولا مبرر له، ويجب مراجعته، حتى تثبت الوزارة، تضامنها مع الفطاعات التي انشئت أصلاً لمساعدتها. ألايكفي ان هؤلاء النسوة يطلبن اكتساب الرزق الحلال بشق الانفس، ولم توفر لهن الحكومة، ما يساعدهن على شظف العيش ؟! ألا يكفي ان الدولة عاجزة ان تعول افراد هذه الاسر، وهم مواطنون سودانيون، حتى اضطرت نساؤهم لتعمل لتعولهم بعد ان فقدوا الآباء والاقارب ، الذين كان يمكن ان يساعدوا في هذا الزمن القاهر، وهذه الأحوال الغالبة، من الفقر المدقع، في ظروف قاسية، ارتفعت فيها اسعار كل شئ ، ولم يتدنى فيها الا سعر الإنسان ..

    والمبرر الذي سيق لمنع بائعات الشاي، أسوأ من القرار نفسه ، إذ قيل ان الغرض هو تجميل وجه العاصمة القومية الذي شوهته بائعات الشاي !! وقيل أيضاً، ان القرار انما غرضه المحافظة على الفضيلة والأخلاق، مما يعني إتهاماً، ضمنياً، عشوائياً، يفتقر الى أبسط الأدلة، لمئات النساء الحرائر، من الأمهات السودانيات، اللاتي دفعهن الوضع الإقتصادي المتردي الذي هو خلقته هذه الحكومة نفسها، الى ان تجلس إحداهن منذ آذان الفجر، وحتى بعد آذان العشاء لتبيع الشاي !! ولو كان هنالك أدنى قدر من الحياء، لما استطاع شخص، أن يتهم مثل هؤلاء النسوة .. لأن المرأة التي ترتضي لنفسها الرذيلة، لا ترضى لها المشق، والعمل الدوؤب المصابر، الذي تقوم به بائعات الشاي . ولا يعني هذا ان بائعات الشاي ملائكة، ولا يعني انه ليس بينهن شابات، قد يسمحن، أو يقبلن، أو يفضلن معاكسات بعض السفهاء والعاطلين . ولكن هذا القدر المحدود، من مقدمات الفساد، أو ممارسته، موجود بين الرجال والنساء، في كافة ميادين العمل والحياة عموماً ، فلماذا لم يتخذ سبباً في الغاء العمل كما يراد له ان يلغي عمل بائعات الشاي ؟! وإذا كان هناك اتهام بالفساد الأخلاقي، لبعض بائعات الشاي، فهل منعهن جميعاً من العمل، وقفل ابواب الرزق في وجوههن، سيدفعهن الى الفضيلة أم الى الرذيلة ؟! وهل يمكن لحكومة عاقلة، حريصة على الأخلاق، أن تمنع النساء من العمل الشريف، ثم تنتظر بذلك ان تسود الفضيلة في المجتمع ؟!

    ثم ماذا فعلت الحكومة من أجل الفضيلة، باستثناء التصريح بمنع بائعات الشاي ؟! ما هي التربية الأخلاقية، التي تقوم بها الدولة للمواطنين عموماً، والنساء بصورة خاصة، بما فيهن بائعات الشاي ؟! وإذا كان دعاة الإسلام، والتوجه الحضاري، الذين يفترض ان يعكسوا أنموذج الفضيلة والخلق الرفيع، قد حازوا كل الثروة، حتى تمرغوا في الترف، وولغوا في السرف، والشعب من حولهم يتضور جوعاً، ثم شهد على فساد المرافق والادارات التي تحت أيديهم، المراجع العام نفسه ، فكيف يتوقع ان يحقق الشعب الفضيلة وهؤلاء قادته وموجهيه ؟! ثم ألا يستحي ان يتهم من يسرق قوت الشعب غيره بالرذيلة ؟! لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقول ( يا آل محمد أول من يجوع وآخر من يشبع ) !! وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، انه ما جمع بين الخبز والإدام، في خوان قط ، منذ ان ولي الخلافة حتى توفى !! فهل الفساد ان ترفع شعارات الإسلام، ويسام بها الناس كالسوائم، وتمتلئا البطون من المال الحرام، أم الفساد ان تبيع إمراة الشاي، لتدفع عن أطفالها غائلة الجوع ؟!

    وجمال وجه العاصمة القومية وما ادراك ما جمال وجه العاصمة ؟! هل ينقص العاصمة الجمال أم تنقصها الخدمات الضرورية ؟! وهل يعاني سكان العاصمة لأن مدينتهم ليست جميلة، أم يعانون قطع الكهرباء، وشح الماء، وزحمة المواصلات، وغلاء المعيشة ؟! وهل يقبح ذلك الوجه الجميل للعاصمة بائعات الشاي ؟! أم تقبحه الأوساخ، والحفائر التي في الطرقات، حيت تملأها مياه الأمطار، ويتوالد حولها الذباب، والبعوض، وتزكم رائحتها الأنوف ؟! وماذا عن الباعة المتجولون الآخرون، الذين يبيعون كل شئ في كل مكان، بما في ذلك السمك في الطرقات والشوارع ؟!

    ومادام وضع بائعات الشاي لا يروق للحكومة، ولا يحقق الوجه الحضاري الذي تنشده للعاصمة القومية ، فلماذا لا تصنع لهن أكشاك نظيفة وجميلة، تملكها لهن، باسعار رمزية، بغرض تنظيم المهنة، وتطويرها، وتوجيه مسارها، بدلاً من إلغائها وقطع ارزاق الناس ؟! لماذا لا يقوم بنك الفقراء، واصحاب التمويل الاصغر، وبنوك الاسرة ، وبنك الإدخار ، وكل هذه المسميات، بمساعدة بائعات الشاي، لتملك أكشاك للشاي ؟! إن منع بائعات الشاي، لا يعني إهمال حاجة المواطنين الى هذه السلعة الهامة، أو عدم تقدير الطلب الكبير لها .. ولذلك منع بائعات الشاي، هو محاولة لاتاحة الفرصة لآخرين، لينشئوا كافتريات حديثة، يجمعوا بسببها في جيوبهم، أرزاق بائعات الشاي . أنها مؤامرة لإحتكار بيع الشاي، لافراد من المحاسيب والموالين، وصورة أخرى من صور (التمكين)، يثرى به ثلاثة أو أربعة، من أعضاء التنظيم، ويشرد بسبب ذلك آلاف الاسرة، ويموت آلاف الاطفال، ويحرمون من التعليم، والعيش الكريم، فهل يمكن ان يتم هذا، ويعتبر انجاز، يدفع بائعات الشاي، للتصويت للمؤتمر الوطني في الانتخابات القادمة ؟! ثم ما هو تماسك الجبهة الداخلية ؟! هل هو عقد الإتفاقيات مع الأحزاب الكبيرة، واغرائهم بالكراسي الوثيرة داخل الحكومة ، أم هو إشعار المواطن البسيط بأن الدولة ليست ضده، ولا تريد تجويعه، وتشريده، بل هي تحرص على مساعدته، ليكسب عيشه بكرامة ؟! لأن الدولة ان لم تكن كذلك، فلماذا يهتم المواطن، بما يحدث لها، من استهداف من الخارج او الداخل ؟!

    إن الهجمة الشرسة على بائعات الشاي، انما هي أختبار جديد، للحركة النسوية السودانية .. فقد سبق ان ناهضت الحركة النسوية، منع النساء من العمل، وألغت بسبب موقفها الجاد الثابت، قرار الوالي بهذا الشأن .. على ان المعركة الآن، مع وزارة الشئون الإجتماعية، وميدانها كل ميدان ، وهدفها هو الدفاع المستميت، عن شرف للمرأة السودانية عموماُ ، وحقها في العمل الكريم ، الموقف الذي تمثله الآن ، (ست الشاي). فاذا لم تستطع الحركة النسوية ان تتوحد خلف هذه القضية بقوة ، فان ذلك سيكون مؤشراً سلبياً مؤسفاً. وبنفس القدر، فان كل الشرفاء، والمثقفين، والمدافعين عن حقوق الانسان، وكرامته، وحقه قي العمل .. ومنظمات الدفاع عن الحقوق الأقتصادية والاجتماعية، وكافة منظمات المجتمع المدني، والحريصين على تفعيل الدستور واتفاقية السلام الدائم ، وكل المهتمين بقضايا المهمشين، والمستضعفين، من ابناء شعبنا، عليهم واجب الوقوف ضد أي قرار، يصادر حق بائعات الشاي، في الوجود، مهما كانت المبررات، التي تدثر بها، اخفاءً لاغراضه الحقيقية .

    لقد بدأت صحيفة (اجراس الحرية ) الغراء، حملة المناصرة لبائعات الشاي، فعلى كل المنابر الأخرى تصعيد هذه القضية، واثارتها باستمرار، حتى يلغى هذا التوجه الخاطئ . كما ان مقابلة وزيرة الشئون الاجتماعية ضرورية، لتوضيح سلبيات هذا التوجه، قبل أن يصبح امراً واقعاً، يضطر الناس لمقاومته بعد ان يحدث.

    ويجدر بنا في هذه المناسبة، أن نقف لنحيي شاعر الشعب، وضمير الأمة، الأستاذ محجوب شريف، الذي بادر من قبل، وحرك حملة واسعة ، لبناء بيت لأحدى بائعات الشاي، عرفانا بما أدته هذه الأم العظيمة لاسرتها، من بذل حياتها، حتى توفر لهم العيش الكريم .. وتقديراً لما قدمته من خدمة للمواطنين، بتوفير الشاي لهم، خلال عشرات السنين. فليت السيدة وزيرة الشئون الاجتماعية، تعلمت من شاعر الشعب الإنسان !
    د. عمر القراي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..