مجتمع المدينة الفاضلة.. وجدلية التطبيق

مجتمع المدينة الفاضلة.. وجدلية التطبيق

بقلم: القاسم عبدالله الظافر ? كوالالمبور
[email][email protected][/email]

– تمثل شعيرة الحج اعلي درجات الفضيلة والمثالية في التدافع والوقوف تعبيراً ضد كل ما هو غير فاضل اومثالي، مكونة لوحة مصغرة لمجتمع مثالي من مدينة فاضلة يرتدي رداء الفضيلة ويتناغم في طرب الفضيلة، ويدفعها بأدوات الفضيلة .. في امل ان تعم روح الفضيلة كافة ارجاء المعمورة وتغشي كل شعابها.

منذ القدم حاول الكثيرين الخروج بكتابات عديدة للمدينة الفاضلة مما جعلها تنادي بالمثالية كنظرية ولا تعدو ان تكون سوي اعمال ادبية طريفة لا تصلح لتطبيقها من اجل ان تصبح حقيقة واقعية تخدم المجتمعات وتساهم في رقيها … ولا عجب في أي عمل صوب اليوتوبيا او المدينة الفاضلة يتصدي له العمليون بفلسفتهم العملية التي دائماً تقدم حلول الوسط وتنأى ايضاً عن المثالية والحلول الجذرية بإعتبارها مكافئة إلهية تطبق في زمن ما بعد الموت وفي مكان ما يسمى جنان الله، فظل هؤلاء علي النقيض من اولائك لا يبحثون عن حلول جذرية لشرور المجتمع بل يكتفوا فقط بإصلاحة ويؤمنون بتجويد القانون الجنائي لتقليص الجريمة دون إستئصالها من المجتمع، ويؤسسون هيئات خيرية للإغاثة دون القضاء علي المجاعة ويعقدون معاهدات سلام زائفة مؤقتة لتمهلهم الإستعداد للحرب القادمة دون نبذ الحرب من حيث انها نشاط غير إنساني في المقام الأول و غير يوتوبي (غير فاضل او مثالي) بالنسبة للمجتمعات التي تتقدم نحو الفضيلة والمثالية وتتخذ منها ديدناً لشرعة حياتها.

مبدأ الطموح المقدس حيث ان لكل الموجودات دورة تطور او رقي وهي ما اسميها بالطموح المقدس (sacred ambitious) لما تحملة من حكمة وقدسية خلف ذالك التطور .. علي سبيل المثال الانسان التوحيدي الذي يؤمن بالله وبرسله يعمل جاهداً ليل نهار لبلوغ درجة الرسول كما يفعل كل المسلمين لا سيما محمد (ص) هو قدوتهم واسوتهم الحسنة ويعملون جاهدون للوصل الي ما وصل اليه رغم استحالة ذلك لبلوغة درجة الكمال فيه، و قد يقترب الفرد منا بنحو 30% مثلاً واخر 50% الي حد كسبة وإجتهادة واتفق مع إستحالة الوصول الي 100% ولكن اؤكد بشدة يمكن الوصل الي درجة عالية او قريبة جداً من الكمال.. جدلياً فالنقول 90%، وكذالك اي نطفة في رحم تعمل جاهدة الي الوصل الي مضغة والمضغة الي علقة وهي بدورها تسعي الي ان تصل لتكون جنين كامل النمو، وكذالك الفراشة مثلاً من بيضة الي يرقة الي شرنقة ثم الي فراشة كاملة … كذالك المجتمعات تتطور تدريجياً من طور الي اخر في سعيها الي الوصل الي اقصي درجة من درجات التطور الشامل (تطور ديني، تكنولوجي، اخلاقي، اجتماعي، اقتصادي، سياسي)، وكل شعاب الحياة الاخري حتي اللغة والتعبير والملبس والعمارة والموسيقي لا تخلو من هذا التطور المقدس وهذه هي المدينة الفاضلة (The Utopia city) قمة الفضيلة المنشودة وحينها يسمي هذا المجتمع بالفاضل…

ونظرا لتعقيد درجات تطور المجتمعات وتباعد حلقاتها شرعت علي تحقيق مبدأ (The Utopian distance) كأداة تقيس كم نحن كمجتمع بعيدين لتحقيق درجة الفضيلة المنشودة.. فقد تكون ال (Utopia) المراد تحقيقها اليوم هي علي سبيل المثال “محو الامية” بإعتبارها خطوه نحو الفضيلة والمثالية , وبعد الاعداد اللازم لهذه الخطوه والقيام بها كما ينبغي نستخدم الاداة لتقييم بعدنا من الفضيلة والمثالية الكاملة المنشودة. وبعدها نعد مجتمعنا الي حلقة تطورية اخري جديدة تقودة الي تقدم نحو المجتمع الفاضل اكثر فأكثر، مثل زيادة دخل المجتمع الي 10,000 دولار علي سبيل المثال ونعد لها المقومات اللازمة ويتم تطبيقها ونعد للحلقة التطورية التي تليها، وعلي هذا المنوال اجدنا نقترب اكثر فاكثر من الفضيلة الكاملة والمثالية المنشودة ولو بنسب متفاوته او ضئيلة 2 او 5% علي حسب كسب المجتمع وإجتهادة، وعلي النقيض المتبقي من النسب يسمي (dystopia) علي حسب نسب الفضائل الاخري التي يمتلكها وينعم بها المجتمع وهكذا تشمل حلقات التطور كل شعب الحياة وتغشي السياسية، والاقتصاد، والمجتمع… بإعتبارها ذات أولوية وتمثل الاركان الاساسية في بناء المجتمعات…

واخيراً الذي اود ان اؤكد عليه هو اننا نستطيع ان نكون مجتمع من الفضيلة والمثالية يؤهلنا بالضرورة الي الوصول الي الفضيلة الازلية (جنة الله)، وان المدينة الفاضلة والمجتمع الفاضل لم تعد خيال او محض رسائل ادبية طريفة بل يمكن تطبيقها ? والفضيلة الحقيقة هي “درجة الوصول الي افضل ما عند المجتمع من (اخلاق، دين، اقتصاد، سياسية، فكر، نشاط رياضي، موسيقي) الي اخره”.. ولا اعتقد ان لأي من هذه منتهي لذا لا توجد نهاية للفضيلة فهي مسعي دائما وابدا الي ان نلقي به الله تعالي.. وبهذا يصبح المجتمع المسلم افضل المجتمعات استعداداً وتهيئاً للمدينة الفاضلة لما يمتلكه من ادوات وسمات مثالية تؤهلة لذالك ولا انفي قد يكون هنالك بعض المجتمعات تتفوق علينا في جانب من جوانب الفضيلة، مثلا المجتمع الامريكي يتفوق علينا بالفضيلة السياسية والاقتصادية وفضائل الحريات الا انني اري حلقة تطوره تتباطئ جدا ان لم تكن قد توقفت، فنحن من لدينا التفوق في فضيلة المنهج بشكل عام و الاخلاق والدين فقط نحتاج الي القليل لنتقدم علي من سوانا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..