حنتوب.. كل ما فيك رواية وقصيدة وجمال.. منظرها البديع يا روعة جلالو

الخرطوم ? مهند عبادي
كالشامة على الخد تبرز حنتوب على الضفة الشرقية للنيل الأزرق قبالة ود مدني لتزيد من جمال المدينة وبهاء المنظر، وليس من وصف أبلغ لذلك الجمال من أبيات الشاعر محمد عوض الكريم القرشي والتي تغنى بها الفنان الكبير الخير عثمان، مستحضراً كل جمالها شادياً: (منظرها البديع يا روعة جلالو)، فالجمال يزين حنتوب وتزدان به منذ نشأتها الأولى المختلف حول تاريخها في أي سنة الضبط، غير أن الأستاذ حسن سلامة روى لـ(اليوم التالي) أن الثابت في ذلك هو أن سكانها قدموا من شمال البلاد واختاروا الموقع الحالي واستقروا به نظرا لقربه من النيل، ولاسيما أنهم أهل زراعة ورعي.
شبه جزيرة
كشبه الجزيرة تبدو حنتوب ومياه النيل تحيط بها من جهات ثلاث ما أكسبها رونقا وبهاء قلّ أن تجد نظيراً له في بقعة من بقاع البلاد. يأتي سلامة مرة أخرى ليؤكد صعوبة تحديد الرواية الصحيحة لمصدر تسمية المنطقة بحنتوب لكنه يرجح أن الرواية القائلة بأن شيخاً (فقيهاً) كان لديه جمل اسمه حنتوب يرتبط به جدا، وعندما مات الجمل تدافع الناس نحوه زرافات ووحداناً من أجل مواساته في فقده (الجلل)، ومنذ ذلك الزمان ذاع الاسم وعم المنطقة كلها.
المدرسة القديمة
لا تذكر حنتوب إلا ويذكر الصرح التعليمي الكبير، (مدرسة حنتوب الثانوية) التي طبقت شهرتها الآفاق وصارت معلماً بارزاً وعلامة فارقة في تاريخ التعليم النظامي (الرسمي) بالبلاد، ورسخت في أذهان الناس وسكنت وجدانهم.
يعود تاريخ تأسيس المدرسة إلى العام (1946) حين شيدتها الإدارة البريطانية على أعلى طراز، فصارت قبلة للطلاب من مختلف أصقاع البلاد شرقها وغربها، جنوبها وشمالها ووسطها بالضرورة، بل استوعبت طلاباً من اليمن والصومال وإثيوبيا وإرتريا.
معلوم حجم المساهمة الكبير للمدرسة في الحياة، إذ تخرجت فيها مجموعات من أبرز السودانيين في مختلف المجالات، ولا غرابة في ذلك إذ كانت ذات نظام فريد على المستويين الإداري والأكاديمي، وهنا لا ينبغي أن نذهب دون الإشارة إلى أول مدير (ناظر) لحنتوب، هو مستر براون، الذي اعتبره مؤلف كتاب (حنتوب) الأستاذ النور موسى صاحب البصمات الأساسية في الشخصية السياسية السودانية، ووصفه بعاشق حنتوب، وأشار إلى أن أبناءه عاشوا وتربوا في تلك المنطقة ومنهم (غوردن براون) رئيس وزراء بريطانيا السابق، الذي عاش طفولته بالمدرسة، وعند تعيينه وزيراً للخزانة في حكومة توني بلير الأولى بعثت إليه رابطة خريجي حنتوب بخطاب تهنئة.
الرقم عشرة
كان منزل مستر براون في (حنتوب) هو المنزل رقم (10) وتم ترقيمه هكذا على غرار رقم مقر رئيس الوزراء البريطاني في شارع (داوننج) بلندن.
يقول الأستاذ حسن سلامة إن لحنتوب دورا وطنيا عظيما لم يتراجع حتى بعد سودنة الوظائف أعقاب خروج المستعمر إذ استمرت المدرسة في ريادتها للتعليم ورفدت الساحة العامة بأعداد مهولة من الخريجين المؤهلين والأسماء التي صار لها شأن في تاريخ البلاد في عدة مجالات ويشير سلامة إلى أن الأستاذين هاشم ضيف الله، والأمين محمد أحمد كعورة يعتبران من أشهر مديري تلك المؤسسة التعليمية والتربوية العملاقة والرائدة، وأشار إلى بعض معلميها المخضرمين مثل بخيت في الرياضيات والطيب علي رئيس شعبة الجغرافيا، وأحمد بابكر في الجيولوجيا، وفي اللغة الإنجليزية صلاح الدين عووضة وعثمان، ومحمد الصائم وحنين في الكيمياء، وفي اللغة العربية عكود والعباسي، ولم ينس رئيس شعبة الفنون محمد عبد العال.
شخصيات حنتوبية بارزة
من أشهر الشخصيات التي درست في حنتوب الرئيس الراحل جعفر محمد نميري والدكتور الجزولي دفع الله وزعيم المؤتمر الشعبي الحالي حسن الترابي وزعيم الحزب الشيوعي الراحل محمد إبراهيم نقد ومحمد إبراهيم دريج وهناك خلف الله الرشيد وعبيد حاج علي، ومن الشعراء محمد عبدالحي والهادي آدم، ومحمد عوض الكريم القرشي صاحب قصيدة (حنتوب الجميلة) وغيرهم من الشخصيات التي لها مساهمة واضحة في الحياة العامة بالبلاد.
بينما يمضي الوقت
مضت السنوات ومازال الوجدان والذاكرة الجمعية تتمنى أوبة العصر الجميل لحنتوب المدرسة وتختزن العقول صور المدرسة بتنظيمها المتقن وتمر في مخيلتها صور الهدهد الشعار و(الرفاس) وسيلة النقل الرئيسة في تلك الأيام، ولم يزل صوت الجرس الضخم يتردد صداه في أرجاء حنتوب التي توسعت وصارت مدينة ابتعلت في جوفها ذكرى المدرسة وخصوصية المكان، وتضج الآن في فوضى المدن ورتابة الجامعات بعد أن تحولت المدرسة إلى كلية تابعة لجامعة الجزيرة تتلقى الطالبات فيها علوم التربية وأصولها ويتسلهمن عبق التاريخ وتحكي الجدران لهن عن ماض زاخر بالعلوم والإبداع والريادة. وتبقى كلمات الخير عثمان سلوى لكل من يحنون للأيام الخوالي التي كانت فيها حنتوب قبلة ومنارة جميلة كان (فيها الأدب والشباب العامل لي وطنو وما داير ثواب، حنتوب صاحبة أعظم رسالة تنشر المعارف وتعلم الجهالة للنيل باقية شامة والهدهد علامة ومنسق نظاما في تقدم دواما وبلدي تنال مراما) أو كما قال ود القرشي في قصيدته العصماء عن الجميلة حنتوب

التيار

تعليق واحد

  1. لا تذكر حنتوب إلا ويذكر الصرح التعليمي الكبير، (مدرسة حنتوب الثانوي)؟؟؟

    وهل قي حنتوب غير هذه المدرسة الشهيرة؟
    هل الصورة دي لحنتوب لما كانت فعلا مدرسة حنتوب وماذا هي الآن؟ ثكنة عسكرية أم مبنى محلية جباية؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..