ثمة من يحمل السلطات مسؤولية التساهل مع التجار ويعيب عليها ترك المواطنين تحت رحمة “الجشعين

استطلاع: أماني خميس
بينما يشهد قطاع الألبان ارتفاعا كبيرا في الأسعار، يصدق القول إنه ثمة من يهدد حياة الأسر السودانية. لا يتعلق الأمر بالألبان وحدها حسبما هو معلوم، فضعاف النفوس والمتلاعبون موجودون منذ زمن بعيد، ولكن بعضهم لم يكتشف بعد. المؤكد في راهن سعر الألبان أن هناك من يضع حول نفسه سياجا كبيرا ويعمل في الظلام للتلاعب بالقطاع، فخلال هذه الفترة ارتفع سعر رطل اللبن من (3,5) إلى (5) جنيهات.
وفي وقت يعزو خلاله عدد من تجار الألبان ذلك الارتفاع إلى تأخر هطول الأمطار وانعدام الأعلاف، فإن (أرزاق) تحاول الطرق على الملف ميدانيا للوقوف على مشاكل القطاع من خلال هذا الاستطلاع.
تواطؤ واتفاق مسبق
بشتى السبل كانت الحاجة (عائشة خير السيد) تبذل المحاولة تلو المحاولة لتعبر عن استنكارها لهذه الزيادة، وما يحدث من فوضى في القطاع، وترى محدثتي غياب المبرر الكافي والمقنع لارتفاع أسعار الألبان خاصة الفترات التي تحدث فيها هذه الزيادة. وتقول عائشة: “بالأمس كنا نشتري رطل اللبن بـ(2,5) جنيه وبعد أشهر قليلة ارتفع إلى (3) جنيهات وبعد شهرين صار سعره (5) جنيهات وهذه الزيادة حدثت رغم أنه لا توجد أي مشاكل في إنتاج الألبان”. وتعود محدثتي لتجزم بالقول: “إن ما حدث هو نتيجة اتفاق بين العاملين في هذا القطاع”.
“تحت رحمة التجار”
أما (شرف عبد الغفار) فحمل الدولة مسؤولية التساهل مع التجار في كل شيء وعاب عليها ترك مصير وحياة المواطنين تحت رحمة التجار الذين وصفهم (بالجشعين) وتساءل: لماذا لا تراقب الدولة ارتفاع الأسعار غير المبرر وبصورة مخيفة؟ وأضاف: لابد أن تضع الدولة ضوابط مشددة على كل تجار الألبان تجبرهم على أن يوحدوا السعر وأن يكون ثابتا.. وقال: الأسواق تشكو من عدم ثبات الأسعار وهذا ينسحب على قطاع الألبان بكل منتجاته والمصيبة الكبرى أن اللبن صار مغشوشا وبه إضافات تفقده خواصه، هذا القطاع يحتاج إلى مراقبة لصيقة من الدولة لحسم التلاعب وتثبيت الأسعار.
منافسة بين الشركات والمزارع
(طه نور الدائم) من قدامى وكبار تجار الألبان أرجع مشاكل هذا القطاع إلى المنافسة الكبيرة بين الشركات ومزارع الألبان، كما أرجع ارتفاع الأسعار إلى تأخر هطول الأمطار مما أدى إلى شح في الأعلاف فحدث الارتفاع في أسعار الألبان، لافتا إلى أن سعر جوال الردة بلغ (130-180) جنيها، وتراوح سعر فدان القصب من (1000) إلى (7) آلاف جنيه مؤكدا وصول سعر الذرة (350-400) جنيه كما بلغ سعر جوال الأمباز (400) جنيه وبلغ سعر ربطة البرسيم (25) جنيها.
“كبج” قلق
ويكشف الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج عن استيراد السودان لألبان جافة بقيمة تقدر بـ(100) مليون دولار سنويا وحذر الدولة من الاستمرار في إهمال قطاع الألبان، مشيرا إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الألبان، وقال: تكلفة مدخلات إنتاج الألبان تتراوح ما بين (600_700) دولار، مؤكدا احتياج السوق المحلي إلى إنتاج كميات كبيرة من الألبان وأشار إلى وجود (140) مليون رأس من الماشية من بينها (50) مليون رأس من الأبقار.. وقال: بالرغم من هذا مازال السودان وسيظل لفترة ليست بالقصيرة مستوردا للألبان الجافة من هولندا والدنمارك رغم أن السودان يملك (50) مليون رأس ماشية بينما يملك هذان البلدان مليون رأس فقط.. وأبدى كبج قلقه من إهمال مشروع تحسين الألبان الذي توقف بسبب التمويل واعتبره أمرا مقلقا للمواطن والدولة معا، معللا ذلك بأن الأبقار سوف تصبح عبئا على المراعي الطبيعية التي فيها قدرات أقل من احتياجات الثروة الحيوانية وقال: الأزمة الحقيقية في قطاع الألبان في السودان عدم الصرف على هذا القطاع، وطالب بزيادة المبالغ المرصودة لبحوث الثروة الحيوانية ووصف صرف الدولة على البحوث بأنه قليل لا يتعدى 1%.
دور المخزون الاستراتيجي
وبحسب أمير حسن محمد خير رئيس شعبة الأعلاف فإنه ينبغي على المخزون الاستراتيجي توفير قوت الشعب بأي ثمن واستحداث المواعين التخزينية الحديثة بأكبر سعات ومنها يتم إمداد الولايات والمطاحن ومصانع الأعلاف في الوقت المناسب وفي المكان المناسب ويجب أن يكون هنالك مخزون استراتيجي لغذاء الحيوان أسوة بالإنسان حتى لا تتأثر أسعار الألبان ومنتجاتها واللحوم والدواجن والبيض بالإضافة إلى تكلفة التسمين لصادر الحيوان.
هبة الله للسودان
وينحو المواطن مختار حسن خلال حديثه لـ(اليوم التالي) تلقاء وجهة أخرى أقرب للطبية بقوله إن لبن البودرة ربما تم تصنيعه من ماء الجبن والصويا والبطاطس ونكهة صناعية ومواد حافظة، وهذا بالنسبة لي لا يقل خطراً عن السرطان عند الخواجات، ولذلك أنت لن تجده في أي بقالة أو سوبر ماركت هناك، ولكنه غذاء للعالم الثالث، خاصة وأن مصانع الألبان تصر عليه فقط لسهولة تصنيعه وتحويله إلى زبادي وجبن وأشياء أخرى. يلخص محدثي المسألة بتأكيده على أن استيراد الألبان يعني المرض وارتزاق التجار وضياع الملايين من الدولارات، قبل أن يستطرد: “الثروة الحيوانية هبة الله للسودان فلماذا لا نكتفي منها؟

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. ليس دفاعا عن التجار وجشاعتهم كما ذهب إلى القول بذلك أحد المستطلعين وأنا اختلف معه فيما قاله فالحقيقة أن وراء وتيرة ارتفاع الأسعار هى الحكومة نفسها التى تزعم دائما كلما ارتفعت الأسعار تعزو ذلك للتجار فأنا أقول أن التاجر ليس من مصلحته أن ترتفع الأسعار لأنه كلما ارتفعت الأسعار كلما انخفضت معدلات القوة الشرائية وهذا مربط الفرس.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..