الكهرباء التريليونية

د.هاشم حسين بابكر

*طرفة يونانية تقول ان حافلة ملئي بكبار السياسيين انقلبت في احدي الطرق الجبلية,ولم تأت الشرطة الي مكان الحادث الا بعد مرور أربعة وعشرين ساعة,أحد المزارعين في المنطقة قام بدفن الجثث,سأله ضابط الشرطة,هل تأكدت أن الجميع فد ماتوا؟فأجابه المزارع كان بعضهم يصرخ ويقول أنه حي ولكن من يصدق السياسيين؟

*وزير الكهرباء ابتدع وحدة قياس جديدة للكهرباء بالتريليون,وهو مغرم بالأرقام الضخمة,فقبل ذلك قال ان مخزون المياه الجوفية في السودان يعادل 19 تيريليون متر مكعب,في حين أن مخزون المياه الجوفية في العالم في حدود التسعة تريليون.

*ونعود الي تريليونات الوزير,والتي فضحت أكذوبة كبري,وكشفت الانتاج الحقيقي لسد مروي الذي زوجوا له بأن انتاجه يبلغ الفآ ومئتين وخمسين كيلوات,فالخمسة تريليونات الأولي والتي ارتفعت بنسبة 29%,بعملية حسابية بسيطه,تعادل خمسمائة ميقاوات,مما يعني أن سد مروي كان يتنج أقل من نصف طاقته,طوال هذه السنين,وبعد قفزة الوزير التريليونية,أصبح ينتج ما مقداره 650 ميقاوات,أي نصف الانتاجية التي من أجلها انشأ السد.

.*هل تم انفاق كل هذه المليارات لانتاج,هذا الكم المتواضع من الكهرباء؟والتي يحسبها الوزير بأرقامه ا لتريليونية.؟معلومة أهديها لمن يدكر,وهي أن مستوي المياه الجوفية أمام السد,أي شماله,قد ارتفع عشرين مترآ,فوق المعدل قبل قيام السد,الأمر الذي يفضح مقولة خبراء وزارته والذين ينفون تغذية المياه الجوفية من نهر النيل.وهذا في حد ذاته يمثل خطرآ علي السد,وهذه تحتاج لخبرة أخصائيين,لتتم المعالجة علميآ,بالحساب الدقيق,وليس بحساب الوزير التريليوني الوهمي.

*لا أدري أي وسواس خناس يعبئ الوزير بهذه الأرقام الضخمة,ويحوله الي قرص مدمج,يكون ولسخرية القدر أكثر المخلوقات جهلآ بما يحويه من تسجيل.واذا كان انتاج السد من الكهرباء بهذا التواضع,أيام كان الفيضان يأتي بصورة طبيعية,فكيف به في حالة فيضان ضعيف كفيضان هذا العام؟بل وكيف به في حال اكتمال سد النهضة,حيث لافيضان يعده آلبته؟

*ورغم كل هذه الحقائق الماثلة أمامنا يأتي حجاج الكهرباء ليعلن للعالم أنه رأي حراريات قد أينعت وحان قطافها!!!!؟.قال هذا الحديث في ذات الوقت الذي وقعت فيه وزارة الكهرباء التي يمثل جحجاها أحدأكبر المدراء فيها اتفاقية مع الصين لتزويدها بمحطة توربينات غازية بتكلفة 13 مليون دولار,أي مأساة يعيشها السودان واخطر مؤسساته الاستراتيجية يقودها أمثال هؤلاء؟.

*ان الدول التي شيدت أكبر خزانات العالم لتوليد الكهرباء,لم تستغن عن محطاتها الحرارية,بل تعمل علي انشاء محطات حرارية,بل ونووية,فالحراريات في العالم هي الأصل,أما التوليد المائي فهو محدود الانتاجية,والتي هي ذاتها تحددها الظواهر الطبيعية كالفيضان,الذي يمكن أن يسببه الجاف كظاهرة بيئية,أو بحجبه كما هو الحال في سد النهضة.ليس في مقدور أي انسان مهما كان أن يتحكم في الظواهر الطبيعية,ولكنه يمكن أن يتحكم في مردودها,بمعني أن تتحكم في مياه الفيضان,وتستفيد منها,كما يمكن ترويض مياه السيول وحصادها,لأجل الشرب والزراعة والمرعي.

*دراسات المياه التي يديرها هؤلاء تقمل ان حصاد مياه السيول والفيضان يبلغ خمسين مليار متر مكعب,وحتي يفهم وزير الكهزباء والمياه,أورد له حجم المياه التي يمكن حصادها بالازقام التي يعشقها واقول خمسين تريليون سنتمتر مكعب.

*ان الماء الذي جعل منه المولي عز كل شيئ حي وتكفل هو بانزاله ولم يتركه لتصرف البشر,وجعل منه منزلآ سماويآ,وأرسل من أجل ذلك الرياح لواقحا,يجب أن توكل ادارته لأناس,يدركون أهمية المنزل السماوي هذا,ويؤمنون بأنه أمانة الهية منزلة من عنده,وهي احدي الأمانات التي حملها الانسان,الذي ان كان جاهلآ بالأمر يتحول الي ذلك الظلوم الجهول الذي وصفه المولي عز وجل في محكم تنزيله

*لماذا دائمآ تقع خيارات النظام علي الظلوم الجهول وليس علي القوي الأمين.حتي ما عدنا نصدق السياسيين كما فعل المزارع اليوناني في مبتدأ المقال؟.

[email][email protected][/email]