توارث الصفات.. الأبناء يمضون في طريق الآباء… من شـابه أباه فـما ظلم

الخرطوم – نمارق ضو البيت
لم يندهش العالم من الموقف الثوري لابنة الثائر الشهير آرنستو تشي جيفارا (اليدا) – والتي رجح البعض ان تكون حفيدته – في اقتحامها لأحد ملاعب كرة القدم بالبرازيل وهي تحمل علم فلسطين؛ في محاولة للفت انتباه الجمهور لما يقع على الإنسان الفلسطيني من قهر وظلم من القوات الإسرائيلية، في مشهد ينم عن شخصيتها الثائرة والقوية التي لم تكترث لمحاولات أفراد الأمن في إخراجها من الملعب.
وفي ذات الاتجاه تفيد بعض الأقوال بأن ابن الطبيب يصبح طبيبا وابن المهندس يصبح مهندسا وابن اللص كذلك يصبح كوالده، وقد ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس)، كما أن هنالك حقائق وراثيه أثبتت أن الأبناء يرثون من آبائهم جزءا من صفاتهم الجسديه التي تشمل مظهرهم الخارجي، مشيتهم، طريقة كلامهم وغيرها من الصفات، فهل يرى الناس أن الصفات النضالية والثورية حالها حال باقي الصفات؟ ويمكن أن تورث عبر الجينات المكونه لشخصية الإنسان؟، كما يرد في العديد من أمثالنا التي على غرار (هذا الشبل من ذاك الأسد) أو (من شابه أباه فما ظلم)؟.
خلفية تاريخية
أليدا تشي جيفارا ولدت في نوفمبر 1960 بكوبا، وهي البنت البكر للمناضل جيفارا؛ التي أنجبها من زوجته الثانية (أليدا مارتش)، ورغم أنها كانت في سن السابعة عندما أعدم والدها؛ إلا أنها تشبهه في كثير من الأفكار والمعتقدات، فكانت ماركسية المذهب كأبيها وكذلك درست الطب كما فعل، وكذلك هي من المناضلين من أجل حقوق الإنسان وإلغاء الديون عن دول العالم الثالث، رأفة بالفقراء والمستضعفين على هذه الأرض، في محاولة رحيمة منها لإرساء بعض القيم الإنسانية، إلى جانب ذلك كانت تحب الأدب ولها باع في مجال الكتابه كوالدها، فقد ألفت كتاب (تشافيز فنزويلا وأمريكا اللاتينية).
التهيئة النفسية
“ليس بالضرورة أن يشبه الأبناء آباءهم في الميول والاهتمامات، فللأمر علاقة بالمقدرات الذهنية والتهيئة النفسية…”، هكذا ابتدرت فاطمة عبد السلام – خريجة علم نفس- رأيها وواصلت قائلة: على سبيل المثال هل كان لجيفارا أجداد ثوار؟ على حد علمي البسيط لم أسمع له عن جد ثائر، وقد يكون هو الثائر الأول في اسرته، وحتى على مستوى أبنائه لم يعرف العلم لهم مواقف ثورية غير اهتمامات ابنته أيلدا، وفي رأيي أن ما حدث لجيفارا هو أنه كان يمتلك شخصية قويه آمنت بما تعتقد؛ ودافعت عنه بكل قناعة، نشأت هذه القناعة من ثقته بالشخصيات التي قرأ لها وعاصرها وثأثر بها.
من شابه أباه فما ظلم
وخالفها الرأي الجنيد عبدالله – موظف – قائلا: كثير من الحكم والأمثال والموروثات المجتمعية عززت مفهوم توارث الصفات التي قد تصل إلى اعتناق ذات المفاهيم والأفكار، ومنها المثل القائل: من شابه أباه فما ظلم، ومن المتعارف عليه في مجتمعاتنا أن أبناء الاسلامين يعتنقون الفكر الإسلامي؛ وأبناء الشيوعين يعتنقون أفكار آبائهم أيضا.
على رأي المثل المصري القائل: (اقلب القدره على فمها تطلع البنت لأمها)، بهذا المثل ابتدرت سارة محمد احمد ? ربة منزل- رأيها وواصلت قائلة: بالفعل يعتنق الأبناء افكار آبائهم وأمهاتهم، وذلك لأن الأبوين هما المعلم الاول لأطفالهم؛ فالأطفال يتأثرون بوالديهم لا شعوريا، وذلك للحب الرباني الذي أوجده الله.
نوافذ معرفية
وترى ملاك فتحي ? خريجة مختبرات طبية- أن كثيرا من الأبناء يشبهون آباءهم حتى في طريقة نومهم، مشيتهم على الأرض، وملامحهم، لكن مع تدخل عوامل تربوية كثيرة قد يختار الأبناء طُرقا فكرية ومذهبية عكس التي سلكها آباؤهم، ففي السابق كان الآباء يربون أطفالهم بدكتاتورية أكثر من اللازم، واتضح ذلك في شخصية (سي السيد) أو الأب الصارم الذي يصمت حين دخوله المنزل كل من في الدار، لكن اليوم اختلفت وسائل التربية ودخلت فيها نسبة كبيرة من الحرية، كما أن هنالك نوافذ معرفية مثل وسائل التواصل الاجتماعي الكثيرة؛ إلى جانب التلفاز واليوتيوب، ما أتاح للأبناء سلك أنماط فكرية مغايرة، وأسهم في تكوينهم لشخصيات قد لا ترضي آباءهم.
اليوم التالي