يا لطيف شاي ورغيف

بشفافية

يا لطيف شاي ورغيف

حيدر المكاشفي

من ضمن إستدلالات وقياسات السيد عبد الرحيم حمدي راعي ومهندس وأول منفذ لسياسة التحرير الاقتصادي عن نجاعة ونجاح هذه السياسة، أنه قال ما معناه، طالما أن الشعب السوداني يستهلك خمسة وعشرين مليون رغيفة في اليوم فذلك أحد شواهد نجاح سياسة التحرير ودليل على أنها بسطت الثروة بعدالة ولم تكرّسها في أيدي قلة أو طغمة أو طبقة محددة كما يتهمها زوراً وبهتاناً الخونة والمتآمرين والمندسين والمارقين، صحيح أنه لم يقل عن معارضي هذه السياسة بأنهم خونة ومتآمرين ومندسين، ولكن بحساب المنطق إن صحَّ أن هنالك نفر يعارضون سياسة ناجحة وناجعة ويعتقدون أنها من أفاعيل طغمة مستفيدة منها فقد حقَّ عليهم قول الضلالة وبئس ما يعتقدون، ولكن هل فقط لأن نسبة الاستهلاك اليومي للرغيف قد بلغت خمسة وعشرين مليون رغيفة في طول البلاد وعرضها من نمولي لحلفا ومن كسلا للجنينة ومن جملة تسعة وثلاثين مليون ومائة أربعة وخمسين ألف واربعمائة وتسعين نسمة هم مجموع سكان السودان بحسب آخر إحصاء سكاني أُجري في أبريل من العام قبل الماضي، يعد ذلك دليلاً مفحماً على نجاح سياسة التحرير، الواقع أنه إستدلال غريب وعجيب وقياس فاسد يبدو معه حمدي وكأنه يريد أن يقول ما دام أن هناك عدد كبير من الأسر السودانية قد إرتقت من تناول الكسرة والعصيدة والباشنقو والبني كربو إلى تعاطي حلاوة رغيف فذلك إن دلّ على شيء فانما يدل على عافية الاقتصاد وصحة سياسة التحرير… دعونا نفترض أن حسبة برمة التي أجراها السيد حمدي صحيحة، فانها أيضاً لن تكون في صالحه إذ أنها تعني أن هنالك حوالي خمسة عشر مليون بطن سودانية لم تتذوق طعم الرغيف حتى الآن وذلك بحساب رغيفة لكل شخص رغم رقة حال رغيف هذه الايام وخفة وزنه ورغم أن ربع الكمية التي تفاخر بها حمدي يمكن أن تكون من إستهلاك بيوتات معدودة وأسر محدودة…
والحقيقة الناصعة التي لا مراء فيها والتي يعرفها حمدي شخصياً بل ووقف عليها بنفسه وأرّقته في لحظة نادرة من لحظات تأنيب الضمير، أن هناك الآلاف من تلاميذ المدارس الايفاع في العاصمة والولايات والأرياف لا يجدون لقمة من الباشنقو والبني كربو وهي أنواع خشنة من العصيدة دعك من الرغيف أو حتى القرقوش فيمضون يومهم الدراسي وقد أمضّهم الجوع دون أن يعوا حرفاً مما يقوله المعلمون، والحقيقة التي لا مراء معها ولكن يبدو أن السيد حمدي يماري فيها هو أن قطعة رغيفة مع كباية شاي سادة صارت هي الوجبة الوحيدة المتاحة للفقراء والمساكين، رغيفة بعشرين قرش وكباية شاي بخمسين هي غاية ما يستطيعه هؤلاء الغلابى وهم لو يعلم حمدي خلق كثير، منتهى أرب الواحد منهم عندما يصحو الصباح في الوقت الذي يتناول فيه حمدي ورهطه إفطارهم الصباحي كيفما شاءوا خفيف أو دسم ثم يحمدون الله على نعمته ويسألونه أن يديمها عليهم ويحفظها من الزوال، يكون منتهى أرب أولئك أن يحصلوا على رغيفة وكباية شاي أحمر «يقطع القلب» مع الصباح ورغم ذلك لسانهم يلهج بالدعاء «يا لطيف شاي ورغيف»… فأمثال هؤلاء هم من بلغوا بنسبة الرغيف الى الرقم الذي يتفاخر به حمدي فهل ذلك دليل نجاعة لسياسة التحرير… حيّا الله شاعرنا محمد الحسن سالم الذي قال:
عند لفة الهندي
عيوشة مِنجقدي
تدخل على بيتاً
ستاتو متمدي
ناساً بعرفوها
لكن بعافوها
دايرين غسيل عِدّى؟
شاكرين يا دقلوشة
ويدوها عيشايى
بي دمعة مرشوشة
وذلك هو الفرق بين حمدي وحميّد…

الصحافة

تعليق واحد

  1. استازى الفاضل مساء الخير اراك دائما مع الطلاب وهموم الطلاب في الرغيف و الكسرة بل لنا هموم اكبر فى دول المهجر ياريت طرق الباب وتدخل علينا بعد ان تعبنا وحصلنا على دراسة جيدة و شهادات من دول اخرى دولتنا لان تقبل شهاداتنا لمازا لان اصحاب الكليات الخاصة هم اصحاب القرار في وزارة التعليم العلى في السودان وطبعا لايردو لى احد ان يسافر يقره بارخص منهم وهم 6000دولارواكثر اين حقنا خليك من توفير الفرص لنا فى السودان if you need more inform plz call me 006399278709994

  2. الخبير الاقتصادي لم يذكر لنا ان زيادة استهلاك الرغيف تعني مزيدا من استيراد القمح و الدقيق بعد ان فشل فشلا ذريعا شعار "ناكل مما نزرع"، و وزير المالية السابق الذي كان يتنقل بين الخرطوم حيث يعمل و لندن حيث يسكن و بينهما ايام في فندق خمسة نجوم، لو انه تنقل بين احياء العاصمة و اطرافها و اقاليم السودان، و لو انه بدلا عن ركوب الدرجة الاولي في الطائرات المتوجهة الي مطار هيثرو ركب حافلات ام بده و مايو الصالحة و الكلاكلات لعرف الوضع الحقيق للاقتصاد الذي يديره و الحالة الاقتصادية للشعب الذي يحكمه!

  3. الاخ/ المناضل ود المكاشفى
    لك التحية اخى والتى دائما ما تطعن الفيل فى قلبو وليس ضله فلك منى التحايا العاطرات . نعم الوزير حمدى بتعامل مع السودان كانه بريطانيا العظمى والتى يعيش فيها ولكنه لو كان ركب كما قال احد المتداخلين المواصلات العامة للاطراف لعرف كيف يضع سياسة اقتصادية من الواقع السودانى . ولكن للاسف هؤلاء الاسلاميين الذين يدعون انهم اتوا من بيوتات فقيرة عندما وجدوا مال الغبش لموا فيه اكل وسكنوا كافورى واكلوا كل ما لذ وطاب ونسوا ان هنالك مساكين هم مسؤلون منهم يبيتون وبطونهم خالية الا من الامعاء الفارغة . وفعلا المثل الذى يقول فاقد الشئ لا يعطيه .

  4. ليت جميع الكيزان مثلك وهذا يعيدنا لتعريف الانتماء انت وطنى حقيقى وبشكرك بتشديد الشين لانك لا صاحب منصب ولا ذو مال وان كان الجماعة لم يحلوا دمك بعد == وان شاء الله ما يهبشوك واسألنى منهم ومن سوء اعمالهم ولا ادرى هل ح تثبت ان لمسوك وقبلوا عليك وادعو الله يكفيك محنة الابتلاء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..