مقالات سياسية

ثلاجة جون قرنق .. !!

ثلاجة جون قرنق .. !!

سيف الحق حسن
[email][email protected][/email]

أعترف إنى كنت من الجاهلين لأن كلمة متمرد إرتبطت فى ذهنى بالخيانة والغدر فقط. ولم أدرى أن التمرد هو حالة مهمة. المقاومة المدنية أو العصيان المدنى هو حالة من التمرد. فالمتمردين الذين هدفهم نهوض المجتمع وبلادهم هم العظماء الذين يبدأ منهم التغيير. بالذات التمرد للوطن يعبر عن أقصى درجات الإيمان بقضية المجتمع ليصبح أقوى وأفضل وأسمى وأرفع مما كان. و من الجهل والسطحية والإنطباعية أن يرتبط فى عقولنا أن كلمة متمرد معناها حمل السلاح فقط. فللتمرد عدة أشكال وهذا ليس المقام لوصفها. فما يهمنا هنا تمرد الشخص لتحقيق هدف قضية معينة يتحمل مشاقها وتبعاتها بالرغم من أنه يعلم ان طريقه مثل طريق التحدى به كثير من الحفر وليس حسب المواصفات التى تضمن سلامته الشخصية. ففى النهاية يمكن أن يدفع الثمن روحه وحياته ورغما عن هذا وإدراكه مدى الخطورة بأنه لا يعرف إن كان سينجح أم لا، يظل متمسكا بمبدأه إلى النهاية ولا يغالب عليه مصلحته أبدا. وكثير منا متمرد ولكن لعدة لحظات، وقد نهادن ونطاطى ونتخلى عن تمردنا وقضيتنا بالمجاملة أو الطبطبة أو الحنين إلى الإستقرار.

التاريخ يخبرنا أن كل الإنجازات الرائعة تحدث بفضل أناس تمردوا على الواقع وكانت السلطة تضهدهم وتعذبهم وتطاردهم. والمجتمع يخشى التمرد لأن المجتمع يريد الإستكانة والسلامة على حساب التغيير والتطور.
وأنتهز هذه الفرصة لندعو الجبهة الثورية والحركات المتمردة لتبيين أهدافها وتقوية إعلامها خصوصا عبر قناة سودانى الفضائية ليتعرف عليها الجميع لتفتح قنوات حوار مع المجتمع ليفهم قضيتهم كاملة. وأرجو أن لا تنحصر القضية فى التهميش والإنتصار لقوى الهامش، بل تكون رؤيتهم على أوسع نطاقات السودان. وأحيي أيضا جمعية أصدقاء الجنوب ومجموعة شباب البجا. فالمبادئ السامية التى قاموا عليها تحتاج للسير فى الطريق دون كلل أو ملل مع تكثيف نشر الوعى والدعاية المنتظمة والمتقدمة.

وبالرجوع لموضوعنا أأسف كل الأسف لأنى لم أعرف الراحل المقيم جون قرنق إلا بعد عام 2005 ولم أكون أعي تماما ما يدعوا إليه وما تمرد من أجله أصلا. لم أكن أعرف إنه يدعو للوحدة والسودان الجديد وانه ليس إنفصاليا. كنت أقصى ما أشاهده له قبل ذلك تصويره لنا فى ساحات الفداء، مجرم وخائن للوطن وأقصى ما أسمعه هو تخويف الكبار للصغار لكى يغمضوا أعينهم للنوم وإلا سينادون لهم جون قرنق إن لم يناموا..!!. لا أدرى هل هو جهلى أم إنطباعيتى أم الإعلام الضعيف للحركة الشعبية!.
فقد صدمت حين إستمعت له يتحدث أول مرة بعد السلام وقد صار رجل السلام. علم ومنطق ودعابة وكاريزما وثقافة وروح مرحة تجبرك على إحترام هذا الرجل والإستماع له بل وتجعلك تفتخر أنك سودانى. عرفت أنه قائد وله رؤية. عرفت مشروعه السودان الجديد ودولة القانون وفكرته للتنمية والإقتصاد. وودت أن أرى كيف سيؤثر هذه الشخص على الشعب بدخوله القصر كنائب أول وكيف سيساهم فى إذابة القبائل فى بعضها وإنصهار الأعراق وتنمية ودفع البلد للإمام برؤيته. ولكن قدر الله أن تم أجله قبل لحظة تنفيذ التغيير. وما أزال أعترف أنى أجهل الكثير عن هذا الرجل.

ولربما لهذا التأثير رأيت فى منامى قبل أيام أنى دخلت غرفة بها ثلاث ثلاجات كبيرة. ثلاجتان كانتا مفتوحتين على مصراعيهما وصدئتان وخاويتا على عروشهما. أما الثلاجة الثالثة مغلقة وتقف بجانبها إمرأة قالت لى أنا زوجة جون قرنق. وأستغربت أشد الإستغراب (ولكن ليس كإستغراب عبدالواحد) بأنها ليست السيدة ربيكا ولكنها إمرأة ملامحها شمالية ترتدى ثوب سودانى لونه بمبى. قالت لى هذه ثلاجة زوجى جون قرنق ثم فتحتها. وإذ بى أجدها مليئة بخبز، بشتى أنواعه: خبز بالسمسم، خبز بحبة البركة، خبز حاف. وعندما إلتفت لباب الثلاجة وجدته مليئا بقارورات من العصائر.
فهل ما رأيت فى منامى بسبب الضائقة المالية والإقتصادية والغلاء الطاحن والمعيشة الصعبة والجو المضرب بين شمال السودان وجنوبه و حروب دارفور وجنوب كردفان والنوبة والنيل الأزرق التى نعيشها وتردى الصحة وقلة التعليم وعدم الوعى والجوع الذى يهدد الأطراف ويزحف وكل هذه العوامل التى ستؤدى إلى تكوين ثورة جياع أو غوغاء؟ أم ماذا؟ هل أنا متوهم! فالواقع تمام وعلى مايرام وإنما ما ذكرت أضغاث كلام أم أن هذا مجرد حلم مرير لا يمت للواقع بصلة؟ هل يمكن أن تفسروا لى رؤياى ماذا تعنى إن كنتم للرؤيا تعبرون؟.

وعلى كل أتمنى أن يظهر شخص كجون قرنق برؤية ثاقبة لهذا الوطن للحياة بسلام وأمن وتهيئ رغد العيش للمجتمع. فعن كل عظيم أتذكر كلام الكاتب الكبير محمود عوض والذى يتردد فى ذهنى دوما: “يا أيها الإنسان: إن مجتمعنا عظيم بقدر ما نعطيه من عقولنا، وقوى بقدر ما نصب فيه من إرادتنا، وحي بقدر ما نتحمل من أجله، ومتقدم بقدر ما نتمرد لحسابه … “

تعليق واحد

  1. أخى الكريم سيف الحق:
    نظرة الكثيرين نحو جون قرنق أنه متمرد كان هدفه تدمير الشمال.
    لو تأمل الناس فى سيرته الذاتية التى رواها بلسانه مرة فى التلفزيون لكانوا غيروا نظرتهم القاصرة عن كل الجنوبيين. لقد ذكر فى ذلك اللقاء كيف كان يعمل “كطلبة” – بضم الطاء- أثناء بناء خزان الرصيرص ليتحصل على مصاريف دراسته. وكذلك كيف تمكن أيام دراسته فى رمبيك الثانوية من توفير مصاريف الدراسة من زراعة كم جوال فول باع بعضا منها للمصاريف و إحتفظ بالباقى لإستهلاك اسرته.
    أليس كان من المفروض لشخص عصامى مثله أن يكون زعيما لكل السودان و هو الذى عاش عيشة البسطاء بدلا من هؤلاء التنابلة الذين توالوا على حكم السودان و أوصلوه لما وصل إليه ومنهم أولاد المصارين البيض أو الضباط الذين لا ثقافة فكرية تذكر فى رؤؤسهم غير تعدد الزوجات؟

  2. وجة نظر فطيره .لان معظم الحكام قبل مايحكموا اوطانهم سيرتهم بيضاء.ابن فلاح شال الطوريه وخدم مع والد
    يه في الايجازه .اوابن خفير دوام مع والديه! ولما يأتوا للحكم يتفرعون .يقتلوا!ينهبوا!يتواطؤا.اذا لوقدر له ان يحكم البلد لن يختلف كثيراعن من سبقوه.

  3. لو اراد الله لهذا السودان خيرا لأبقى على الدكتور حون قرنق دي مبيور على قيد الحياة ولكنه بذنوبنا سلط علينا من لايخشاه وكمان باسم الدين والدين منهم براء قتلوا وحرقوا ونهبوا وسرقوا واختلسوا ولا يزالون يرددون اكسح امسح ما تجيبو حي ما عندنا مكان .
    الدكتور جون قرنق دي مبيور احبه الشماليون اكثر من الجنوبيين لا لشئ بل بفضل ما يتمتع به من كاريزما وعلم وثقافة وبعد نظر ورؤية وخط واضح لحاضر ومستقبل السودان الموحد المتعدد الثقافات وكان يرى ان تعدد الثقافات ليس بالشئ السيئ بل هو من عوامل القوة

  4. الكذب والخداع لا زال مستمراً والدجل والشعوذة ما زالت مستمرة وساحات الفداء بدأ يطل برأسه الكريه من جديد ليمارس الزيف والخداع لسوق اولاد الناس لمعارك شبيهة بحرب الجنوب والناس ما زالوا في الوهم القديم يديونون كل من تمرد على الحكومة حتى ولو كان صاحب حق وينادي بحقوق الآخرين….

    يجب على الشعب السوداني عدم التفكير بروح القطيع والانسياق وراء اكاذيب الحكومة المنصبة عليه ليل نهار من ابواق الاعلام الحكومي من اذاعة وصحافة وتلفزيون كلها اجهزة اعتادت على النفاق وممارسة الكذب الضار وبث الكجور والدجل والشعوذة. لقد تعددت مصادر الاخبار ولم يعد الاعلام محتكر على الحكومة في عصر الانترنت والفضائيات والفرق شاسع ما بين الثمانينات والتسعينات حين كنا مغفلين ومقفلين وبين اليوم فقط نريد تكبير الرؤس لنفهم الحاصل ونطرد شلة الحرامية جماعة مسيلمة الكذاب….

  5. أولآ أحيى جون قرنق فى الخالدين ولا أعتقد أن حواء السودان ستلد مثلة عاجلآ أم آجلا وما أنا أخى سيف من مفسرى الاحلام ولكن هاك منى هذا الاجتهاد الثلاجتين الفارغتين هما ثلاجة الحكومة وثلاجة المعارضة المجربتين أما الثلاجة الثالثة المليئة بالخيرات والخاصة بالمناضل الجسور ان الحل بداخلها أى يكمن فى رويتة ومشروع السودان الجديد يسع الجميع كما يرى الراحل المقيم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..