“محمود عبد العزيز .. “رمز الصمـود والأمل”

عمار عبد المنعم خليفة

يصعب ان تجتمع تلك السمات في شخص من بعده بأن يكون ملهماً لملايين يعبر عن أحلامهم وتطلعاتهم احزانهم وافراحهم بأن يكون ممثل لحقبة معينة رمز وقصة لجيل في فترة ما ، وكل ذلك ليس بالغناء فحسب .. بكل مواطن الدهشة التي تمثّلت فيه انسانية وفنية واجتماعية وقبول من كافة طوائف المجتمع بتبايناتها سياسيا وقبليا وجهويا …
أسطورة بكل المقاييس … مسيرة طويلة من العمل الجاد والمضني الذي لم يكن فيه ذلك النجاح محض الصدفة ? اضافة لذلك كله الموهبة الفطرية والامكانيات المدهشة ذات القدرات التطريبية الخاصة التي حظي بها منذ بواكير صباه.. بدأ بداياته المتواضعة التي لم يكن صنوه عندها غير موهبته وإيمانه واقتناعه بذاته .. آمن بنفسه فآمن به الناس ..طغت انسانيته فأفصح عنها صوته المتموّج الصدّاح ذو الفضاءات الممتدة? ”

مسيرة لرسالة متكاملة بجميع الدروس والقيم خاض غمارها مربي الأجيال الرقم الصعب والشامخ الأسطورة محمود عبد العزيز.. كانت رحلة غنية وخصبة بمختلف التعرجات والمتاريس التي لم تثبط جموحه واصراره والتي لا يفتأ ان يكون فيها المنتصر دائماً..
كالطود الشامخ الذي تتحطم على سفوح همته الصعاب، وتتهاوى باصراره العقبات .
*********************************
“ﻧﻬﻮﺍﻫﻮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ.. ﻧﻬﻮﺍﻫﻮ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺑﻮ ﻭﺣﻠﻮل ﻧﻬﻮﺍﻫﻮ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﻜﺎﺋﺪﻳﻦ .. ﻧﻬﻮﺍﻫﻮ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﻴﻦ ﻧﻬﻮﺍﻫﻮ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ .. ﻧﻬﻮﺍﻫﻮ ﺑﺲ ﺣﺐ ﻟﻸﺑﺪ ﺑﻲ ﻭﺭﺍﻫﻮ ﻧﺤﻦ ﻧﻤـــــــﻮﺕ ﻛﻤﺪ”

في ظلمة فترة التضييق على الابداع والمبدعين والحد من مدهم وسط اهازيج ساحات الفداء والوعيد لامريكا ، سارجاً صهوة ابداعه ومن فــــــوق يانــــيـل لــي فـــوق هـــنــاك
لـــي فـــوق ياخــيــل لــي فـــوق سمـــاك ، عاكفاً السير بمشروعه بكل اصرار ، حاملاً عصا ابداعه التي تلقف ما تأفكه عقول الضلال وهذي الدقن الشيطانية .
*********************************
“تنزل غنوتى بقمرية أو وقعنى فى بطن الجب .. يطلع محمود بألاغنية”

رغم الجدب والبؤس والإحباط والتضييق وعدم وجود مناخ مواتي في بطن الجب ، سار بخطى وعزيمة واثقة وبكل ذلك الصلف كان محمود يبشّر بالحلم الجميل وبمشروع مشرق يشع بكل ما يحمله من جمال وحب واصالة وانتماء لهذا الوطن الممكون ..
كان صادقاً قال كلمته بكل وضوح وأدى للحاضر صراحو من غير زيف أو تنميق ، كان كتاباً مفتوحاً للناس فعلمو ما في جوفه فسلموهو مصائرهم .
*********************************
(هو الاختار دنيتو هو المخيّر في اختيارو)

لم يستغل محمود جماهريته وشعبيته منادياً برؤيته ، ولكنه استثار العقول لإطلاق عنفوان التغيير بالعمل الطوعي الانساني وبزرع روح القومية لوطن متعدد الثقافات تغنّي فيه “ميري وعشه” . ذوّب الفوارق فكان الحبل السري الذي ربط به اطرافه ، نقّب في الثراء والتنوّع المجتمعي بين الفئات والجهويات لتقديم البديل برؤية ثورية تعيد صياغات النهوض بوطن بشكل جديد .. فأصبح كبوتقة تنصهر فيه السحنات تحوي “حب الجان في كل السودان”.
طاقة عارمة أجج بها مساعي الشباب لتصبح أرضية خصبة لانبثاق خميرة الوعي والثورة باعثاً فيهم الادراك والتصوّر ، لم ينظر اليهم كأدوات لتحقيق أهداف بعينها ولكنه دفع
أحلامهم ومراميهم لأقصى مدى من الحرية خلخل فيها الثوابت والقيود حيث نجح في اضرام تمرّد اجتماعي عبر طوفان من الالهام الإنساني والوعي الصادق.

*********************************
(لو أعيــــش زول ليــــهو قيمـــة اسعد النـــاس بي وجـــــودي)

شاءت الأيام وتفاصيلها وعقباتها ان تصنع منه ذلك الانسان الاستثنائي العميق المثير للجدل .. أدهش الخيال وسحر الألباب ، حاكته الدروب لتنسج منه تلك الشخصية الخصبة الفريدة .. نشأ فيها نشأة طبيعية حيث لم يأتنا من برج عاجي ولكن جاء من رحم الشارع ومن اشجان الترابلة ، ولم يُخلق اسطورة ولكن هو الذي صنع اسطورته على قدر حريتها بالعطاء الجزيل والصبر والصمود على عناء التجربة..
لم يولد العظماء عظماءاً ولكن تضاريس الزمن هي التي حاكتهم لأرواح قلقة لم تعرف السكون صائغةً منهم تلك الأسماء الخالدة.
وكما غنى “لا حزنك يداخلو سرور ولا ليلك يعاقبو صباح”

*********************************
“ريـــدك أصبـــح رقــــم قياسي ، اتعدا كل مراحـــل الكــم والكيـــف”

أضرم محمود ثورة وجدانية ووجدان جماعي يعشق الحوت تآلفت فيه القلوب وشكلّت تيار
يفصح عن ذاته وعن خصوصيته هو ليس انتماء بقدر ما أنه واقع معاش .. حينما توافد المحبون كانت في حد ذاتها ظاهرة فريدة وهم يتسللون ساحات المطار ، كل العوائق التي لا تثنيهم للحول بينهم وبين معشوقهم ، بنفس قدر الوفاء للحشود التي قدمت لاستقبال القائد الملهم جون قرنق ، ووداع النبلاء مصطفى سيد أحمد و محمد ابراهيم نقد، هي نفس التلقائية وهي ذات التوق الفطري لثرموميتر الشارع الذي لا يكذب لما يكنه من وفاء ودين لأولئك القامات السامقة.

*********************************
“بس تأكد ليك رب ياخد حقوقك وينصفك ، كتلووووك”

يتجلى أقوى خطاب “ادونا جانا ندفنو برانا” ، “كتلتو الجان يا كيزان” وفي الجانب الآخر الذين حاربوه طيلة حياتهم وهم أنفسهم الذين سعو بشتى السبل لوأد موهبته وتشويه صورته واغتيال شخصيته، ها هم بكل صفاقة يتبنون تشييعه ..
شوكة الحوت لا بتتبلع لا تفوت …
هو ذاك الحوت الذي قض مضاجعهم حاضراً وغائباً ..
هو الذي سينبثق الفجر منه وستثأر له الجماهير يوماً ومهما ضاقت الأحوال اكيد قلم الظلم مكسووور .. وعزة جاية ومافي خوف الجاية من كل الظروووف.
كم اغتاظوا من شعبيته .. واستكثروا عليه مجده ..
ولكن ليستنطقو الشوارع واذقتها البيوت الركشات الأكشاك الكافتريات جلسات السمر التي نصبته زعيماً لمملكتها دون استئذان ، اكبر استفتاء لا يستدعي جدال او صناديق اقتراع زائفة انه الشخصية الأكثر الشعبية على الاطلاق ..
*********************************
“شجـــــــاع شجاع اخترتــــا فيهـــا البيـــن”

لم تكن فيها مسيرته خالية من الاشواك دفع فيها ثمنا باهظاً كأنو مديون للعذاب لأن يودي بتلك المسيرة الى القيف الذي يرنو اليه ..
ولابد يلاقي القيف ولابد يلاقي القيف القيييييييييييف ..
وعشان أحقق يا زمن آمالي والحلم الجميل ولما ارجع للوطن يعود معاي مجدي القبيل..

*********************************
“ابقـــــوا الصمــــــود مــــــا تبقـــــو زيـــــف”

عاش صامداً طوال حياته .. عاش متقّد زي نار خلوية عزّ الليل
، عاش صامداً بمجابهته للمجتمع الناقد، عاش صامداً بتحديه للنظام وعاش صامداً في مرضه وفي حزنه.
محمود كان شوكة في قلب هذه المنظومة ، فرد ومؤسسة قائمة بذاتها في وجه معادي الإبداع والذكاء الإنساني?
“محمود كان آخر قبس يمكن أن ينير للناس دروبهم وكما غنى
“نبقى واحد الحدائق للرضا و الشوارع للصبا ….. وقوووووم يا بلد”

ذلك الجبل الأشم واهباً ساحات الفرح حينما كان الوعي مغيباً ، كان لهم محمود صرخة يستعيدون بها هوايتهم المفقودة ترياقاً للفكر الضايع في بطن الفراغ العريض “موقظاً فيهم الوعي المخدر في جبين الكون ضياع” ، كانوا يلتفون حوله ليلوذوا به من أحلامهم الضائعة القابعة في خوف الوجع زارعا فيهم الثقة والصمود للتصدى لمتاريس الزمن ..ما تبقو خووووف.

*********************************
انتـــا فـــي جـــواي حقيقـــه رائعـــه يانعـــــه ومدهشــــه”

حضور . طاغي. كاريزما ساحرة.. ذكاء اجتماعي حاد . . بريق من الشهرة لن يأفل .. حياة مليئة بالجدل ..وملامح لحياة اخرى بعد الرحيل.
موته أضاء الرحيل وليس الموت فناء هو باقي ينبض بالحياة ..

كلنا سيفنى وستبقى أحلامنا متناثرة في الهواء كل من ينفثها يواصل بها مشواره بروعتها ،،
لن تفنى أحلامنا طالما كانت مزروعة في دواخلنا محروسة بي “يـــــس” لتبقى سراجا منيراً وضياءاً سرمدياً لأجيال قادمة تقتبس من سنى ومجد تلك الأسطورة الخالدة ?

أكظمتا كل حسود حسنك ضراه يسووود
على كل جيل بعصوووور

“تدمع المقل بقاع الارض قد ندبت فراقك واشتكى الطلل
لئن ناءت بنا الأجساد فالأرواح تتصل ففي الدنيا تلاقينا وفي الآخرة لنا الامل”

أنا عن ريدك ما بتحوّل لو دقات القلب تقييييييف

لك الرحمة والمغفرة يا محمود

عمار عبد المنعم خليفة ٢٠١٥/١٠/٣٠

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الله يرحمه ويتقبله بواسع رحمته .
    للأسف محمود كان محسود من أقرب الناس إليه
    لكن ،،،إيمانه وثقته في نفسه كانت رمزا لصموده
    ظاهرة الحسد والإغتيال المعنوي أثارها كارثيه في المجتمع
    السوداني.

  2. .. يا سلام يا عماار … الحووت الجرح الذى لا يندمل ….

    … سيبقى الحووت محمود …

    ومسرح نادى الصضباط والتنس والمكتبة الغبطية صاارت اطلال …….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..