بالقرب من الفاشر ..”قهوة حواء” تقدم زاد المسافر دون مقابل أحياناً

الفاشر – المقداد سليمان

حتى زهرة الشمس تنام بمجرد غروب الشمس، لكن الحاجة “حواء عبدالله ” لا يغمض لها جفن حتى صلاة الفجر، عندما تنقطع الحركة تماماً عن الطريق الذي يعبر أمام قهوتها التي هي جزء من منزلها الذي لا يبعد كثيرا عن الأسفلت والمبني من إنتاج مزرعتها على بعد كيلومترات شرق مدينة الفاشر، تستقبل ضيوفها بابتسامة وتأمر ابنتها التي تعمل بجانبها بإكرام المسافرين وسائقي الشاحنات وتقديم ما لذ وطاب من المأكولات البلدية التي تقوم بصناعتها، مثل الكسرة بملاح “أم رقيقة”، و “ملاح الخضار”، إضافة للعصيدة بملاح “التقلية” والكركدي، سواء دفع الزبون مقابلاً ماديا أم لم يدفع.
2
ولتناول الطعام في قهوة الحاجة حواء مذاق خاص، لأنها “ميرم وبنت ميرم”، تجيد صناعة المأكولات البلدية بحق، بل تتفوق على الكثير من اللائي يعملن في القهاوي الكبيرة، رغم كبر سنها، حيث يفضل الكثير من مرتادي الطريق الوقوف عندها لتناول مأكولاتها التي تقوم بإعدادها بكميات كافية، متناسية حسابات الربح والخسارة المادية. يقول عنها الهادي الصديق، سائق شاحنة، إنها تنهض عند سماعها صوت عوادم الشاحنات حتى وإن كان ذلك في الثالثة صباحاً، وتشعل “مسرجتها” وتُزيح رماد “لدايتها” لتدفئة الطعام قبل أن تتوقف العربة أمام قهوتها وتظل تحمد الله على سلامة ضيفها القادم وهي تردد: “جيدا جيتو ابقوا لي قدام كيفنكم من التعب”.
3
ولأن ليس من رأى كمن سمع، فقد توقفت (اليوم التالي) عند قهوة “حواء” بولاية شمال دارفور، فالحاجة حواء وابنتها لا تكتفيان بإعداد الطعام فقط بل تعملان على توفير القهوة والشاي بجانب “التسالي” و”الفول المدمس” وغيرها من المسليات من إنتاج (جبراكتها)، للذين يرهقهم عناء السفر ويتوقفون عندهما للاستجمام، وكما تستقبل الحاجة حواء ضيوفها بابتسامة تودعهم بمثلها، وتلحقهم بدعوات الوداع “ودعتكم الله والرسول”.

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..