معاكسات البنات.. تحرش لفظي وفوضى اجتماعية… في مكاتب العمل

الخرطوم – نمارق ضو البيت
كثيرا ما يبدي الزملاء والأصدقاء إعجابهم ببعضهم البعض؛ خصوصا أولئك الذين يجمعهم مكان واحد يوميا؛ كالجامعه, المدرسة، أو مكان العمل، فيتبادلون عبارات الإطراء التي تصل في بعض الأحيان إلى حد الغزل الصريح بين الجنسين، وفي بعض الأحيان تتجاوز لوائح الذوق، ويبرر البعض موقفهم على أنه لطف ليس أكثر وأن حديثهم لا يتعدى حدود اللباقة والأدب.
لكن هنالك من يتمادون مع زميلاتهم في في العمل فيندرجون تحت طائلة التحرش اللفظي، وذهب آخرون إلى أنها تندرج تحت المجاملة الاجتماعية المطلوبة نوعا ما، لكسر الروتين الرتيب بين الزملاء، وأشارت بعض السيدات إلى أن الحس الأنثوي الفطري داخل كل سيده يخولها للتمييز بين صاحب العبارات البريئة والخبيثة.
القدرة على التمييز
“المرأة تستطيع التمييز بين من يروم من تعليقه عليها المجاملة ليس إلا، ومن يرمي لنوايا سيئة من وراء حديثه، وينبغي على الزملاء احترام هذه العلاقة وعدم استخدامها في الإساءة لبعضهم البعض”، هكذا ابتدرت إجلال صالح – طالبة هندسة مدنية- حديثها وأضافت: الله جميل يحب الجمال ولا ضرر في رأيي من التعبير عن الإعجاب بالحسن أينما وجد، لكن بحدود لأن كل ما يزيد عن حده ينقلب إلى ضده، وبعد المحبة الأخوية قد تنقلب العلاقة بين الزملاء لعداء ونفور.
الزميل الثقيل
“ذات الشخص سيء الخلق في الشارع موجود داخل المؤسسات ومن الممكن أن يكون رب العمل نفسه أو زميلا في المكتب و(الكعب كعب في أي مكان)”، هكذا بدأت ابتسام الحاج (موظفة) حديثها وواصلت: لذا ينبغي على الفتيات تقييم الآخر بافتراض النوايا السيئة إلى أن يثبت العكس، وحتى إن أثبت الزميل حسن نواياه فلابد من وضع خطوط حمراء في التعامل دون تخطي حدود الزمالة التي يفرضها إطار الوجود في مكان واحد لساعات طوال، ومن رأيي رفع الكُلفة بين الشباب والشابات في أي مكان وجعل البساط أحمدي مع الجميع هو السبب في تطاول البعض بمعاكسة زميلاتهم التي تصل حد الغزل في تفاصيل جسدها ومدى جمال الكحل في عينيها الواسعتين، وقد يتطور الأمر لتفحص جودة القماش بوضع يده على كتفها كما حدث مع إحدى زميلاتي اللطيفات جدا، والتي لا تستطيع إحراج أثقل أنواع البشر ولم ترتح من هذا الزميل الثقيل إلا بعد نقله لفرع آخر.
الفتاة هي السبب
ووافقها الشيخ الطيب (رقيب فني) الرأي قائلاً: لطف الفتاة الزائد هو الذي يجلب لها المعاكسات في العمل، فلو تعاملت بحزم وصرامة مع زملائها منذ البداية لما تجرأ أحدهم على التحرش بها متخذا من مكان العمل ستاراً للتعبير عن كل آرائه حول زميلته، تلك الآراء التي غالبا ما تخفي بين معانيها الواضحة تلميحات غير لطيفة نفهمها نحن الرجال، وأرى أن الفتاة هي السبب في تعدي الآخرين عليها، لما توحي بها تصرفاتها أو ملابسها أو حتى طريقة كلامها، فلو كانت إنسانة منضبطة في سلوكها ومحتشمة في ما ترتدي بالإضافة لاتزانها في الحديث فلن تواجه أي مشكلة من هذا القبيل.
تختلف عن معاكسات الشارع
ومن جانبها قالت الأستاذة فاطمة التوم (معلمة) إن المعاكسات في العمل تختلف كليا عنها في الشارع العام، ويأتي الاختلاف بناء على أن زملاء العمل بغض النظر عن آرائهم الشخصية تجاه بعض تربطهم ضوابط والتزامات مهنية تفرض عليهم الالتزام الأخلاقي ولو داخل مكان عملهم، حيث أن المعاكسات غالبا ما تقتصر على كونها معاكسات لفظية وإن تمادت لا تكون إلا برضي من الطرفين لما يترتب عليها من جزاءات مهنية، وتمضي محدثتي مضيفة: وهذا لا يعني قبولي لهذه المعاكسات، لكن الشعب السوداني بصفة عامة يتمتع باللطف الـ(زايد عن حدوا) فلا يتردد الشخص في التعبير عن إعجابه بالفتاة مع وصف دقيق لمحاسنها بصورة واضحة، صنفها الكثيرون على أنها معاكسات، وعن موقف مرت به حكت قائلة: كثيرا ما يفسر زملاء العمل مغازلة شخص لفتاة بأنها بداية لعلاقة جديدة وفورا ودون سابق دراية منها (تتسمى حبيبتو) وانطبق عليّ هذا الحال إذ كان زميلي دائم التعليق على ملابسي وكلما رآني وصفني بالأنيقة ولا يهتم بما سيقوله عني الزملاء عندما يسمعون هذا الحوار الذي دار أكثر من مرة أمامهم ولم يتركني في حالي إلا بعد أن دعوته على عقد قراني.
اليوم التالي