الفنون … شاهد على الأصالة والتنوع في السودان.. تعبير عن الذات

الخرطوم ? صديق الدخري
الرقص نوع من أنواع التعبير الجسدي يعكس خبرة فنية وجمالية، وينقل إحساساً بالفرحة بجميع سماته وأشكال ممارسته. وقد أبدع الإنسان بعبقريته وخياله الخصب في تطوير فن الرقص مستفيداً منه في التعبير عن الذات وعكسه كثقافة تعبر عن مجموعة ثقافية أو اجتماعية. ومن المعروف أنَّ الفنون والغناء والموسيقى لغة تواصل بين الشعوب.
تعددت الرقصات فهناك فنون شتى للرقص مثل رقص الباليه والفلكلور والرقص الشعبي الجماعي الذي يشارك فيه الرجال والنساء، كما أنَّ للرقص فوائد متنوعة فهو في المقام الأول رياضة بدنية ووسيلة ترفيهية تتخلل بعض الاحتفالات بالأعياد أو المناسبات الوطنية، كما يُعد عادة عند البعض؛ فمثلاً في الزواج تقوم العروس بالرقص تباهياً وفرحاً.
وسيلة مهمة
وقد اكتشف علماء النفس أن الرقص وسيلة لعلاج الكثير من الأمراض النفسية مثل الكبت والاكتئاب، وهو أيضاً ضرورة حياتية للتنفيس والتعبير عن الفرح والحزن عند بعض المجموعات الثقافية والعرقية، والرقص عندما يدخل في دائرة الطقوس يكتسب قيمة اجتماعية ويدخل في صميم الإيمان بالمعتقد، وتصبح الممارسة ظاهرة تتجاوز التعليم المكتسب إلى عمل وموقف وحس اجتماعي يمكنهم من المشاركة في المهام الكبرى للعائلة والمجتمع.
تنوع حسب الإقليم
الفنون الشعبية من مظاهر الفن الذي تتميز به الشعوب، كما أنه من المعروف أن الشخص يحب الاحتفاظ بأصوله والأشياء القديمة لأسباب كثيرة، فتلك الفنون هي أهم عناصر الأغنية الشعبية الفلكلورية. وفي الأثناء يقول الطيب حسين أستاذ الموسيقى إن الفنون الشعبية تتنوع حسب تنوع الأقاليم والقبائل وثقافة العرض والبيئة، وتميز الجزء الشمالي من البلاد بالموسيقى التي تعتمد على السلم الخماسي وتستخدم في عزفها آلات محلية وترية وآلات إيقاعية وآلات نفخ، ومن الآلات الوترية المستخدمة هناك (الطنبور) وفي تلك المنطقة المرأة هي التي تمارس الرقص المحترف.
الرقصات الشعبية
وفي السياق يقول الأستاذ هيثم سليمان النيل ? أستاذ الفلكلور بجامعة السودان، يقول إنَّ كثرة المجموعات الثقافية المنتشرة في السودان أدت الى تعدد الرقصات الشعبية، فالرقص هو أحد الوسائل التعبيرية، كما أن هناك بعض القبائل التي تعبر بالرقص والنغم دون كلمات ومفردات غنائية، وهو نوع من التعبير عن المعتقد والسلوك الاجتماعي المرتبط بالحياة اليومية مثل الزراعة والفرح والحزن وبطولة وفروسية. ويضيف: نتيجة للتباين الاثني والقبلي فقد نتج تنوع واختلاف في الرقصات من منطقة إلى أخرى، وكمثال تتميز قبائل الهدندوة والبني عامر في الشرق برقصة (السيف) التي تمارس في مناسباتهم خاصة في الزواج، فالرقص يكون مشتركاً بين الرجال والنساء معاً، كما تمارس الرقصات في الحزن والختان وغيرها من المناسبات.
من أرض كردفان
ومن غرب السودان الذي يتمتع بتفاصيل اجتماعية دقيقة رغم أنه يضم عدداً من المجموعات العربية وغير العربية فجميعها تستخدم النقارة نوعاً من التمييز لها عن بقية المناطق، كما يُطلق لفظ النقارة على الآلات والإيقاعات التي يُدق عليها عند قيام الاحتفال، بمعنى أن رقصة النقارة موجودة لدى معظم قبائل غرب البلاد، وعند ضرب النقارة يذهب الشباب بجنسيهم الى منطقة نائية تفادياً للإزعاج الذي تسببه الأصوات المنبعثة من الآلة، ولكن الاختلاف قد يكون في الأداء، وحتى شكل النقارة يختلف من قبيلة إلى أخرى، كما أنها رقصة سريعة تشترك فيها الفتيات وتعتمد على الإيقاع، حيث تبدأ ضربات إيقاع آلة (النقارة) التي تصاحب الرقص، وعادة ما تُستخدم أكثر من نقارة متفاوتة الأحجام في وقت واحد لتُكوِّن مع بعضها ايقاعات متقاطعة مركبة. ورقصة (النقارة) تلفت الانتباه إلى مضمون يعكس طبيعة الحياة والقيم الاجتماعية المتأصِّلة في نفوس هذه القبائل، ومضمونها يرتبط بالعيد والقوة.
وتتميز منطقة الفونج برقصة (الوازا) التي تشبه قدلة الضبع، أما في الوسط فاشتهرت رقصة الرقبة للعروس ورقصة الصقرية للرجل، وهي أيضاً تكون بمشاركة عدد من الراقصين، فمعظم الرقصات التي تضمها الفنون الشعبية جماعية، وهناك أيضاً إيقاعات المردوم التي تتميز بها دار حامد بجانب الجراري والحسيس التي تقوم على محاكاة الإبل
اليوم التالي