السر دوليب.. بروفيسور يروض علل النفوس بالأغاني.. آخر زهرة في الروض

الخرطوم – محمد عبد الباقي
ليس من بين القراء من يرغب في التعريف بالشاعر السر دوليب، هذا جزم في محله تماماً ولو لم يتفق مع قواعد العمل الصحفي، فالسر دوليب صار ريحانة الغناء السوداني منذ أربعينيات القرن الماضي، إذ ولج أذن المستمع بأغنيات صنديدة مثل “أنا وحدي طول ومسامحك يا حبيبي والنجم والمساء”.
وعرفه الطلاب في سوح الجامعات السودانية كأول مؤسس لقسم علم النفس بجامعة الخرطوم، ومن تلك السنوات الباكرة أصبح نجماً في ترويض علل النفوس بمفرداته الباهرة حتى كاد يضع سقفاً لروعة الشعر الغناء وهو اليوم يعتبر آخر زهرة في روضة الأشعار الطرية، أدناه مقتطف من حديث متشعب سلطه على جانب من تجربته.
* بروف، كتابة الشعر تجُب غيرها من ضروب الإبداع لدى الشاعر؟
– لا أعتقد أن الكتابة الإبداعية تنحصر في الشعر الغنائي فقط وإنما هنالك ضروب إبداعية كثيرة بجانب الشعر.
* كيف تكتب الشعر؟
إذا داهمتني أي خاطرة شعرية في أي وقت أقوم بتدوينها ومن ثم أعود لها مجدداً لأكمل القصيدة.
* إذن، ليس لديك أوقاتك المحبّبة؟
– متى ما صدقت العاطفة كان الشعر حاضراً، لكن كل قصائدي وأغنياتي لها فترة حضانة ولا تخرج إذا لم تكمل حضانتها.
* لماذا أنت مقل في أشعارك؟
– إذا لم يحركني قلبي وعاطفتي لا أكتب الشعر لمجرد الكتابة، ولهذا أنا مقل في أشعاري وكل قصائدي واقعية ولها مواقف حقيقية عايشتها في لحظات من حياتي.
*هل تسمح لي بطلب معرفة مناسبة إحدى قصائدك؟
– قصائدي هي أحاسيسي ومشاعري لذا لا أفضحها أبداً، ولن أتحدث عن أي مناسبة لقصيدة رغم أن كل قصيدة كتبتها كانت نتاج موقف معين مر بحياتي وكمثال أغنيتا “ريدتنا ومحبتنا” و”مسامحك يا حبيبي”.
* أيامهما ? الأغنيتين- ليست مثل هذه الأيام؟
– الأيام كانت فرايحية ومفعمة بكل جميل، والناس كانوا صادقين وجادين ليس كما هو حاصل اليوم.
* قطعاً هنالك من أثر على تجربتك الشعرية؟
– عندما التحقت بمدرسة وادي سيدنا في سنة أولى وجدت بازرعة في الصف الثاني، وكان رئيس داخليتنا الدكتور منصور خالد، ومن هذا الرجل تعلمنا الاطلاع والقراءة والثقافة لأن دولابه كان زاخراً بالكتب والمجلات وغيرها.
* من وادي سيدنا ركضت نحو النجومية؟
– في ذاك العهد كان الطالب عندما يبلغ المرحلة الثانوية يستطيع أن يكتب في شتى الضروب الإبداعية، لأن ما درسه في المرحلة المتوسطة يساعده على ذلك، حيث كنا ندرس أدب كبار الأدباء، وبنهاية المرحلة المتوسطة وبداية الثانوية أصبحنا قادرين على الإبداع.
* ولهذا السبب أحدثت أغنياتك البكر هزة في الساحة؟
– لأنها كانت خلاصة التجربة والاطلاع المبكر، خاصة وأن الأيام التي كنا فيها طلاباً كانت جميلة وبها مساحة للإبداع والعطاء.
* أطلت بقاءك في لبنان؟
– طبعاً بعد أن أكملت البكالاريوس لم أعد للسودان، رغم أن بعثتي كانت قد انتهت، ولكنني راسلت وزارة التربية والتعليم، التي وافقت على مواصلتي الدراسة لأجل نيل الماجستير، وبعد أن نلته عدت للسودان.
* بالطبع لبنان كانت أجمل أيامك؟
– لا أبداً، أجمل أيام حياتي قضيتها في بورتسودان مع صديقنا العزيز حسين بازرعة برفقة عثمان حسين رحمه الله.
* يا بروف، أغنيات تلك السنوات كانت غير الذي نسمعه اليوم؟
– زماننا كان غير هذا الزمان والصداقات كانت أكثر عمقاً من الذي يحدث الآن، ولهذا جاء الشعر صادقاً، لأنه نابع عن إحساس صادق تجاه شخص ما، ولم نكن مكثرين كالآخرين.
*ألم تدون ذكرياتك شعراً؟
– لم أكتب شعر الأطلال أبداً، كل كتاباتي كما رويت لك الآن نتاج تجارب صادقة، ولذا فإن أغنياتي وأشعاري وليدة لهذه التجارب.
* هل أشعارك وليدة تجربة وجدانية واحدة؟
– لا أستطيع أن أقول كل أشعاري ناتجة عن قصة حب واحدة، لكن أقول وأكرّر؛ كلها عن تجارب صادقة وحقيقيّة، لأنّ الشعر الغنائي يجب أن يكون نابعاً من إحساس صادق.
*بروف، ألا زلت تعشق وتكتب الشعر؟
– الحب إحساس، والأحاسيس لا تموت، وكذلك كتابة الشعر لا تتوقف، ولا زال لديّ الأكثر لم أكتبه.
* أجمل أغنياتك كانت حكراً على عثمان حسين؟
– لم أضن على الآخرين، فمنحت محمد ميرغني أغنية “أنا والأشواق”، التي قادته إلى دنيا الغناء بعد أن كان لاعب كرة.
* لمن تمنح أذنك؟
– لم أعد أستمع كما كنت في السابق، لكن رغم هذا أتردد كثيراً بين القنوات والإذاعات، وعندما أجد ما يعجبني أقف عليه طويلاً

اليوم التالي