فرنسا ترتدى النقاب!ا

تراســـيم..
فرنسا ترتدى النقاب!!
عبد الباقي الظافر
اضطر شيخ الأزهر الراحل أن يمارس القوة الجبرية لينزع نقاب طالبة جامعية أثناء تفقده لسير الامتحانات في جامعة الأزهر.. أما الشيخ الميسير يوسف القرضاوي فقد جعل النقاب حصريًا على الجميلات جدًا اللائي يُخشى فتنتهن.. فيما مضى الإمام المجدد الشيخ حسن الترابي إلى أن الحجاب الذي يغطي الوجه هو أمرٌ يخص أمهات المؤمنين من زوجات الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم. النقاب مسألة فقهية غير متفق عليها بين فقهاء العالم الإسلامي.. رغم ذلك وجدت فرنسا متسعًا من الوقت لتسن قانونًا يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة.. والسؤال كم عدد مسلمات فرنسا اللائي يرتدين النقاب؟.. وهل يحتاج هذا الأمر لكل (قومة النفس) هذه في تقديري أن فرنسا سارت في الطريق الخطأ.. وافترضت أن مثل هذه القوانين يمكن أن تحقق الادماج القومي.. وتحارب التطرف الديني في بلد مشهود له بإعلاء قيم الحرية الدينية.. بل إن حزب ساركوزي الذي مرر هذه القوانين القمعية قدم بين صفوفه وزيرتين من أصل مغاربي هما رشيدة داتي وزيرة العدل ورفيقتها الوزيرة فاضلة عمارة. لست متأكدًا إن كان التوجه الفرنسي الجديد والذي تزامن الموجة المعادية للمسلمين والتي بدأت بقص مآذنهم في سويسرا.. أو محاولة منعهم من بناء مسجد في منهاتن الأمريكية.. بحجة إطلاله على برجي التجارة اللذين دمرهما متطرفون خطفوا اسم الإسلام مع طائراتهم المتفجرة.. أو حتى الاحتفاء الزائد الذي حدث في ألمانيا برسام الكاركاتير العجوز الذي أثار الكراهية الدينية برسوماتهم المسيئة للرسول الأكرم.. ومنحته ألمانيا جائزة الشجاعة على إساءته لمشاعر أكثر من مليار مسلم. وربما يقول قائل إن فرنسا روعتها الاحتجاجات الملتهبة التي ضربت بعض أحياء باريس الشعبية.. فحسبت حكومة ساركوزي أن هذه انتفاضة جذورها إسلامية.. رغم أن معظم المحللين اعتبروا تلك التظاهرات العنيفة انفجارات طبقية من شباب هده الفقر وآلفت بين قلوبه العطالة. القرار الفرنسي الذي خرج من مجلس الشيوخ الفرنسي بشبه إجماع.. يهدم صورة فرنسا المتسامحة.. بلد الثورة الفرنسية والجمهورية الخامسة.. وبرج إيفيل ومدينة النور.. ويعيد إلى الأذهان ماضي فرنسا الاستعماري واستباحتها لدماء مليون ونصف مليون مواطن في الجزائر. إلا أن الأخطر من ذلك أن هذا القانون المجحف يصب مباشرة في حسابات من حاولت فرنسا استهدافهم.. الموقف يقدم دعمًا غير محدود للمتشددين الإسلاميين.. إنه البرهان الذي يحتاج إليه من يريد أن يريق كل الدماء. أما الشعوب المغلوبة على أمرها.. والتي تشتكي من (سياط) النظام العام فعليها أن تقبل بالأمر الواقع الذي سنّته فرنسا الدولة الليبرالية التي جعلت حدودًا للبس الناس.
التيار