بيان الجبهة السودانية للتغيير حول فشل المباحثات بأديس أبابا

كما هو متوقع ومعروف سلفا أن المباحثات التحضيرية بين الحركة الشعبية ـ شمال وحركة تحرير السودان ـ بقيادة مني، وحركة العدل والمساواة من جهة، وحزب المؤتمر الوطني من جهة أخرى التي انعقدت بمساريها في أديس أبابا في نوفمبر 2015، حول وقف (العدائيات)، توطئة لفتح القنوات والمسارات الآمنة لاغاثة المنكوبين من المدنيين في مناطق النزاعات قد فشلت، وذلك لتعنت النظام وإصراره على فرض أجنداته وتصوراته الآحادية للتحكم في مسار هذه العملية الإنسانية برمتها دون أدنى اعتبار للشروط الموضوعية التي طرحها وفدا الجبهة الثورية والحركات الدافورية، التي تستمد موضوعيتها من الحالة الإنسانية المزرية التي يعيشها المتضررون والمتأثرون بالنزاعات والحروب التي كان هذا النظام المتعنت سببا ونتيجة لهما.
إن هذا النظام المتسلط لا تعنيه معاناة المنزحين والمشردين والمهجرين في البوادي والفلوات والكهوف والهائمين على وجوههم في طرقات المدن الجائعة، كما لا تعنيه معاناة الشعب السوداني التي بلغت حد المسغبة، وباتت المجاعة وحشا كاسرا يدق باب كل مواطن تحت ظل تصاعد وتائر الحياة المعيشية اليومية بمتوالية هندسية لا نهائية تجلت في تزايد أعداد الهاربين من جحيم الوطن إلى دول الإغتراب والمهجر، وحالات سوء التغذية الحادة وسط الأطفال والأمهات، وحياة اليأس وانسداد افق الأمل أمام الشباب الذي يعاني من عطالة بلغت نسبتها حدا مخيفا في أوساطهم نسبة لسياسة التمكين التي لا تستوعب في سوق العمل إلا من انتمى لهذا التنظيم الإقصائي.
لقد أكدت الجبهة السودانية للتغيير في كل بياناتها السياسية أن التفاوض والحوار مع هذا النظام مضيعة للوقت والجهد، لأن الأنظمة العقائدية التي تقوم على ثقافة السمع والطاعة والمُدافَعة ضد أعدائها الحقيقيين والمتوهمين، وتتبنى سياسية التقسيم الجغرافي المعنوي بين ديار الحرب والسلام، تلك السياسة التي تتجاوز الحدود السياسية للدول لا تؤمن بالحوار منهجا سلميا لحل القضايا والأزمات الوطنية، بل لا تؤمن أصلا بالعملية السياسية ومخرجاتها من ديمقراطية وتعددية حزبية وحرية تعبير وتبادل سلمي للسلطة وصيانة حقوق الإنسان الأساسية، باعتبارها نتاجا للعقل البشري القاصر والمحدود حسب فكرها ومعتقدها، في مقابل شعار الإسلام هو الحل. فنظام جماعة الإخوان المسلمين نظام منغلق على نفسه لا تستوعب دائرته إلا من انتمى إليه. فدعوته إلى الحوار والتفاوض ليست إلا مناورة سياسية مفضوحة المرامي والأهداف كسبا للوقت والتقاطا للأنفاس وترتيبا للأوراق لمزيد من سياسة التمكين والاستمرار في السلطة للاحتفاظ بالمكاسب والمصالح والثروة المغتصبة.
كما أثبتت التجارب الحوارية والتفاوضية السابقة مع هذا النظام المناور والمراوغ الذي أدمن النكوص والتملص من المواثيق والعهود، فتناسلت اتفاقيات السلام التي أبرمها ووقع عليها حروبا قضت على الأخضر واليابس، ووضعت البلاد من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها في جو من الاحتقان السياسي والتوتر المجتمعي، الذي سادته ثقافة الكراهية والبغضاء بفعل سياساته العنصرية المدمرة وممارسته السياسية الأحادية والإقصائية التي ستؤدي إلى مزيد من المآسي والكوارث، وتكون نتائجها الحتمية ضياع ما تبقى من وطن، ومزيدا من حياة التشرد والموت لشعوبه، فكلفة إسقاط هذا النظام ستكون أقل من استمراره. فالاصرار على أبقاء نافذة التفاوض مع هذا النظام مفتوحة إلى أجل غير مسمى بعد تعنته المكشوف والمراوغ في جولة التفاوض العاشرة لا يعني إلا شيئا واحدا هو إعادة واجترار تجارب أثبتت نتائجها الكارثية على الوطن والمواطن.
لهذا ترى الجبهة السودانية للتغيير الآتي:ـ
أولا: على القوى السياسية المدنية والحركات التي تحمل السلاح قفل باب التفاوض نهائيا، وأن تغلق بالتبعية (مكتب الإتصال) الذي تم تكوينه بين الجبهة الثورية وحزب المؤتمر الوطني بعيد انهيار مباحثات الجولة العاشرة، وتعيد فتحه مع شعبها الذي رفض مبدأ الحوار والتفاوض مع هذا النظام، ورفع شعار إرحل داوية لاسقاطه.
ثانيا: إن سياسة (الهبوط الناعم)، التي يتبناها مجلس السلم والأمن الأفريقي والمجتمع الدولي التي تمثلت في القرار بالرقم 539، وقرار مجلس الأمن الدولي 2046، لن يؤديا إلا إلى نيفاشا ثانية في نسخة أسوأ من الأولى، ليضخان دماءا جديدة في شرايين نظام الديكتاتورية والشمولية المتهالك.
ثالثا: إن خارطة طريق الجبهة الثورية التي تعتبر نسخة مصغرة طبق الأصل من القرار 539، قد جاءت ضد تطلعات الشعب السوداني، لأنها أغفلت الفترة الانتقالية وعملية التحول الديمقراطي وأسقطت مبدأ المساءلة والمحاسبة، واعتبرت النظام شريكا مستقبليا في السلطة تنفيذا لسياسة الهبوط الناعم التي يقف من خلفها المجتمع الدولي ليستمر النظام في عمالته وتقديم خدماته إليه.
رابعا: على بعض القوى السياسية المدنية والمسلحة أن تكف عن رفع الشعار المبهم الذي يدعو إلى توحيد القوى السياسية في عملية إلحاق لا تخرج من منطق سياسة تكبير (الكوم) لمفاوضة النظام، فالقوى السياسية المناهضة للنظام والتي تعمل لإسقاطه لن تتوحد إلا خلف مشروع سياسي واضح المعالم، يبدأ بالعمل الجاد لإسقاط هذا النظام، وتصفية مؤسساته لخلق فضاء سياسي ينتهي بالدولة الديمقراطية الليبرالية التي تساوي بين كل المواطنيين على أسس دستورية متفق عليها.
خامسا: العمل منذ هذه اللحظة وسط جماهير الشعب السوداني بمختلف فئاتهم وقطاعاتهم وتهيئتهم للثورة الشاملة على هذا النظام لإٌسقاطه، بدلا عن زرع بذور الوهم الخادعة وسط الجماهير التي تتمثل في تفاوض وحوار عدمي، قد تأكد للجميع بأن هذا النظام زاهدا فيهما.

عاش كفاح الشعب السوداني والمجد لشهداء الحرية
الجبهة السودانية للتغيير
25/نوفمبر/2015

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..