مجلس المهن الموسيقية والمسرحية

مجلس المهن الموسيقية والمسرحية

صلاح يوسف

قبل إنشاء وزارة الموارد البشرية، كانت هنالك مجالس مهنية تقوم بإعطاء القيد المهني للعاملين في مجالاتها للتيقن من أهليتهم وترخيصهم قانوناً على القسم لمزاولة أعمالهم بنزاهة وأخلاق، مثل المجلس الهندسي والمجلس القومي للمهن الطبية الذي يمنح القيد بعد إخضاع الخريجين لامتحانات وفق تخصصاتهم0 وعلى نسق مماثل هناك قيد المحامين وقيد الصحفيين وترخيص المحاسبين القانونيين برعاية النقابات والاتحادات التي تشترط النجاح في امتحاناتها المهنية0 ولم نسمع بأن أي شريحة من العاملين في هذه المجالات، وغيرها كقيادة السيارة التي تتطلب ترخيصاً، رفعوا أصواتهم احتجاجاً على عبور هذه العقبة القانونية التي لم نبتدعها وإنما تتبعها جميع الدول مع فارق تنظيمي في آلية وكيفية التطبيق، ولكن عندما تم إصدار قانون مجلس المهن الموسيقية والمسرحية، الذي لم يخضع الراغبين في القيد لأي امتحان، تباينت الآراء حول ضرورة ذلك المجلس ربما لأن أغلب العاملين في هذا الحقل الإبداعي لا يعملون في دواوين الحكومة وبالتالي ليسوا بحاجة لهذا القيد الذي يؤهلهم لمزاولة إبداعاتهم الذاتية الفضفاضة والمتداخلة بين تخصصات وزارات الموارد البشرية والثقافة والإعلام ومجلس المصنفات الفنية والأدبية0 وربما لأنهم لم يشاركوا، زاهدين أو رافضين أصلاً لفكرة المجلس، بإبداء آرائهم حوله بصورة واسعة، جاء كالأمر الفوقي ونزل على المهتمين بهذا الشأن كالصاعقة0 أو ربما لأن التنوير بأهدافه ومراميه والمكتسبات المرجوة من العمل بموجبه لم تجد القدر الكافي من تسليط الضوء خاصة وأن كثيراً من الناشطين في حقل الموسيقى والدراما يرون أن ضوابط المجلس كان من الممكن أن يقوم بها إتحاد الفنانين وإتحاد المهن الدرامية تماماً مثلما يتم حالياً عند قيد الصحفيين الذي يمنحه الاتحاد العام للصحفيين وقيد المحامين الذي تمنحه نقابة المحامين0

لقد حضرت أكثر من ندوة بعد إصدار قانون المجلس وتكوين هيكله الوظيفي، وفي كل مرة كنت أزداد يقيناً بأنه لا يقلل من قدر المبدع أو ينقص من شأنه بقدر ما أنه عتبة تسجيل قانونية إجرائية تجيء بعدها مرحلة ضبط وتنظيم الفعل الفني والارتقاء بمعطياته0 وهنا قد يكون العبء أكبراً على إتحاد المهن الموسيقية للحد من انتشار الغث والهابط في ساحة الغناء بضوابط – كالتي نجحت في إسكات أصوات الفنانين عند الحادية عشرة ليلاً – يمكن أن تنجح في جعل المطربين الفالتين يلتزمون بترديد ما يهدف للارتقاء بالذوق العام ويملأ وجداننا برفيع القول وجمال التجارب الانسانية0 أما في مجال الدراما لا أرى انفلاتاً يتطلب بذل الكثير من الجهد بحسبان أن الدراما بمختلف أطيافها تهدف إلى معالجة قضايا المجتمع بأدوات الثقافة والمهارة الفنية والأدبية فضلاً عن مرور نصوصها بقنوات الإجازة0

وعلى ذكر الدراما يرى غالبية من استمعت إلى آرائهم بأن الأصح تغيير الاسم ليكون (مجلس المهن الموسيقية والدرامية) بدلاً من كلمة (المسرحية) حتى يحتوي تخصصات أشمل تدور حقيقة داخل منظومة أجهزة الفنون المرئية والمسموعة والمصورة0 وكان الاتحاد العام للمهن الدرامية قد أقام ورشة نقاش حول قانون المجلس بعنوان (تقنين الفعل الدرامي) واستعان بالقانوني الأستاذ معاوية أبو قرون الذي أمن على صحة هذه الملاحظة التي يمكن مراعاتها عند إجراء التعديلات اللاحقة0 ومع أن الأصوات المعارضة لقيام المجلس أو تداخل اختصاصاته مع أهداف إتحاد المهن الدرامية كانت عالية إلا أن ذلك لا يمنع التسليم به كأمر قانوني واقع، وإذا كانت هنالك مقترحات لمعالجة ما يشوبه من غموض حسبما يرى البعض، فيمكن معالجتها من خلال اللوائح التنظيمية الأكثر تفصيلاً ومرونة0

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لا خير في مجلس على رأسه إنتهازي معروف يتواجد في كل الأمكنة ومع كل الوزراء
    وكأن هناك عشرة نسخ منه تجوب الخرطوم ليلاً ونهاراً ,تتصيد الكاميرات وتقبض على الميكرفونات
    في كل مناسبة !!

  2. أصلا وجود وزارة ثقافة أو اعلام هي سمة من سمات الانظمة الديكتاتورية لانجدها في الدول الديموقراطية. ولعل الخطوة التي تمت وانت تدافع عنها في مقالك هي اخر مسمار تدقه الانقاذ في نعش الابداع في البلاد. الاصل في الابداع هو الحرية ويلتف المبدعون عادة حول كياناتهم التي يصنعونها بأيديهم وليست التي يصنعها النظام.
    ولعل الغرض من هذا الكيان الحكومي هو جباية رسوم زيادة على انتاج اي عمل ابداعي خاص بل ملاحقة كل من يعمل في الفنون بقوانين فصلت خصيصا لملاحقتهم.
    قبل الانقاذ لم تكن هنالك اكثر من لجان اجازة في الاذاعة والتلفزيون بها خبرات كبيرة ولايتعدى دورها المسمى الوظيفي لها أي هي كانت تجيز اكثر من ان تحجب.
    لقد رأينا في الانقاذ كيف يتم محاربة المبدع بالمتشددين وقانون النظام العام، وشهدنا كيف تم تدجين الفنانين ذوي الحس الوطني بصورة مهينة الا من ترك لهم البلاد، ورأينا كيف اذل من يتغنى للمفردة الرصينة والجمال والعاطفة بقطع ارزاقهم لصالح مقلدي فن الزمن الجميل. بل رأينا للاسف مايعرف بفناني الانقاذ والمؤتمر الوطني امثال اليمني وقيقم وشنان وحسب الدايم بل الان هنالك فناني الامن الوطني امثال فرفور وصفوت وأخيرا جداً محمود.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..