عرض لكتاب: السودان، جنوب السودان ودارفور

عرض لكتاب: السودان، جنوب السودان ودارفور

احمد ابوبكر
[email][email protected][/email]

كتاب الاعترافات والمعلومات الخطيرة

(مايود أن يعرفه أي شخص)

عرض: السفير عبد الله الأزرق

الحلقة الأولى من أربعة حلقات

لن يكون مدخلي لكتاب أندرو ناتسيوس NDREW S. NASTSIOS الذى صدر قبل بضعة أسابيع وأكملت قراءته بالأمس, أقول لن يكون مدخلي ? للأسف ? مدخلاً لطيفاً ، إذ سأبدأ بالمضحكات المبكيات مما يثير الأسى على شعب جنوب السودان الذى وعد بالفردوس الأعلى بعد الانفصال.
يقول ناتسيوس في كتابه المسمى (السودان جنوب السودان ودارفور) إن وزير مالية الحركة الشعبية اختلس مليارين ونصف المليار من الدولارات , ووزير مالية آخر اختلس خمسمائة مليون دولار فقط. ويقول ناتسيوس إن كشوفات المرتبات بالجنوب تتضمن بقراً. نعم والله بقر!! ولأن للبقرة اسم بالجنوب عمد المتنفذون في الجنوب الآن لإدخال أبقارهم كشوفات المرتبات, مثلما أدخلوا آلاف الأسماء الوهمية من موظفين لا وجود لهمGhost employees في تلك الكشوفات.

كشف المستور
وأماط ناتسيوس اللثام ? للغربيين لا نحن ? عن فساد وزراء الحركة الذين حولوا أموال الدولة لأرصدتهم الخاصة وأولئك الذين أكلوا أموال خصصت لمشتريات الدولة, مثلما قال إن سلفاكير يتسامح مع كل هذا الفساد (صفحة 178).
المعهد الألماني للدراسات العالمية والأمنية في دراسة عن الجنوب نشرت أخيراً قال إن الجنوب سيظل دولة ضعيفة وأن بناء خدمة مدنية سيأخذ عشرات السنين وتحدث عن فساد مستشرٍ خاصة وسط قادة الجيش والحركة الشعبية وانعدام للخدمات كافة وانعدام للبنى التحتية ؟ ومراكز قوى ? تحتكر القوة? وتتصارع وقبائل تقتتل ورئيس لا يملك سلطاناً على جيشه.
البنك الدولي قال ? الشهر الماضي ? إن الجنوب سينهار اقتصاده الشهر القادم أو ديسمبر القادم إذا رحمته المقادير.
ورغم كل هذا يقول ناتسيوس إن اقتصاد الجنوب يزدهر ويجتهد الرجل ليرسم صورة زاهية وردية عن الجنوب ليقول إن ما يؤهله لهذا الازدهار أنه متوحد في عدائه للسودان (صفحة 218) وما أقبحها من أهلية.
أما حين يتناول الكاتب السودان فلا يدع بلية أو رزية أو سوء إلا ونعته به, فهو موطن العرب الخبثاء المتغطرسين المتعالين عرقياً supremacist
وأنهم تجار رقيق قتلة, يضطهدون الأعراق الأفريقية ويستغلونها وأنهم مردوا على ذلك منذ العهد التركي. احتكروا السلطة وانفردوا بالاستمتاع بالثروة وحرموا منها القبائل الأفريقية وضيقوا عليها لتظل ترزح في نير الفقر والجهل (والتهميش), وما أنكرها من عبارة هذه الأخيرة , خاصة وأنها كانت مدار حديثه ونقطته المحورية.
لقد أقبلت على كتاب ناتسيوس بحماس وانفتاح, ممنياً نفسي باطلاع يجعله ممتعاً عمق البحث الأكاديمي وثراء التجربة, فانقلبت حسيراً كاسف البال لضحالة التجربة وتزاحم الأضداد وفيوضات التناقض وشدة الافتراء, بل ? واسمحوا لي ? والكذب البواح. وسنبين كل ذلك بالشواهد الدامغات.
مزاعم بايرة
سال قلم الرجل بالكراهية للعرب لأنه اقتات تماماً على ( الكتاب الأسود ) الذي ألفه المرحوم خليل إبراهيم بإشراف علي الحاج, وكرر نفس المزاعم البائرات وقال بالحرف إنه أعجب به Fascinated

. كما اعتمد على كل ما تقوله الحركة الشعبية وتفيض فيه من دعايتها المغرضة ضد العرب والمسلمين. وجمع ما يقوله الحزب الشيوعي السوداني الكاره للثقافة العربية الإسلامية الساعي لاجتثاثها!. هذا مثلما قيد ناتسويوس فى كتابه كل مبالغات المنظمات الصهيونية ضد السودان, والكتاب والصحفيين من أنصار (المسيحيين الصهاينةChristian Zionists
من أمثال نيكولا كرستوف وأيرك ريفز وجون برندر قاست رئيس Enough. ولا عجب فقد وظف ناتسيوس في متحف الهولوكوست (المحرقة اليهودية) ولأنه ضعيف وصاحب هوى يفتقر إلى المبادئ لا يعبأ بأخلاق ? كما سنثبت حتى لا نتهم بإلقاء القول على عواهنه ? فقد سطر ما أمر بتحبيره.
نقول هذا وبين أيدينا ما أورده ألكس ديفال وجولي فلنت في كتابهما عن دارفور (صفحة 180) والذى يفيد أن تحالف دارفور
DARFUR COALITION كونته منظمتان صهيونيتان هما متحف المحرقة الأمريكي ومنظمة الخدمات اليهودية العالمية.
أنا لم أقل إن ناتسيوس وظف في متحف الهولوكوست على سبيل المجاز, إذ بالفعل هو موظف في هذه المؤسسة الصهيونية, وسبق أن طلب أن يزور السودان برفقة زملائه فيها. ومتحف الهوليكوست أقام قسماً مزعوماً عن ((الإبادة)) في دارفور, ليصرف الأنظار عن الذى يجري في فلسطين وعن مجازر غزة وليقول إن العرب والمسلمين هم القتلة سفاكو الدماء وليس الصهاينة في فلسطين.
أما نعتنا إياه بأنه لا يعبأ بالأخلاق وأن الحقيقة لا تعنيه، بقدر حرصه أن يرضي ولاة نعمته فهو اعترافه في صفحة 155 أنه قال في جلسة استماع له بالكنجرس (وكان وقتها مبعوثاً للسودان) بداية 2007 أن ما وقع بدارفور إبادة Genocide
لأن السنتور روبرت منينديز Robert Menendes قد (زرزره ) ست مرات أن يؤيد ادعاء السنتور أن إبادة تجري وقتها في دارفور في حين أن الحقيقة غير ذلك
He demanded six times that I) corroborate his assertion that genocide was going on when ,in fact, it was not)
قال ناتسيوس إنه خشي أن يغضب عليه بوش (هكذا) إن لم يقل ذلك، مثلما خشي من الغضبة النارية Firestorm
(هكذا ) التي ستشعلها الحقيقة من قبل مجموعات الضغط مثل ” تحالف إنقاذ دارفور” الصهيوني, ومنظمات أيجز ترست ووديشنق بيس وما إليها

اعتراف إكراه
لا يهم ناتسيوس أن يرمي السودان بفرية الإبادة غير عابئ بما ستجره ? وجرته ? من ويلات يعاني منها شعب بأكمله. ومما يجدر ذكره هنا أن هذا الاعتراف إنما اضطر له الرجل اضطراراً فقد سبقت له إفادات قبل جلسة الاستماع ينفي فيها وقوع الإبادة بدارفور، وما فعله في كتابه هنا ليس رجوعاً للحق وإنما سعياً ليواري سوأته وعجزه. وحقيقة – ورغم هذا الاعتراف الذي تعوزه الشجاعة – إلا أن ما أورده عن السودانيين أقبح من الاتهام بالإبادة نفسها, لأن الرجل تأصل فيه الضعف فلم يعد يصلح إلا بوقاً لسيده. وأذكر هنا أن أحد كبار المسؤولين الذين تعاملوا معه لخص لي شخصيته بأنه Fragile أي (( هش )) ضعيف, وتناقضاته خير شاهد على هذه الهشاشة.
وبعد أن جر علينا التباب والخراب ودمغنا بأقبح فرية يأتي في صفحة 154 ليقول (ليس لدينا دليل أن إفناء Extermination

– هكذا مرة ثانية ?القبائل الأفريقية ليس سياسة رسمية أو تعمداً حقيقياً من قبل الحكومة السودانية ) فانظر هذا التناقض, يريد أن ينفي الشيء ويثبته في نفس الوقت!!!
ولأن الجبن يورد المهالك فقد اعترف ناتسيوس ( صفحة 216) بأنه أنفق ثلث وقته كمبعوث أمريكي للسودان ? في هدوء على حد تعبيره ? في تقوية الجيش الشعبي وتحديثه وربطه بالمؤسسة العسكرية الأمريكية، فمدته بالمعدات التقنية ودربته وبنت مؤسساته, وهو المبعوث لإرساء أسس السلام وتثبيت دعائمه بين الشمال والجنوب!!. أليس هذا رجل يفتقر لذرة من صدق وأمانة؟. كيف لنا أن نثق بعد الآن بهؤلاء المبعوثين الذين يجوسون خلال ديارنا يزعمون أنهم جاؤا للسلام والخير والأمان !!! ألم يؤكد ناتسيوس لكل متشكك أن هؤلاء المبعوثين ما هم إلا مجموعة مشبوهين على أقل تقدير. مثل هذا الرجل يجعل مهمتنا كدبلوماسيين سودانيين عسيرة ، إذ سنُتهم بعد الآن بأننا نمالئ المشبوهين لدى دفاعنا عنهم بل ربما نتهم أننا منهم!! فإماطته اللثام عن فعلته تقوي شوكة المتطرفين وتمدهم بالبراهين وتثبت شكوكهم .
دعا ناتسيوس إلى تسليح الجنوب وتقويته عسكرياً ومنحه مضادات الطائرات بل والطائرات العسكرية لجعل ميزان القوى العسكرية يميل لصالحه، وهذا سيسر أولياء نعمته فى معهد الهولوكوست، لكنه أثار عليه العقلاء ودعاة السلام وكرس الظن أنه مستعد دوماً لخيانة أمانة ثقتنا، فامتيازات الوظيفة أولى لديه من سيل الدماء، وحفنة دولارات تأتي قبل دموع الثكالى والأرامل وإرضاء مجموعات الضغط أهم من ويلات ومعاناة السودانيين.
خطورة كتاب ناتسيوس تنبع من أنه كان بالفعل مبعوثاً أمريكياً رسمياً للسودان، ومن ثم يعطي عمله هذا صدقية لما يهرف به وينظر لما يقول كشهادة لشخص يعرف البلاد ومسئوليها ونسيجها السياسي. هذا خاصة وأنه يستشهد بإفادات حصل عليها من رسميين وسياسيين سودانيين وبعض قادة الرأي، ويشير إلى تواريخها ومناسباتها. ثم يملأ كتابه بما أملاه عليه أو كتبه ذوو الأغراض والأهواء فيمضي هذا كأنه الحقيقة التى أوردها ” العارف بالسودان ” أندرو بن ناتسيوس نفعنا الله بعلمه.. آمين !!!.
واسمحوا لي أن أورد بعض ما فاض به قلم الرجل من ختل صراح بثه فى ثنايا كتابه وسيحسبها الجاهل حقائق لا ترقى إليها الشكوك :-
– قال إن البشير أمر بأن تراجع الحكومة خطب الجمعة وتوافق عليها قبل أن يلقيها أي إمام (صفحة 213)
– إن علي كرتي ? الذى وصمه بأنه منظم الجنجويد ? حذر الجنوبيين أنهم إن صوتوا للانفصال فإن الدولة لن تعالجهم فى المستشفيات ولن يستطيعوا حتى أن يشتروا طعاماً (صفحة 213 ).
– إن جهاز الأمن السوداني اشترى كميات ضخمة من المسدسات لتوزيعها على ” العرب ” لقتل مليونين ونصف جنوبي يعيشون فى الخرطوم ( ضفحة 183).
– إن الحكومة السودانية هجّرت مليون ونصف المليون عربي من منطقة السهل الأفريقي (أفريقيا الغربية) لدارفور لزيادة عدد العرب فى دارفور وذلك فى العام 2007 !!! ( صفحة 120 ).
– أورد ? كأنها حقيقة ? ما قاله قرنق له إن الجيش السوداني يستخدم غازات سامة ضد الجنوبيين عام 1994 ( ضفحة 113 ).
– وآخر أمثله الافتراء التى يفيض بها كتابه أن أجداد الترابي من جهة أمه جاءوا من (فولاني) غرب أفريقيا. والأطرف ادعاؤه المعرفة فى قوله إن الترابى مولود بمدينة (هكذا) ود الترابي القريبة من كسلا (هكذا

يليه غداً الحلقة الثانية

*عن صحيفة السوداني

تعليق واحد

  1. تعليقات على مقتطفات:
    -(إن علي كرتي ? الذى وصمه بأنه منظم الجنجويد ? حذر الجنوبيين أنهم إن صوتوا للانفصال فإن الدولة لن تعالجهم فى المستشفيات ولن يستطيعوا حتى أن يشتروا طعاماً)
    تعليق: هذا الكلام قاله كمال عبيد وهو موثق وسمعه معظم السودانيون
    -(إن جهاز الأمن السوداني اشترى كميات ضخمة من المسدسات لتوزيعها على ” العرب ” لقتل مليونين ونصف جنوبي يعيشون فى الخرطوم ( ضفحة 183))
    تعليق: الحكومة سلحت القبائل العربية -الجنجويد- لقتل الزرقة في دارفور وأعترف قادتها بذلك ومنهم مصطفى عثمان اسماعيل الذي اعترف بذلك صراحة فكيف نستبعد تسليحهم للناس ضد الجنوبيين الذين أصبحوا أجانب في نظر الحكومة؟!
    -(إن الحكومة السودانية هجّرت مليون ونصف المليون عربي من منطقة السهل الأفريقي (أفريقيا الغربية) لدارفور لزيادة عدد العرب فى دارفور وذلك فى العام 2007 !!! ( صفحة 120 ).
    تعليق: هذه حقيقة موجودة على الأرض ليس هناك أسهل من التأكد منها وقد دخلت هذه المجموعات المستجلبة في صراعات مع معظم سكان دارفور بما فيهم العرب.
    -(أورد ? كأنها حقيقة ? ما قاله قرنق له إن الجيش السوداني يستخدم غازات سامة ضد الجنوبيين عام 1994 ( ضفحة 113 ).
    تعليق: الجيش السوداني اتهم كثيراً بانه استعمل ويستعمل أسلحة محرمة في حروبه وآخرها القنابل العنقودية في جبال النوبة وردود الجيش ليست مقنعة.
    -(وآخر أمثله الافتراء التى يفيض بها كتابه أن أجداد الترابي من جهة أمه جاءوا من (فولاني) غرب أفريقيا. والأطرف ادعاؤه المعرفة فى قوله إن الترابى مولود بمدينة (هكذا) ود الترابي القريبة من كسلا (هكذا
    تعليق: وما هو العيب في أن يكون أجداد الترابي من الفولاني؟! كثير من السودانيين وخاصة العائلات الدينية تنحدر من أصول من غرب افريقيا, أليس في هذا الانكار مصداقا لكلام ناتسيوس عن عنصرية العرب وتعاليهم العرقي؟!ً

  2. واحدة من مشاكلنا المتجذرة أننا نصدق هؤلاء الغربيين في كل شئ يكتبونه و نستمع و نعمل بنصائحهم سواءً كنا حكاماً أو معارضين…لا حل إلا أن ينقرض هذا الجيل..و أن لا يعود الذين يعيشون الآن مع الغربين إلى هذه البلاد..لأنه ببساطة سيكون إعادة إنتاج لذات السلالة التي تري في الخواجات المثل الأعلى.
    وشكراً

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..