أردوغان وقع في مصيدة السخرية.. لقد ضاعفها

“دون قصد” أصبح تشبيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشخصية ?غولوم? الخرافية الأكثر انتشارا في تركيا. ويقول مغردون إنك تزيد من حدة السخرية عندما تحاول إيقافها.
العرب
أنقرة- أثير جدل في تركيا بعد مقاضاة طبيب نشر صورة على حسابه على فيسبوك تقارن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشخصية ?غولوم? الخرافية.
وغولوم، لمن لا يعرفه، كائن خرافي ظهر لأول مرة في فيلم ?ذا هوبيت? كـ?مخلوق نحيف وصغير?، ثم عرف بدوره في فيلم The Lord of the Rings أو ?سيد الخواتم? الذي أنتجته هووليود بين 2001 و2003 في 3 أجزاء ونال 17 جائزة أوسكار، ولعب غولوم دور شخصية ليس من المعروف تماما إذا كانت خيّرة أم شريرة، حيث شوش شغفه للخاتم على عقله وجسده، إلا أن شكله البشع والمسبب للاشمئزاز لدى البعض قد يكون أساس الاتهام بأن تشبيه الرئيس التركي به هو نوع من السخرية والإهانة، وذلك بحسب تقارير جريدة ?زمان? التركية.
وقام مغردون أتراك بمحاولة لسبر أغوار شخصية غولوم ليعرفوا إن كان سيئا حقا ليتوصل بعضهم إلى نتيجة مفادها أنه شخصية حيادية ومستفزة. ونقل الطبيب التركي بلغين شفتشي (47 عاما) صورة للاثنين معا، ونشرها على حسابه على فيسبوك ليشير مازحا إلى الشبه بين الاثنين، وأظهرت الصورة محل الاتهام أردوغان في أوضاع مشابهة لغولم وهو يأكل أو يعبر عن دهشته. وتعتبر إهانة الرئيس التركي جريمة عقوبتها السجن.
وعلى إثر ذلك، أصبح الطبيب مطاردا قضائيا، بعد أن فصل في أكتوبر الماضي من عمله بوزارة الصحة التي رأت أن الصورة تمثل سخرية من أردوغان، الموصوف بأنه حساس جدا من الإهانات، على حد ما تذكره وسائل إعلام تركية.
يُذكر، أنه بين أغسطس 2014 ومارس 2015، تم التحقيق مع 236 شخصا بتهمة ?إهانة رئيس الدولة التركية?، مما وضع البلاد في المرتبة 149 في ما يتعلق بحرية التعبير من بين 180 دولة.
وكانت المحامية المدافعة عن الطبيب، واسمها هجران دنيشمان، ذكرت في الجلسة الأخيرة أن غولوم ليس شخصية سيئة، وهذه العبارة وحدها سببت الحيرة للقاضي مراد ساس الذي لم يكن سمع حتى باسم غولوم من قبل، فأمر بتشكيل لجنة تشرح له شخصية غولوم كمسخ بين الكائنات، إضافة لإعلانه عن نيته مشاهدة CD عن سيد الخواتم المترجم إلى التركية ليتخذ قراره.
القاضي ساس، قام بتأجيل القضية إلى فبراير المقبل، لأنه يحتاج إلى قرار من لجنة الخبراء تخبره فيه عما إذا كان تشبيه الطبيب لأردوغان بالأسطوري غولوم هي سخرية وإهانة أم لا، فإذا قررت أنها ليست كذلك، فسيعود الطبيب إلى وظيفته بوزارة الصحة ثانية، أو سيكون السجن في انتظاره إذا قررت عكس ما يتمناه الطبيب الأربعيني.
وتتكون اللجنة من أكاديميين اثنين ومثلهما من علماء السلوك، مع خبير في الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، ممن سيحللون غولوم. وجلبت المحاكمة سخرية كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا، ولقب العديدون أردوغان بـ?الغالي? وهي الكلمة التي كان يكررها المخلوق القبيح.
واتضح من آخر جلسة أيضا أن بلغين لم يكن هو ناشر الصورة على فيسبوك أصلا، ولا صاحب فكرتها، بل إنها منتشرة بكثافة على الشبكات الاجتماعية، فنقلها على حسابه.
وقال الطبيب إنه ?اندهش للغاية عندما علم أنه سيحاكم?. وقال عن نشره الصورة ?أرى أنها مسألة تتعلق بحرية التعبير، لم أفعل شيئا?. وسخر مغردون ?هل ينوي أردوغان محاكمة كل الشعب?.
وطالب مغردون أردوغان بمقاضاة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي أجلسها على كرسي من الذهب أكتوبر الماضي. وعلقت ميركل أنها كانت تنظر وقت النهوض على الكرسي لأنه من أموال الفقراء، وفق تصريحات لم تتأكد ?العرب? من صحتها.
ويعمل الفريق القضائي الخاص بأردوغان على دعم عدد من القضايا التي يحركها محامون وأفراد ضد آخرين بتهمة إهانة أردوغان. وتعرض سجل حرية التعبير ومعاملة الصحفيين للكثير من الانتقادات في السنوات الأخيرة، إذ يرى البعض تزايد حساسية حكومة أردوغان تجاه النقد.
من جانب آخر، يتساءل مغردون أتراك عن سبب خشية أردوغان من السخرية. وتعد السخرية السياسية بجميع أشكالها أسلوبا من أساليب التغلب على الصعوبات التي تواجهها الشعوب نتيجة السياسات القمعية التي ينتهجها الحكام.
ويقول معلق إن أكثر الرؤساء والزعماء تعرضا للسخرية هم الذين ظنوا أنفسهم ملوكا لا يجب أن يحاسبهم أحد، فلاسفة يفهمون كل شيء، عباقرة يملكون الحلول السريعة، أقوياء قادرين على محاربة العالم كله، يعلنون للشعب أن كل شيء على ما يرام. وعندما تكتشف الشعوب أن كل شيء ليس على ما يرام يبدأون في وصلات التهكم.
ويقول مغردون إن ?السخرية لا تعترف بقداسة الأشخاص، وتكسر هيبتهم مهما بلغت عظمتهم، وعندما تسقط هيبة الحكام أمام شعوبهم تتعرض عروشهم للانهيار?. وقال مغرد ?لقد ساهم أردوغان ?بغبائه? في انتشار التشبيه في العالم أجمع?.
يذكر أن صحفا عالمية تناولت الموضوع بسخرية بالغة ونقلت حيثيات المحاكمة. وقال مغردون أتراك إنهم يعتقدون أنه على سلطة بلادهم أن تكف عن ملاحقة الساخرين ومحاولة قمعهم لأن ذلك يزيد من حدة التهكم، فالسخرية لا يمكن أن تنتهي حتى في المعتقلات.
السودانيين هم أول من شبهوا شخصية ?غولوم? بالحيوان الخرافي أبو العفين نافع المانافع .
أكثر الرؤساء والزعماء تعرضا للسخرية في العالم هو عمر البشير خاصة فيما يتعلق بهروبه مذعورا من الاجتماعات الدولية مخافة القبض عليه
السودانيين هم أول من شبهوا شخصية ?غولوم? بالحيوان الخرافي أبو العفين نافع المانافع .
أكثر الرؤساء والزعماء تعرضا للسخرية في العالم هو عمر البشير خاصة فيما يتعلق بهروبه مذعورا من الاجتماعات الدولية مخافة القبض عليه