سينما الرواكيب.. تعويض المفقود بالقليل من الموجود.. عروض مبهرة

الخرطوم ? صديق الدخري
كان إنشاء أول وحدة لإنتاج الأفلام بالسودان في عام 1949، وهي بمثابة مكتب الاتصالات العام للتصوير السينمائي، الذي كان يقتصر إنتاجه على الأفلام الدعائية فقط، وجل هذا الإنتاج تحت سلطة المستعمر البريطاني.
وعندما استقل السودان عام 1956، كان عدد دور العرض يتجاوز الـ(30) داراً، وبمتوسط عشرة أفلام في السنة، ورغم تبوؤنا للدور الريادي في تاريخ السينما (صناعة وتسويقا) إلا أنه تراجع كثيرا مقارنة مع بدايته، فخلال السنوات الأخيرة أُصيب المجال بضربة قاضية وهادمة.
سينما الرواكيب
وقد طمست معالم ومنافذ السينما بالبلاد، أبسطها مثالاً أن تتواضع (كليزيوم) شاهداً على العصر، فإذا ما وقفت على حال السينما بالبلاد لن تجد سبيلا سوى (سينما الرواكيب) التي رغم ترويحها لم تسلم أيضا من النفي، بل تشهد حرباً ضروساً من الكشات والإزالة، من هنا كانت لنا وقفة، استطعنا أن نقتفي الأثر الذي تقتضيه هذه الدور المصغرة، فهذه السينما المصغرة تأخذ مكانتها وسط الأحياء الشعبية وتجد حيزاً ومتسعا في مناطق (أم بدة، الحاج يوسف، اللفة ومايو) فهي أكثر رواجا ومشاهدة في تلك المناطق.
تصاوير الأفلام
ومن بين أكوام الهم يجلس مثقلا أمام إحدى الرواكيب، يحلم بأشياء عدة قد شاهدها ضمن أحد عروض الأفلام، يأمل أن تكون واقعة ونهاية سعيدة لأحلامه، كصورة طبعت بمخيلته من بين جملة تصاوير الأفلام الهندية الرومانسية، ولكن حين طرقنا باب الحكي كأنه ليس ذلك المشهد المفعم بالحيوية، لم يكن سوى محض افتراض لم يبدأ تصويره بعد، فأدوات محمد للمونتاج عبارة عن (شاشة كبيرة) و(سي دي)، يقفان على مصاريف دراسته وأسرته، يصر رغم الأوجاع أن يأتي بما هو جديد ليمتع جمهور يأتيه قاطعاً الفيافي من أجل مشهد (يبسطه) ويصارع معه في فكفكة شفرة فيلم طويل اسمه الحياة.
تذاكر في المتناول
ومن هذا المنطلق ذكر محمد علي: أن فئة الدخول لهذه السينما لا تتعدى مبلغ (جنيهين) وترتفع إلى ( 3 جنيهات) لأفلام العرض الأول، مضيفاً: ونحن في هذا نعمل بمبدأ التوافق، لأننا نحتكم لقوالب العرض، وغايتنا في ذلك ليس المال فحسب، بل الترويح وإخراج الناس من حالة (التنشنة) بإعادة تهيئة أمزجتهم، لذا يصحب ذلك تروٍّ دقيق في اختيار العروض.
الجمهور مرتاح
أشار الشاب النذير الفاتح إلى أنه “لا توجد أماكن للترفيه غير هذه الرواكيب خاصة مع تفشي العطالة، لذا تجدنا نجلس أمام هذه الشاشات للترويح قليلاً عن الأفكار السالبة التي تخالجنا في المنازل، فالمشاهدة وسط هذا الكم تسري عنك كثيراً وسط بركة الأحزان هذه”. وأضاف: “بلا شك حالة السينما في البلاد يرثى لها لذلك لا تحرومنا هذه الفرجة البسيطة بتهويل الموضوع.. نحن وهم جئنا لنروق صخب الهموم وليس لدينا ما يكتب ويروج له

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..