أخبار السودان

بورتسودان ومجازر اخرى .. الحق قديم ولن يسقط بالتقادم

حيدر المكاشفى

عودة أحداث مجزرة بورتسودان الى الواجهة لا يعيد الى الأذهان ذكرى تلك المأساة الحزينة وحدها، بل يعيد معها ذكرى سيئة الذكر (لجان التحقيق)، وقديماً قالوا: إذا أردت أن تقتل موضوعاً كوّن له لجنة. وأكثر اللجان قتلاً للمواضيع وتمييعاً للقضايا لجان التحقيق، وأكثر لجان التحقيق إضراراً بالقضايا تلك التي يوكل إليها التحقيق حول أحداث مأساوية ودموية راحت ضحيتها أنفس عزيزة، ومن أكثر الأحداث دموية ومأساوية طمرتها وطمست حقائقها لجان التحقيق، أحداث بورتسودان المؤسفة والمحزنة التي راحت بسببها نيف وعشرون نفساً عزيزة، وأحداث العيلفون التي سقط بسببها عشرات الطلاب من منسوبي الخدمة الإلزامية غرقاً في النيل، وحجاج مدينة القضارف الذين راحوا هدراً جراء انهيار سور متهالك عليهم فأودى بحياتهم بين غمضة عين وانتباهتها، وشهداء كجبار والعوج وأم دوم وغيرها من الأحداث الشبيهة التي سقط فيها ضحايا وآخرهم شهداء سبتمبر.
وخبر الغراء (السوداني) أمس حول طلب وزير العدل من نيابة بورتسودان إحضار ملف تلك الأحداث الدامية، يعود بالذاكرة أكثر من عشر سنوات للوراء وهو تاريخ سقوط أكثر من عشرين ضحية في مدينة بورتسودان نتيجة للعنف المفرط الذي جابهت به السلطات مسيرات سلمية تطالب بأبسط الحقوق، ورغم فداحة الفقد ومقدار الحزن الذي عمَّ أهل السودان قاطبة، والغبن الذي شعر به أهل بورتسودان عامة وأهل الضحايا خاصة، ورغم مرور كل هذه السنين العجاف على هذا الجرح النفسي الغائر، إلا أن لجنة التحقيق الرسمية التي قيل إنها كونت للتحقيق في هذه الحادثة الأليمة المفزعة لم تخرج على الناس بأي خبر، ولم تقل شيئاً ولم توضح للناس لماذا سقطت كل هذه الأعداد وبأية وسيلة وعلى يد من وكيف يمكن جبر الخواطر وتهدئة النفوس التي لم ولن تهدأ ولن تنسى مهما تطاول الوقت ومرت السنون؟ فمثل هذه القضايا لا تنسى ولا تنمحي من الذاكرة خاصة إذا وجدت التجاهل ولم تعالج آثارها وتضمد جراحها.
وحادثة بورتسودان المفجعة وغيرها من الأحداث الأليمة التي كونت لها لجان تحقيق لم تفعل فيها شيئاً غير أنها قتلتها، خاصة عندما يصبح تشكيل لجان تحقيق للنظر في الأخطاء والكوارث أو توقيع اتفاقيات وتفاهمات مثاراً للتندر وبمثابة «طرائف» يتهكم بها الناس على عدم الجدية وضياع المصداقية، فكل ذلك مقروءاً مع ذكرى أحداث بورتسودان يعيد إلى الذاكرة معضلة اسمها لجان التحقيق التي رغم كثرتها إلا أنها كانت وستظل كغثاء السيل ما لم تكن هناك جدية عند تكوينها واختيار المؤهلين الشجعان لعضويتها، وإعلان نتائجها بكل شفافية ومن ثم امتلاك الارادة الحقيقية لمحاسبة ومحاكمة من تسببوا في الخطأ أو ارتكبوا الكارثة.

الجريدة
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مافى ليكم اى حل اخر هو ان تطلعوا الشارع لكنس العفن يموت من يموت ولكن
    يذهب اخوان الشيطان الى الجحيم

  2. كان القتل منذ البدايه اﻻولى لﻻنقاذ ..مجدى وجرجس .هوﻻء الشباب الذين لم يذنبو ولم يقتلوا احدا ولم يسرقوا ضاعت ارواحهم هداء وهم اول شهداء اﻻنقاذ .وبورتسودان دفعت الثمن اكثر من مره يوم قتل محمد عثمان حامد كرار بالسونكى ومن قتله موجود اﻻن ولكن روح محمد عثمان تحوم حوله .وﻻ بد وان يلقوا الجزاء وان طال الزمن فالدماء الذكيه لن تروح هدرا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..