أمانة الفكر بين التفكير والتدبير الانقاذى ابراهيم بخيت

أمانة الفكر بين التفكير والتدبير الانقاذى
ابراهيم بخيت
[email][email protected][/email]
وزير الدولة برئاسة الجمهورية امين حسن عمر فى كثير من اجاباته لمحاورته عندما تذكره بما يقول الناس كان لا يتردد فى اجابتها بـــ”من قال هذا الكلام ؟”و بصورة فيها كثير من المواربة وعدم اليقين كأنه يريدها ان تحدد له اسمه ورسمه . وكأن سيادته يعيش فى واق الواق لا يعرف من قال هذا الكلام . ولان الكلام المقال حقيقى يعيشه كل السودانيين بمن فيهم الوزير ذاته , و لانه لا يجد له اجابة حقيقية وعقلانية فلذلك لا يتردد فى انكاره بهذا السؤال الاستنكارى “من قال هذا؟” سألته المحاورة مرة اخرى” لم لم تتجهوا إلى الخيارات الأخرى في تقليل النفقات الحكومية والحكومة نفسها؟” فقال لها “ومن قال لك ذلك؟” و الخيارات الاخرى هذه ليست سرا مدفونا فى جوف البحر و لكنها مما قالت به المعارضة و حتى الكثيرين من جماعته فى حالت جزعها من غضبة الشعب و ثورته , وكان عليه ان يتذكر فقط ما قالته عضو البرلمان عائشة الغبشاوى و اختها سعاد الفاتح ليدرك مدى تردى الحالة المعيشية والصحية السيئة التى انتجتها سياسة حكومته طيلة جلوسها على انفاس المواطنين عقدين و يزيد من الزمن. واكثر ما يفرى الكبد ان تصل به ” المكابرة ” درجة أن ينكر ان هناك فقرا يعم , وعندما اكدت له المحاورة ذلك ، لم تك اجابته سوى ” هذا كلام ساكت ” و ليته سكت عند هذا و لكنه تمدد فى إستهبالاته ليفذلك ابالقول ان الفقر درجات لينكر فقر السودانيين و يؤكد فى ذات الاوان عندما يتحدث عن الدعم لهؤلاء الفقراء الهلاميون. وقالت له “قلتم أنكم سترفعون المرتبات؟” فقال لها “من قال هذا الكلام” ولم يفتح الله عليه فى كثير من اجاباته بما يكفيه شر الاستنكار والتنكر والنكران للواقع الذى يعيشه الوطن كله ويشهد عليه العالم قاطبة. و تماما كما كان للجبهة القومية الاسلامية نائبا برلمانيا أطلق عليه الناس لقب نقطة نظام سخرية منه بسبب النمط المماحك الفقر الذهنى المصاحب للدفع بحجج منطقية وحلول واقعية لما يدور من آراء متعلقة بمصلحة الوطن فى البرلمان ولكنها تتعارض مع توجه حزبه فكان يندفع نحو التشويش لاثارة موجة من الجدل ويطلب “نقطة نظام” تعطل اعمال الجلسة ولا تنتهى برأى. وهكذا يفعلون عندما لا تكون السلطة والقرار بايديهم .ولكن ما بال امين حسن عمر يلجأ لذات النمط المماحك و المتنكر وقد قضى نظامه السياسي حاكما مطلقا على مدى اكثر من عقدين من الزمن وينسى التزام حركته الانقلابية اقل التزاماتها تكلفة. بل هى اساس سندها للقيام بالانقلاب لاخراج البلاد من التبعية والفقر والمرض والجهل واخراج السودان كله من عصر الطائفية و القبلية متحدا ليقود العالم اجمع . لو انه فقط تذكر غير منكر لواحدة من الاهداف التى دفعتهم للانقلاب واين هى من التحقق ؟. لادرك ان كل الهتافية التى تصرخ ليل نهار بالتنمية وثورة الشوارع والجامعات و السدود لم تغن شيئا ولم تضف للوطن سوى مزيدا من التشتت والتشظى والاستئثار بالمال السلطة والجاه التى جعلت من انقلابهم محض اكذوبة كبرى رفعت رايات كاذبة وفشلت فى السير بها. وها هو الشعب السودانى ينظر وينتظر نهاية الفلم الهندى الطويل الذى يفتك فيه الابطال والخونة ببعضهم البعض بحيث لا تكون نهايته مفهوم حتى بالنسبة لكل الممثلين والعاملين فيه. مشكلة المسئولين القياديين فى المؤتمرالوطنى انهم لا يرجعون ابدا الى سودانيتهم وخصائصها التى تربوا عليها ولذلك كان الاديب الراحل الطيب صالح نبيا عندم قال قولته تلك الشهيرة.ولكن المدهش فى الانقاذيين ليس مسارهم الطويل فى السلطة والحكم والوسائل الابداعية التى حيّرت اعتى الشياطين فى مجالات الاقتصاد والامن والتنظيم وعدم الايفاء بالعهود والوعود. فهذه الوسائل والاخلاق والسلوكيات لم تك من ابداعاتهم فهم تتلمذوا عليها فى ما كتب ميكافيللي وعرفوا ان الغاية تبرر الوسيلة ولكن ابداعهم تجلى فى نقطتين. اولها انهم استطاعوا ان يتلاعبوا بتعاليم الدين الاسلام فاخترعوا فقه الضرورة ومن بعده فقه السترة وتجييرهما لصالح اغراضهم الدنيوية ومنفعة شخوصهم الفانية. وهذا ايضا ليس عليهم ببعيد طالما انهم بدأوا تبرير انقلابهم على الديموقراطية باكبر اكذوبة كانت عاقبتها عليهم ما يعيشونه اليوم من زلزلة ترج دواخلهم و تشكك فى ايمانهم بالاسلام نفسه. و لكن اشد ما يحير كل لبيب انه كيف استطاع هؤلاء الرجال خلع جلودهم و ركل كل ما تربوا عليه وهم ابناء الفقراء الذين ما كان لهم ان يتعلموا الا من رفد الدولة التى يحاربونها اليوم لصالح اطماع اوحلتهم فى ما لم يكونوا يحسبون. واضافة لها الدكتور تنكرا لما درج عليه من مناصرة الضعفاء الفقراء المساكين و”الطبقة العاملة ” فاصبحوا يحسبون كل صوت ناصح محض تعبئة ضد نظامهم ومعارض يخدم اجندة اجنبية . وهم يدركون ان الاجانب لم تتناسل كل اشكال وجودهم الا فى ظل نظامهم الذى فتح الابواب بسياساته الخرقاء لكل من هب ودب ولبغاث الطير لتبيض وتفرخ . هذا التخلص العجيب من الخلال السودانية هو الذى امكن الدكتور امين وغيره من سدنة النظام والمؤلفة جيوبهم أن ينكروا على الاخرين مشاركتهم فى تحسين وجه السودان الذى “إسودّ” فى كل المحافل وإعتبار كل احتجاج على خطاياهم تمردا يزعزع الامن والاستقرار . و لم يتبرعوا للناس باين يوجد هذا الاستقرار. هل هو فى شرق السودان ام غربه ام جنوبه فى النيل الازرق و كردفان أم هو الاحتجاجات التى تعم محليات الخرطوم صارخة طلبا للماء ؟ لو ان الدكتور امين ليس امينا على امانة الفكر بالمؤتمر الوطنى الحاكم لعذرناه فى خيانة الفكر التى جسدها فى فهمه للديموقراطية التى لاتفرّق بين الاحتجاج المشروع فى المسيرات والاضرابات التى يقننها الدستوروبين القمع الممارس عليها بمختلف الحجج والعلل المعلولة واعتبارها تعبئة غير دستورية , ولكن لم يقل للناس من اين تكتسب الانقلابات العسكرية دستوريتها ؟ و الكثيرون منهم قد اعترفوا من قبل بان الانقلاب الذى جاء بهم فى 1989 كان خطأ و جلة .فكانت الشجاعة” السودانية” تقتضى ان يقروا بان كل ما قام على باطل وما تولد عنه فهو باطل. الدكتور امين امينا للفكر وليس لغيره .ولكنه اي فكر هذا الذى يحتقر و يتنكر لكل تاريخه و يغوص عميقا فى فى انكار ماهو معلوم وشهد عليه الاصدقاء والاعداء و المشفقين. كيف ينكر الدكتور ئقر الفقراء و كأنه لا يعترف بتقارير المنظمات الدولية و المحلية بل وافادات قياداته السياسية و السماح لمنظمات الاغاثة بالبرطع فى كل ولايات السودان ؟ فاذا لم يك هناك فقر بل و املاق لماذا توجد هذه المنظمات . بل لماذا يتكدس البسطاء و الفقراء والمساكين اما ابوابك وابواب الحاكمين مك طلبا للعون او الحسنة ؟ ما لمك كيف تحكمون ؟ و انت امينا للفكر كانت الامانة تقتضى الاعتراف وليس السفسطة فى درجات الفقر لتجعل من نفسك و رفاقك الحاكمين فقراء بالمقارنة مع حكام العالم الاخرين. اذن ما قولك فى اعترافك بان ” هناك أناس يجدون مشقة في تحصيل الكفاف،” لاحظ الكفاف هذه و ليس الضروريات. وكم هم هؤلاء سيادتكم ؟ وهل قستهم بعدد سكان المنطقة التى اتيت منها ؟ بل ما هو تعريفك للكفاف هذا ؟ لا يمكن ان يسكت الناس كل الوقت على الباطل الذى بدأ يمص رحيق الحياة منهم بعد ان اهدر السيادة الوطنية وارسل للمجهول جزءا عزيزا من الوطن بمن فيه وما عليه . والشرعية التى جاءت بانقلاب 1989 هى ذات الشرعية التى لا تمنع المواطنين من حقهم فى الاحتجاجات المسيرات والاضرابات. وابحث فى تقارير الاجهزة الامنية وكتابات الصحفيين الكتبة عن اجابة سؤالك ” أولاً يثور لمن وضد من؟”