وجدها ارشميدس العصر

د.هاشم حسين بابكر

* دائمآ ما تحمل الميزانية الجديدة بشريات للفاسدين، وويلات للمواطنين. فالفاسدون يتلهفون لما تحمله الميزانية الجديدة من زيادات في الاسعار ، أما المواطنون فهم من يدفع وان خلت جيوبهم.

* فكر وزير المالية ثم قدر بحثآ عن مبررات يرفع بها اسعار السلع الضرورية، وسهر الليالي، وفجأة نهض مسرعآ، وركض من أقصي المدينة عاريآ من كل فكر ومنطق حتى بلغ البرلمان وهو يصرخ …وجدتها .. وجدتها…!!!

* ماذا وجد يا ترى؟ وجد أن آفة الميزانية الكؤود هي الشعب وليس غيره…!!! فهو شعب كسول لا يعمل…!!! ناسيآ أن الدولة هي السبب وهي التي عطلت المؤسسات وباعتها بثمن بخس وشردت العاملين بها، وان وزارة المالية التي هو وزيرها كانت الدلاّل الذي كان ممسكآ بالجرس…!!!

* يبدو أن وزير المالية لا يدرك حقيقة معروفة للجميع وهي أن وزارة المالية هي المالك لكل مؤسسات الدولة، وهي التي تدر عليها من الأرباح ما تغذي به ميزانيتها ، وليس فرض الضرائب على شعب توصل في نهاية اكتشافه الأرشميدسي أنه شعب كسول لا يعمل…!!!

* مؤسستان كانتا عماد اقتصاد السودان، وأعني بهما السكة الحديد ومشروع الجزيرة، وهاتان المؤسستان لم تجزؤ وزارة المالية على ضرب جرس الدلالة عليهما، ولكنها سكتت على التخريب الممنهج الذي طالهما، وكأن الأمر لا يعنيها في شيء، وهي المالك لهما نيابة عن الدولة.وبدأ التخريب هولاكو، أو كما يحلو للبعض تسميته بـ”رامبو” بتدمير أول مؤسسة نظامية في السودان بلغ عمرها اليوم مائة وثمانية عشر عامآ…!!!

* بيعت أراضيها ودمرت خطوطها وشرد عمالها وموظفوها تحت سمع وبصر مالكها (وزارة المالية) وقد نسيت وزارة المالية أن السكة الحديد تمثل الناقل الاستراتيجي الأرخص، كما ان استراتيجية النقل العسكري اساسآ مبنية عليها، فقد دخل الاستعمار السودان ممتطيآ صهوة قطار.وحتى العام 57 بعد الاستقلال كان مدير عام السكة الحديد ضابطآ بريطانياً برتبة عميد.
* ما كان من الممكن بيع السكة الحديد,فقرر البعض تدميرها,الأمر الذي عزل أصقاع السودان بعضها عن البعض, والأمر الذي عزل كل السودان,سياسيآ واقتصاديآ واجتماعيآ,والعزلة التي عاشتها الولايات الطرفية,جعلتها أقرب الى الدول المجاورة منها لبقية الولايات, وكانت السكة الحديد الوحيدة التي قربت بينها.

* محطة التوزيع في الخرطوم تحتل موقعآ تتمناه كبريات العواصم, إذ أن هذا الموقع تتمتع به في كل اوربا تسعة عواصم, فهذا الموقع يتيح تسيير القطارات في جميع الجهات.ففي لندن مثلآ,أوموسكو توجد عدة محطات سكه حديد, لم تكن تلك المحطات “فنكهة”,انما لعدم وجود موقع يمكن من خلاله توجيه القطارات في كل الاتجاهات.

* شارع القصر بدأ بالقصر الجمهوري وانتهي بمحطة السكة الجديد, وفي ذلك رمزية غابت عن أولئك الذين دمروها, وجعلوا أعزة مهندسيها وعمالها أذلة, وباعدت بين الولايات,اقتصاديآ واجتماعيآ وحتي سياسيآ, فالنعرات القبلية والانفصالية هي السائدة بعد انفصال الجنوب, الذي لو ارتبط مع الشمال بخطوط حديدية لكان احتمال انفصاله أقرب الى الصفر منه الى الواحد الصحيح.
* أي ميزانية سيقدمها أرشميدس العصر وأجنحة اقتصاده منتوف ريشها..!!؟

* مشروع الجزيرة الذي أنقذ الانقاذ في بواكير أيامها,أيام (نأكل مما نزرع) ألم يوفر من المحاصيل الاستراتيجية ما أنقذ النظام ووجوده حيث نال كل عامل في الدولة جوالآ من القمح والذرة,كانا بمثابة أمن غذائي لمئات الآلآف من الأسر, وقد صدر السودان لأول وآخر مرة قمحآ. وهو الآخر يستحيل بيعه,فحل به الخراب الممنهج…!!!؟

* المؤسستان كانتا تعملان في تناغم الأوىي تنتج والثانية تنقل الى أصقاع السودان وللعالم الخارجي تصديرآ, واليوم مشروع الجزيرة ينتج العدم, اما السكة الحديد بدلآ من استقبال الواردات ونقل الصادرات,اصبحت تستقبل الواردين من الشقلة والحاج يوسف, وتصدرهم الى الصحافة والكلاكلات…!!!؟؟؟

* كل هذا يجري تحت سمع وبصر أرشميدس العصر المسمي وزيرآ للمالية…!!! ولعله يجد العذر لنفسه فيقول,انه وجد هذا الوضع, وهذا لا يعتبر تبريرآ, وبما أن وزارته تمثل المالك لهذه المؤسسات, فان من أوجب واجباته أن يعيد الأمور الى وضعها الصحيح, ويستعيد هذه الملكية التي هو وصي عليها نيابة عن الدولة والتي هي ملك للشعب السوداني, الذي شردته السياسات الاقتصادية التدميرية, واحالته الى عاطل,تلك العطالة التي اكتشفها اليوم أرشميدس زمانه, اكتشاف يستحق جائزة نوبل لضيق الافق…!!!

* ثم يا أرشميدس آخر الزمان اذا سلمنا أن كل الشعب السوداني كسول لا يعمل كما تقول, فممن ستتحصل على الضرائب التي تفرضها والقاعدة تقول ان فاقد الشيء لا يعطيه. فالعجز الذي شبه لك امكانية تغطيته بالضرائب سيظل, بل سيضاف اليه عجز جديد ربما يصل الى ضعف العجز السابق, ما الذي ستفعله آنذاك؟ هل ستبتدع وتتوهم دعمآ آخر لترفعه بعد رفع كل الدعم في الميزانية الارشميدية الكارثة,,!؟

* رفع الدعم عن المحروقات,تعال يا أرشميدس آخر الزمان لأذكرك بان أسعار البترول قد هبطت من 140 دولار للبرميل,أتفق معك أن وزارة المالية كانت تدعم المحروقات,ولكن بعد هبوط اسعار النفط الي 40 دولار هل لازال هنالك دعم لتتبجح برفعه؟ ثم ان أسعار المحروقات تم تعديلها عندما كان البترول 140 دولار ولازالت على حالها فكيف ستزيدها وسعره اليوم 40 دولارآ فقط؟.أين دعمك المزعوم يا هذا…!!!؟؟؟

* اليس هناك فرق في السعر ما بين 140 و40 دولار؟أين ذهب هذا الفرق؟المنطق يقول ان اسعار المحروقات يجب ان تنخفض بذات النسبة الشيء الذي لم يحدث, والادهي من ذلك,ان وزير المالية يريد زيادة المحروقات الى ما فوق 140 دولار, في حين ان وزارته حصدت أموالآ طائلة جراء هذا الهبوط, وبعملية حسابية بسيطة, سأفترض أنك كنت تدعم المحروقات بنسبة 200% وسعر النفط اليوم قد هبط بنسبة 250%الأمر الذي يلزم المالية تخفيض اسعار المحروقات بنسبة اقلها 50%.هذا ما حدث في كل الدول التي تحترم شعوبها, لماذا يستخف بنا عاري العقل والمنطق والذي وجدها وفقد نفسه والعقل والمنطق.!!!؟؟؟

* ذات الأمر ينطبق علي الكهرباء والتي صرفت من خزانة الدولة سته مليار دولار,وهذا المبلغ ينتج سته الف ميقاوات,كم يبلغ انتاج الكهرباء اليوم؟أقل من ذلك بكثير,والفاقد في الكهرباء يفوق 40% اليس ذلك عيب في التشغيل؟ولماذا يدفع المواطن قيمة الفاقد؟وهذا يعني أن الوقود يحترق هباءآ دون أن يتحول الي كهرباء,ملوثآ الاجواء بالغازات السامة,التي تصعد في الجو وتتفاعل لتسقط أمطارآ حمضية تفسد الحرث والنسل وساء مطر المنذرين.هذا الي جانب عشرات الآلاف من اطنان غاز ثاني اكسيد الكربون الخانق,هذا من المحطات الحرارية,اما خزان مروي الذي ادعو انتاج 1250 ميقاوات فانه بالكاد ينتج نصف طاقتة التصميمية.ألم يسال أرشميدس آخر الزمان لماذا هذا القصور؟وهل يعرف هذه المعلومات أصلآ؟أم أنه اكتفي باكتشافه المتوهم.؟

*وكلمة أخيرة هذه المرة للعطالي الحقيقيين الذين يسمون أنفسهم ممثلي الشعب,ألا يمثل ما قاله أرشميدس آخر الزمان باكتشافه هذا ألا يمثل اساءة لكم وانتم تمثلون الشعب في مجلس الحيرة هذا؟ان كان ما قال لا يمثل اساءة لكم فان الأنعام فد وجدت من هو أضل سبيلآ.!!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لك التحية دكتور هاشم
    انا من قراء هذه الصحيفة المعطاء وحينا ارد على مقالات الأخوة النقاد لهذا الوضع الشيطانى الفاسد وعليه ان يحفظ أرشيف الراكوبه كل هذه المقالات الناقدة لمواجهة هذه الطغمة الفاسدة شكرا لك دكتور هاشم

  2. صدقت يا دكتور هاشم على الشعب السوداني يطالب بالمنطق عن حقوقه وأبسط شيء كما تفضلت سعر البترول أنخفض 250% نريد فقط خفض السعر 50% ولسنا شماعة فشل الحكومة ووزير ماليتها ليرهبونا ويثقلوا كاهلنا بزيادة في الأسعار بمبرر كاذب أوهن من بيت العنكبوت وهو رفع الدعم . هذه المرة أن فعلتموها فالثورة خيار الشعب ولا ينفعكم حوار أو خوار

  3. تحياتي للدكتور هاشم حسين بابكر في سلسلة مقالاتكم الضافية Seminal Articles
    يتفوق كل مقال علي ما سبقه
    وجتها وجدتها….عار من كل فكر وعلم ليعرينا من كل قدرة علي الحياة ولو بلقمة خبز، حضرا وريفا وليدق ماسمير النعش الأخيرة في تابوت المواطن السوداني
    هل نسينا سبتمبر 2013 ووحشية الرد علي مطالب المواطنين ورفضهم للهيب المعيشة التي أوقدها وزير المالية السابق
    الشعب يريد الحياة
    لكن هل يسمعون
    لا أعتقد
    حسبي الله ونعم الوكيل

  4. لا تنس يا دكتور هاشم أن كل التدمير الحاصل وسيحصل في البلد تم وسيتم برعاية كريمة من فخامة المشير سعادة القائد الرئيس عمر حسن أحمد البشير قاتله الله! يكفي وزير المالية السنكوح بدر الدين محمود أن يقول للبشير “قروش حتى للجنجويد ما حيكون في لو ما رفعنا الدعم عن كذا وكذا” فيوقع البشير الفاشل على كل ما يطلبه منه وزيره الفاشل

  5. وزير المالية ما فاضى عنده اكثر من خمسة عشر مغلق فى العاصمة يديرها اقرباؤه وهو مشغول بمتابعتهم .. كما انه يسكن فى قصره بحى البراحة فى بحرى وقد كان شخصا نكرة .

  6. الحكومة دمرت مشروع الجزيرة وأهملته لأن كثير من المزارعين باعوا حواشاتهم للوافدين من غرب أفريقياوالمعروفين بأنهم يقضون كل يومهم داخل الحواشات وأنتجوا منها أكثر من المزارعين الاصيلين وأغتنوا وأصبحوا يملكون قطعان ضخمة من الماشية والعربات ,حيث اغرقوا المزارعين باموال ضخمة نظير شراء الحواشات سال لها لاعب الكثير من المزارعين وأستوطنوا بها ويقومون بتحويل العائد الضخم الي خارج السودان في عمل منظم , ودي استراتيجية صهيونية , واذا ارادت الحكومة أعادة مشروع الجزيرة الي سابق عهدة فيجب أن تضع قانون بالرغم من أنه سيكون مجحف ولكن سيحافظ علي ممتلكات المزارعين وهو أن لايتم نقل ملكية أن حواشة من مالكها الاصلي وأن تكون دولة داخل الاسرة وأن انقرض الاصل تحول الملكية للعصبة من الاهل .

  7. الحركة الأسلامية السودانية تتحمل وزر تدمير السكة الاحديد و مشروع الجزيرة..فعلت ذلك إنتقاما من العمال فى عطبرة.. إذ تعتبرهم حاضنة لليسار و الوطنى (الأتحاديين و الشيوعيين)..كما إنها دمرت مشروع الجزيرة أنتقاما من إنسانه الذى أسقط شيخ الحركة فى أكبر إنتخابات عام 1968 حيث صاحوا..كيف يسقط الناخبون بروفسير..لصالح مزارع أمى ( الحاج مضوى لم يفز فقط..بل حصد ضعفى أصوات المرشح الأخر حسن الترابى).. بعد الأنقاذ.. و عند التفكير فى إنشاء شركة جياد للصناعة.. أشار الخبراء الى إمكانيات مدينة عطبرة الصناعية.. و أن بها خبرات تمتد لقرابة المائة عام.. و الحديد الخردة بألاف الأطنان.. و منشأت جيدة و عريقة ..الخ..تحايل الأسلاميون على القرار الفنى البحت بتكوين لجنة من عضويتهم..أفادت اللجنة أن عطبرة ليس فيها خبرات و منشآتها المزعزمة عتيقة..ألخ.. تحاورت مرة مع أحد أعضاء تلك اللجنة الملغومة..و قلت له بالحرف الواحد أنكم صرفتم النظر عن عطبرة لخلفيتها السياسية.. و لم تبالوا بالأعباء المالية الضخمة المترتبة على إنشاء المدينة الصناعية فى منطقة الجديد..من الصفر..ضحك و قال لى عايزنا نحى الشيوعيين تانى بعد ما الله دمرهم..ونفس المصير لا قاه المهنيون.. إنتقاما من مواقفهم الرافضة للجبهة القومية الأسلامية و أطروحاتها إبان الديموقراطية الثالثة..و خاصة الأطباء..الذين يلبطش بهم من كل النواحى..حتى صار الطب مهنة طاردة و الأطباء أفقر المهنيين و الصحة أردأ المرافق و مخرجاتها أرذل الخدمات..الحركة الأسلامية السودانية مسؤلة عن إنهيار الأقتصاد السودانى بتغييب المحاسبة و تضليل المراجعة و التبذير..حج بالألاف على حساب المواطن.. و علاج فى الخارج.. و سرقات يندى لها الجبين..تخريب ممنهج و مقصود..حتى فصل جنوب السودان عن شماله..مخطط و مرتب و من إسترتيجيات الحركة الأسلامية السودانية..

  8. الزول ده ماعارف اي حاجه وما فاضي من المغالق والتجاره مع قرايبه يعني نقدر نقول الشبع بعد الجوع بعمل فصام خطير في شخصيه متعفنه لا تفرز الصالح من الطالح عجبي

  9. العزاء الوحيد في ان الشعوب لا تقهر ارادتها ابدا مهما يكن
    لذلك مهما امعنت حكومة المؤتمر الوطني في سياساتها الفاشله التى يمليها عليها البنك الدولي او تمليها عليها منظومة ومنهج الفساد والافساد بقهر الشعب السوداني وسرقة امواله تحت ذريعة رفع الدعم مع انه ليس هنالك ولا سلعه واحده تدعمها حكومتهم بدليل هبوط اسعار النفط والقمح عالميا باكثر من 50% .
    اما سيدة وزير الماليه فانه ليس له دور غير انه ماسك دفاتر مطلوب منه ايجاد وسائل وترقية اساليب الجبايات والاتاوات وكل السياسات تملى عليه اينما يوجوهونه يتوجه بجانب البرلمان الذي لا له ولا عليه ولا يجيد غير التصفيق والنوم واللهو بالواتسب
    لذلك من الحكمة الاستغناء عن وزارة الماليه وتكليف اي مكتب محاسبه باعداد الموازنه كما والاستغناء عن البرلمان وتسريح اعضاؤه والاكتفاء بقرارات مجلس الوزراء طالما انها تنفذ بوجود البرلمان او عدم وجوده على الاقل يمكن ما يتوفر من اعباء وزارة الماليه والبرلمان يلبي حاجة ونهم وشره الفاسدين ليتركوا الشعب في حاله يكابد الجوع والفقر والمرض الذي يرزح فيه بسببهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..