أفلام جاد الله جبارة … السينما السودانية في السفارة الألمانية.. متعة المشاهدة

الخرطوم – أماني شريف
التصوير والإنتاج والإخراج السينمائي موهبة مكتسبة تصقل بالدراسة، وصناعة السينما في السودان لم تجد متسعاً في بداياتها، ولا تزال متعثرة إلى الآن، ولأسباب عديدة لم يمتهنها إلا أفراد قليلون جداً، لعل أبرزهم هو المخرج والمنتج السينمائي الراحل جاد الله جبارة. وأفلام جاد الله، ولذات الأسباب، لا تعرفها الأجيال الحالية، لكن أمسية الخميس الماضي حاولت استعادتها مع نسمات الشتاء الباردة، حيث شهدت باحة منزل السفير الألماني بكافوري جلسة مشاهدة استحضرت أفلام الراحل جبارة، وكنا هناك، فأوحت لنا الأمسية أن تطلق عليها (السينما السودانية في السفارة الألمانية).
حضور كثيف
كان الحضور من مختلف القطاعات الثقافية والاعلامية والفنية، السينمائية على وجه الخصوص، وفي مقدمة هذا الرهط كانت أسرة الراحل المحتفى به، ابنته رائدة وبطلة السباحة السابقة ورئيسة اتحاد السينمائيين الآن (سارة) والأمين العام للاتحاد (عبادي محجوب)، حيث عرضت خمسة أفلام توثيقية بعد أن تمت معالجتها في ألمانيا حتى تصلح للعرض مجدداً. وقد التقينا بابنته سارة جاد الله وحصلنا منها على الإفادات التالية:
من (الجيش) إلى التصوير
الراحل جاد الله جبارة مخرج ومنتج ومصور سينمائي عمل في الفترة من العام 1964 حتى العام 2007 أنتج خلالها مجموعة كبيرة من الأفلام الوثائقية والإعلانية وعدداً من الأفلام الروائية، كما أنشأ أول استديو سينمائي عام 1972.
عمل الراحل في بداياته قبل أن يتجه للتصوير والإخراج السينمائي بسلاح الإشارة، وقد غلب عليه إحساسه العميق بأن للسينما تأثيراً بالغاً في المجتمع وبالفعل اتجه لدراستها بكلفورنيا وتلقى تدريباً في استديوهات مصر، وأصبح بعدها متخصصاً في التصوير والإنتاج والإخراج السينمائي، وبدأ عمله بالسودان في هذا المجال كما كان مراسلاً لـ(البي بي سي) و(رويترز).
تاجوج وتور الجر
(تاجوج) كانت أول أفلامه وقبله أنتج وأخرج أفلاماً كثيرة مثل (تور الجر في العيادة) و(تور الجر في المستشفى) وغيرها العديد من الأفلام التعليمية والإعلانية والتوثيقية وأهمها فيلم (رفع علم الاستقلال) وغيرها مثال (مشروع الجزيرة) (الصمغ العربي) وأفلام اجتماعية أخرى عكست كل التنوع الموجود في شتى مناحي السودان وبيئاته وثقافاته.
من (35 ملم) إلى ديجتال
وقد قامت السفارة الألمانية بمنزل السفير الالمانى بالخرطوم مساء الخميس المنصرم بعمل جيد، يستحق الإشادة، فقد استطاعت تحويل أفلام الراحل جاد الله جبارة من (35 ملم) إلى ديجتال حتى تصير من سقط المتاع تسهيلاً لعرضها؛ ولكي يتمكن الجميع من مشاهدتها تعريفاً لأجيال اليوم بمشاهدات تعتبر إرثاً تعريفياً وتوثيقياً لما كان من أزمان مضت، وقد تم عرض خمسة أفلام بمنزل السفير الألماني بكافوري وثقت لمظاهر حياة الشعب السوداني بكل جوانبها وقد شهدنا أفلاماً أسود وابيض وملونة مثال ذلك فيلم عن حركة السير والمرور حيث تحدث مدير المرور، محصياً عدد السيارات بالخرطوم والتي بلغت (21) ألفاً في السبعينيات وأنواع العربات وموديلاتها القديمة وموضع (الدركسون) بالجهة اليمنى وغيرها، وفيلم توثيقي لحفل أقامه الفنان شرحبيل أحمد في عز شبابه وصباه، وكذلك العندليب الأسمر الراحل زيدان إبراهيم في عز صباه أيضاً، وفيلم لبداية حياة ابنته سارة فى دنيا السباحة، وكيف أنه قد ساعدها في أن تتعلم وتنشأ بعيدا عن التعقيد والخوف من مواجهة إعاقة رجلها التي أصابها شلل الأطفال منذ وقت مبكر من طفولتها وتعذر واستحال العلاج فكان علاجها الأوحد في السباحة؛ ولذا فقد حرص الوالد على تعليمها السباحة بواسطة مدرب حتى أحرزت فى العام 1975 ميدالية بكين كبطلة سباحة وغيرها من المشاركات الداخلية والخارجية التي نالت فيها الميداليات ورفيقاتها باسم السودان.
وقد وجد العرض الألماني لهذه الأفلام التوثيقية تجاوباً واسعاً وإعجاباً من الحضور، وصفقوا واستمتعوا بها كثيراً، وقد شكرت أسرة الراحل جاد الله جبارة السفارة الألمانية، مثمنة هذا الجهد المبذول من قبلها، كما تقدم الحضور بشكرهم للسفارة التي أتاحت هذه الفرصة الثمينة في التعريف التوثيقى لحياة شعب يملؤه الحنين لزمان مضى وهيهات أن يعود .

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..