مشروع الخراب بين الواقي والانتداب!!

مشروع الخراب بين الواقي والانتداب!!

تيسير حسن إدريس
[email][email protected][/email]

لم يشهد تاريخ السودان الحديث منذ الاستقلال مثل هذا الخراب والتدخلات الأجنبية السافرة في شؤونه الداخلية، حيث يرابط اليوم قرابة الأربعين ألف جندي أجنبي من القوات الدولية على تراب الوطن بصورة رسمية، بينما تعداد القوات المحتلة لأراضينا في حلايب والفشقة ومناطق أخرى غير معلومة، ناهيك عن خلايا التجسس النشطة والنائمة لدول عديدة من بينها العدو الإسرائيلي تسرح وتمرح بطول البلاد وعرضها دون رادع (والمغالطنا وما مصدقنا يسأل “السواناتا” و”البرادو” التي قذفت ولحقت أمات طه في قلب بور تسودان).
رغم كل هذه المهددات العظيمة التي تحيط بالوطن وتعصف باستقراره، وتكاد تذهب بريح سيادته، ورغم الواقع المهين للدولة التي غدت على شفا الانهيار، والمواطن الذي طحنته الحروب وسوء الأحوال المعيشية، نجد قادة النظام الحاكم وأجهزته الأمنية سادرين في غيبوبة من الأكاذيب والضلالات، ولا همَّ لهم سوى مداهمة الصحف اليومية ومصادرتها ومطاردة القوى المعارضة التي تجاهد سلميًا لوقف سياسات النظام المدمرة، فما كان منهم إلا أن ضربوا عن النصح صفحًا وطووا عن قبوله كشحًا وبادروا الرموز الوطنية بالاستهزاء والتنكيل ورموها بالعمالة والتخوين، ممّا سد المنافذ أمام إيجاد المخارج والحلول وجعل حياة المواطن سلسلة محزنة من المعاناة والأزمات مثيرة للقرف.
وفي حين تزداد حلقات الأزمة الوطنية بأبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية حدة وتضيق باضطراد حول عنق الوطن نجد برلمان “الخج” وممثلي الشعب المفترضين غرقى في متاهة التهليل والتضليل، ومباركة السياسات الاقتصادية الرعناء التي قصمت ظهر المواطن وكادت تذهب بما تبقى من عقله، وهم يرون انفلات السوق وتوحشه، وتصاعد أسعار السلع الضرورية قفزًا بالزانة مع فجر كل يومٍ جديد، بينما النواب المبجَّلون في شغل شاغل عن كل ذلك منصرفين بمتعة وشغف يُحسدون عليه لمناقشة مشروعية توزيع الواقي الذكري وجهاز الإجهاض الذاتي، في إهدار للوقت والجهد، وعبث فاق عبث مسرح الايرلندي “صموئيل بكيت” حتى تراكمت الظلمات واشتد على الشعب الكرب والفاقة، وأصبح القابض على شرفه كالقابض على الجمر لتراكم البغي والعدوان.
فالمتأمل لممارسات النظام يجد أنها تراوح مكانها في دوامة من الفشل وتغوص عميقًا في وحل مفارقات “تراجيكوميدية” تفتقر للحد الأدنى من الحكمة والاتزان وروح المسئولية، فالخطاب السياسي لشيوخ الغفلة تعيسٌ لم يبارح قط مربع “لحس الكوع” والعنتريات الغبية، والتصريحات الرسمية متناقضة وعبارة عن خليط غير متجانس من الأكاذيب والأماني وأحلام زلوط لا تمت للواقع بصلة ، حشرت الوطن في نفق القرارات الدولية المظلمة، وجعلت منه مرتعًا للتدخلات الأجنبية تدس أنفها في كافة شؤونه، متى وكيف شاءت، وتفرض عليه الحل كيف تراه.
يا شيوخ الغفلة، أصحاب المشروع الانكساري، لقد بلغ السيل الزبى و”كتمت”، والوطن تقلصت مساحته، وهاهو يتآكل من أطرافه، وقرار مجلس الأمن الأخير ذو الرقم (2046) الذي بصمتم عليه وانصعتم لكافة بنوده منبطحين حتى دون أن يجد حظ “الواقي الذكري” في البحث والتداول يضع السودان مباشرة تحت الانتداب ويجعل منه دولة منقوصة السيادة، ومرتهنة لواقع لا يقل مذلة عن واقع الدول التي كانت تحت الاحتلال في زمن الاستعمار ، فهل من أجل هذا قد اغتصبتم السلطة واحتكرتم الحكم لربع قرن ؟!! آلا قبح الله وجه كل أفاك أشر.
تيسير حسن إدريس 11/06/2012م

تعليق واحد

  1. ياصديقي بالغت يقبح وجههم أكثر من كده،أهو كده نحنا بطنا طامة وقرفانين وما قادرين نعاين لطلعتم البهية دي‏!لا حل إلا أن بضرب وجوههم وأدبارهم ويكونوا قردة خنازير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..