تحسس المشهد الثقافي في 2015 .. جمود الواقع وبعض الإشراقات..وزير الدولة بالثقافة: اتحاد الكتاب لم يجلس معنا

تقرير : جمعة عبد الله

إنسرب العام 2015م وهو يحمل العديد من المتغيرات والثوابت في الساحة الثقافية وهو عام كان يؤمل فيه ان يستصحب جديداً يحرك سكون المشهد الثقافي من خلال إيلاء الشأن الثقافي العناية اللازمة ودعم الحركة الثقافية الرسمية والفردية من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية الراتبة وإيجاد متنفس للمبدعين والكتاب ودعم حركة الإصدار والنشر الثقافي حتى ترى الأعمال التي ما زالت حبيسة أضابير وأدراج كتابها، ولعل تلك المطالب كان من الممكن تحقيقها بيسر نظرًا لقيام فعاليتين مهمتين وكلاهما تحت إشراف وتنظيم وزارة الثقافة وهما مهرجان الثقافة السادس ومعرض الخرطوم الدولي للكتاب في دورته الحادية عشرة، فالمهرجان يمكن النظر إليه على أنه بمثابة مخرج مناسب لحالة التوهان والجمود التي يعيشها المشهد الثقافي الا من مبادرات خجولة هنا وهناك ونظراً لكونه جهدا رسمياً وتحت إشراف الجسم المعني بالثقافة بالبلاد ” وزارة الثقافة الإتحادية فإن سقف الآمال الملقاة عليه تطاول بعيدًا وانتظر المثقفون والمهتمون بالثقافة أن يشكل المهرجان بالفعل براحًا للفعل الثقافي إلا ان المحصلة من المهرجان بكل تجرد لم تكن على قدر الآمال والتطلعات وهي رؤية يجهر بها العديد من المثقفين الذين ذهبوا الى القول إن فكرة المهرجان في حد ذاتها لا غبار عليها إلا ان مستوى تنفيذها لم يكن بالصورة التي تحرك واقع الثقافة في السودان.

مهرجان الثقافة ومعرض الكتاب .. إشراقات 2015:

في إفادات لوكيل الدولة بوزارة الثقافة الأستاذ عبد الإله إبو سن يشير الى أﻥ العام 2015 شهد إحياء ﻓﻜﺮﺓ مهرجانات ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ مشيرًا الى فكرة قيام وتنفيذ المهرجان نبعت ﻣﻦ ﺇﻳﻤﺎﻥ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺤﻴﻮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺸﻴﺮًﺍ ﺇﻟى ﺃن ﺍﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺘﺼﺮًﺍ ﻋﻠى ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ اﺗﺤﺎﺩﻱ اﻨﺘﻈمت فعالياته ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻗﺎﻝ بأن ﺑﺪاية المهرجان كانت ﻓﻲ ﺳﺖ ﻭﻻﻳﺎﺕ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ ﻧﻔﺴﺔ ﺑاﻓﺘﺘﺎﺡ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺭﻑ ﺗﺘﺒﻊ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎﻥ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ ﻟﺠﺎﻥ ﻭﻣﺠﺎﻟﺲ ﺗﻨﺴﻴﻖ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻹﻋﺪﺍﺩ ﺭﺅﻳﺘﻬﺎ ﻭﺗﺼﻮﺭﻫﺎ ﻟﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻣه ﻣﻦ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﺑﻮﻻﻳﺎﺗﻬﺎ مشيرًا الى العمل في تنفيذ تلك الرؤى والتصورات بكل ولاية من خلال اللجان المكونة بها ﻋﻠى ﺃﻥ تﺘﻢ ﺇﺟﺎﺯﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺨﻄﻂ ﻭﺍﻟﺮﺅى ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍلاﺗﺤﺎﺩﻳﺔ ﻭﺗﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺟﻬﻮﺩ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻭﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻣﺸﻴﺮﺍ ﺇﻟى ﺟﺎﻧﺐ ﺍلاﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﻮﺍ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﻣﻘﺪﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﺬﺍ ﻋﻤﻠﺖ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﻋلى ﺗﻜﺮﻳﻤﻬﻢ ﻭﺍلاﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟى ﺇﺻﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠلة ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ ﻭﺍﺯﺍ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺻﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻞ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﺭﻓﺪ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﻤﺎ ﺗﺼﺪﺭه ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠى ﻣﺬﻛﺮﺓ ﺗﻔﺎﻫﻢ ﻣﻊ ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻟﻠﻌﻤﻠﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ اﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺑﻄﺒﺎﻋﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﺇﺻﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻤﻞ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟى ﺳﻌﻴﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻬﺮﺟﺎﻥ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺳﻨﻮﻱ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻘﻖ اﻧﺘﺸﺎﺭ ﻭﺗﺪﺍﻭﻝ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﺪﻭﻟﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻟﻬﺎ ﺇﺭﺙ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺿﺎﺭﺏ ﺍﻟﺠﺬﻭﺭ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻴﺪ ﺭﺅﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻣﻨﺘﺸﺮًﺍ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻭﻛﺬﻟﻚ للمواطنين ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺮﺑﻄﻬﻢ ﺑﻮﻃﻨﻬم .

المراكز الثقافية محنة الإغلاق تتواصل :

المؤسف في المشهد الثقافي لهذا هو استمرار تساقط وإغلاق العديد من المراكز الثقافية التي كانت تقوم بدور ولو نسبي في تحريك جمود الفعل الثقافي ونشاط المراكز الثقافية أمر محمود ويسهم في إلقاء حجر في بركة الثقافة المتجمدة من سنوات عديدة ومنها على سبيل المثال مركزي الخاتم عدلان للاستنارة ومركز علي الزين الثقافي وهما ما يزالان قيد الإغلاق ولم نر جهودا لإعادتهما لسابق نشاطهما. وهنا يقول وزير الدولة بوزارة الثقافة الأستاذ سيد هارون إن مسألة إغلاق أي مركز ثقافي لا تتم هكذا وبلا مسوغات قانونية او إدارية نافياً تدخل الوزارة في إغلاق او إلغاء تسجيل أي مركز ثقافي وأشار في حديثة للصيحة ان الوزارة من اسمها فهي تعد راعياً للثقافة ولا يمكنها ان تمنع مركزًا ثقافياً من العمل مبدياً عدم اعتراضهم علي عودة وتشغيل كل المراكز المتوقفة لا سيما وأن وزارة الثقافة لا تتدخل في إغلاق المراكز الثقافية .

إغلاق اتحاد الكتاب بين وزارة الثقافة والاتحاد :

شكلت قضية حل الاتحاد العام للكتاب السودانيين معضلة ونكبة أخرى مر بها المشهد الثقافي في العام المنقضي، فالاتحاد العائد من إيقاف طويل كان من المؤمل أن يقوم بدوره الطليعي كمحرك للنشاط الثقافي بالبلاد وإن تقاصرت إمكاناته وتقزم دوره لحدود أقل من التطلعات المرجوة له بسبب عقبات عديدة تسهم في تحجيم دوره ونشاطه .

وبحسب الأمين العام للاتحاد المحلول عثمان شنقر الذي تحدث للصيحة قائلا إن حل الاتحاد كان قراراً معيباً مشيرًا الى أن قرار الحل لا يستند على أي مسوغات قانونيه تدعم حل جسم ثقافي مؤكدا أن الإتحاد ومن مسماه هو جسم ثقافي يحتضن الأدباء والكتاب وأنشطتهم وتقتصر فعالياته على الثقافة والفكر ولا يمارس أي نشاط سياسي سواء كان مؤيداً للحكومه أو معارضاً لها معرباً عن أمله في أن ترجع الأمور إلى نصابها الصحيح وأن يعود الاتحاد إلى ممارسه دوره وأنشطته كالمعتاد معتبراً ان ذلك حق طبيعي ومعترف به لأي اتحاد ثقافي طالما لم يخرق القانون ولم يقم بما يستوجب حله الذي هو بالأساس ليس من حق أي جهة حكومية وأعرب شنقر عن خيبه أمله بالقرار مؤكدا أن الاتحادات الثقافيه أجسام لا يمكن الوصاية عليها وتركيعها لذا يبدو سبب الحل عصياً على الفهم والاستيعاب.

مؤكداً على أن الأمر ليس غريباً على المتتبع للمشهد الثقافي إذ ليس سراً ان هناك جهات ترغب في القيام بالوصاية على العمل الثقافي والتضييق عليه وتضع العراقيل أمامه في حال كانت هذه الأجسام الثقافية غير منسجمة مع خطابها وتوجهاتها وهذا ما ألمح إليه شنقر في حديثه عقب تسلمه لخطاب إنهاء التسجيل للاتحاد سوابق عديدة في صدامه مع السلطات الأمنية تضمنت سلسلة من العراقيل التي تحد من انطلاقه وتنظيم وفعالياته إذ يواجه حرباً شعواء في سبيل الاستمرار والاضطلاع بدوره المنوط به كمأوى وملاذ أخير ووحيد لطائفه من الكتاب والمبدعين وتشكل أمسياته الثقافية وفعالياته التي تهتم بالإبداع متنفساً لهم ولجمهور الثقافة والفكر في السودان كما يرفد المشهد الثقافي بإصدارات ذات محتوى فني راق في شتى ضروب العمل الإبداعي فإيقافه أو حله أو إلقاء تسجيله أي كان المسمى فالنتيجة واحدة وهي القضاء على آخر معاقل العمل الثقافي الحر .

وزارة الثقافة تختلف مع الاتحاد

وهنا يعود وزير الدولة بالثقافة سيد هارون ليختلف مع شنقر في هذا الرأي وجدد سيد حرص واهتمام وزارة الثقافة بالعمل الثقافي بكل صوره مشيرا إلى ان قضية حل الاتحاد لم تقم بها الوزارة وأن على الاتحاد مخالفات أخرى أدت لحله، فالوزارة لا تتحمل وزرها معيباً على قيادات الاتحاد المحلول عدم جلوسهم مع وزارة الثقافة لإبداء اعتراضاتهم على قرار حل اتحادهم حتى يعملوا سوياً لتصحيح وضعية الاتحاد ان كانت هناك مخالفة او أمر أدى لصدور قرار إيقافة مشيرًا الى ان الاتحاد في الأصل محلول وما صدر في العام الماضي لم يكن سوى إلغاء تسجيل باعتبار ان الاتحاد شرع في ممارسة نشاطة وهو يعلم أن هنالك قراراً يقضي بحله فكان من الأوفق على قيادة الاتحاد أن تعمل أولاً على توفيق أوضاع الجسم الثقافي مبدياً استعداده لاستقبال قيادات الاتحاد والتفاكر معهم حول أزمة الاتحاد ومن ثم العمل على إيجاد حل لها.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..