“أنا بيك سعادتي مؤكدة” السعادة في الأغنية السودانية.. آمال وأمنيات وحسرات

الخرطوم – أماني شريف
السعادة تلك المفردة الساحرة التي تدغدغ الأحاسيس وتنعش الدواخل تمثل مبتغى للجميع وسدرة منتهى أمنياتهم وآمالهم، فالكل يتوق لست الحسن والجمال، ويسعى إليها ويبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس.
ولو كانت السعادة سلعة تشترى لتهافت عليها الجميع من أجل التمتع بها وتزاحم القصاد على باب متجرها الذي تباع فيه، ولتعددت طرق شرائها من أجل الحصول على المكاسب الربحية التي تجنى من تهافت الجميع عليها ولو بأغلى الأثمان، لكنها قسمة ونصيب.
تعدد الأفراح
والسعادة تحيي موات القلوب ويرفرف القلب الحزين كلما سمع وقع حروفها وعليها يعتمد إحساس المرء بالحياة ومعطياتها، وهي موجودة بيننا ووسطنا، فكل يجد سعادته في شيء معين يكسبه الفرح والسرور، فقد تتمثل في فرحة طفل يتيم مثلاً أو في تقديم خدمة لمحتاج أو رعاية الوالدين وكبار السن أو أن يوجد شخص وسط أسرته الصغيرة، وهو يرى أبناءه يلهون حوله في مرح. وقد اهتم شعراء الأغنية السودانية بمفردة (السعادة) باعتبارها مبتغى الجميع، وتناولوها بكل جوانبها لمن ينعيها، ولمن يبحث عنها، ولمن يخاطبها طالبا ودها، ولمن يتفاءل بالحصول عليها ولكل كارزميته الخاصة في تناول المفردة، كما يتضح من سياحتنا عبر ما اقتطفناه من أغانيات متعددة.
أمل في بكرة
وفي انتظار أميرة الحسن والجمال ولاكتمال السعادة يكون عشم باكر وتحقق الأمل المرجو بأن تطل السعادة، فيرفرف القلب الحزين وتكتمل البهجة والفرحة والمسرة على شاكلة “بكرة يا قلبي الحزين تلقى السعادة” و”لأنك إنتي بتفرحيني وبكره ياما تسعديني” و”يسعدني أنك تذكريني وعني دايما تسألي”.
سعادة مؤكدة
وقد يحس المرء بالسعادة أكثر ما يحس بالقرب من محبوبه وصفي الوداد بينهما، مما يجعل الحياة جميلة وبدونه ترحل السعادة، ولا تحلو الحياة إلا به ومعه، ولها طعم آخر مميز وسعادة كل منهما بسعادة الآخر. وفي ذلك السياق، نردد مع بعض الفنانين أغنيات على غرار: “أنا بيك سعادتي مؤكدة وبلاك حياتي منكدة” و”مادمت انت سعيد وعاجبك شبابك كالزهرة لسه جديد.. فتحت دابك” و”اليوم سعيد وكأنو عيد يلا يلا حدائق ألبان جديد” و”مرحب حبابك اليوم السعيد الليلة جابك”، ومن يجد السعادة ويحس بها مع صفيه هذا فمن المستحيل أن يستطع مفارقته والبعد عنه “حد يشعر بالسعادة ويمشي يختار البعاد”.
قسمة ونصيب
وهكذا هي السعادة إنما هي قسمة ونصيب، فالمقسوم له السعادة سينالها، وعليه أن يتصبر فستدق على بابه يوم ما:
“لو كان التمني بينفع كل حبيب ما كان السعادة بقت قسمة ونصيب”.
الدنيا دوارة
وهنا بالتحديد يحل محل السعادة طعم العلقم حينما تدور الدنيا وتعطي وجهها الآخر خاصة ما بين الأحبة عند مفارقتهم لبعضهم البعض، ويحس أحدهم بأن السعادة إنما هي وهم وإن طعم الدنيا قد تبدل بعد تبدل الحال السعيد إلى زوال: “والسعادة بقت وهم والدنيا من غير طعم” و”كنت معاك سعيد والليله في بعدك ما أضناني” و”أسعدنا حبك ياجميل وسرحنا فيهو زمن طويل ياريتا ايامنا القبيل ترجع تنوم العين قليل” و”ما لقيتي بلاي سعادة وماقدرت أحن لغيرك”، وقد يقطع المرء أمله في حب جديد بعد تبدل الحياة السعيدة مع محبوبته حتى أنه يدعو على قلبه بأن لا يسعد بعد حبه الضائع: “لو كان يا قلب حبيت بعدو بعد حلفت يمين عمرك ما تجيكا سعادة ماتتهنا قول آمين”. ويتمنى حينها للآخر السعادة مع غيره غير حانق عليه إنما يسلم أمره للأقدار وما حدث إنما هو من صنيعة القدر: “من قلبي ليك بتمني – تسعد ودوام تتهنا
اليوم التالي