أخبار السودان

أبيي وأولادها: أجندة الابتزاز والبلطجة..بترول أبيي يقرب من أن يكون "أسطورة" أكثر منه حقيقة.. ما هو متوافر تحت أرض تلك المنطقة في طريقه الى النضوب في وقت وجيز..!ا

غربا باتجاه الشرق

مصطفى عبد العزيز البطل

– بعد ساعات من عودة صديقنا، الباحث والأستاذ الجامعي والكاتب الصحافي، محمد عبد الخالق بكري، سالماً غانماً، لينداح في صيف منيسوتا الذي جاء بعد طول انتظار، إثر زيارة مطولة للسودان، جلسنا سوياً في مقهانا المفضل – كاريبو – وسط منيابوليس، نتداول أحوال الوطن. سألت صاحبي: ما هي المحاور البارزة لاهتمامات الناس في السودان هذه الأيام. ردَّ بغير تردد: الموضوع الأول والثاني والثالث هو: أبيي! هناك حالة عامة من الوجل والخوف والترقب، وأحاديث متضاربة عن احتمالات اندلاع الحرب.
بعد أن استمعت الى موجز الحدث والصدى والتحليل والرؤية والتنبؤات قلت: تريد رأيي؟ اسمع إذن: لن تكون هناك حرب ولا بطيخ. كل هذا الصهيل والعويل والهستيريا سينتهي أمرها الى لا شيء. الحرب مثل التانغو تحتاج الى اثنين للرقص. وإذا كانت العصبة المنقذة قد ائتزرت إزار الحرب، على ظنٍ من الوهم أن الحرب قد تهيئ مخرجاً مؤقتاً قد يُعين على تجاوز الليالي المدلهمات التي تنتظر السودان في مرحلة ما بعد يوليو 2011م، فإن الطرف الثاني – الحركة الشعبية – لم تعد راغبة في النزول الى حلبة التانغو. الحركة في قلبها النابض وبنيتها الأساسية، والقوى السياسية الجنوبية إجمالا، لا علاقة لها من قريب أو بعيد باعتداء 19 مايو الأثيم على القوات الحكومية وقوات اليونيميس. ولا رغبة عندها في إشعال فتيل الحرب.

(2)
حادث 19 مايو – برغم الارتفاع النسبي في عدد الضحايا – إنما هو في حقيقة أمره عمل محدود ومعزول ويائس تقف من ورائه فئة موتورة من مثقفي عشيرة "دينكا نقوق"، تواضع الجنوبيون على أن يطلقوا عليها اسم: "أولاد أبيي". هذه الجماعة ذات التفكير التسلطي والأجندة الكارثية دون غيرها، من قيادات وكادرات الحركة الشعبية لتحرير السودان هي التي تتحمل مسؤولية الأزمة. هي الراعي الرسمي والمدبر الحقيقي والفاعل الأصلي لواقعة الاعتداء الغاشم. هذه الجماعة بفعلها الأخرق هذا إنما تدق المسمار الأخير في نعش الوجود السياسي التاريخي الكثيف والمؤثر الذي ظلت تمارسه داخل المشهد السياسي الجنوبي منذ نشأة الحركة الشعبية لتحرير السودان قبل ما يقرب من الثلاثة عقود، دون أن تكون لها قاعدة قوة (Power base) حقيقية تتساوق مع معايير السلطة والقوة والنفوذ المتعارف عليها في البيئة السياسية لجنوب السودان.

(3)
من هم أولاد أبيي؟ في الصدارة من هؤلاء ربيب الراحل جون قرنق، وزير الخارجية السابق دينق ألور، المنحدر من أسرة دينق مجوك العريقة، وقد شغل في حياة قرنق وتحت رعايته الشخصية، مثل غيره من متعلمي أبيي، مواقع مفتاحية داخل الحركة الشعبية. ويحتل حالياً، وبصورة واقعية، منصب وزير خارجية حكومة جنوب السودان، رغم أن وزارته تحمل رسمياً – وحتي اكتمال الاستقلال والسيادة والاعتراف الدولي – مسمى "وزارة التعاون الإقليمي". ومثل شيوخ الخليج، ووزراء بعض الدول الإفريقية، فإن دينق ألور يقوم بتصريف أعباء المنصب الوزاري، الى جانب مهام تصريف وإدارة الأعمال والثروات الخاصة به. وإن كانت التجارة والأعمال والصفقات التي تجري بين شركته وحكومة الجنوب تتولاها، شكلياً وعلى السطح، زوجته "الاثيوبية."

ومن داخل أسرة ألور الصغيرة، شغل منجلواك كوال، شقيق دينق ألور، سلسلة من المواقع القيادية في الحركة، ثم جري تعيينه بعد اتفاق السلام فى منصب رئيس المفوضية القومية للمراجعة الدستورية بدرجة وزير. وهو التعيين الذي انزعجت له دوائر فعالة داخل صفوف القوي الجنوبية التى استهجنت ان يختار الجنوب لخلافة شخصية فى وزن وتاريخ وكفاءة وتأهيل السياسي والقانوني الضليع أبل ألير، وفى منصب دستوري حساس كهذا، رجلاً لم تعرف له مؤهلات قانونية غير عدة أشهر عملها قاضياً للدرجة الثالثة بعد التخرج، ثم قاضياً فى "المناطق المحررة" أثناء الحرب، ثم موظفاً فى احدى المنظمات، دون ان تكون له ادنى خبرة فى القانون الدستوري والقانون العام. ولكن الجميع كانوا يعرفون ان المؤهل الأساسي الذى قدم الرجل لذلك الموقع الرفيع كان هو الانتماء لجماعة اولاد أبيي ونفوذ إبنها وزير رئاسة حكومة الجنوب القوي لوكا بيونق. وقد استقال الأخير قبل فترة قصيرة من منصبه الوزاري فى الحكومة الاتحادية. وكان قد شغل قبلها لسنوات طويلة منصب وزير رئاسة مجلس الوزراء في حكومة جوبا. وعرف الرجل بأنه حامل الأختام الرسمي، وأن رئيس الحكومة، سلفا كير، لا يصدر قراراً تنفيذياً قط دون أن يكون للوزير لوكا بيونق فيه يدٌ طولى. وعن طريق ذلك الموقع تمكن الأخير من خلق وتوطيد مزيد من المواقع التنفيذية السلطوية لجماعة "أولاد أبيي" القليلة العدد الضاربة التأثير. والقائمة تطول، فهناك القيادي اللامع إدوارد لينو، وغيره من المتنفذين من عشيرة دينكا نقوق المحدودة. وذلك فضلاً عن عدد من النافذين من أبناء القبائل الأخرى الذين تربطهم رابطة المصاهرة مع هذا الفريق.

ولكن ماذا الذي جعل لأولاد أبيي ذلك النفوذ الضارب والنصيب المتميز في "كيكة" المواقع القيادية داخل الحركة الشعبية، وحكومة الجنوب، مع أن عشيرة دينكا نقوق، من أولها الى آخرها، لا تتجاوز في التعداد، وفق أفضل الإحصاءات، ثمانين ألف فرد؟! وكل ذلك في وقت لا يجد فيه أهل التيارات الرئيسية في الحركة من أبناء دينكا بحر الغزال ودينكا أعالي النيل والنوير من مواقع التمثيل القيادي ما يناسب الأحجام الحقيقية لقبائلهم التي يصل تعدادها الكلي الى مئات الآلاف؟ وهي التيارات التي تشكل الوجود القاعدي الحقيقي لجيش الحركة الذي حقق للجنوب استقلاله بعد مسيرة كفاحٍ مرير فقد فيه هؤلاء نحواً من مليون ونصف المليون من بني جلداتهم؟

ونحن نعلم أن توزيع المناصب في جنوب السودان يجري على سُنن قبلية محضة يتم فيها استئناس حجم كل قبيلة بصرف النظر عن أي عامل موضوعي آخر. وربما يفسر هذا أن نائب القائد العام الحالي للجيش الشعبي لتحرير السودان فاولينو ماتيب، وهو ضابط برتبة فريق، يشغل هذا الموقع بالرغم من أنه أمي تماماً، لا يجيد والقراءة الكتابة بأية لغة من لغات الأرض. ولكن الأقدار شاءت له أن يقوم على ذلك المنصب الرفيع بحكم ضرورات التمثيل اللازم لقبيلة النوير، المتناسب مع حجمها ودورها في تجييش الحركة.
السبب وراء تعاظم نفوذ "أولاد أبيي" بسيط جدا، وهو أن أبناء المنطقة من عشيرة الدينكا نقوق ظلوا دائماً الأقرب والأكثر تفاعلاً مع مناطق الشمال، وهم أكثر أهل الجنوب حظوظاً في مضمار التعليم. وقد تلقَّى أغلب هؤلاء دراساتهم جنباً الى جنب مع أبناء الشمال في مدارس المجلد وغيرها في غرب كردفان، ثم الثانويات الكبرى وصولاً الى جامعة الخرطوم وما جاورها من الجامعات والمعاهد العليا. ثم إن هذا الفريق من أبناء أبيي، ولأسباب موضوعية ظاهرة للعيان، اكتسب عبر السنوات معارف وخبرات واسعة في التعامل مع بنيات الحركة السياسية الشمالية، لم تتوفر لغيره من أبناء الجنوب. الأمر الذي ساهم بدوره في تعزيز مواقعه السياسية وأدواره القيادية داخل المنظومة الجنوبية.

(4)
ماذا يريد أولاد أبيي من عشيرة الدينكا نقوق من وراء تصعيد الموقف العسكري في المنطقة؟ سؤال مهم. والإجابة عليه هينة وميسورة. هدف هذه الجماعة هو استباق حدث إعلان استقلال دولة الجنوب بالمسارعة الى خلق تطورات سياسية وعسكرية بالغة التعقيد، وتصعيد وتائر التوتر، على نحو قد يؤدي الى فرض أمر واقع جديد على الأرض، يجبر الحركة الشعبية على إعادة تصويب نظرها باتجاه أبيي، ويلزمها باتخاذ مواقف أكثر تشدداً بما يحقق ويكرس تبعية المنطقة المتنازع عليها للجنوب.
الحقيقة التي يعرفها المتابعون هي أن الحركة الشعبية على مستوياتها المختلفة القاعدية والوسيطة والقيادية، باستثناء مجموعة "أولاد أبيي" بطبيعة الحال، ظلت على مدى العام الشهور الاثني عشرة الأخيرة تفقد وبصورة تدريجية حماستها لتصعيد الأحداث في أبيي، ولم تعد لها ذات الرغبة في تعميق وتوسيع نطاق الصراع بغرض تأمين تتبيع المنطقة للجنوب، وأصبحت بالتالي أكثر ميلاً لاستطلاع آفاق الحلول السلامية التوافقية. وتحت تأثير هذا التطور النوعي في السياسة العامة والمزاج الجنوبي وجد فصيل أولاد أبيي أنفسهم منبتّين عن كيانهم الأصلي، الذي أخذ ينأى عن نصرة قضيتهم يوماً بعد يوم، تغليباً لمقتضيات ومصالح الجنوب الكلية الإستراتيجية، وفي مقدمتها تأمين الاستقلال والحفاظ على علاقات نشطة مع شمال السودان الذي ستظل له – برغم كل شيء – يد طولى في مهام إدارة بترول الجنوب حتى بعد الاستقلال.
العالم كله يعرف أن ملحق بروتوكول أبيي (الفصل الرابع في اتفاق السلام الشامل 2005م) كان قد نص بوضوح، وفي غير لبس، على أن حل الخلاف حول أبيي يتم عبر استفتاء شعبي. إذ قررت المادة (1-3) من الفصل الرابع إجراء استفتاء يختار من خلاله سكان المنطقة واحداً من خيارين هما: أن تحتفظ أبيي بوضعها الإداري الخاص في الشمال، أو أن تكون جزءاً من بحر الغزال. وفي هذا الصدد نص الاتفاق على إنشاء مفوضية لاستفتاء أبيي. السؤال هنا: لماذا لم يتم إنجاز الاستفتاء كما نصَّتْ عليه الاتفاقية؟!

الذي حدث أن مجموعة "أولاد أبيي" ذات النفوذ المتمدد – بصورة غير طبيعية – داخل الحركة الشعبية اكتشفت فجأة أن نتيجة الاستفتاء ستكون في غير صالحها، خاصة بعد تشعب وتعقد مسارات الحراك الديمغرافي وتدابير الاستيطان في المنطقة واستقرارها لصالح قبيلة المسيرية. وهكذا دفعت الحركة الشعبية، تحت تأثير نفوذ هذه الجماعة، باتجاه جديد وهو السعي لبناء اتفاق داخلي بينها وبين حكومة الشمال يتم بمقتضاه التخلي عن فكرة الاستفتاء، برغم النص الصريح الوارد في اتفاق نيفاشا. وهكذا بادرت الحركة بتقديم مقترح رسمي فحواه أن تقوم حكومة الشمال بتتبيع منطقة أبيي للجنوب بقرار رئاسي. دون حاجة الى تنفيذ بند الاستفتاء، وذلك في مقابل موافقة الحركة على توقيع اتفاق يجيز تقسيم النفط المنتج في المنطقة بين الشمال والجنوب. وهنا كان "أولاد أبيي" يراهنون على جزع الحكومة وأهل الشمال عموماً وتفاحش مخاوفهم جراء فقدان موارد البترول بعد انفصال الجنوب. ولكن حكومة العصبة المنقذة لم تستلطف هذا المقترح، فردته على أعقابه، وتجاهلته تماماً. وهكذا ظلت القضية عالقة دون حل.

فلما استعصى الأمر على جماعة "أولاد أبيي" لجأت الى حيلة جديدة لم تكن في الحسبان. قامت الجماعة على عجل بتلفيق مادة تنص على ضم المنطقة المتنازع عليها الى دولة الجنوب المستقلة اعتباراً من يوليو القادم، ثم أدرجت تلك المادة في مسودة دستور جنوب السودان قيد الإعداد، في محاولة جديدة يائسة لتصعيد الأحداث وخلق واقع جديد يتيح لها مجالاً أكثر حيوية للضغط والمساومة. وكان رد حكومة الخرطوم ثورياً فورياً إذ أعلن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير أن حكومته لن تعلن اعترافها باستقلال جنوب السودان صباح التاسع من يوليو في حال تضمن دستور الدولة الوليدة نصاً يقرر تبعية أبيي للجنوب. وإزاء هذا الموقف – ذي الكلفة الباهظة – اضطرت الحركة الى التراجع السريع عن خطتها وأعلنت سحب المادة المشار اليها من مسودة الدستور. وقد جاء قرار الرئيس سلفا كير في هذا الصدد بمثابة ضربة موجعة، قصمت ظهر جماعة "أولاد أبيي"، التي فوجئت بتسارع الأيام والشهور باتجاه الموعد المقرر لإعلان الاستقلال، في وقت خلا فيه جرابها من الحيل السياسية والدستورية، وأصبح شبح احتمالات استقرار أبيي في يد الشمال هاجساً يؤرق منامها ويقلق يقظتها.

(5)
كل من عرف النظام القبلي في جنوب السودان وخصائصه وآلياته ودينامياته، لا بد أن يعرف ضمناً أن أجندة "أولاد أبيي" لن تصمد كثيراً أمام معطيات الواقع الشاخص على أرض الجنوب في يومنا الحاضر. السياسيون في الجنوب يدركون أن هناك في مواجهة مقتضيات بناء الدولة الوليدة، مصالح إستراتيجية ومقتضيات للأمن القومي شأنها شأن أي دولة أخرى في العالم. وليس هناك بين صفوف أهل الحركة السياسية الجنوبية كثيرون ممن يملكون الاستعداد الكافي لتعريض المصالح الذاتية والسلام الإقليمي للخطر، عن طريق خلق مهددات داخلية وخارجية تضعضع كيان الدولة، وهي بعد ما تزال جنيناً في رحم المجهول يترَّجى لطف المولى، ويأمل في ولادة طبيعية. وهكذا فإنه لم يعد خافياً أو عصياً على الفهم أن هناك تيارات واسعة داخل المشهد الجنوبي لم تعد تأبه أو تقيم وزناً لنفوذ "أولاد أبيي"، أو تلقي بالاً لتأثيرهم السياسي المفترض. وهي ذات التيارات التي ترفض اليوم مجاراة هذا الفريق المتعنت في تشبثه بقضايا يعملون أنها لا محالة خاسرة، ويجابهون المخططات المحمومة لفرض حرب الساعة الخامسة والعشرون بحجة تبعية أبيي.
ولذلك كان رد الفعل من قبل القيادة العليا لحكومة الجنوب حول التطورات الأخيرة على المسرح الجنوبي، التي بلغت ذروتها باحتلال القوات المسلحة الشمالية مؤخراً لمنطقة أبيي، حاسماً بما لا يدع مجالاً لأي خلط أو التباس بشأن المواقف، خاصة في مواجهة التصريح الأخرق الذي بادر بإطلاقه فتى أبيي، وداعيَة الحرب، دينق الور. كان الأخير – بمجرد أن أكملت القوات الشمالية مهمتها في احتلال أبيي – قد بادر بإصدار تصريح نشرته جميع وسائط الإعلام جاء فيه أن الجنوب لن يدخل أية مفاوضات مع حكومة الخرطوم قبل انسحاب القوات الشمالية من أبيي. وفي اليوم التالي مباشرة – الخميس السادس والعشرون من مايو – ومن خلال مؤتمر صحفي مفتوح أطلق رئيس حكومة الجنوب سيلفا كير رصاصة الرحمة على رأس العفريت الذي يسكن رأس دينق ألور، إذ أعلن الرئيس سيلفا بكلمات مثل السيف: (أن الجنوب لن يعود للحرب) وفقما نقلت بعض الوسائط. و(أن الجنوب لن يعود للحرب بسبب أبيي) كما نقلت وسائط أخرى. لا فرق. فإنما كانت أبيي وأحداثها هي موضوع المؤتمر الصحفي، ومن الطبيعي والحال كذلك أن تكون الجملة الكاملة هي: (إن الجنوب لن يعود للحرب.. بسبب أبيي). وجاء الفصل الأخير بعد ذلك مباشرة عندما قام الرئيس سيلفا كير بإرسال وفد من الجنوب برئاسة نائبه الدكتور رياك مشار للتفاوض مع حكومة الخرطوم حول نزع فتيل الأزمة، وهي المفاوضات التي بدأت فعلياً الأسبوع الماضي. وهكذا صار تصريح دينق ألور – الذي تجاوزه سلفا كير ورياك مشار في ظرف سويعات قلائل – بأن الحركة لن تتفاوض قبل الانسحاب – طرفة تثير الرثاء بأكثر مما تبعث على السخرية!

(6)
الواقع ان قضية التأثير الاستثنائي لمجموعة "أولاد أبيي"، ونفوذها الذي استعصى عبر السنوات والعقود على المعايير السلطوية التقليدية الجنوبية، والذي فرضته معاملات كاريزمية تتصل بشخصية القائد الراحل جون قرنق، فضلاً عن معاملات أخرى موضوعية، ليست من مستحدثات السياسة الجنوبية. لقد ظلت معايير السلطة وإدارة السياسات واتخاذ القرارات داخل الحركة الشعبية خارج الأطر المعيارية المقبولة، وعلى نحو يتجاهل خصائص البيئة السياسية المحلية، تشكل هاجساً مستطرداً في أذهان عدد مقدّر من القيادات الجنوبية. بل إنها كانت في طليعة العوامل التي قادت الى محاولة الانقلاب الذي كان قد أعد له وشرع فى تنفيذه الفريق سلفا كير، الرجل الثاني في الحركة، أثناء حياة قائدها جون قرنق في العام 2004. وقد كان الداعم الأكبر لمشروع الانقلاب وعرّابه هو السياسي الجنوبي الضليع بونا ملوال. وثّق أمر ذلك الانقلاب كتاب (شن السلام في السودان) ومؤلفته هيلدا جونسون، وزيرة التعاون الدولي السابقة في النرويج، ونائب المدير التنفيذي لليونيسيف حالياً، التي سطرت بوضوح وهي تؤرخ لانقلاب سلفا ضد قرنق، أن المحرض الأول كان هو بونا ملوال، الذي سعى بيده وظلفه للإطاحة بقرنق بهدف خلق حركة جديدة تراعي التوازنات والمصالح في جنوبي السودان بصورة سليمة. وكان بونا ملوال واضرابه من مخضرمي قادة الدينكا قد جاهروا بمظالم القطاع الأعظم دينكا بحر الغزال الذين يشكل جنودهم العمود الفقري للحركة الشعبية، ويعانون فى ذات الوقت من التهميش السياسي، فى مقابل سيطرة حلقة صغيرة ومحدودة من متعلمي ابيي من عشيرة الدينكا نقوق على مراكز اتخاذ القرار داخل الحركة.

المتغيرات في رؤية الحركة الشعبية، وتزايد الرفض وسط القوى السياسية الجنوبية للمخططات والأجندة التصادمية لفريق "أولاد أبيي" لا يستند فقط الى تنامي المشاعر القديمة المتجددة بشأن النفوذ السلطوي غير المتكافئ داخل الكيان الجنوبي. بل إنه يرتكز في ذات الوقت على عوامل موضوعية محققة. الجميع في جنوب السودان اليوم يعلمون أن بترول أبيي واقع الأمر يقرب من أن يكون "أسطورة" أكثر منه حقيقة. وقد ظل الرهط من أولاد أبيي" يطرحون بترول المنطقة وكأنه الدجاجة التي تبيض ذهباً، ويخاطبون بني جلدتهم بأن التكاتف لتحرير أبيي من قبضة الشمال ليس فقط قضية أرض وبشر، بل ان الأرض والبشر سيأتون للجنوب وفي معيتهم الذهب الأسود الذي يحيل حياة كل الجنوبيين، بغير فرز، الى رغد من العيش. وذلك كلام يجوز على غمار الجنوبيين. ولكن أذكياءهم اطَّلعوا على التقرير التفصيلي الكامل الذي مولت الحكومة النرويجية الجهات المتخصصة التي أعدته حول بترول منطقة أبيي، إبان رعاية النرويج لملف الثروة في العام 2006م.

خلصت حكومة النرويج من خلال ذلك التقرير الى أن أبيي ليس بها كميات كبيرة من النفط كما يسود الاعتقاد، بل ان ما هو متوافر تحت أرض تلك المنطقة في طريقه الى النضوب في وقت وجيز. وجميعنا يلحظ أن حكومة الجنوب لم تنشط أبداً في بناء خط أنابيب لنقل البترول الى ميناء ممبسا كما ظل يتردد عبر السنوات، إذ لم يعد أحد يسمع عن ذلك المشروع. ولب الأمر كله هو أن جميع الحكومات والمنظمات الأوربية المساندة لمسيرة استقلال الجنوب كانت شديدة الوضوح في أنه بعد استئناس العوامل المتصلة بالجدوى الاقتصادية والمصالح الإستراتيجية فإنه من الخير لدولة الجنوب القادمة أن تتعامل مع الواقع كما هو، وأن تتواضع في حاضرها ومستقبلها على استئناف إدارة ملف البترول، والملفات الاقتصادية الأخرى، بالتعاون مع حكومة الشمال، عوضاً من فتح رؤوس جسور جديدة مع يوغندا وكينيا.

(7)
كانت جماعة "أولاد أبيي" تأمل في مؤازرة حكومة الجنوب لمخططها الشيطاني وورقتها الأخيرة بتصعيد الأحداث واستباق المواقف وذلك باحتلال المنطقة المتنازعة عليها احتلالاً عسكرياً، بحيث تكون المنطقة فعلياً تحت يد الجنوب، ويكون الشمال في موقع المُطالب بأراضٍ يحكمها غيره. ولكن القوات المسلحة الشمالية حسمت الأمر وسارعت الى خلق واقع مضاد لا يبدو في الأفق أن بوسع الجماعة أن تتصدى له، لا سيما في ظل الانحسار الدرامي للمساندة الرسمية من قبل حكومة الجنوب للاتجاهات الداعية لركوب حصان التشدد في مواجهة الشمال.

ولا ريب عندنا في أن أبيي ستظل شمالية. وقد كانت كذلك على مر التاريخ. ذلك ما أكدته المواثيق والمعاهدات قديمها وحديثها. منذ اتفاقية استقلال السودان عام 1956م، وصولاً الى اتفاق السلام الشامل الذي وقعه ممثلاً الشمال والجنوب، وشهد عليه ممثلو حكومات العالم من كل رهط وملة. وقد نص اتفاق السلام بكلمات عربية مبينة، وألفاظ إنجليزية لا تلتبس على أحد، أن الحدود بين الشمال والجنوب ستكون هي ذات الحدود التي تم التواضع عليها عند استقلال السودان في العام 1956م. كما نصت المادة (1-4) من الفصل الرابع في ذات الوقت على أن (الخط بين الشمال والجنوب الموروث منذ الأول من يناير 1956م غير قابل للتعديل إلا كما اتفق عليه أعلاه). ونحن نعلم الآن أن ما (اتفق عليه أعلاه) وهو تدبير الاستفتاء الذي يحدد فيه أهل المنطقة خياراتهم لم يصادف هوى فتية أبيي، فداروا من حوله وآثروا عليه حلولاً ومخارج ملتوية. والحدود المشار اليها تعيِّن لأبيي موقعاً في شمال السودان، لا في جنوبه. ذلك هو القول الفصل الذي لا قول بعده. وإنما يمسك الرجال من ألسنتهم، وتمسك المواثيق من نصوصها.

(8)
الصورة الراهنة – برغم غلالات الوجل والاضطراب التي تغيم على سماوات بعض مدمني القلق بين ظهرانينا – تبدو لي أكثر إشراقاً. لا شك عندي في أن حكومة الفريق أول سلفا كير تعي تماماً حقائق الأمر الواقع، وتتعامل معه بروح جدية، مستلهمةً العقل والوعي الذي يستعلي بالمصالح القومية لأهل الجنوب، في الحاضر والمستقبل، ويرتقي بها فوق الأهواء والأجندة الخاصة. ومن الخير أن تمضي حكومتا الجنوب والشمال قدماً، لا تلويان على شيء، في خطط معالجة ما تبقَّى من أجندة الاستقلال وقيام الدولة الجديدة. وفي مقدمة البنود العالقة، التي تتطلب عزماً وحسماً وإرادات صادقة: بند المواطنة، وبند الحدود، وبند إدارة النفط في مرحلة ما بعد الاستقلال.

وسنكون بإذن الله أول من يعترف بالدولة الجديدة الوليدة وبسيادتها على الجنوب، وفقاً لقواعد القانون الدولي وأعرافه، وسنكون عوناً لها على البر والتقوى، وحرباً معها – حذاءً بحذاء، وقدماً بقدم، على الآثمين والمعتدين.. والبلاطجة.

مصطفى عبد العزيز البطل
[email protected]
عن صحيفة " الاحداث" – 01/06/2011

تعليق واحد

  1. شكرا لأخونا البطل لأنو وضع النقاش في منطق الفكر والتحليل (بس مش تحليل زي بتاع رئيسنا جمال مبارك الذي راح شمار في "ليمان طرة" مع الثورة المصرية ) . لذلك كان لا بد للرد ان يكون بقدر ما أعطى وإن كانت المساحة المتاحة للرد لا تسمح بذلك فعذرا .
    أخونا البطل أراد بكل ما أوتي من قوة أن يجعل للموضوع "بطل" و"خائن" وقد وجد ضالته في "أولاد أبيي" الخائن الأكبر الذي سوف تصير سيرتهم وليس الصراع في المنطقة بأرضها وبترولها (الذي رغم أنف الخبراء الدينماركيين كان ينتج أكثر من ثلث إنتاج البلاد) هي موضوع الصراع الحقيقي. وطالما أن البطل نقل الصراع الى صراع "أولاد" فمن السهل نبش سيرة الأولاد وإلقاء التهم عليهم وتحميلهم وزر كل شيئ حتى اللغز في عروضهم و"بزوجاتهم الأثيوبيات".
    من هو الذي يضع العراقيل أمام الإستفتاء ، طبعا بالنسبة للبطل هم "الخائن" أولاد ابيي .. لماذا؟ لأنهم عرفوا بأن نتيجة الإستفتاء سوف لن تكون لصالحهم نظرا للتغيرات الديموغرافية …. إذا اولا هنالك إعتراف بأن الموضوع فيه تغيرات ديموغرافية. اما كيف تمت تلك التغيرات فلا يهم البطل ويفترض أيضا كما يرى البطل أن لا تهم "الخونة" من اولاد ابيي. أما إذا كان امر التغييرات مثلا في ديار المحس بالشمالية (اهل البطل) فالله يديك العجب بعدين في البحث عنها حتى في زمن ترهاقا .. ماذا فعلت قوات المراحيل مثلا .. كيف كانت تنهب القرى ويستعبد الناس ويرحلوا من مناطقهم في عهد هذه الحكومة أو في العهود التي قبلها وحتى في الهجمة الأخيرة رأينا كيف تم حرق منازل الدينكا وكيف تتم الآن بعد "الإحتلال" التغييرات الديموغرافية "الجد جد".
    والمتعلمين "الحاقدين" من ألاد الدينكا نقوق لم يأت "حقدهم" من فراغ أو لمجاورتهم للشماليين وإستفادتهم من التعليم بالشمال (هم يا الله ما كانوا سودانية ولا شنو؟) يأتي حقدهم أساسا من الممارسات السالفة الذكر ولأن قراهم كانت تستباح في تلك "الغزوات" ولأن نسائهم كانوا يبعن كالرقيق ولأن الأولاد والنساء كانوا بعد الأسر يعملون بالسخرة في الزراعة … كل ذلك و"الحاقدين النقوق ما هم إلا ناكري جميل للشماليين الذين علموهم" ..؟
    طيب إذا تم الإستفتاء حسب البرتكولات وحسب قانون الإستفتاء فلا أدري ماذا يضير هؤلاء "الخونة الحاقدين ساي من أولاد نقوق":
    "«منطقة أبيي» يقصد بها الرقعة الجغرافية المنصوص عليها في المرسوم الجمهوري رقم 18 لسنة 2009م الخاص باعتماد قرار محكمة التحكيم الدائمة بلاهاي".
    (سكان منطقة أبيي سيكونون: أ-أعضاء مجتمع دينكا نقوك والسودانيين الآخرين المقيمين في المنطقة. ب- معايير الإقامة سوف يتم تحديدها بواسطة مفوضية إستفتاء أبيي) المادة 6 (2).
    والبرتكولات أيضا تتكلم فقط عن ضمان حق المسيرية التاريخي في المرعى .. والواضح أن الأمر إذا ما تم حسب الإتفاقات الدولية فسوف يكون الإستفتاء في صالح عموديات "الدينكا التسع"
    فإذا كانت الإتهامات بالنوايا فالأجدر بالاتهام من رفضوا أولا قرار لجنة التحكيم بلاهاي ثم عادوا وأعترفوا بقرار لجنة الخبراء (التي أعطتهم معظم البترول "الناضب" وأعطت معظم الأرض للدينكا وهذا القرار لم يعترض عليه "الأولاد الخونة" بل اعتبروه لصالحهم في الإستفتاء المقبل ). لكن يوجد الآن من يحاول فعل المزيد من التغييرات الديموغرافية لـ"السودانيين الآخرين المقيمين في المنطقة" وفرض واقع عسكري جديد.
    هل فعلا هؤلاء الحاقدين لم يقدروا قوتهم فبدأوا في الضرب العشوائي ثم عندما جاءت القوات الشمالية هربوا كالجرذان..؟؟
    يا جماعة الخير عليكم الله أنا عندي الفكر الشيطاني دا بمجرد ما تجي القوات الحكومية أهرب ومن ديك وعيك..؟؟ الفايدة شنو إذا كنت أنا اصلا بفكر ، زي ما قال البطل ، في خلق واقع عسكري جديد..
    إذا قاومت "القوات الشيطانية دي" لمدة يوم أو يومين كنا نقول إمكن الجماعة فعلا دايرين يخلقوا واقع جديد لكن يهربوا كده من قولة تيت ..؟؟ دا فكر وين ..؟؟ هم كانوا بيحاربوا الحكومة دي كم سنة ما عارفين الحكومة دي قوتها كيف..؟؟ دي افكار شيطانية ولا لعب (تحليل) عيال ..؟؟

  2. ابيى معروفة انها شمالية و دينكا نقوق جاؤوها من مناطق اخرى من الجنوب هربا من صراعات بينهم و قبائل اخرى هذا ما قراناه فى هذا الموضوع و المسيرية اقدم وجودا منهم فى هذه المنطقة بس اغلبهم يهاجر مع ماشيته فى فصل الخريف شمالا!! طيب ليه المفاوض الحكومى فى نيفاشا ما حسم الموضوع ده على اساس حدود 1956 و تبعية المنطقة من 1905 لجنوب كردفان؟؟؟ و بروتكول ابيى و استفتاء و لاهاى و لجنة خبراء و ما هم بخبراء!!!! حدود الشمال مع الجنوب هى حدود 1956 وانتهى الفيلم و ما اوقع اتفاقية الا على هذا الاساس!!! بعد كده موضوع الاتحاد او الانفصال ده موضوع تانى و فيه اراء كتيرة و مختلفة !!!!

  3. الأستاذ البطل…

    مقال استخباراتي بامتياز!

    غابت عنه لغة البطل الرصينة ومفرداته المميزة وطرائفه وتهكماته الساخرة!

    ثم ….

    كيف يغيب عن ذهنك بعد مهم جدا لهذه الكارثة…. الغرب وما يطمعون فيه!

    هل تظن أن هذه المشكلة ستمر دون أن يستفيدوا منها….. تمون واهما

    سيدفع الطرفان…. الجنوب والشمال…. ثمن الذي سيجنيه الغرب _ أمريكا تحديدا – من أبيي

    إذا كان المثل يقول : المال السايب بعلم السرقة

    فان البلد السايب – اسأل اسرائيل – أيضا يعلم سرقة الموارد والبلدان بحالها

    زي ما درقوها لصدام…. قنطروها للبشير… والعالم لا يحترم المدردقين.

    قصة … ونهايتها لسة…

    تحياتي

    متابع باهتمام

  4. شكرا اخى مصطفى على التحليل المنطقى والهادف بعيدا عن الميولات السياسية
    ويسلم قلمك

  5. البند رقم 8 اعجبني وهو صوت العقل لكل الساسه في الشمال والحنوب ..نتمنى ان يعيشوا بسلام في دولتهم وجاره لنا بأمان واستقرار لكل من الدولتين ونلتفت للتنمية لشعوبنا .. واشكرك اخي مصطفى على هذا الراي السديد الذي ينير الطريق ويفتح افاق جديده لكل من الشعبين رغم كيد الكائدين

    لا شك عندي في أن حكومة الفريق أول سلفا كير تعي تماماً حقائق الأمر الواقع، وتتعامل معه بروح جدية، مستلهمةً العقل والوعي الذي يستعلي بالمصالح القومية لأهل الجنوب، في الحاضر والمستقبل، ويرتقي بها فوق الأهواء والأجندة الخاصة. ومن الخير أن تمضي حكومتا الجنوب والشمال قدماً، لا تلويان على شيء، في خطط معالجة ما تبقَّى من أجندة الاستقلال وقيام الدولة الجديدة. وفي مقدمة البنود العالقة، التي تتطلب عزماً وحسماً وإرادات صادقة: بند المواطنة، وبند الحدود، وبند إدارة النفط في مرحلة ما بعد الاستقلال.

  6. لك التحيه والتقدير على هذا التحليل الوافى ومنطقى…… ,فقط لدى مداخله وهى ان حكومة الجنوب لم ترد للشمال خيرا بدليل دعواها المستمره للغرب باستمرارية العىقوبات على السودان وعدم رفعها مما يزيد من معاناة المواطن المسكين المغلوب على امره رغم مشاركتهم فى الحكم مع الوطنى سواء كانوا اولاد قرنق اوغيرهم.

  7. مقتبس من أعلاه : (وسنكون بإذن الله أول من يعترف بالدولة الجديدة الوليدة وبسيادتها على الجنوب، )……..من أنت يا أمل الشباب !!!!!!!!!!

  8. اخي البطل فعلا انت بطل القلم الصادق والفكرة الثاقبة لك مني التحية فانا وكثيرون ننتظر مقالاتك بتلهف وشغف فلا تبخل على ابناء بلدك بعطائك الثر
    نحن سئمنا من الحروب ومن الانقاذ نريد من كل الحادبين على مصلحة هذا البلد توجية اقلامهم لمناصحة هذا النظام حتى يعود لصوابة او ان يرحل غير ماسوف علية فهو سبب تعاستنا

  9. حقيقي شكراً للكاتب مصطفى الذي قدم تحليل منطقي وموضوعي
    وستظل أبيي شمالية رغم أنف (مجودي) الذي حاول تفريغ الموضوع وإثارة الفتن ما ظهر منها وما بطن
    ونسأل الله أن يجنب بلادنا شمالاً وجنوباً ( مثيري الفتن)

  10. عزيزى البطل…..وكأنى اقرأ مقالة للطيب مصطفى او اسحق فضل الله وهم يسبون ااولاد قرنق ….يبدوا ان احد ابناء الجنوب من الحاقدين على انتاء ل=ابيى كان ينفث سموم حقده على مكالة ابناء ابيى فى الحركة الشعبية زالتم جلوس وسط مينا بولس فى كاريب كافي

  11. (أن المحرض الأول كان هو بونا ملوال، الذي سعى بيده وظلفه للإطاحة بقرنق) حتى تآمر مع ا لدواجو على إغتياله كما ورد فيصحيفة الرأي العام دون الموهصلة في سرد التفاصيل! بونا ملوال هو سبب كل البللاء. ولكن لمااذا حدد البروتكول أحقية دينكا نقوق في الإفتاء ولم يذكر المسيرية بالإسم؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..