النفايات الطبية والإلكترونية.. خطر داهم وتلوث قاتل.. انعدام الوعي

الخرطوم – زهرة عكاشة
من السهل أن تضع نفاياتك المنزلية أمام باب بيتك أو ترمي بها على قارعة الطريق بإهمال وعدم اكتراث، لكن من الصعب أن تتخلص من الأمراض التي تحدثها رغم بساطة الفعل، خاصة تلك المخلوطة بأجزاء من حاسبك الآلي (لوحة مفاتيح، فأرة وأسلاك كهربائية)، أو إبر وحقن وغيرها من النفايات الطبية الناقلة للأمراض المهددة للحياة.
من الضروري التعامل معها بحذر شديد حتى لا نعرض حياتنا والآخرين للخطر الآتي لا محالة في ظل غياب الوعي وشح الموارد والآليات للتخلص منها، وتدور أسئلة ملحة عن الطريقة المثلى للتعامل مع تلك النفايات، وما هي الأضرار المترتبة عنها، وماذا تفعل الجهات المعنية حيال ذلك؟
تخلص سليم
قطعاً ليست دعوة لرفض الهدايا، ولكن عميد قسم الكيمياء بجامعة الخرطوم د. إبراهيم أحمد حذر من قبول الأجهزة الإلكترونية المستخدمة التي تدخل البلاد كهدايا من أي دولة، ويقول: “يجب أن لا نقبل أي أجهزة مستخدمة من قبل، لأنها نفايات ولابد التخلص منها، لخطورتها وتأثيرها الضار على الإنسان”، مؤكداً أن جميع أجزاء الحاسب الآلي مضرة حتى الوصلات والأسلاك، منبهاً إلى عدم رميها بعشوائية، ولفت إلى ضرورة وجود اتفاق مع الشركة الموردة ينص على إرجاع أجهزة النفايات، لأنهم يستطيعون التخلص منها بالطرق السليمة، في الوقت الذي لا يمكننا فيه فعل ذلك، لانعدام المقومات.
عمال مهرة
أما بالنسبة للنفايات الطبية، أكد د. إبراهيم أنها تؤثر في الإنسان والحيوان على حد سواء، ولابد من التخلص منها بطريقة صحيحة أيضاً، لاسيما نفايات مستشفى الذرة التي تحتاج لمعالجة خاصة. وقال: “هناك محرقة للنفايات الطبية تقع على بعد (40 ? 50) كيلو متراً غرب أم درمان تحرق فيها تلك النفايات، فضلاً عن النفايات الناتجة عن الجرعات النشطة لمرضى السرطان”، مشيراً إلى وضع مخلفات الحرق من رماد في حوض أسمنتي حتى لا يأخذها الهواء معه. وأضاف: “مرحلة جمع النفايات أصعب المراحل لأنها تتطلب عمالاً مهرة وزياً محدداً وسيارات مجهزة ومخصصة لذلك، ثم الحرق الذي يجب أن يتم بطريقة خاصة. وأكد أن الموضوع يحتاج لجهد وإمكانيات، وحذر من رمي النفايات الإلكترونية أو دفنها بعشوائية، ونبه إلى ضرورة حفظها في أكياس قبل التخلص منها.
استجابة محدودة
وأشار رئيس جمعية حماية المستهلك دكتور نصر الدين شلقامي إلى أن الدولة الآن لا تملك وسيلة للتخلص من هذه النفايات بصورة صحيحة. وقال: “وجودها بالمخازن وضع غير سليم، رغم اتفاقية بازل السويسرية التي وضعت اتفاقاً للتخلص منها بالصورة المثلى وإرجاع المواد الفائضة والنفايات إلى مصدرها”. وأردف: “لكن لم يحدث ذلك لانعدام الرقابة، نحن في السودان نتعامل مع تلك النفايات بطريقة عادية مثلها مثل النفايات المنزلية، بالرغم مما يمكن أن تسببه من أمراض خطيرة كالسرطان مثلاً”. وقال: “إن الأمر برمته يحتاج لإرادة سياسية واهتمام من الدولة، ومن جانبنا في حماية مستهلك لن نترك الأمر وسنظل نلاحق الجهات المسؤولة ولاسيما أننا قدمنا لوزارة البيئة مشروع للتخلص من النفايات الإلكترونية نسعى لتنفيذه”.
نفايات في الشارع العام
“تحتوي النفايات الطبية على أجزاء من جسم البشر أُزيلت بعمليات جراحية كبقايا شاش، قطن، فتايل أدوية، حقن، إبر وأشياء أخرى”، هكذا ابتدر الأستاذ المشارك لعلاج الأورام والطب النووي كلية الطب جامعة الخرطوم بروفيسور كمال حمد عبدالمنان حديثه. وقال: “كلها نفايات تضر بصحة الإنسان ضرراً بالغاً، لذلك يتعامل معها العالم بصورة علمية، وفرزها وتدوير ما يمكن تدويره، وحرق الباقي في محارق خاصة لهذا الغرض وبطريقة علمية بعيداً عن المساكن.
وأضاف: “ما يحدث الآن هو أن نفايات المستشفيات توضع في الشارع العام في انتظار سيارات الولاية لنقلها مما شكل خطورة بالغة على المواطنين، لأن بعض الحقن الموجودة في هذه النفايات استخدمت لعلاج مرضى الأيدز أو التهاب الكبد الوبائي، ويمكن أن يلعب بها الأطفال فينتقل لهم الفيروس”. أما نفايات مستشفى الذرة، فقال: “تحتوي على قوارير ودربات استعملت لإعطاء العلاج الكيمائي، لذلك هي خطيرة على صحة الإنسان”. وتابع: “في كل العالم هناك قانون وتدابير للتعامل معها بطريقة علمية، وهذا قطعاً غير موجود في السودان”.
الخرطوم أعلى إنتاجاً
من جانبه، أكد مدير الرقابة البيئية بوزارة البيئة الاتحادية علي محمد أحمد أنهم في الوزارة يخطون بخطى حثيثة للتخلص من النفايات الإلكترونية والكيماوية والأسمدة ونفايات الرعاية الصحية من خلال الاستراتيجية البيئية وخطة البيئة للعام الماضي وهذا العام. وقال: “قطعنا شوطاً كبيراً في مراقبة التلوث وإزالته، بعد أن عززت الدولة اهتمامها بالبيئة وأجازت ميزانية لا مثيل لها هذا العام”.
وأوضح (علي) أن إيجاد حلول لمعالجة نفايات الرعاية الصحية سيتم من خلال لجنة تنفيذ الخدمات الصحية التي يرأسها وكيل وزارة البيئة د. عمر مصطفى انبثقت من الآلية التي كونها مجلس تنسيق الخدمات الصحية التي يترأسها رئيس الجمهورية، وقال: “لأن هناك خللاً في التعامل مع تلك النفايات وجمعها نعمل على إيجاد معالجة آمنة وسريعة للتخلص منها، سيما في ظل غياب الدور التوعوي ومعرفة ما تسببه من مخاطر، عند تعرض مرافقي المرضى والزائرين للإصابة بالعدوى والأمراض المنقولة”. وتابع: “وقد توصلنا لتكنولجيا تمكننا من ذلك، ونشرع في خلق آلية تعزز الموارد وتضمن استمراريتها لتحقيق مبدأ الاستدامة على المستوى القومي لحماية البيئة في كل السودان”.
وحذر (علي) من وضع نفاياتها الطبية خارج المستشفى أو حرقها في أي مكان، لأنه جرم يعاقب عليه القانون، خاصة وأن المستشفيات باتت تحاصر السكن والمدارس ورياض الأطفال، ولابد من التعامل معها بمسؤولية أخلاقية، لذلك في دراسة الجدوى البيئية للمستشفيات الجديدة نراعي بُعدها الكافي ووسيلة معالجتها للنفايات. وأكد مدير الرقابة البيئية على ان ولاية الخرطوم هي اكثر الولايات انتاجاً للنفايات تليها ولاية الجزيرة
اليوم التالي