أخبار السودان

وعمر آخر يا عمر

د.هاشم حسين بابكر

*من ذلك الأشج من بني أمية يسمي بعمر ,ويسير بسيرة عمر,ويملئ الأرض عدلآ!؟نبوءة الفاروق عمر قبل أربعين عامآ من ميلاد عمر بن عبدالعزيز.تكوين شخصية ابن عبد العزيز بدأت قبل ميلاده بسنين عددا.الفاروق في جولته الليلية والناس نيام سمع حديث بين أم وابنتها تقول الأم لابنتها “أمزقي اللبن بالماء” وترد الابنة”ألم ينه أمير المؤمنين عن هذا؟” وتجيب الأم ” أين أمير المؤمنين الآن انه لايرانا” وتجيب الابنة “ان كان أمير المؤمنين لا يرانا فرب أمير المؤمنين يرانا”هل داهم الفاروق المنزل واعتقل من فيه!؟ كلا هل أرسل قوة أمنية مدججة بالسلاح!؟ كلا.لم يواصل حتي جولته المسائية وعاد الي بيته مطمئنآ وراضيآ…!

*وفي الصباح جاءه ابنه عاصم يخبره بعزمه الزواج,فما كان من الفاروق عليه رضوان الله الا أن أخذ بيده الي تلك الدار وخطب له تلك الفتاة الصالحة.تزوجها عاصم وانجبت له بنتآ أسموها ليلي و كنوها بأم عاصم.وعاشت أم عاصم حباة تقية نقيه حتي تزوجها عبد العزيز بي مروان فولد منها العبقري عمر.

*عاش ابن عبد العزيز حياة رغده منعمه,وذات يوم وهو مازال طفلآ ذهب الي الاسطبل رفسه حصان وشج جبهته,جزعت أم عاصم جزغآ شديدآ وأخبرت والده الذي أتي مسرعآ,وكان واليآ علي مصر لم يستدع الاسعاف ولم يعلن حالة الطوارئ في رويال كير,بل تذكر نبوءة جده الفاروق عمر وقال لزوجته مستبشرآ”أبشري أم عاصم هذا اشج بني أمية الذي تنبأ به جدك عمرقبل أربعين عامآ,كلمات كانت كفيلة ببث الطمأنينة في قلب أم عاصم وقد استبشرت هي الاخري وذهب عنها الجزع الي غير رجعة..!

*ما يميز ابن عبد العزيز عن غيره من الحكام,انقلاب حدث في لحظات قبل توليه الحكم,فقد أحدث أنقلابآ فريدآ من نوعه وكان انقلابآ علي الذات,وقد عهدنا الانقلابات علي الآخرين تدبر خفية بليل وتحدث بعدها الأعاجيب باسم الشرعية الثورية وباسماء ما انزل الله بها من سلطان,لكن ابن عبد العزيز انقلب انقلابآ روحيآ علي ذاته.قبل دقائق من توليه الحكم كان أغني الأغنياء, دخله السنوي كان يعادل اربعين الف دينار,مبلغ يحلم به أغني أغنياء الدنيا في ذلك الزمان,ذهب بكل ما يملك الي بيت المال ورضي لنفسه براتب قدره مئتيي دينار في العام,لن أسأل عن راتبك كم كان وكم أصبح,ولا عن رواتب عطالي السياسة الذين تستوزر,ولا عن مخصصاتهم,ولا عما يجنبونه من أموال المواطنين المسحوقين بالضرائب والاتاوات,والذين كلما ولغوا في اموال المسحوقين ازدادوا شرهآ,فأصبحنم كالنار كلما سئلت هل امتلئت تقول وهل من مزيد.!!؟

*لم تمر بضعة دقائق علي انقلابه علي ذاته تحول من أغني الأغنياء الي أفقر الناس,أتته احدي قريباته تريد منه عونآ نظرت اليه وخرجت دون أن تطلب شيئا,فقالت لمن سألها لم أساله شيئآ فقد وجدته أحوج مني..!!؟

*في يوم العيد جائت طفلته الصغيرة تبكي وتشكو له أن ثوبها قديم وبالي,وكل الأطفال يلبسون الجديد وهي تريد ثوبآ كبقية الأطفال,هل ياتري ذهب بها الي مولات دبي,أو ماركس اند سبينسر في لندن,كما تفعل اسركم؟ كلا أخذ بيدها وذهب الي أمين بيت المال وطلب منه سلفية تخصم من راتبه أول الشهر,اتدرون ماذا كان رد أمين بيت المال,!؟قال له أريد ضمانآ منك انك ستعيش الي آخر الشهر…!!!

*كيف ياتري كان رد فعلك ازاء محافظ بنك السودان اذا تأخرفي تلبية الطلب لمدة ساعة أو أقل!!؟هذا اذا تأخرمع استبعاد رفض الطلب والضمانات وغيرها,ماذا يا تري لو تجرأ وطلب ضمانآ!!؟هل سيبقي علي قيد الحياة حتي يأتيه الضمان,ان أجهزة أمنك ستقوم بالضمان اللازم علي حياته وليس علي ما طلبت من قرض.!!!؟

*اعتذر أمير المؤمنين لطفلته وعاد بها وبثوبها البالي.!!!؟
*ورث اين عبد العزيز مجتمعآ ممزقآ يتربص بعضه ببعض,ودعم بنو أمية ملكهم بشحذ القبلية والعنصرية,فظهرت العنصريات وبرزت القبيلة كقوة سياسية, هكذا كانت ورثته السياسية,فكان الانقلاب الثاني,الذي أعاد روح الأسلام وأعاد الاخاءوالتراحم قي المجتمع.

*اننا نعيش ذات القبلية والعنصرية التي جرائها انفصل الجنوب,والبقية من المناطق الثلاثة تستعد لذلك وبذات المقاييس التي انفصل بها الجنوب…!!!؟
*وضع ابن عبد العزيز دستورآ لولاته أقتبس بعض بنوده:
_*اتبعوا ما أحل الله وحرموا ما حرم واعترفوا بحقه تعالي واحكموا بما أنزل
*افتحوا باب الهجرة للمسلمين
*دعوا الناس يتجروا بأموالهم في البر والبحر ولا تحولوا بين العباد ومعايشهم,
*أبيحوا ارض الحمي للمسلمين عامة,وليكن حق الأمير كحق واحد منهم
*كافحوا التطفيف في الكيل والبخس في الميزان
*الخمر باب الخطايا ,فحرموا كل مسكر
*لآتتجروا وانتم ولاة,فان الأميراذا اشتغل بالتجارةاستاثرواصاب ظلمآوان حرص الا يفعل
*لا تأخذوا أموال الناس الا بالحق الذي شرعه الله,وما عدا ذلك فضعوه كله ,لا فرق بين مسلم وأهل كتاب
*ضعوا السخرة عن الناس وليكن لكل عمل اجره
* دعوا المرازع لما خلقت له,فانما خلقت لأرزاق المسلمين كافه
*لا تتخذوا علي أبوابكم حجابآ يمنعون ذوي الحاجات والمظلومين
*اقمعوا صوت العصبية والعنصريةولا تدعو الناس يقول أحدهم انا مضري,ويقول الآخر انا يمني فالمؤمنون اخوة
*الخيل عدة الجهاد فلا تدعوها تركض في غير حق
*واليوم يعلن الولاة والوزراء دون خجل انهم تجار,ويمتلكون الشركات و المزارع دون حق وتسخر لهم امكانيات الدولة,ولا يسألون عما يفعلون.!!!؟
*المواطن الذي كان في حدقات عيون العمرين أصبح لديكم نسيآ منسيا.!؟
*ابن عبد العزيز كان غيورآ علي مواطنيه.فقد بلغه أن اسيرآ مسلمآ أغراه قيصر باعتناق المسيحية فرفض كل الاغراءات التي بلغت نصف ملك قيصر,وبدأ قيصر في تعذيبه,بلغ الامر عمرآ,الذي لم يدن ولم يستنكر,ولم يقدم شكوي لمجلس الأمن,بل أرسل له رسالة عابرة للقارات جاء فيها:
“من أمير المومنين عمر بن عبد العزيز الي كلب الروم قيصر,أما بعد فقد علمنا بأمر اسيرنا لديك ابعث به الي من فورك,فوالله ان لم تفعل لأرسلن لك جيشآ أوله عندك وآخره عندي”
*وارتجفت اسارير كسري رعبآ,لادراكه التام أن عمر اذا قال فعل,وأمر باعداد مركبته الملكية الخاصة ويحرسها الحرس الملكي وتتبعها قافلة ضخمة محملة بنفيس الهدايا,هكذا كان حكامنا يحرصون علي سلامتنا وكرامتنا,واليوم يعتدي علي مزارعينا وتنهب محاصيلهم وتغتصب أراضيهم,دون أن تدين أو تستنكر,ان العجز عن المواجهة ألجم السنتكم حتي مجرد الادانة والشجب..!!
*ألا رحم الله الفاروق وابن عبد العزيز عن المسلمين كل خير,فقد وضعوا منهاجآ للحكم يقتدي به الذي يأتي من بعدهم,ولكنهم ضلوا سواء السبيل والعياذ بالله..!!!


[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. كانك تحرث فى البحر. هم يعلمون هذه الأحاجي ويحفظونها عن ظهر قلب بل كانوا يبتزون بها كل من خالفهم الرأي فهم ورثة الأنبياء ونحن خير من استأجرنا القوى الأمين ، ولكنهم عند المحك وجدوا خطل ما كانوا يدعون ، فتركوه وراء ظهورهم حتى اذا أخذتهم العزة بالاسم ، انبرى أشقاهم ليخبرنا بأنهم قد امتحنوا فى منهج لم يدرس لهم مثلما هى اللغة الروسية اليه .
    وها انت الان تدس السم فى الدسم لتحدثنا بأنهم قد خالفوا نهج الخلافة وتطلب منا ان نحاسبهم ببعدهم او قربهم من ذاك العصر. حتى اذا ايقنت بأننا قبلنا عبطا اقتراضك ان الخطل ليس فى الفكرة بل فى الأفراد الذين حملوها،لنقبل بسذاجه ابدال عمر بعمر اخر وحسن بحسن ليستمر نهج الدولة الأموية فينا الى الأبد.
    مقالاتك هذه تصلح ان تكون اوراقا فى احدى مؤتمرات الحركة الاسلامية ولذا لا ينبغي ان تبث من خلال الراكوبة، المتنفس الوحيد لشعب أذاقوه مرارة الذل والهوان.
    لك ان تحتفظ باسلاميتك لنفسك ولكن لم يبقى من الظلام ما يسمح بإعادة التجربة. وعورات الاسلام السياسي وفساد مشروعة الحضارى لا يحتاج منا ذلك الجهد لننبشهه.

  2. يا دكتور دي مقارنات ولا حتى في الواقع وديل ناس تأدبوا بادب الرسول صلى الله عليه وسلام وادب الاسلام وهؤلاء كانوا نجوم زاهرة في التاريخ ..

    يا اخي نحن بس خلينا نقارن نفسنا بعدل اثيوبيا ؟ او غانا او اي من الدول الافريقية؟

    يا اخي خلينا نقارن بيننا وبين دول الخليج – اصغر دولة في دول الخليج من حيث النظام والالتزام بالقانون وروح العدل ؟طبعا هنالك بعض الاختلالات في كل الدول الافريقية والعربية التي اتتت بعدنا ولكن نحن مشكلتنا اذا وجدت اشراقة واحدة فهي الكلمة الشاذة.. ان الاخوان المسلمين والكيزان برئاسة الترابي اجهضوا اتجربة الأنسانية تماما وحولوا الحكم الى ظلم ومقت واعاداو بالناس الى عهد نيرون والفرعون الاكبر ؟

    يا دكتور هاشم لا توجد مقارنة اطلاقا وهؤلاء القوم لن يتعظوا ابداً واستغفر الله العظيم لو جبت لهم هؤلاء الاعلام الان لظلموها ولحاربوها بحد السيوف …

    ان الفكر الذي سيطر على هؤلاء هو فكر خارجي داعشي يعتقدون انهم هم الصح وبقية خلق الله خطأ ويا ريت لو كانوا يعتقدون اننا على خطأ وبس بل يعتقدون انه لا حق لنا في الحياة ويجب ان يكون مصيرنا القتل وان نعمل وما نقول بغم وان نعمل من اجلهم فقط لأنهم يعتقدون انفسهم انهم الافهم والافضل والاكثر اسلامية وان قلوبهم نقية وبيضاء (كما قال كمال البكاي) وبقية الخلق خلقت من اجلهم؟؟

    امثال هؤلاء قتلوا عليا ابن ابي طالب في المسجد وان الذي قتله كان يكبر ويهلل ؟؟؟ ومن يقتل علي بن ابي طالب؟ وله من المناقب ما لا توجد عند احد من العالمين؟؟ فهؤلاء قتلوا علياً كرم الله وجهه؟ من العشرة المبشرين بالجنة فما بالك بما يفعله هؤلاء فينا؟؟؟

  3. لك التحية يا دكتور على هذا المقال المليء بالعبر لمن يعتبر.
    شتان ما بين عمر وبين العمرين رضوان الله عليهما.

  4. يا د.هاشم ليس هناك مجال للمقارنه حتي الاحرف الثلاث تململت من اقترانها بهذا الشخص
    لا حوله و لا قوه الا بالله العلي العظيم

  5. نفتقدك يا دكتور هاشم
    ونفتقد كلماتك المبكية المذكرة بروح الاسلام
    وحتي اذا لم يسمعك هؤلاء ولن يسمعوك
    فإن عزائك أننا نقرأ بشغف ومعرفةجهز أنفسنا لليوم العظيم

  6. تحية عطرة شديد للراكوبة
    حقيقة أ المتنفس الوحيد للملايين
    وكفي احتضانك لكل المحبطين وأنا أولهم
    رجاء زيدي الجرعة شوية لأنو حتي العصابة تقرأك بنهم وتوجس
    وأنت المؤشر الأول
    وأنت المحفز والملهم للثورة القادمة وهو أمر لا ريب فيه
    الحرية لوليد
    والحرية للشعب السوداني

  7. ود الهديه الكُجْ .. شلوفتو مرخيه
    يكاكي من تصبح لامن تجي العصريه
    و الليل يلوك و يضرِّط وارث بلد منسيه
    سلاحو جزمه و عوَّه و صرَّه بوليسيه
    سياستو بالكوراك .. وعودو وهميه
    كضاب يغش روحو و الجني و البشريه
    اعرج فهم و كرعين بصيرتو مغشيه
    الصوت تقول راجل و افعالو مخزيه
    بي فوق مصر سرحت ادتنا جنسيه
    و الحبشه في الفشقه فشَّقتنا ضحويه
    و رئيسنا يتمنتش فاكرنا همجيه
    شال من ابوهو شنو؟ تربال و كاشف حال لا قروش لا عربيه
    في مزارع الكافور كادح بيوميه
    الا الولد عايق و سريرتو ملويه
    غرتهو دنيا المال و السلطه و الفيا
    اعرج فهم و كرعين ما بفهم المنطق و روح الجماعيه
    كوش علي السودان و حرش عليهو كلاب و رعاع عواطليه
    تشريع و مجلس شعب وزرا و كمان مدرا
    لا علم لا تعليم و لا حسنو النيه
    مضو عقد سرقه مقنن لي فتره معنيه
    و هاك يا سرقه يا تهريب و يا حبوب خرشه في حاويه بحريه
    و (اقطاب) رجال دوله في بيوتهم صرافات و عملات اجنبيه
    و الادهي و الاعرج.. الواحد يستبسل يحلف تلاتميه
    علي دين نظام الحكم و الوزرا ديل اصلا من صفوه بدريه
    و لما يصفر الاعرج و يشوتهم الشارع .. جاياكا مرثيه
    و نبز في بشه و نظام بشه و الشغال مع بشه و الباقيه خليا
    و يدقو صيوان العزا و السكلبه تدور علي الشنطه الوزاريه
    راحت في غمضة عين راحت قبل ما تلحق تتحقق النيَّه
    القصه و الفيا … انو البلد فتران و الناس دي مهريه
    الحل في عصيانكم … الحل في بطن البيت لا مرقه لا جيه
    لا تمشو لشغله لا تروحو للتعليم لا تمرقو لقضيه
    خلو اليسوقا براو كان قايلا بتمشي دون عدل و حريه
    ما تمرقو تاني خلاص و شن مارقكم انتو دحين شن فيا شن فيا
    اسواق معجزه تب و ما قسمو ليك الله
    تلقاهو راح في غرامه او حق وساخةً بره مخمومه مرميه
    لا تمرقو تاني خلاص اعصوهو بالمره
    المجرم الكضاب … شلوفتو مرخيه
    و آمالو مرخيه … و طموحو في جزمه
    في راس بني اليانكي يضربها يرميا
    ناسي البلد و الناس لساتو عايش و بفهم في عصر جاهليه
    الناس مشت فاتت كل الامم نهضت و لساتو عايزنا في عصر جاهليه
    دق بالسياط و لبس فاضح و حياء مخدوش
    شن فايدة الستره طال ما النفس عريانه من اخلاق و قيم سماويه
    لكن هي تربيتو عايزها فينا تسود:
    قلة ادب، تضربها امك، تلعن ابوك تكتل اخوك حاجات جنونيه
    هذا الرئيس الاعرج … و لا عيب في خلق الله
    الا العرج في مخو الا العرج في فهمو
    هذا العرج قعَّدنا بل اخرنا بل ختانا في ط.. الامم لعنة ابوك تغشاك
    يا اعرج إت انشالله لا تتهنا لا تتمنا الا الموت و لا تلاقيهو
    و الحمد لله الذي قطع خيط نسلك الملعون
    خلاك وحيد وحشا يكابد روحو هيمان في بريه

    حاجه كده من غضبه و زعله .. هل يستحق شعب عالي الجباه ان تقوده تلك (الشلاليف و التلاليش المسدوله غباء؟؟؟؟

  8. والله دكتور هاشم ان مقالك لروعة ومفيد جدا ولكن هل يتعظ عمرنا ويكون كعمر بن عبد العزيز شتان بين هذا وذاك فرق بين الثري والثرياارجوك لاتحرمنا من مقالاتك وعريهم لعلهم يرجعون وجزاك الله كل خير

  9. رد ل [أمين عيسى]
    لا يوجد شئ إسمه إسلام سياسي! الأسلام هو الإسلام ، كما بلغنا به نبينا صلى الله عليه و سلم ، و السياسة من صنعنا نحن البشر نسوس بها حياتنا ، و فيها الصالح و الطالح ، و هذه المسميات حديثة ، إستغلتها الأنظمة العقائدية لخداع المسلمين و دغدغة عواطفهم لإستلاب أنظمة الحكم.

    جميع الأمم و الحضارات منذ القدم و حتى يومنا هذا ، لديها مبادئ و مثل (دينية أو ثقافية) ، يؤمنون بها و يبنون عليها نظم حكمهم سواء أن كانت عادلة أم ظالمة.

    جنكيز خان و في سبيل توحيد جميع قبائل التتار تحت سيطرة المغول ، جعل لهم دستور موحد (إلياسا) ، ينظم حياتهم (الحرب ، الحياة الإجتماعية ، التعامل مع العدو … إلخ).

    أي أمة لديها معيار ديني أو أخلاقي يحتكمون إليه.

    لعلك تذكر إستقالة مسؤول الداخلية البريطاني (لعله الوزير لا أذكر على التحديد) ، الذي تدخلت زوجته لتسريع إستخراج أوراق عاملة المنزل ، (إستغلال المنصب ، لم يخرق القانون ، لكن إستخدم منصبه كواسطة فقط).

    و أيضاً أحد المسؤولين الغربيين ، تعرض لمسائلة شديدة من المجتمع ، لرؤيتهم في إحدى صور مكتبه (غلاية قهوة كهربائية) ، و الإحتجاج كان على تكلفتها ، و الأمثلة لذلك كثيرة جداً.

    أليس هذا المعيار الأخلاقي ، يشابه تصرف عمر بن عبد العزيز في إطفاءه مصباح بيت مال المسلمين ، عندما يقرأ أو يتداول شأن شخصي و ليس خاص بأمر المسلمين (الرعية).

    ما الجرم إذا ما إتخذنا سيرة خلفاءنا و صحابة نبينا صلى الله عليه و سلم طموحاً نستهدي به و نستلهم منه.

    تطبيق السياسة في مجتمعنا نحن (قطاعات الشعب المختلفة) من نختاره و نتوافق عليه و نقويه بإجماعنا.

    كاتب المقال و احد من نخبة الكتاب الوطنيين الذين يدعون لأن تتوافق جميع قطاعات الشعب على برنامج علمي موحد (لما بعد الإنقاذ إن شاء الله) ، و هذا يعني ، أن يتوافق الغالبية ، على خطط و برامج ما بعد الإنقاذ (خطط إصلاح ما دمرته الإنقاذ ، خطط تسير مؤسسات الدولة ، خطط تطوير مستقبلية) ، أي بالعربي الفصيح ، معايير إختيار المناصب الدستورية ستكون بالكفاءة ، و لا مجال لأي مسؤول مهما كان إنتماءه ، بأن يغير الخطط و المشاريع التي توافق عليها الجميع ، لأن الصلاحيات ستكون مقيدة بالجانب الإشرافي و الرقابي فقط (لا مكاسب حزبية أو جهوية) ، و طالما المشروع سيشرف على تبنيه و وضعه الخبراء و المختصين (الوطنيين) ، و على أسس علميه ، فأن مقترح الجهاز الرقابي على تنفيذ المشروع سيولى أقصى إهتمام ، لضمان رقابة المجتمع على مشروعه الوطني و لضمان سير المشروع كما هو مخطط و توافق عليه الجميع.

    لفترة من الزمن ، كان مثل رأيك الذي طرحته يُعلل بإنه ناتج من سؤ ممارسات التنظيم الحاكم و إستغلالهم الشعارات الدينية للخداع.

    لكن واقع الحال أن الأمر قد إختلف الآن ، و الجميع أصبح يميز و يفرق بين رسالة الدين الحق و بين ممارسات و خداع الجماعات العقائدية المتأسلمة ، و مهما يكن من سؤ الممارسات السياسية ، أو سؤ التطبيق ، فهذا قطع شك ، لا يعني أن الخلل في الرسالة السماوية بقدر ما هو خلل فينا نحن ، و جميعنا مشتركين في الذنب:

    بتقصيرنا في واجباتنا الدينية و على أقل تقدير التقصير في وضع المناهج الدينية السليمة التي توضح الطريق القويم للنشء ، و تُركت فراغات ، تسلل منها هذا الفكر الشيطاني و فقد الوطن الكثير من الأبناء الذين وقعوا فريسة لخداع الفكر السياسي العقائدي.

    في وقتنا الحاضر ، الغالبية تعلم أن جميع الجماعات العقائدية التي تتخذ الدين وسيلة للسعي إلى سدة الحكم ، جميعها لا علاقة لها بمبادئ و أخلاق الدين ، و في هذه الغالبية هناك قطاعات كثيرة تعلم الإرتباط التاريخي بين هذه الجماعات ، و مخابرات الدول الإستعمارية بعد الحرب العالمية الأولى ، لأستخدامها في تدمير الخلافة العثمانية (التي كانت ضعيفة و تمارس نظم حكم جائرة على الشعوب) ، و تطور إستغلال هذه الجماعات بهدف خلخلة و تمزيق الدول و المجتمعات الإسلامية ، و في عهدنا الحالي:

    الصهيوني برنارد هنري لويس (المحافظون الجدد) ، هو صاحب مشروع تقسيم الشرق الأوسط الجديد ، و الذي يعتمد على تقسيم دول الشرق الأوسط على أسس أثنية و طائفية (كما تفعل الإنقاذ الآن و نفذت المرحلة الأولى من أربعة مراحل – فصل الجنوب).

    إعتمد الكونجرس الأمريكي مشروع برنارد لويس في جلسة سرية ، عام 1983 ، و ضُمن المشروع في سياسة الأمن القومي الأمريكي ، ملفات (السياسة الأمريكية الإستراتيجية المستقبلية)

    المقدم متقاعد (رالف بيتر) نشر أفكار برنارد هنري ، مفصلة بالخطط و الخرائط في مجلة وزارة الدفاع الأمريكية (عدد يونيو 2006) ، إستعرض فيه مخطط تقسيم شرق أوسط (سايكس بيكو 1919) إلى الشرق الأوسط الجديد ، بتقسيم و تجزئة الدول إثنياً و طائفياً ، و شمل ذلك خارطة للسودان مقسمة إلى أربعة أجزاء (نفذ الجزء الأول).

    برنارد لويس يتحدث العربية و الفارسية ضمن لغات أخرى ، و عاش معظم حياته في منطقة الشرق الأوسط و درس الإسلام و أجرى بحوثه في الجماعات و الملل ، و درس تاريخ الإسلام.

    برنارد لويس و معظم الباحثين و المختصين بالتاريخ الإسلامي (المعانا و الضدنا) ، يركزون على عهود الإنتصارات الإسلامية لمعرفة عوامل النجاح ، و يركزون على عهد عمر بن الخطاب ، لأنه أول من: جيش الجيوش ، أنشأ مركز قيادة لإدارة العمليات القتالية في الجبهات المتعدد ، إنشاء مواقع إمداد لوجستية متقدمة ، قوات إحتياط ، خطط تغيير القوات ، و أهم شئ كان تطبيق العدل في الأراضي المفتوحة.

    الإطالة ليس لإستعراض حقائق تاريخية بدون مبرر ، لكنها نفس الأحداث التي بنيت عليها خطط تفكيك الدول الإسلامية.

    صلاح الدين الأيوبي ، إستلهم أسلوب قيادته من أسلوب عمر و الخلفاء الراشدين ، فوحد الجبهة الداخلية و كسب ثقة المسلمين ، فبذّلوا الغالي و النفيس لدعمه و مساندته في إستعادة القدس.

    معظم الدراسات و البحوث الأوربية الحديثة ، صححت المفاهيم المغلوطة التي تبنتها الكنيسة تاريخياً عن الحروب الصليبية و بينت الدراسات أن الحملات الصليبية كان الغرض الأساسي منها التوسع و إمتلاك الأراضي لتزايد سكان أوربا و ضيق المساحات و قلة الثروات و لتجنب الصراعات الداخلية.

    و بحثوا في أسباب هزيمتهم من صلاح الدين و أسباب إنتصاره عليهم و تحرير القدس.

    فأخذوا أسباب إنتصار صلاح الدين (وحدة الصف ، العدل ، الإعداد النفسي و التدريب القتالي الجيد) ، و حاولوا تطبيقها في أنظمتهم و مجتمعاتهم ، و صدروا إلينا سلبياتهم (عدم الوحدة و كثرة المطامع ، رفع شعارات دينية ذائفة ، عدم تبني عقيدة قتالية واضحة المعالم و الأهداف) .

    إن أشد ما يؤلم الكنيسة ، هو إتفاقية السلام العادلة التي منحها صلاح الدين للصليبين و تأمينه للممر أمن يسمح لهم فيه بالخروج آمنيين من مدينة القدس إلى الميناء البحري.

    و ألم الكنيسة كان ناتجاً من أن الصليبيين في حملتهم الأولى لإنتزاع القدس من المسلمين (1095 , 1099م) ، قاموا بأرتكاب مذابح و فظائع بحق اجميع المسلمين (الجنود – الأسر و النساء و الأطفال) ، و كان متوقعاً أ يقوم جيش صلاح الدين بالمثل ليثأر للمسلمين ، لكنه بادلهم ذلك بمعاهدة عادلة مستمدة من روح الأسلام ، و هذه الحقيقية كانت قاسية على الكنيسة في ذلك العهد و في كل العهود حتى يومنا هذا.

    أقتباس:

    ?Treat your men as you would your own beloved sons. And they will follow you into the deepest valley.?

    ?عامل جنودك كما تعامل أولادك وسوف يتبعوك إلـى أعمق وادي.? إنتهى الإقتباس.

    المقولة أعلاه من كتاب فن الحرب للجندي الصيني الخبير الإستراتيجي بالحروب (سان تزو) – القرن الخامس قبل الميلاد.

    ما زال كتابه و تعاليمه تدرس في الكليات العسكرية و الإدارية ، و تقوم كبرى الشركات الأمريكية و الغربية بإتباع إستراتيجيته.

    البريطاني (المسيحي) جون أدير خبير و مستشار فن القيادة و الأدارة بالأمم المتحدة ، أمضى حياته كلها في تأليف الكتب و البحوث عن فن القيادة ، و تدرس كتبه في الكليات و المعاهد العسكرية و البريطانية ، خلاصة تجاربه وضعها في كتابه [قيادة محمد صلى الله عليه و سلم] ، و إستعرض حياة النبي صلى الله عليه و سلم منذ مولده و البيئات المحيطة به و حياة البداوة و أخلاقه ، و ذكر في خاتمته ما معناه:

    * أن مفهوم القيادة في الثقافة الإسلامية قد تفوق على الثقافات الإنسانية الكبرى وذلك من خلال بلوغها ذروة المثل الأعلى للنبل والسمو الذي يلزم كل القادة رجالا أو نساء.

    * و أكد أيضاً إنه رغم إختلاف الديانة ، نستطيع أن نتعلم القيادة، مثلما تطور محمد صلى الله عليه وسلم كقائد. حقا إن القيادة ترتبط بالتعلم. إنك لا تولد قائداً، وإنما تصير قائداً.

    الخلاصة أخي ، أن كاتب متخصص لا يدين بدين الإسلام ، يستشهد بنبينا محمد صلى الله عليه و سلم ، و تأبى علينا ذلك نحن المسلمين ، و هو واجب علينا ، إتباع سنته و الصحابة و التابعين من بعده.

    الدكتور هاشم حسين يقدم مقالاته للقراء بأدب و إحترام ، لذا تجد الغالبية (تقريباً) ، تبادله نفس الأدب و الإحترام ، و يستشهدون برأيه في تعليقاتهم على كتاب آخرين ، و الدكتور شأنه في ذلك شأن جمع كريم و شريف من الوطنيين من كتاب الراكوبة الذين جذبوا إنتباه الغالبية التي لم يكن أحد يعبر عنها ، لذلك إحتلت الراكوبة هذه المكانة في قلوب الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..