شركات النفط العالمية تسقط في حفرة عميقة

تواجه كبرى شركات النفط العالمية أزمة تشتد يوما بعد يوم مع تدهور أسعار النفط الخام، دون ظهور بوادر تحسن في المدى القريب، حيث أصبحت تجد نفسها مضطرة إلى الغرق في إجراءات التقشف.

العرب
باريس – شكك العديد من الخبراء الاقتصاديين في تحسن أوضاع شركات الطاقة العملاقة حول العالم بسبب الصورة الضبابية التي ترسمها دول في منظمة أوبك، فضلا عن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي بشكل ملحوظ.

واختصر الخبير الاقتصادي كريستوفر ديمبك من مصرف ?ساكسو بنك? الوضع المتدهور لشركات الطاقة العالمية في الوقت الحاضر بالقول ?أشك في حصول تحسن في العام 2016?.

وقال ديمبك إن ?السعودية ليست لديها دوافع لإعادة النظر في استراتيجيتها في هذا الخصوص، لذلك نحن إزاء سياسة سعر منخفض للنفط. لا أعتقد أننا بلغنا السعر الأدنى ولو أنه سيستقر عند 30 دولارا للبرميل?.

وللصمود، تلجأ كبرى شركات النفط العالمية إلى توخي سياسة التقشف عبر الحد من النفقات من خلال تقليل الاستثمارات المبرمجة وزيادة تسريح الموظفين الذي بات يطال عشرات الآلاف منهم بسبب الخسائر التي تكبدها العديد من الشركات.

ويرى مجموعة من المراقبين أن إجراءات التقشف ضرورية خصوصا أن الأمل الضئيل الذي تولده عمليات تكرير النفط المستفيدة من تراجع أسعار البرميل للتعويض عن خسائر مجالات التنقيب والإنتاج، يمكن أن يتبدد بسبب مشكلة فائض في قدرة الإنتاج.

ألكسندر آندلاور: تراجع الاستثمارات سيؤثر على العائدات المستقبلية ويحد من إمكانيات الإنتاج

وأوضح الخبير الاقتصادي ديمبك أن هذا العامل ساعد في العام 2015 ويمكن أن يساعد خلال هذا العام، لكن تكرير النفط عامل آني أساسا ولن يكون كافيا للحد من الآثار على النتائج.

ولا تزال أمام كبرى شركات النفط هوامش للمناورة تتيح لها الحد من التكاليف، بحسب المحلل ألكسندر آندلاور من ?ألفا فاليو?، الذي اعتبر أن ?هناك احتمالا بالتراجع لأن هذه الشركات لديها فائض كبير?.

وأعطى آندلاور مثالا شركة ?شل?، حيث يبلغ معدل رواتب الموظفين الـ94 ألفا، قرابة 214 ألف دولار في العام 2014.

ولم تقرر أي من هذه المجموعات، باستثناء شركة ?إني? الإيطالية، بعد إجراء اقتطاعات في العائدات، ولو أن بعضها، مثل شركة ?توتال?، لا تستبعد توزيع أسهم بدل الأرباح للحد من المبالغ التي يتوجب عليها دفعها.

واعتبر الخبير آندلاور أن ذلك الأمر ?مثير للقلق على الصعيد الصناعي?، لأن تراجع الاستثمارات يؤثر على العائدات المستقبلية، إذ يحد من إمكانيات الإنتاج وأن ?الضغوط أقوى في هذا القطاع الذي لم تنته معاناته بعد?.

أما بالنسبة إلى قطاع الخدمات النفطية، فيبدو المستقبل قاتما كثيرا لشركات مثل ?سي.جي.جي? و?تيكنيب? و?بوربون? و?فالوريك? الفرنسية.

وتتعرض هذه الشركات إلى ضغوط من أجل خفض أسعارها من شركات النفط، التي تشتري خدمات وتجهيزات منها.

وبحسب ?إينرغي نوفيل?، فقد انهار نشاط القطاع الجيوفيزيائي بـ28 بالمئة العام الماضي وقطاع التنقيب بـ27 بالمئة.

كريستوفر ديمبك: التقشف لن يكون كافيا للشركات للحد من الآثار السلبية لانحدار أسعار النفط

ومن المتوقع بحسب المعهد أن يستمر هذا الميل هذا العام مع تراجع بـ10 بالمئة و6 بالمئة تباعا.

ويقول المعهد الفرنسي للأبحاث إن الاستثمارات في مجالات التنقيب عن النفط انهارت بـ21.1 بالمئة لتبلغ 539 مليار دولار في العام الماضي، وتوقع أن تشهد تراجعا بـ10 بالمئة في العام الجاري.

وقد سجلت الشركة الأميركية ?شيفرون? في أواخر يناير الماضي الخسارة الفصلية الأولى لها منذ 13 عاما في الأشهر الثلاثة الأخيرة للعام الماضي، إذ طغى تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية على الأرباح التي سجلتها في ذلك العام، ويصعب التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور مستقبلا.

والشركات الأخرى ليست أفضل حالا. فقد تراجعت أرباح العملاق الأميركي ?إكسون موبيل? إلى النصف العام الماضي، وتدهور صافي أرباح مجموعة ?شال? الهولندية البريطانية سبع مرات، بينما باتت مجموعتا ?بريتش بتروليوم? البريطانية و?ستات أويل? النرويجية في الأحمر.

ولن تكون ?توتال? الفرنسية التي تعلن نتائجها السنوية، الخميس المقبل، بمنأى عن هذه الأزمة. فقد ألمح رئيس مجلس إدارتها باتريك بويانيه إلى تراجع الأرباح بنسبة 20 بالمئة. وعلق ديمبك بالقول إن ?الشركة لا يمكن أن تكون منفصلة عن الشركات الأخرى?.

ووصل سعر برميل النفط إلى 27 دولارا للبرميل في يناير الماضي في أسوأ مؤشر له منذ 2003 قبل أن يسجل تحسنا طفيفا بلغ، الجمعة، أقل من 35 دولارا. ومن المتوقع أن يشهد مزيدا من التذبذب في الأشهر القادمة وقد يصل إلى معدل 60 دولار للبرميل مع نهاية العام الجاري

يذكر أن سعر برميل النفط تراجع بنسبة 47 بالمئة العام الماضي مقارنة مع العام 2014 ليبلغ معدل سعره 52 دولارا، وبأكثر من 70 بالمئة منذ يونيو 2014.

ويعود السبب الرئيسي في الانخفاض الحاد، بحسب الخبراء ، إلى الفائض في المعروض بسبب الخلاف حول الحصص بين نفط دول منظمة أوبك وفي مقدمتها السعودية وبين النفط الصخري من الولايات المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..