بعد الهواء الساخن لوالي شمال دارفور ..هل يُقدم (كبر) للمحاكمة؟

أحمد طه صديق-

ربما لم يكن في مخيلة المعلم في المراحل المتوسطة عثمان محمد يوسف كبر المولود بمنطقة الطويشة بشرق دارفور في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، أن يصبح يوماً والياً ولائياً، لكن يبدو أن طموحاته جعلته يخطو نحو السلم المؤدي لهرم السلطات التنفيذية والسياسية لاحقاً في ولايته، ففي العام «1995» كانت بداية خطوات الصعود، حيث دخل المجلس التشريعي بشمال دارفور نائباً لرئيس المجلس حتى العام «2002»، ثم مقرراً لآلية بسط الأمن وهيبة الدولة لولايات دارفور، وبعد أكثر من عام من تعيينه والياً لشمال دارفور بدا صيته لا يختلف كثيراً عن صنوه الولاة، حتى صعد نجمه فجأة بعد موقف اتخذه تجاه وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس عند زيارتها لشمال دارفور آنذاك، ولأن هذا الموقف كان مفصلياً لدى يوسف كبر، سأله عنه أحد الصحافيين في حوار سابق، فحكى أصل الحكاية قائلاً «جاءتنا وزير خارجية أمريكا بزيارة وببرنامج محدد بأنها ستجتمع بالمعسكرات لمدة ساعة إلا ربعاً، ومثلها من الوقت تقضيها مع «اليوناميد»، ومثلها مع والي الولاية، وبعد أن تحركت «كونداليزا» من الخرطوم يبدو أن شيئاً ما حدث في الخرطوم، وهنا تحدث طاقم مراسمها وقالوا لنا إن الوزيرة تعدل برنامجها وإنها ستلتقي بالوالي في مدرج المطار بين العربة والطائرة لمدة عشر دقائق، ورفضت ذلك وقلت لهم إذا لم تلتزموا بالبرنامج فأنا لا أرغب في زيارتكم لولايتنا، ولن تدخلوا المعسكرات ولن نستقبلكم، وأرسلنا أحد الوزراء مندوباً قال لها ذلك البلاغ أول نزولها من الطائرة.
كانت ردة فعلها سريعة جداً، وقالت إن البرنامج يعود كما كان، وبعد أن زارت المعسكرات وعادت إلى الفاشر، نحن حولنا الاجتماع إلى مكان بالقرب من المطار، وتوقفت وقالت إن الوالي يأتي ليستقبل الوزيرة في المدرج بالمطار، وقلت لهم أنا سأقابلها بالباب ولن أقابلها أبعد من ذلك». كذلك فإن مواقف أخرى تتعلق بإدارة الأزمة تجاه قضاياها الأمنية المعقدة وقبولاً من المركز، أعطت الوالي كبر كارزيما واضحة وعملت على تثبيت أقدامه في سدة الولاية وحتى إعفائه من منصبه في العام الماضي .

وابل من الهجوم
لعل نهجه الذي اتخذه لتسيير الولاية وما شابه من إسقاطات، اعتبرها البعض أنها سلبية، كان من شأنه أن تجعل العديد من السياسيين داخل أو خارج الولاية وكذلك عدد من الإعلاميين ورواد الوسائط الإلكترونية، يوجهون وابلاً من الهجوم الكاسح عليه، ولعل أبرزهم هو زعيم المحاميد البارز موسى هلال الذي لم يعمد للغة الدبلوماسية أو السياسية في معركته مع الوالي عثمان كبر، حيث اتهمه بأنه يقف وراء الأحداث الدامية التي وقعت آنذاك بمنطقة جبل عامر والسريف بني حسين، التي نتجت عنها المواجهات بين قبيلتي الرزيقات الأبالة، وطالب هلال بتكوين لجنة محايدة بعيدة عن المؤتمر الوطني للتحقيق في تلك الأحداث، ثم اتهم «كبر» لاحقاً بأنه يمتلك منجماً للذهب، وقال إنه يملك كافة إثباتات تلك التهم، بيد أن يوسف كبر اكتفى وقتها بالقول «إنه سيرد على كل الاتهامات في الوقت والزمان المحددين. وأشار إلى أن أحداث جبل عامر جرى استغلالها من جهات في محاولة لإزاحته من منصبه عبر تحريك الأحداث بعد أن استقرت الأوضاع. وأضاف «كبر» في تصريح آنذاك لـ«السوداني»، أنه سيكشف في الأيام القادمة كل الحقائق والملابسات وتفنيد كل الاتهامات التي وجهها إليه موسى هلال.
اتهام بأعمال السحر
ولم تكن الاتهامات حول «كبر» من قبل البعض تدور فقط حول إدارته للولاية من حيث الشفافية، بيد أنه راجت أيضاً اتهامات ليوسف كبر بتعامله مع السحر لتوطيد بقائه على سدة الولاية، وهو ما ذهب إليه موسى هلال بوضوح، ولهذا وجه الصحافي الشاب أحمد دندش في مايو «2013» عبر صحيفة «المجهر»، سؤالاً لكبر قال فيه «قالوا غزال كبر فيه سحر وتعمل به «الأناطين» للحفاظ على مقاعد السلطة؟
ــ طبعاً لا يوجد غزال عمره عشر سنوات أصلاً، وهناك أكثر من «20 غزالاً هنا في منزلي وتتوالد منذ أجيال. وهناك من الغزلان ما يهرب من المنزل في عمر العام أو عامين، وهناك ما يأكله الناس».
حضور إعلامي
عرف الوالي يوسف كبر بحضورة الإعلامي المتكرر في الوسائط الصحفية وعلاقته القوية مع بعض رموزها، حتى أن ثلاث صحف نشرت له ثلاثة حوارات في يوم واحد، ولعلها تزامنت عندما بدأ المركز لإحداث تغييرات في مناصب الولاة.
الهجوم الأخير
في السابع والعشرين من الشهر الماضي، أطلق والي شمال دارفور عبد الواحد يوسف هواءً ساخناً تجاه والي الولاية السابق المثير للجدل يوسف كبر من منصة مكتبه بالولاية، عبر حوار صحفي أجراه الزميل فضل الله رابح، حيث تحدث عن الخلاف بينه وبين خلفه السابق، وقال إن «كبر» لم يسلمه أمانة التكليف، أي لم يخل عهدته بعد، مشيراً إلى أنه لم يفتح الملفات الخاصة بالوالي السابق، بل كانت مفتوحة من قبل أجهزة حكومة الولاية، وكشف أن بعض هذه الملفات في القضاء وتخص مواطنين في القضية الشهيرة المعروفة بسوق«المواسير» وملف خاص بالعربات الحكومية وقضايا أخرى، قال إن تفاصيلها بطرف الأجهزة والمؤسسات المختصة ولا أريد أن يؤثر حديثي في مسار التحقيقات والإجراءات، وبرأ الوالي عبد الواحد نفسه من أي مديونيات سابقة بالولاية، وقال «لست مسؤولاً عن مديونيات على حكومة الولاية وبدون مستندات تدل على أنها صرفت في تنفيذ مشروعات تخص إنسان الولاية». وعندما سأله المحرر عن أصول الولاية قال الوالي «مع أنني لم استلم كشف أصول الولاية كما جرى العرف، ولكنني عملت على تنظيم الموجود والتقارير كشفت حقائق مذهلة سأتحفظ على بعضها إلى حين الفصل فيها». وهنا قال له المحرر في مداخلة «هل تقصد ملف الـ(84) عربة المفقودة»؟ فقال «هي وغيرها ولكنني اليوم اهتم بماذا أقدم لإنسان للولاية وليست محاكمة كبر وأجهزته فهو لديه جهات تستطيع أن تحاسبه أو تعفيه أو تحفظ الملف». وقال مخاطباً الوالي السابق يوسف كبر موجهاً اتهامات خطيرة، قائلاً «أكرر عليه برفع يده عن التأثيرات السالبة داخل الولاية وعدم إثارة بعض المجموعات لتحقيق أجندة شخصية خاصة، هو اليوم يتواصل بصورة منتظمة مع مجموعات مسلحة للدفاع الشعبي وغير مسموح له بتوجيهها لتنفيذ أي عمل دون إخطار الجهات التي تتبع لها، وليس من حقه تحريكها وخلق أزمات ومشكلات وسط المجتمع». وحين وجه له المحرر سؤالاً عن مدى تحقيق الإستراتيجية الأمنية، أشار إلى أنهم أنجزوا الكثير في الملف الأمني والتفلتات التي وصفها بأنها كانت سمة مميزة للولاية. وقال «نحن نعمل في هذا الملف ونجمع المعلومات والمتهمون أظهروا لنا أشياء عجيبة وغريبة ولا يزال الوقت مبكراً للبوح بها».
مدفعية مضادة
بيد أن الوالي السابق يوسف كبر، رد بقوة على هذه الاتهامات من دون أن يفندها وفق بيانات وأرقام محددة. وقال لصحيفة «اليوم التالي»، قال «هناك جزء من الناس والقيادات يعمل لاغتيال شخصية عثمان كبر وهذا ليس جديدا بل كان في وقت سابق وما زال، وهذه المحاولات متصلة وجزء من الحملة قطع الطريق على عثمان كبر حتى لا ينافس البعض في مواقعهم القيادية في الدولة أو الحزب، مجموعة من الناس كي يحافظوا على مواقعهم كان لابد أن يتم رجم كبر وقطع الطريق عليه حتى لا يدخل منافساً لبعض الناس، هذا من حقهم». وعندما سأله المحرر عن علاقته بالوالي الجديد عبد الواحد يوسف قال دون تحفظ إنها يشوبها الكثير من التوترات، كاشفاً الأسباب وقال «إن الأخ عبد الواحد وجه الكثير من التهم لشخصي والحكومة السابقة وظل يردد أشياء كثيرة في الإعلام، من حقه أن يتهم ويبحث وهذا واجبه، ولكن صحيح أن الممارسة المتبعة في المؤتمر الوطني بل حتى في المؤسسات الرسمية من الطبيعي أن تكون المساءلات والمناقشات في أطرها المعينة، ومناقشة القضايا الخاصة في أي خلل عنده مستوى محدد يتم فيه، لكن أن تنشر مانشيتات في الصحف عن فقدان «83» عربة بشمال دارفور، وأن ديون حكومة كبر السابقة «120» مليار جنيه، أفتكر هذا فيه كثير جداً من التضليل للرأي العام وهذا ليس صحيحاً.
وهنا سأله المحرر عن مدى صحة إخفاء كبر لممتلكات تابعة للولاية وقام بتخبئتها في منزله بمنطقة الطويشة، قال «أنت الآن تجري معي هذه المقابلة في منزلي في الطويشة، والآن المنزل مفتوح أمامك، والذين باتوا في هذا المنزل اليوم أكثر من «80» شخصاً في كل أجزاء المنزل، لا أدري أين توجد هذه المهمات، الدار أمامك ولك أن تبحث إن وجدت غير الأسرة والكراسي فعليك أن تشهد بذلك، أفتكر أن المسألة ما عندها قيمة وهذا هراء وأراجيف واتهامات خسيسة وتعكس مدى الخرف، لا أريد أن أتلفظ بألفاظ نابية ولكن إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم».
هل يقدم للتحقيق؟
لا شك أن الاتهامات التي ساقها والي شمال دارفور عبد الواحد يوسف تجاه الوالي السابق عثمان يوسف كبر، تستحق الوقوف عندها باعتباره الرجل الأول في الولاية، والمطلع على كثير من الملفات المعلنة أو المسكوت عنها حتى، ولهذا فإن ما صرح به في حوار «الإنتباهة» لعل يثير تساؤلاً ملحاً ومشروعاً وهو هل تشكل لجنة تحقيق للنظر فيما قاله الوالي عبد الواحد، وعما إذا كانت تستحق أن يدفع بها للمحكمة؟ أم أن الحديث ستجبه الموازنات السياسية؟ والبرجماتية ويتم حفظ الملف حتى آشعار آخر ؟

الانتباهة

تعليق واحد

  1. إنتباهة الرزيقى الجنجويدى تولى كبر فصل الجنوب وتسعى دائما لإشعال الفتن خاصة ضد القبائل غير العربية بدارفور وهذا واضح من السطور الأخيرة في المقال أعلاه فهو يدعو صراحة لإجراء تحقيق ضد كبر وحتى عنوان المقال يشى بذلك وهؤلاء الجنجويد الصحفيين أمثال صادق الرزيقى ويوسف عبدالمنان يمارسون صحافة إغتيال الشخصيات معنويا وتلميع أتباعهم الجنجويد كما يفعل عبدالمنان مع ما يسميه صالون عبدالله صافى النور أحد قادة قصف قرى دارفور ولكن لكل بداية نهاية بإذن الله.

    كما ثبت أن عبدالواحد والى شمال دارفور هو واحد من أضعف الولاة وقد سلم نفسه وقراره لنائبه الجنجويدى النحلة الذى صار الكل في الكل في الولاية حتى إنه أرسل 40 من عتاة قتلة الجنجويد من أهله على نفقة الولاية إلى الحج الماضى بحجة أنهم تائبين ولم يفعل عبدالواحد شيئا.

  2. من عتاة قتلة الجنجويد من أهله على نفقة الولاية إلى الحج الماضى بحجة أنهم تائبين
    من الذى قبل منهم التوبة؟هل تعلم بان عيد الواحد جنجويدى الاصل

  3. اعتقد ان كبر شخصية محترمة ونظيفة كما ان اسلوب الوالي الجديد اسلوب سيئ فهو ليس بقاضي واذا كان يوجد امر هام عليه ان يذهب الي سيده البشير الذي عينه في المنصب بدل الهجوم علي كبر الذي ادار الولاية في اصعب ظروفها.ولم يجدها جاهزة كما وجدها هو.

  4. من عتاة قتلة الجنجويد من أهله على نفقة الولاية إلى الحج الماضى بحجة أنهم تائبين
    من الذى قبل منهم التوبة؟هل تعلم بان عيد الواحد جنجويدى الاصل

  5. اعتقد ان كبر شخصية محترمة ونظيفة كما ان اسلوب الوالي الجديد اسلوب سيئ فهو ليس بقاضي واذا كان يوجد امر هام عليه ان يذهب الي سيده البشير الذي عينه في المنصب بدل الهجوم علي كبر الذي ادار الولاية في اصعب ظروفها.ولم يجدها جاهزة كما وجدها هو.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..