تربي فينا ضغائن وبيلة.. تزيد مصايب الوطن العزيز.. عصبية القبيلة

الخرطوم – زهرة عكاشة
دفع سالم حياته ثمناً لخطأ ارتكبه أبوه عندما حط من قدر ثلة من الرجال حين عيرّهم بألفاظ عنصرية أمام جمع من الناس، ولم يكن يعي أن تلك الكلمات التي خرجت منسابة من فيه بسهولة ويسر ستكلفه مستقبل ابنه الصغير، أمام جذوة الانتقام المشتعلة في القلوب. هي قطعاً قضية حساسة لها أسبابها ودوافعها كما أنها ? لا شك – تُحدث أثراً نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، ولها عقوبات قانونية، فما هي الآثار المترتبة عليها، وما هي تلك العقوبات المنصوص عليها قانونيًا، وهل هي كافية؟
بلاغات مُدونة
بالنسبة للقانوني والخبير في حقوق الإنسان د. نبيل أديب إن إثارة النعرات القبلية ممنوعة ويعاقب القانون الجنائي في المادة (64) منه، من يعمل على إثارة الكراهية أو الاحتقار أو العداوة ضد أي طائفة أو بين الطوائف بسبب اختلاف العرق أو اللون أو اللسان وبكيفية تعرض السلام العام للخطر، بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً، لكنها غير كافية. وأضاف: “القانون الجنائي يمنع ويعاقب إساءة أو حط قدر أي مجموعة على أساس الدين أو العرق، لكن لا يعدّه جريمة خطيرة، مثلما تفعل المحكمة الدولية”.
وعدَّ د. نبيل خطورة القبلية كونها تفكك الوحدة الوطنية، وحمل الحكومة مسؤولية ذلك. وقال: “خلا السودان منها تماماً بعد الاستقلال، وبات الكل يتفاخر بسودانيته، ساءت الأمور، بعد ذلك وأحيت النعرة القبلية من جديد، وانتشرت على كافة المستويات حتى أنك في العمل وعند تدوين البلاغات واستخراج المستندات الثبوتية تُسأل عن القبيلة”. وحذر من تنميط القبيلة على نمط محدد لأنه يؤثر سلباً في الوحدة. وأشار إلى أن إيجابية الروابط الاجتماعية والثقافية التي تقوم على القبيلة.
وأكد الخبير القانوني أن المعالجة ليس في وضع القوانين الرادعة أو غيرها، وإنما بإحياء القيم الوطنية ورفع الوعي بحق المواطنة المتساوية ومنع الاستعلاء الثقافي، ومنح فرص متكافئة لها لنفس الحقوق والحريات.
التعليم فقط
ولأن الثأثير الاجتماعي والنفسي خطر، ويمكن أن يهدد حياة الإنسان حذرت الاختصاصية النفسية د. آمال عثمان من إثارة النعرات القبلية التي تبث الكراهية والحقد في نفوس الناس، وقالت: “تلك الصراعات والتلميحات تعرض الكثيرين للمشاكل، فالغبن والحقد والكراهية الشديدة تولد الانتقام وربما يصل حد الموت سيما تلك التي تتعلق بالقبيلة”، مؤكدة أنها لا تؤدي إلى نتائج إيجابية بأي حال من الأحوال. وتقول: “إن الحد من هذه الممارسات السالبة لن تباد إلا بالتعليم والتعايش السلمي والتداخلات الإيجابية”.
علاقات الدم والعشيرة
انتشرت القبلية في السودان – بحسب الخبير الاجتماعي د. عبدالرحيم بلال – نتيجة لتسييس النظام الحاكم للقضايا. وقال: “لأنه يريد شرعية لحكمه وخلق قاعدة سياسية يعتمد عليها، ساهم بصورة كبيرة في ظهور القبلية وانتشارها من جديد وسط المجتمع”. وأضاف: “في الوقت الذي تعمل فيه التنظيمات السياسية على خلق مضامين معينة ذات معنى وأهداف حقيقية، فرغ النظام الحاكم ذلك، وجاء استقطابه خالياً من الموضوعية والقضايا المضامينية، بعد اعتماده على علاقات الدم والعشيرة”. وتابع: “انتماءات قبلية فارغة المضمون، لأن للقبيلة أساساً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وهي نتاج لمرحلة تطور محدد، وتختلف من قبيلة لأخرى بحسب التطور”.
وقال خبير الاقتصاد والتنمية الريفية د. خالد علي الأمين إن القبلية تضعف في الكثير من المناطق، خاصة تلك التي تمازجت مع بعضها البعض، كالحضر وتكثر في المناطق الريفية، لأنها توفر الحماية التي يحتاجها الإنسان في مجتمع يخلو من حامية الدولة. وأضاف: “نجد القبلية في السودان في المناطق الأكثر تخلفاً، لذلك لن نستطيع الانتهاء منها بالشعارات، بل عبر السياسات الممنهجة والمنظمة على المدى البعيد، لحدوث تطور اقتصادي وسياسي، يقضي على وجود القبيلة، بالتنمية والتمازج الثقافي وتنمية الشعور بالانتماء القومي، وتوفير الحماية والمساواة أمام القانون، حتى يشعر المواطن بانتماءه لهذه الدولة”. وأكد د. خالد توفر ذلك يقضي على الأساس الاقتصادي والاجتماعي الذي يعتمد على القبلية.
مركز سلطوي
وأشار الخبير الاقتصادي والأستاذ بمعهد الدراسات الإنمائية جامعة الخرطوم د. خالد علي الإمين إلى أن القبلية تلعب دوراً كبيراً في السودان، ولاسيما في الشرق وجبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق، وعملت على دعم وتوفير السلام والأمن من خلال تنظيم العلاقات بين القبائل وداخل القبيلة، على أساس التقاليد القبلية في فض النزاعات. وقال: “يصبح وجودهم ضرورة في ظل خلو كثير من مناطق السودان من الدولة ورجال الشرطة والأمن”. وأضاف: “يصعب تغيير هذا الوضع، ويصبح خطراً إذا لم نوجد البديل لا يمكننا إلغاء دور القيادات القبلية وإن كان عبر القوانين”.
وأكد د. خالد أن القبلية يمكنها أن تساهم بصورة سلبية في التنمية. وقال: “يجب أن تستخدم الدولة الحديثة في سياساتها على نظم ولوئح وقوانين، لأن صفوة المجتمع التي تقع على عاتقها السلطة تستخدم الولاءات التقليدية لدعم مركزها السلطوي في قيادتها”. وتابع: “على سبيل المثال استخدام الولاء الديني في استقطاب التأيد للوصول لكرسي السلطة، بعيداً عن بناء مواطن حر بمقدوره بناء اختياره وحكمه الحر الذي من المفترض أن يقوم على برنامج، لافتاً إلى أن القبلية تؤثر في الاقتصاد والتنمية بصورة غير مباشرة”. وقال: “تؤثر القبلية عن طريق التأثير السياسي، وذلك عبر عدم الاستقرار وإذكاء روح الصراعات والعنف، فضلاً عن الصراع السياسي الذي يؤدي إلى حروبات لفضه، يعطل عجلة الإنتاج ويوجه موارد الدولة للصرف على الأمن والجيش، غير أنها تصد وتنفر المستثمرين تبعث الخوف في نفسهم، فلا يفكرون في عمل استثمارت خاسرة

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. القبيلة اغترفها عبدالرحمن الصادق المهدى وليس من اجل قضية. ولكن من اجل انشراخ الصف الوطنى عبر من يتبع له وليس من يتبع نظام الانقاذ. المحابة والعنصرية بالرغم من ان من جربوهم من شركات فكانوا حرامية وخذلوا ناسهم من حزب الامة.الجميع اعلن من زمن بعيد لا تعامل معهم.

  2. القبائل هي من الاشياء التي كرمها الله بذكرها في القران ولكن استخدام ومفهوم الناس غير ما هو مشرع لها وتنامي الجهل هو سبب النعرات وبالتعليم تتلاشي الاشياء التي تؤدي للعنصرية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..