الحكام العرب وغياب البصيرة

الحكام العرب وغياب البصيرة

د. أحمد عبد الواحد
[email protected]

بالأمس لم أتمالك نفسي من الضحك وانا استمع الى القذافي يقول للمذيعة لامريكية ان “شعبه يحبه لدرجة الموت من اجل حماينه” !!

وبالرغم من أن القذافي حالة متناهية في جنونها وانفصالها عن واقعها الا انه ليس شاذا ابدا بين اقرانه من طغاة العرب حوله ..

فجميعنا يتذكر جيدا الرئيس “المخلوع” حسني مبارك عندما قال في آخر خطاب له أنه “متأكد من أن الغالبية العظمى من الشعب المصري تقف معه وتؤيده” !! .. بينما كان الشعب المصري برمته و”ضبانته” في ميدان التحرير على بعد امتار من قصره يهتف ضده ويطلب الخلاص منه ..

واكثر استفزازا منه ما قاله امين امانة طلاب الكيزان البجح بأن “لو طالبنا بتنحي البشير لغضب علينا الشعب السوداني” !!

كنت حتى وقت قريب اعتقد أن هؤلاء الحكام يكذبون على انفسهم .. تماما كما يكذبون على شعوبهم .. وانهم في قرارة انفسهم يدركون انهم كذابون دجالون محتالون استولوا على السلطة بالسلاح واستمروا فيها بالبطش والتزوير والنفاق للغرب ..

غير أني اكتشفت اخيرا أن هؤلاء الطواغيت مصيبتهم اكبر من ذلك .. وهي انهم لا يدركون انهم يكذبون !! .. ويبدو عليهم الايمان اليقيني بما يتفوهون به من ترهات مهما بلغت سخافتها .. وبدا ذلك جليا على ديكتاتور اليمن بالأمس عندما قال عن الاحداث الحاصلة في العالم العربي أنها “تدار من تل أبيب تحت اشراف واشنطون” !! .. كم بدا مثيرا للشفقة ? اكثر منها للغيظ ? وبحاجة ماسة لصديق مخلص ينصحه أن “قفل خشمك ده وكفاية احراج وما تفضح روحك اكتر من كدا” !!

علي عبد الله صالح قال بالأمس أيضا العبارة المأثورة .. أكثر عبارة يقولها طواغيت العرب حاليا .. “اليمن ليس تونس أو مصر” .. قالها قبله سيف الاسلام القذافي “ليبيا ليست تونس أو مصر” .. وقبلهم عمر سليمان “مصر ليست تونس” .. بينما قال نافع بصفاقته المعهودة “لا نخشى أن يتكرر ما حدث في تونس ومصر عندنا” .. ثم اضاف لا فض فوه “الشعب السوداني لن يستبدلنا” !! .. في حين أن رئيسه مجرم الحرب المطلوب دوليا صرح في غرور ” لا اخشى مصير بن علي ومبارك” !!

نظرا لأن الحكام العرب تعودوا أن يحكموا شعوبهم من فوق ابراجهم العاجية .. وبالتالي لم يكونوا مضطرين كثيرا للارتجال أو أن يوضعوا في مواقف تستوجب ردود افعال تلقائية .. لم يكن سهلا في الماضي ملاحظة مدى تفشي الاعتلال العقلي والفكري لديهم .. لكن هذا الظرف التاريخي الراهن بين لنا بجلاء ان هؤلاء ما هم الا مجموعة من الافراد محدودي الذكاء وفاقدي البصيرة .. ومكانهم ليس على العروش بل في مصحات التأهيل النفسي .. أما كيف صبرت شعوبنا ? وما زالت ? عليهم فأمر يحتاج إلى دراسة متعمقة ومستفيضة .. لكن يبقى الأهم عهد الخنوع والخضوع والركوع لهذه الشرذمة من سارقي السلطة المخبولين قد ولى إلى غير رجعة ..

الثورة قادمة إلى السودان لا محالة .. حتى إن كان السودان ليس تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن أو افتح قوس وضع ما تريد .. الثورة في طريقها وقريبا ستصل مهما قال نافع .. ومهما ادعى البشير ..

د. أحمد عبد الواحد

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..