(النظافة) و (الانتفاضة)

محجوب عروة

ظللت أسمع كثيراً تصريحات من حكام ولاية الخرطوم المتعاقبون عزمهم على (نظافة العاصمة) وجعلها عاصمة حضارية!! كما ظللت أسمع من المعارضين منذ ربع قرن القول إن (الانتفاضة) الشعبية المسنودة عسكرياً هي الحل الوحيد للإطاحة بنظام الإنقاذ الحالي!! ودعوني اليوم أحاول أن أمارس ضبط هذين المصطلحين وعما هو مطلوب حقيقة من عبارتي النظافة والانتفاضة. أليس الأوفق والمطلوب أولاً أن (ننظف) عقولنا وضمائرنا وقلوبنا وألسنتنا من تلك العبارات التي لا تليق بنا ونحن ندعي الالتزام بالدين الحنيف الذي أرسل به سيد المرسلين الذي قال إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق؟ خذوا مثلاً عبارات مثل “ألحسوا كوعكم”، و”إننا لن نسلمها لبغاث الطير”، “والبجيك مشمر اتلقاه عريان”، “ونحن لما جينا كان المواطن لا يملك غير قميصين”، وعبارة من شاكلة قبل مجيئنا كان الناس يتقاسمون الصابونة!!

وهكذا عبارات لا تنم إلا عن أناس أصبحوا من فرط التعالي يعيشون في أبراج عاجية ومغلقة يتداولون القفشات على هذا الشعب المسكين الفضل في أرضه ولم يجد طريقاً للهجرة أو الاغتراب كلما احتج على قرار بزيادة في أسعار الضروريات وهذا حق من حقوقه أن يسأل لماذا حدثت تلك الزيادة وقد وعدته الحكومة منذ سنوات بالرخاء وتجاوز الأزمات.. والحقيقة فإني مستغرب جداً أن يقال لهذا الشعب ويستنكرون عليه احتجاجه ليس عبر السلاح ولا حتى بالمظاهرات، بل بمجرد التعليقات باللسان سواء في مناسبات الأفراح والأتراح أو في الديوانيات أو حتى الصحافة غير الرسمية.. لا يا سادة لقد كنا في الماضي نتناول أحسن الطعام ونلبس أفخر الملابس ونستحم ونتعطر ونمارس السياحة داخل وخارج السودان، بل ونمنح التأشيرات في كل دول العالم في المطارات لثقة تلك الدول فينا ونبدل الجنيه السوداني في الخارج بسعر جيد. كان الفقراء من طلاب الجامعات ? ومنهم حكام حاليون في القمة ? يمنحون (البيرسري) أي الدعم الحكومي شهرياً من غير منّ ولا أذى من المسؤولين في الحكومة. كان كل ذلك وغيره بأسعار معقولة جداً وكنا مستورين والحمد لله حتى هبت علينا وغشيتنا القرارات والسياسات الاقتصادية التي ما أنزل الله بها من سلطان منذ انقلاب مايو 1969.. أذكر جيداً عندما تم منحي جائزة الأستاذ الراحل علي النصري حمزة خمسة جنيهات لحصولي على الدرجة الأولى في القسم الأدبي ونال صديقي وابن دفعتي علي محمد الشيخ جائزة القسم العلمي، ودخلنا الجامعة عام 1968 اشتريت بالمبلغ بنطالاً بجنيه وحذاءً وقميصاً جديداً بأربعين قرشاً لكل منهما واستخرجت أول جواز سفر لي بجنيهين ونصف واحتفظت بالباقي كنثريات!! ليقل لي عباقرة اليوم إن كان مثل هذا المبلغ يقبل به تلميذ كمصروف يومي!!

أما أنتم يا أهل المعارضة ماذا تقصدون بالانتفاضة الشعبية وقد جربناها مرتين ولم ننجح في تكريس حكم رشيد ولا ديمقراطية راسخة مستدامة. دعونا نمارس أولاً انتفاضة العقول والضمائر والأفكار السوية قبل الانتفاضة المسلحة وغير المسلحة.. وأسأل هب أننا انتفضنا وأسقطنا الحكومة هل تضمنون لنا ممارسة سياسية عاقلة وحكيمة تكرس الاستقرار والسلام والتوحد الوطني ونبتعد عن الصراعات والمكايدات أم سنمارس نفس ما كنا نمارسه في الماضي؟ فيا سادة يا كرام نظفوا وانتفضوا أولاً في عقولكم وقلوبكم وألسنتكم وضمائركم وممارساتكم السياسية قبل نظافة الشوارع وانتفاضة إسقاط الحكومات ودونكم ما يحدث في عالم ما بعد الربيع العربي!!
الجريدة

تعليق واحد

  1. الكيزان لما يحكموا فاسدين .. ولما تكون في ديمقراطية يعمل غلغلة للحاكم الديمقراطي .. طيب الحل شنو معاهم .. ؟ الحل أن نفعل مثل السيسي في مصر ..

  2. * ما اصله “الكيزان” كده من زمان يا محجوب عروه!! إنت مش كنت معاهم سنينا طويله, فلماذا كل هذا الإستغراب!!
    * فهم انفسهم, و انت معهم, من “أجهض الإنتفاضتين”!..نسيت و إيه!
    * و انت حتى الآن لم تتقدم بإعتذار واحد للشعب السودانى!..لكنك تكتب من وقت لآخر!..يعنى زى الأفندى و الطيب زين العابدين و غيركم كثر!..”تقتلون الميت و تمشون فى جنازته”!
    * و الإنتفاضه الشعبيه, مسلحه ما مسلحه, ده مش شغلك يا عروه!..و لا تعنيك!..بل هى المعنيه بكم!!
    * و انت طبعا ممن استفادوا من رعاية الشعب السودانى الكامله, حتى تخرجكم فى اعظم جامعه فى افريقيا حينها, ثم خنتو الشعب و الأرض و الدين!
    * و مع ذلك, فأنت خريج جامعه عريقه!, كان ينتمى لها النبهاء و الأذكياء: و على ذلك, كان عليك ان تدركها(طايره), ان “الإنتفاضه” الشعبيه اصبحت حتميه, “على احسن الفروض”!
    * لأن البديل ل”الإنتفاضه”, هو “ثورة الجياع”!, و الله إكضب الشينه!..
    * و هذه لا تفرق بين لص و غير لص!..و لا تفرق بين تاجر دين “تائب” او “ملتزم”!..و لا تفرق بين الفاسد و ذاك الذى “على حفيف”!..و الناس البسطاء ذين يقطنون فى “عقارات” متواضعه يملكونها او بالايجار, بالنسبه لهؤلاء “الجياع” الامر سيان.. فكلا الفئتين “أثرياء و لصوص”!..طبعا ناهيك عن اللصوص الكبار الكتار الحقيقيين, فهؤلاء لا يعرفونهم بالاسم, لكن يدركونهم فى قصورهم فى لحظات!..
    * يعنى يا عروه لا تقلق!..لأن “الثوره” قادمه 100% إن شاء الله..و حكاية إستعمال العقول و الضمائر هذه, فات “اوانها” باكثر من 26 سنه!.. و حكاية ممارسة حياه سياسيه, تضمن “لكم” مسائل “الإستقرار و السلام و التوحد الوطنى” دي, علمها عند الله!. و كان أول تقول إن شاء الله!..و لا بقيتوا علمانيين اكتر مننا!
    * يا اخى, كيف يضمن لكم عوام المسلمين و الفقراء و العطالى و ثوار الجوع”, كيف يضمنوا أى شى لأى كائن من كان, فى حين فشل المثقفون الكيزان فى “تطبيق” كتاب الله, طوال 26 سنه!!
    * لا “تتباكوا على اللبن المسكوب”!..و لا تشككوا فى الإنتفاضه!..من فضلكم!

  3. أم الثورات السودانية قادمة لا محالة و هذه المرة لعلمك ي محجوب و لعلم الاسلام السياسي لم ولن تكون كسابقتيها لانها سلفاً مدفوعة الثمن جراء حكم الكيزان الجائر ولكل حادثة حديث.

  4. الانتفاضة قادمة قادمة مهما قيل عنها ولن يسبط هممنا احد كائن من كان. تكون بالسلاح او تكون انتفاضة سلمية ..واقولها بقوة وبالفم الملايان لا يستطيع كائنا من كان ان عسكريا كان ام ايدلوجيا ان يسقط الحكومة المكونة من الاحزاب السوداني بعد كنس اثار كلاب الاخوان المجرمين ومن عاونهم .. لن نتهاون هذه المنرة في كنس الاثار التى اضاعة السودان ولن نتهاون مع المغامرين من العسكرين .. الشعب السوداني سيكون لكل المغامرين بالمرصاد. ستكون ثورة عارمة نقودها نحن الشباب ولن نسمح للاحزاب بسرقتها مرة اخرى من اراد ان يكون معنا من القادة الذين لم يلوثهم الكيزان لا نمانع من ذلك .. اقول نحن الشعب السوداني سيكون حارسا امينا لمكتسبات الشعب السوداني ولن تضيع مرة اخرى … ونها لثورة حتى النصر والله المستعان …

  5. ستكون الانتفاضة بإذن الله يا عروة .. وسيكون الحكم الرشيد يا عروة وكله بإذن الله
    فلا تثبط الهمم لانك مدان سياسيا واجتماعيا لا بل وجنائيا يا عروة ولا تظن ان الشعب السودانى قد عدك منه بعد ما حدث لك فى جريدتك السياسى الدولى . فتلك مسرحية معروف مقاصدها .

  6. خلي ناس اهل الحكم ان ينظفوا قلوبهم اول شيء بدل انظفوا العاصمة ؟

    نحن عاوزين نظافة ضمائر اهل الحكم اول شيء؟؟؟؟؟؟

    قال نظافة قال ؟

  7. حكومة امير المؤمنين الاسلاميه اللصوصيه سرقت كل موارد البلاد وبنى كهنة الجبهة الاسلاميه القصور فى عواصم العالم .
    والسيد عروة يخوفنا من الانتفاضة على اخوته فى الدين حتى لا نواجه مصير دول الربيع العربى .
    ياعروة لما الترابى مرشد النظام الاسلامى قرر ابادة شعب دارفور وجبال النوبه والنيل الازرق لانهم لم يقبلوا بدينه الارضى العنصرى المزور .لم يجد سودانى واحد يشتغل ( كتال ) . فاضطر الخيش الترابى وتابعه البشير الى استئجار قوات مرتزقه اجنبيه وجنجويد للقيام بهذه المهمه القذرة التى تشبه الاسلاميين والجبهة الاسلاميه الترابيه .
    ستقوم الانتفاضة وسيرمى شعب السودان الخيش الترابى والترابيين ومنهجهم العنصرى الحاقد فى المجارى . وسترى لن نقتل بعضنا بعضا لاننا لم نتخلق بأخلاق الاسلاميين .

  8. شكرا يا سيدي فعلا قد قلت حقا فالنظافة سلوك يخرج مظهرا ولعلك تذكر كيف كانت العاصمة نظيفة جدا قبل ان تموت التنمية في الاقاليم ويتردي الحال ووينزح الريف للخرطوم زكلما ما قلته عن حالنا حقيقة وفعلا الكارثة بدات عام 1969والازمة الاقتصادية بدات وتنبات بها عام 1972في خطاب لوالدي بالسعودية منتدبا وقلت له الا يعود حتي نتمكمن من بناء ارض الرياض فاستغرب ذلك وقلت رادا له (ان الناس لا تدرك ماهو قادم تم التاميم والمصادرة وتم فتح الاتحاد الاشتراكي وكتائب مايو..من اين ننفق وقد وقف مصدر العملات الاجنبية )

    اما الانتفاضة لا داعي لها لان حالة السيولة الراهنه ستعصف بنا اكثر ما لم نتواطا علي مخرج حقيقي ومواجهة الذات بنقد بناء سنذهب كلنا والوطن معنا الي حالة تعلننا الاجيال القادمة ولاشك وهي قد بدات باللعن الان !!! محنتنا عظيمة ولكن من يعترف باخطائه وانت تري التكبر باد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..