الثورة لا تراجع.. ولا تتراجع

محمد لطيف

في الثالث عشر من مايو 2014 أصدر بنك السودان المركزي منشورا تم بموجبه حظر تمويل العربات والعقارات.. باستثناءات محدودة.. وقال البنك المركزي يومها في حيثيات القرار إنه جاء لحشد وتوجيه الموارد لتمويل القطاعات الإنتاجية لخلق التوازن الاقتصادي.. وكان القرار قد استثنى في ما استثنى تمويل السكن الشعبي والاقتصادي والمعني به أساسا هو الصندوق القومي للإسكان والتعمير لا غيره..
.. وكان ضمن ما قيل لأغراض خلق التوازن الاقتصادي ضبط أسعار سوق العملات ووقف المضاربات فيه.. إلى آخر القصة المعروفة للجميع.. وللتذكير فقط فيومها كان سعر الدولار في السوق الموازي أو السوق الأسود 9.15 ج وفي البنوك التجارية نحو ستة جنيهات تقريبا..!

بدت ردود الأفعال في ذلك اليوم غريبة.. بل ومحيرة.. فأكبر جهة معنية بالأمر ومتأثرة به األنت صراحة أنها قد فوجئت بالقرار.. فقد تناقلت الوسائط الإعلامية عقب منشور المركزي حديثا مطولا بثته شبكة الشروق مع رئيس اتحاد المقاولين المهندس مالك على دنقلا لم يتردد فيه بالقول: (إن قرار بنك السودان المركزي الذي تم اتخاذه مؤخراً قد فاجأ العاملين بقطاع المقاولات والبناء والتشييد)، وأشار إلى أن القرار له إفراز سالب على التنمية العقارية بالسودان.. وأنهم كانوا في الاتحاد يتوقعون أن تصدر مثل هذه القرارات مع السياسة التمويلية للدولة بداية العام.. ثم كان أخطر ما قاله رئيس اتحاد المقاولين يومها.. أن يحيل القرار ما نسبته من 30% إلى 50% من العمالة في قطاع الإنشاءات إلى بند العطالة.. وأبى المهندس مالك إلا أن يوجه طعنة نجلاء للطريقة التي تتخذ بها أخطر القرارات الاقتصادية.. فإذا كانت مفاجأة قطاع المقاولات.. وكذلك قطاع تجارة السيارات.. كما ورد في إفادة ممثلهم.. تكشف بجلاء أن القرار الاقتصادي يتخذ دون مشورة أهل الشأن.. ودون تهيئة القطاع المعني به.. بل وبتغييب كامل لأخطر مرحلة في القرار.. أي قرار.. فما بالك إذا كان قرارا اقتصاديا بهذه الخطورة له تأثير بالغ ومباشر على مجمل المشهد الاقتصادي.. وهي مرحلة صناعة القرار وهي المرحلة التي تشهد نقاشا واسعا وتبادلا للرأي وتكهنا بالآثار وتحسبا لها والبحث في البدائل وصولا للقرار الصحيح.. فالسيد مالك أبى في حديثه ذاك إلا أن يذكر البنك المركزي أن التمويل العقاري لا يتجاوز أصلا 11% من حجم التمويل المصرفي.. ورغم ذلك كان يمكن البدء بتقليصه.. أي التدرج في التطبيق.. لا بالطريقة التي اتخذ بها..!

غير أن المفارقة الكبرى تتبدى حين نعود لمنشور المركزي والصادر في مايو 2014 وقال في حيثيات قرار حظر التمويل العقاري إنه يهدف لحشد الموارد لرفع الإنتاج وإنه يهدف للسيطرة على سوق العملات.. وتقرأ ايضا.. المحافظة على قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية.. وبالنتيجة.. وبعد ما يقارب العامين ها هو سعر الجنيه قد تدنى عدة مرات.. وتخطى الدولار حاجز الاثني عشر جنيها.. إذاً، لم يتحقق الهدف الأول.. أما في موضوع حشد الموارد لرفع الإنتاج.. فلن نخوض مماحكة غير موضوعية أو جدلا بيزنطيا مع هذه الجهة أو تلك.. بل نستشهد بعدم استقرار سعر الصرف نفسه.. فبشهادة محافظ البنك المركزي ووزير المالية.. فإن سعر الصرف لن يستقر إلا إذا كان هناك إنتاج حقيقي.. وحيث أن سعر الصرف لم يستقر.. فهذا يعني أن الإنتاج لم يتحقق.. وهذا بدوره يقودنا مباشرة إلى السؤال: أين ذهبت إذاً، الموارد التي حشدت جراء حظر التمويل العقاري وتمويل السيارات..؟
ولكن المحير حقا.. أن أي قرار يثبت خطأه لا يخضع لا لمحاسبة ولا لمراجعة.. بل يظل ساريا بكل سوءاته.. فيما تمضي الدولة قدما في تجريب قرارات جديدة على رؤوس اليتامى.. حقا.. إذا كانت مايو تراجع ولا تتراجع.. فثورتنا هذي لا تراجع ولا تتراجع

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. * أين هى “الدوله” بالأساس, و “باقى الكلام خليه”!
    *نحن نعيش فى “سلطنه”! أو “أماره”, سمها!..من بتوع القرن السابع او الثامن الهجرى, قول “يا لطيف”!
    *و نحن تحت “سيطرة” امير المؤمنين “عمر”, و “ولاته” الفاسدين!..
    * عليهم لعنة الله و الملائكة و الناس اجمعين, صباح مساء و إلى يوم الدين..آمين يا رب العالمين,,

  2. (ولكن المحير حقا.. أن أي قرار يثبت خطأه لا يخضع لا لمحاسبة ولا لمراجعة.. بل يظل ساريا بكل سوءاته.. فيما تمضي الدولة قدما في تجريب قرارات جديدة على رؤوس اليتامى).

    والله جبت الكلام من آخرو..ويا هو ده مربط الفرس….لك التحية محمد لطيف.

  3. قول يالطيف بالله هو السودان فيه زول بعرف اقتصاد
    قول يالطيف لو فيزيائي ماعنده علاقه بالزراعه السودان ده يبقي جنة الله في الارض
    قول يالطيف مشروع الفاو لغاية اسي محافظ علي البنيه التحتيه رغم العولاق الفيه ولو صرفوا شوال تقاوي عيش لي كل زول ومنعوا الجبايات موسم واحد العيش مايعرفوا يودوه وين
    قول يالطيف مشروع الجزيره لو فرتقوا اتحادات المزارعين والربابيط ديل وجابو ليه اداره مامسيسه وادوها صلاحيات منتجاته تكفي لي غرب افريقيا
    قول يالطيف شمال وغرب امدرمان ديل لو زرعوهم محاصيل درنبه ساي البطاطس يجيب ليك اروبا لغاية عندك
    قول يالطيف السودان ده حاكماه شلة من السماسره مع احترامنا للسماسره ما الصغار الجماعه بالبسمسرو بالمليارات
    قول يالطيف
    شركة ميقات في القضارف عندها آلات تسد عين الشمس وعندها اداره ماتسد خرم ابره لانه في ناس عندها مصلحه
    قول يالطيف البلد دي مامحتاجه ولا دولار دايره اداره بس… والشرط الاساسي الحاكم مايكون عنده اي انتماء حزبي حتي انحنا نمشي قدام عدا ذلك الحرب الاهليه هي الحل عشان بعداك الناس تقتنع وارضا سلاح مش حروبات في الاطراف بس

  4. نحن تحكمنا جماعة دكتاتورية فرعونية لايعترفون بنا ولاتهمهم مصلحتنا،المهم الإذعان وعدم الإحتجاج على ما يتخذونه من فرمانات من أجل رفاهيتهم التي علينا تحملهابالفي والمافي!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..