خطوط المواصلات.. تأملات من شارع الجمهوية.. فتح جديد

الخرطوم – رندا عبد لله
طبيعي جدا أن يتوقف المرء في شارع الجمهورية هذه الأيام أمام ظاهرة نقل المركبات العامة للناس إلى كوبري القوات المسلحة فقط، حيث استحدث خط جديد أطلق عليه (الجمهورية_ الوزارة) ومنذ ذلك الحين، بات كل شيء في الشارع كأنه يخضع لسطوة الوزارة ويردد صداها، من كثرة ما نطقت الكلمة في استجداء الراكبين من قبل منسوبي الحافلات التي تعبر الطريق، وهي التي كانت تمر به معظمها إلى وقت قريب متجهة صوب أماكن مختلفة في بحري وشرق النيل، أما الآن فقد تلاشت في كثير من أحيان الانتظار تلك المركبات المتوجهة إلى عمر المختار والمزاد والشعبية والكدرو وتركت روادها دائما ضحايا للانتظار الممل.
ويؤكد أحد المساعدين انتشار الفكرة في أنحاء العاصمة، وأشار في استمثال إلى خطوط (ليبيا بالخلا) و(الكدرو)، موضحا أن الأول لا تكمل فيه المركبة دورتها كاملة وتحاكي بذلك الخطوط المشار إليها في المفتتح، حيث تنزل الركاب بعد الكوبري، ومن ثم تشحن تارة أخرى قاصدة وجهتها القديمة (المتجددة) بكسب إضافي، لقيمة المقعد، ربما من ركاب جدد، أو قد يكونوا هم ذاتهم احيانا من ترجلوا عنها بعد أن يعود اليهم الكمسارى بعد (٥) دقائق ويجدد لهم النداء، أو كما قال المساعد ضاحكا.
كسب مال إضافي
وإذ كان من ذلك النوع الذي تطغى لديه سمات المرح على ضنك خبرة سنين اكتسبها من مهنته الشاقة، وبدا ذلك بشكل من بين ثنايا حديثه الذي أشار خلاله إلى أن الهدف من كل هذه التحولات (طبعا) كسب مال إضافي، وأشار إلى أنه يكسب في المقعد جنيها آخر من نقل الركاب من أي نقطة في شارع الجمهورية إلى الكوبري عطفا على الجنيهين اللذين يحصل عليهما من الراكب من (الكوبري) وحتى الدروشاب، وهنا توقف الشاب الثلاثيني موضحا أن بعض المركبات تكمل الرحلة بعد أن تشحن من الوزارة أو النفق إلى وجهاتها الحقيقية الأصلية، بينما يبقى بعضها يعمل على مواقع (الجمهورية.. الوزارة، أو الجمهورية.. النفق) وهكذا، وينسى خطه الأساسي، ويشير في هذة النقطة إلى خط عمر المختار نموذجا، ويقول إن عرباته تظل غائبة لهذا السبب داخل موقفها ساعات طويلة خلال اليوم، قبل أن تقوم بمهامها حافلات الدروشاب التي تنقل ركاب كوبر بـ(جنيه ونصف) إلى عمر المختار، ومن ثم تواصل إلى الدروشاب بركاب آخرين من كافوري والصناعات وتكسب منهم مجددا.
وبحسب محدثنا فإنه في جميع هذه الحالات يعد الكسب مجزيا، لتبقي آمال أولئك المنتظرين على الرصيف ربما معلقة على ما لم تشملها الظاهرة من الحافلات، غير أن محدثي قال إن نصف عدد الحافلات في الخط الذي ينتمي إليه تعمل وفق النهج الجديد، ولا يستثني في ذلك إلا السائقين المسنين، فهؤلاء يتخوفون بحسب تعبيره من (قطع الإيصالات) في الأماكن الممنوعة أمام مدخل الكوبري وفي نفق الجامعة، بعكس الشباب الذين يعوض عملهم بالوتيرة المذكورة ثمن الإيصال، ويشير إلى أن بعض الركاب رغم ذلك يهتدون ويركبون على حافلاتهم وسط الأقنعة الجديدة لها من خلال الوجوه المألوفة للسائقين في الخط المعين.
وفي السياق أشار الكمساري البشوش إلى أن هؤلاء الركاب يدفعون التعرفة أحيانا مرتين، وأحيانا يتمسك بعضهم بدفع قيمة الوجهة الأصلية فقط..
والحال كذلك يطالب أحمد قاسم وزير البنى التحتية ولاية الخرطوم المستقيل الركاب بتقديم شكوى ضد كل سائق تحمل حافلته اسم الخط الذي يعمل فيه وينحرف عنه، ويشير إلى أن المواطن هو من يفرط في حقه، ذلك في حديث خص به (اليوم التالي) التي استفسرته عن الموضوع، ومع قول الكمسارى (الناس دي شغااالة.. زول بسألنا مافي) بعد أن لخص سبب انتشار الحالة في عبارة (هسة ضاقت شديد) ربما يمكن إدراك صعوبة تنفيذ مطلب الوزير.
وفي أحد الأيام الماضية كان ركاب حي المزاد في انتظار المركبات لمدة طويلة في الشارع المذكور، فشاب الاستسلام الرتيب صوت حانق رد الظاهرة إلى تساوي تعريفة خط الوزارة القصير مع خط المزاد الطويل نسبيا

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..