الأستاذ نبيل متوكل و «40» سنة في الدراما والمسرح:

زارته: سحر محمد بشير
وهب جلّ عمره للمسرح، حيث ترك وظيفته كضابط اداري واحترف التمثيل .. حصيلة تاريخه المسرحي «33» مسرحية وكم من المسلسلات الدرامية والإسكتشات التلفزيونية، وشاءات ارادة الله ان يصاب بالشلل، ولكنه بفضل الله يخضع حالياً للعلاج الطبيعي.. ومن خلال زيارتنا له التمسنا تحسناً ملحوظاً في صحته. وقال في حديثه لنا انه يشعر بتحسن ملحوظ وانه ان شاء الله عائد للمسرح وبقوة.. انه الاستاذ نبيل متوكل التقيناه في هذا الحوار ليحدثنا عن مشكلات الدراما والإنتاج وعن رحلة علاجه وعدد من المحاور.

> بدايتك مع المسرح وحصيلة «33» مسرحية وعدد كبير من الأعمال التلفزيونية؟
< أنا بدأت بالعمل المسرحي سنة 1971م بانضمامي لفرقة الأستاذ الدكتور المرحوم الفاضل سعيد رحمه الله، وتتلمذت على يده بحصيلة «18» عملاً مسرحياً منها «النصف الحلو ــ أكل عيش ــ نحن كده ــ تباشير ــ جارة السوء ــ عم صابر» خلقت لي قاعدة جماهيرية كبيرة، ولم تكن الشهرة بأسمي الحقيقي ولكن اشتهرت بأسماء الشخصيات التي قمت بتجسيدها. وبعد عملي مع الفاضل سعيد عملت «15» عملاً اذكر منها مع المخرج عماد الدين ابراهيم منها «عنبر المجنونات ــ ضرة واحدة لا تكفي ــ برلمان النساء ــ موعودة بيك»، ومع المرحوم مجدي النور عملت مسرحية «الناس السعرانين»، ومع الاستاذ قاسم أبو زيد مسرحية «يا نحن يا هم»، ومع أسامة سالم «من كي لي كي». وأية شخصية قمت بتمثيلها هي مثل ابني تماماً، فقد تكون الشخصية ميتة في الورق فتقوم بإحيائها عن طريق الأداء المسرحي. فأنا أحترم كل الشخصيات التي قمت بتجسيدها وكلها في ذاكرتي، واحتفظ بأزياء كل شخصية، وكلما أشتم رائحتها أحس بشراييني تنبض بدماء تلك الشخصية، وابتدئ في تكرار نصوصها وعباراتها. فلكم أن تتخيلوا مدى الألم الذي أعانيه بابتعادي عن تجسيد شخصيات على خشبة المسرح. > حدثنا عن أعمالك التلفزيونية؟
< لدي عدد من الأعمال الدرامية، قرابة الثمانية مسلسلات وسلسلة «مراجيح» مع سمية عبد اللطيف «30» حلقة، و «يوميات سائق تاكسي» مع نادية أحمد بابكر، و «شبابيك» مع جمال حسن سعيد، إضافة للإسكتشات الصامتة. > وماذا عن مشاركاتك الخارجية؟
< سافرنا إلى الأردن في مهرجان المسرح السابع وكانت نقلة بالنسبة لي، ومثلنا السودان في «عنبر المجنونات» وأدهشنا الحضور بالأداء المتميز، وفزنا بجائزة أحسن مسرحية، لكن أغلب الممثلين والمهنئين من الدول العربية مع إشادتهم بأدائنا كانت لديهم ملاحظة في أن لهجتنا السودانية غير مفهومة بالنسبة لهم، لأننا حسب رأيهم نتكلم بسرعة. > «مقاطعة» هل كان هذا السبب في توجهك لإنتاج سلسلة صامتة؟
< بالفعل، بعد عودتي للسودان «بانطوماين» «بالصورة وبس» طالما أن الإخوة العرب يجدون صعوبة في استيعاب لهجتنا. التمثيل لم يكن بطريقة شارلي شابلن او مستر بن ولكنه كان تمثيلاً بشخصيات جادة ابرزنا فيها عدداً من شرائح المجتمع، وعملنا على التعامل معها بصورة صامتة ويكون المشاهد مشاركاً معنا في تحليل محتوى الحلقة، وحققت تلك السلسلة نجاحاً منقطع النظير، ووجدت اشادة من جنسيات مختلفة. > أستاذ نبيل كيف كانت بداية إصابتك بالشلل ومسار الرحلة العلاجية؟
< السبب الأساس في اصابتي بهذا المرض هو التمثيل، فعندما بدأنا بروفات «عنبر المجنونات» كانت هنالك تمارين مرونة، وكان يقوم بتدريبي مدرب من الأكروبات، وكنت أنا الرجل الوحيد في المسرحية والبقية عنصر نسائي. وكان يقوم بتدريبي تدريباً شاقاً «قدمي وراء عنقي مع الضغط». وبعد فترة بدأت أشعر بثقل في قدمي اليمنى، وقابلت الطبيب وطلب مني عمل رنين مغنطيسي، وأتضح أن هنالك غضروفاً أصاب فقرات العنق من الثالثة وحتى السابعة. وقرر لي عملية جراحية سريعة وقال لي: اذا لم تجر العملية ستصاب بالشلل، فقمت بإجراء العملية في مستشفى شهير بالخرطوم وتمت خياطة الجرح عن طريق «الدبابيس» وليس خيط العصب، وبعد انتهاء العملية زارني عدد كبير جداً من الناس وكانوا يقومون بهز يدي بقوة عند السلام تأكيداً على حبهم لي ولم احب احراج احد، مما تسبب في تفكك الدبابيس والتهاب الجرح، وقررت لي عملية اخرى شعرت بعضها بضمور في العضلات وارتخاء في الاعصاب وأصبحت لا اقوى على الحركة واخذت الايدى شكل شلل تام. لكن بفضل الله ومع العلاج الطبيعي بدأت في التحسن.. لكن بفضل الله وارادته وبمساعدة الاستاذ عبد العظيم صالح تمّ التنسيق بينه وبين اختصاصية العلاج الطبيعي الدكتورة سارة عبد العزيز التى تبنت علاجي دون مقابل مادي، والحق يقال أن علاجها يختلف عن اي علاج طبيعي تلقيته، فعلاجها بواسطة الأشعة تحت الحمراء والليزر والذبذبات الكهربائية. والآن تلقيت خمس جلسات وبدأت اشعر بعدها بالحركة تدب في الايدي. لكن لا اذيعكم سراً إن قلت لكم أن الألم الحقيقي ليس في المرض ولكن في ابتعادي عن خشبة المسرح. > من من المسؤولين قام بزيارتك ودعمك مادياً؟
< شكر خاص جداً لوزير الثقافة الاتحادي الأستاذ الطيب حسن بدوي، فقد وقف بجانبي منذ بداية اصابتي واهتم بعلاجي، وفي الفترة الاولى تكفل بنفقات «24» جلسة علاج طبيعي وزارني بالمنزل و «ما قصر معاي». كذلك اشكر معتمد جبل اولياء اللواء جلال الدين الطيب فقد زارني ووقف معي ودعمني. والشكر موصول لكل الزملاء الممثلين بدون فرز، وشكر خاص لاتحاد المهن التمثيلية ممثلاً في رئيسه الأستاذ أحمد رضا دهيب. > وصندوق رعاية المبدعين ألم يقم بدعمك؟
< بتوجيه من وزير الثقافة الطيب حسن دعمني الصندوق بمبلغ من المال، ولكن الدعم الحقيقي كان من الوزير ومدير مكتبه.. فلهم التحية. > ما هي نظرتك للدراما السودانية أستاذ نبيل؟
< عندما التقيت وزير الثقافة قلت له إن الدراما السودانية تحتاج لمساحة واسعة في الاجهزة الاعلامية، فالدراما هي الجهة التي تبرز عاداتنا وتقاليدنا وتراثنا ــ موروثنا خط احمر ــ وتجنبنا الثقافة المستوردة التي بدأت تغزو السودان بصورة مكثفة بمسلسلات مبتذلة لا تشبه واقعنا، وبدأت تأثر تأثيراً سلبياً في شريحة كبيرة من المجتمع، وظهر ذلك في الأزياء وطريقة الكلام و «حلاقة» بعض الشباب. وخريطة السودان يجب أن تُحمى دراميا، والتمثيل من أصعب الفنون «اعطني مسرحاً أعطك أمة». فلو كثفنا انتاجنا الدرامي لتجنبنا الغزو الوافد من دراما سورية وتركية وهندية ومصرية. > أستاذ نبيل صف لنا شعورك بوقفة كل الشعب السوداني معك ومهاتفتهم لك حسب حديثك معي ومحاولة بعضهم تقديم الدعم المادي لك كفنان؟
< حقيقة أنا سعيد جداً بحب الناس لي، ولكني اتجنب ولا أميل لأخذ مساعدة عينية من شخص، لأني لا أعرف ظروفهم. وهذا واجب الدولة لأني اعمل في مجال لا معاش لا حقوق ولا مكافأة فيه في نهاية خدمة.. «40» سنة وانا اعمل بالتمثيل. وكنت ضابطاً ادارياً وتركت الوظيفة واحترفت التمثيل، ووصلت درجة رائد تكريم في المجال المسرحي، وأعطيت الشعب السوداني البسمة والفرحة، ومعروف أن الشخصية السودانية شخصية جادة ويصعب إضحاكها.. «ضحكتو بتطلع من ضفرو». وانا تنقلت في مدن السودان المختلفة وقدمت أكثر من ثلاثة آلاف عرض جماهيري حي، وكنت اغيب عن أسرتي قرابة ثلاثة أشهر، فقد اجحفت في حق اسرتي ووهبت كل عمري للمسرح، ومن هنا كل التحايا لزوجتي «إخلاص عيسى» فبحكم علمها في نفس المجال تفهمت الموقف. > فيم تتلخص مشكلة الدراما السودانية؟
< المشكلة الحقيقية في الإنتاج، فأنت عندما تنتج عملاً درامياً تحتاج لإمكانات مادية عالية، فالإعلان في التلفزيون يكلف ثلاثة ملايين للدقيقة، وانت كمنتج تحتاج لدقيقة ونصف يومياً، أضف الى ذلك إيجار المسرح والضرائب والشرطة وأجور الممثلين. وأنا دخلت تجربة الإنتاج في مسرحية «الناس السعرانين» وقدمنا «45» عرضاً، ولكن الدخل كان اقل من المنصرف. والاشكالية الثانية تتمثل في المسارح وايجارها، فنحن لدينا مسرحان المسرح القومي ومسرح قاعة الصداقة، وايضا ايجارها مرتفع. > كيف تقيّم نجاح أو فشل العرض من خلال الجمهور؟
< نجاح المسرحية يتوقف على تقييم الجمهور، عندما يكون العرض ناجحاً يقف الجمهور بعد العرض قرابة العشر دقائق وهو يصفق، اما اذا كان العرض فاشلاً تجد الجمهور يبدأ في الانسحاب أثناء العرض منذ الفصل الأول. الانتباهة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..