حلول للمادة 179 من القانون الجنائي “الشيك المرتد” ومدير الشركة

بابكر كباشي التني
إن توجهات وتوصيات الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة ومعاملة المجرمين تنادي بالبعد عن التجريم ما أمكن ذلك والتوجه للوسائل المدنية وتنظيم العلاقات التجارية مما يوفر الجهد والمال والزمن للشرطة والمحاكم الجنائية وبفسح المجال لأن توجه تلك المجهودات لمكافحة الجرائم الأخرى كالقتل والسرقة..إلخ، مما يؤدي إلى تفادي الأثر السلبي النفسي والاجتماعي والأخلاقي للمقبوض عليه.
تنص المادة (11) من الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية أنه لا يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي فقط.
أمامنا هنا المادة (179) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م التي تنص “تجرم كل من يعطي شخص صكا مصرفيا وفاء لاتزام أو بمقابل ويرده المسحوب عليه”.
إن ظاهرة إساءة استخدام الشيك اصبحت ظاهرة تدعو للقلق وتؤثر سلبا على الثقة الموضوعة في الشيك مما يعيق المسار الإقتصادي ويؤثر على الدورة النقدية البنكية مما حدا بالمشروع أن ينقل عدم الوفاء بالشيك من تعامل مدني تجاري إلى فعل جنائي يستوجب العقوبة.
ولكن السؤال: هل إضافة الصبغة الجنائية على الشيك المرتد أوقفت التلاعب به؟؟
الاجابة لا، بل أصبح الشيك في حد ذاته مشكلة وأداة من أدوات النصب والاحتيال، فإذا نظرنا من منظور وزاوية أخرى نجد أن إضفاء الصبغة الجنائية على الشيك وما أعطته للشيك من قوة وثقة قد استغلها بعض ضعاف النفوس لأكل أموال الناس بالباطل وذلك باستخدام الشيك كوسيلة لاقناع الطرف الآخر لإكمال المعاملة التجارية ومن ثم يختفي محرر الشيك تاركا للطرف الآخر ملء يديه من الريح.
لذا أرى لابد من معالجة هذه المادة.
إن النيابة العامة حاليا تقوم بحبس المدين محرر الشيك (ولا أقول المتهم) لمجرد تحرير الشيك ورجوع الشيك بدون صرف وأرى أن ما يجب على النيابة العامة أن تقوم به هو التحقق من وجود بينة مبدئية بأن هناك سوء نية من وراء تحرير الشيك وهو من صميم عمل النيابة العامة وهي التحقق من وجود بينة مبدئية لارتكاب الفعل المجرم وما تقوم به النيابة الآن مبني على المبدأ القانوني القديم مبدأ المسئولية المطلقة strict liability التي تجرم الفعل لمجرد ارتكابه دون النظر لوجود القصد الجنائي في الفعل وهي نظرية قانونية عفا عليها الدهر.
تنص المادة (198) من قانون القضاء المدني “أن تتبع المحكمة إجراءات تستقصي بها لمعرفة أن سلك المدين سلوكا سيء النية للامتناع أو لتفادي سداد الدين فإن ثبت سوء نية يكون تحت طائلة القانون الجنائي وإن لم تثبت يكون تحت طائلة القانون المدني”.
في تقديري المتواضع أن هذه المادة يجب أن تكون من اختصاص النيابة الجنائية في مرحلة التحري وأن تعدل عبارة “إن ثبت سوء نية” بأن تصبح “إذا كان هناك بينة مبدئية لسوء نية” كما نعلم أن مهمة النيابة فقط هي البحث عن البينة المبدئية لتجريم الفعل إذ أن الإثبات ليس من مهام النيابة وإنما القضاء، فإن لم تجد شبهة قصد جنائي من وراء كتابة الشيك عليها أن تشطب البلاغ وأن يكون محله المحاكم المدنية إذ لا بد من التمييز بين أفعال التاجر الأمين الذي مرت به ظروف محددة حالت دون الوفاء بالشيك (نظرية الظروف الطارئة force Majuor.
وتظهر مساوئ المادة (179) جنائي في حالة أن يكون الشيك صادر من شركة وكما يعلم الجميع أن للشركة شخصية إعتبارية خاصة بها منفصلة عن شخصية المساهمين وشخصية مدير الشركة، مدير الشركة هو فقط الأداة المحركة لهذه الشخصية الإعتبارية فعندما يحرر هذا المدير شيكا باسم الشركة ويرتد الشيك يقبض على مدير الشركة دون مراعاة للشخصية الإعتبارية للشركة المنفصلة عن شخصية المدير وهذا يلغي مبدأ الشخصية الإعتبارية للشركة وهو مبدأ أساسي في قانون الشركات.
وتظهر هذه المساوئ أكثر عندما يترك المدير محرر الشيك عمله في الشركة ويحل محله مدير آخر هنا يتم القبض على شخص المدير الجديد “فطبقا للقانون يتعامل الدائن مع شيك الشركة في شخص مديرها الحالي” ويودع الحراسة وبالرغم من أن الحراسة قانونا لا تعتبر عقوبة إلا أنها تحرم الشخص من حريته وهي أعلى ما يملك وهذا يشابه قانون حامورابي القديم ففي أحد نصوصه “إذا قام بنأ ببناء بيت وانهار ذلك البيت وقتل ابن صاحب البيت يقتل ابن البنأ” مما يعني معاقبة شخص عن فعل لم يرتكبه.
إن كل هذه المساوئ هي نتيجة للخلط بين قواعد القانون التجاري والقانون الجنائي، لذا أرى أن تعدل المادة (179) جنائي وأن تقسم أنواع الشيك الصادر من شخص طبيعي تبعا لوجود بينة مبدئية لسوء نيته أو عدمها. بعد أن تتحرى النيابة من ذلك وإلا أصبح الشيك المرتد فعلا مدنيا. أما الشيك المرتد من شخص إعتباري يجب أن يكون دائما فعلا مدنيا إلا في حالة استعماله كأداة للاحتيال من قبل مدير الشركة ويكون مكان ذلك هو المحكمة المدنية من ضمن مطالب الدائنين في المحكمة لاثبات سوء نية المدير تجاه دائنين الشركة Fraudulent trading.
هنا قد يثار تساؤل هو إحجام المتعاملين مع الشركة عن قبول شيكات الشركة إذا ما أصبح شيك الشركة فعل مدني وليس جنائي، وأقول هنا يجب عليهم أن يطلبو ضمانات أخرى للشيك كرهن عقاري أو شيك شخصي من مدير الشركة وبذا يكون المشرع قد أرجع مبدأ الشخصية الاعتبارية للشركة.
ومن جهة أخرى حتى تضمن الجهات المالية قوة الشيك يمكن أن تتبع أسلوب قياس الإلتزام بسداد الديون
Check Score Credit ويتمثل ذلك في فتح مكتب مختص بتخزين المعلومات عن التزام الأفراد والشركات بالوفاء بالشيك مما يمكن الشخص قبل أن يقبل الشيك أن يتحصل على مدى مصداقية هذا الشخص في الوفاء بالدين ويمكن لهذا المكتب أن يوصي كل البنوك بعدم إصدار دفتر شيكات للشخص غير الملتزم بالسداد لفترة قد تصل لخمسة سنين كما عليه العمل في العالم المتقدم.
بابكر كباشي التني
وكيل نيابة سابق ومبعوث منظمة IOM لحوكمة الشركا[email protected]
[email][email protected][/email]
قلنا هذا مقترح جيد من وكيل نيابة سابق بابكر كباشي بتعديل المادة 179 جنائي لتطبق في مرحلتي التحري والمحاكمة تعطي وكالة النيابة سلطة التحري عن توفر بينة مبدئية لسوء النية كشرط للقبض رغم أن هذه سلطة موجودة فعلا وضمنا في المادة الحالية التي تتطلب من المحكمة تقرير الادانة فقط عند ثبوت هذا العنصر الأساسي في أركان الجريمة ولكنه اقترح تعديل المادة لتفعيل هذه الروح الجديدة في التحري والمحاكمة نظرا لسيادة الممارسة المغلوطة التي أرستها المحاكم في السابق في غياب سلطة النيابة في التصرف في الدعوى الجنائية قبل صدور قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991 وأنا شحصيا قبل أن أصبح الآن زول ساي أو ساكت كنت أطبق القانون الأخير بهذا الفهم فما لم أجد بينة مبدئية لسوء النية أو القصد في أي تهمة بجريمة لها ركن معنوي حتى لو كان مجرد علم أو اعتقاد معقول فلا أحيل البلاغ للمحاكمة وأقوم باطلاق سراح المتهم بالضمانة العادية حتى لو أحلت البلاغ للمحاكمة ولم أقم بشطبه ودفاتر الأحوال والبلاغات تشهد لي بذلك في الفترة من 1991 وحتى تركي لهذه المهنة
force Majuor
الصحيح هو :
Force majeure نظرية القوة القاهرة,تجعل الإلتزام مرهقآ.
نشكر الكاتب علي إيراد هذه المعلومات عن مسألة أصبحت تشغل الرأي العام في السنين الأخيرة.
جمال علي
محاسب قانوني
الغاء عقوبه الشيك المرتد ستفتح الباب علي مصراعيه لمزيد من الاحتيال وسوء النيه والان لدي احد المعارف مودع بسجن الهدي لانه ادمن كتاية الشيك دون رصيد ويقال ان مجموع المبالغ المطلوبه منه قرابه 400 مليار جنيه (بالقديم)وحتي وهو داخل السجن لم يتوقف عن ممارسه هوايته وهو مثال واحد ويوجد كثيرون مثله
الشيكات في السودان البنك بيديها لكل من هب ودب وهذه سياسة الحكومة والتمكين للغشاشيين والله لو كان البيحرر شيك من دون رصيد عقوبته الاعدام كان الناس اتأدبت وكل واحد رضي بما قسم له الله لكن التهاون في القانون خلي العالم كلها تطمع في حق الغير وعاوزين يأكلوه مهما كان الثمن والعواقب بدل يا وكيل النيابة ما تطالب بتشديد العقوبات تطالب بتسهيلها شكلك ناوي تبقي بتاع شيكات طائرة مثل صاحبنا العليه 400 مليار دا شد حيلك شوف الحلال بوين في موت وسؤال ولعلمك الناس بتاعين الشيكات ديل ما بيخافو ربهم اصلا
اعتقد ان السبب الرئيس في مسألةالشيكات المرتدة يعود بالاساس لتطبيق الصيغ المسماة اسلامية على جميع المعاملات البنكية في السودان . فاذا نظرنا الان للذين دخلوا السجون بسبب الشيكات المرتدة نجد ان معظمهم دخلها بسبب (معاملات الكسر) أي ان الشخص بكون محتاج لسيولة نقدية وليس هناك طريقة للحصول علىيها كقرض نقدي بفائدة من البنوك كما كان الحال في البنوك التقليدية لذلك يقوم الشخص بشراء بضاعة بشيك اجل وكسرها في الحال بسعر أقل للحصول على الكاش وهو يعرف سلفا انه لا يستطيع سداد قينة البضاعة عندما يحين اجل السيك
في اعتقادي الحل يكمن في ان تفتح البنوك شباك للقروض النقدية بفائدة ليختار العميل بين القرض التقليدي بفائدة او التعامل بالصيغ المسماة اسلامية لأن البنوك تستطيع ان تضع الضمامات الكافية لاسترجاع فلوسها وعندها سوف تنتهي عمليات الكسر والشيكات الطائرة
شكرا ايه الزميل المحترم فقد اوردت حلولا عملية لكن يجب كما قلت ان تتوفر الضمانات للفرد او الشركة لانو في بعض ضعاف النفوس يستغلون الشيك
يا وزير العدل نص المادة 179 الحالي كاف لحل المشكلة لأن سوء النية المطلوب ثبوته للمحكمة يجب توفر بينة مبدئية به في مرحلة التحري وما عليك إلا أن تصدر منشوراً لوكلاء النيابة لتطبيق مادة الشيك بالتحري عن سوء النية في تحرير الشيك وذلك بمعرفة ملابسات وظروف تحرير الشيك وسبب عدم الوفاء به. وحيث أن جميع شيكات الضمان ليس لها مقابل حقيقي لأن المقابل الحقيقي للقرض هو المعاملة المطلوبة من المستفيد من القرض والتي يحددها عقد القرض فيعتبر القرض البنكي معاملة كاملة في حد ذاتها مقابلها في داخلها أي ما ينص عليه عقد القرض كتعهد الموظف بتحويل راتبه الشهري للبنك المقرض مثلاً ليستقطع منه قيمة الأقساط الشهرية لسداد القرض حسب نص العقد – فهذا مقابل كاف من الموظف مقابل القرض الذي استلمه – فإذا أصر البنك على الموظف فوق هذا العقد بتحرير شيكات ضمانة لقيمة القرض دون أن ينص عقد القرض على ذلك فإن مثل هذا الشيك لا يقابله شيء يعطيه للموظف والذي يعتبر متبرعا به في أسوأ حالاته أي يحرره الموظف للبنك دون مقابل من البنك له زيادة على القرض المضمون بالعقد، وحيث من عناصر جريمة الشيك بدون رصيد أن يكون للشيك مقابل فإن عدم المقابل يخرجه من طائلة المادة 179 تماماً – وعليه يعتبر الشيك في هذه الحالة مجرد مستند بقيمة القرض والذي قد يكون الموظف على الأقل قد قام بسداد بعضه من تحويل الراتب وفق العقد عند حدوث عجزه عن السداد وفتح البلاغ ضده بالشيك، فيصبح من الظلم الفادح إعانة حامل الشيك باستيفاء كامل قيمته عن طريق البلاغ الجنائي وتقدير الضمانة المالية بقيمة الشيك- في حين أنه لو ذهب للمحكمة المدنية لن تحكم له إلا بما تبقى في ذمة الموظف من قيمة الشيك أو القرض!! كما يجب التحري عن سبب عدم الوفاء لأن محرر الشيك قد لاتكون لديه نية الاحتيال عند تحرير الشيك ولكن قد تطرأ عليه ظروف خارج إرادته تماماً تفقده المقدرة على الوفاء خاصة وأن سوء النية المعتبر هو وقت تحرير الشيك وليس عند ارتداده، فلا يتم القبض بمجرد ارتداد الشيك بختم البنك، وهنا تبرز قضية أخرى لماذا لا يبين البنك في ورقة الارتداد هذه المبلغ المتوفر بالرصيد وبكم قصَّر عن تغطية قيمة الشيك بل لماذا لا يصرف لحامله ما هو متوفر بالرصيد ويختم الشيك على ذلك؟؟ بحيث يطلق سراح المتهم بالضمانة المالية بقيمة الشيك المتبقية فقط؟ في حالة وجود بينة مبدئية على سوء النية وإحالة البلاغ للمحاكمة، وإلا فبالضمانة العادية في كل الأحوال التي لا توجد فيها بينة مبدئية.
لا بديل الا ان يبقي المتهم لحين السداد والا فقد الشيك هيبنه بالاسواق وبالنسبه للشركات والشخصيه الاعتباريه لا بديل ايضا”الا السجن للمدير فكيف لمدير جديد استلام مهامه دون معرفة مديونيات الشركه ووضعها المالي وبأسم الشخصيه الاعتباريه هذه تم أكل اموال كثير من المواطنين سيتم ايقاف التعامل بالشيك لو تغير هذا القانون