القوانين الصارمة تحول مصاحف قديمة إلى مزار في باكستان

تحت تلة صحراوية في باكستان يقبع كنز غير متوقع، متاهة من الأنفاق تضم أعدادا هائلة من المصاحف التي بليت أوراقها، دفنت هنا كي لا تلقى في أماكن قذرة ولا تحرق، وصارت مكتبة فريدة من نوعها تجذب المهتمين.

العرب

كويتا (باكستان) – يقصد تلة ?جبل النور? في مدينة كويتا الباكستانية مئات الآلاف من الزوار منذ أن حولها شقيقان إلى ما يشبه المكتبة الضخمة للنسخ القديمة من القرآن.

ويقول حجي مظفر علي المسؤول عن هذا الموقع ?لقد وضعنا هنا ما لا يقل عن خمسة ملايين نسخة قديمة من القرآن?، وقد أصبح الموقع متخما بالكمية.

ويعود السبب في إنشاء هذا الموقع إلى أن إتلاف المصاحف القديمة ليس بالأمر السهل في باكستان، فأي تعامل يعد غير لائق مع نسخ القرآن، يعرض فاعله لعقوبة قاسية قد تصل إلى الإعدام بموجب مادة قانونية مثيرة للجدل.

وسبق أن أدت اتهامات عشوائية بتدنيس القرآن أو الازدراء به إلى جعل حشود غاضبة تسحل أشخاصا معظمهم من الفقراء أو أبناء الأقليات الدينية، وصل عددهم إلى نحو خمسين في العقدين الماضيين، بحسب منظمة ?هيومن رايتس ووتش?.

وقد حدد رجال الدين في باكستان طريقتين لا ثالث لهما للتخلص من النسخ القديمة من القرآن، إما لف النسخة في قطعة من القماش ودفنها في الأرض كما هو الحال في جبل النور، أو جعل المياه الجارية تذيب صفحاتها شيئا فشيئا.

لكن جبل النور أصبح متخما بالنسخ، وبات يتعين على المسؤولين عنه أن يحفروا مكانا جديدا، وهي مهمة غير سهلة.

وتراود مؤسس هذا الموقع، رجل الأعمال عبدالصمد لهري البالغ 77 عاما، فكرة إعادة تدوير المصاحف، وهي فكرة جديدة لكنها لا تخلو من المحاذير.

ففي أفغانستان المجاورة، دمر حشد غاضب من ألف شخص مصنعا للورق للاشتباه بأنه يعيد تدوير ورق المصاحف لتحويله إلى مناديل، وذلك في العام 2011. وفي نوفمبر من العام 2015، أضرم حشد النار في مصنع في إقليم بنجاب بعد شيوع خبر أن أحد عماله أحرق نسخة من القرآن في مدفأة.

ومازالت مصانع الورق الباكستانية تتجنب إعادة تدوير المصاحف، بسبب القيود الصارمة التي يفرضها الفقهاء، منها أن يقتصر استخدام من يعملون في هذا الأمر على المسلمين دون غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، حسب ما يقول عرفان قدير المسؤول في المكتب المعني بالنسخ القديمة من القرآن في إقليم بنجاب.

وفي جبل النور، مازالت فكرة إعادة التدوير أيضا في بداياتها. وبدأ اهتمام عبدالصمد لهري بالحفاظ على قدسية حروف القرآن وكلماته، وصور الأماكن المقدسة كالكعبة، في العام 1956.

وفي العام 1992، قرر مع شقيقه عبدالرشيد استخدام إطلاق مشروع دفن النسخ القديمة من القرآن في بطن التلة التي أطلق عليها اسم جبل النور تيمنا بالجبل الواقع في مكة، والذي يضم غار حراء، حيث نزلت أولى آيات القرآن الكريم.

ومنذ ذلك الحين، باتت التلة مقصدا لأعداد كبيرة من المؤمنين والمهتمين، وصارت مزارا لا يتردد الكثيرون عن أن يحفروا فيه دعاءهم وأمانيهم، كتلك العبارة المنقوشة في أحد الأنفاق ?إلهي، أسألك أن تفك خطوبة أمينة وأن تخلصها من حمزة?.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..