التشكيلية السودانية رجاء أحمد الطيب: استخدام الكمبيوتر في الفن لا يؤثر على روح الفنان

الخرطوم :صلاح الدين مصطفى
رجاء أحمد الطيب زين العابدين فنانة تشكيلية سودانية، تخرجت في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا، تخصص رسم وتلوين. تلقفتها الصحافة فور تخرجها ولم تتح لها فرصة الاستمتاع بتخصصها الأساسي، إذ تعمل مصممة. ورغم ضغوط العمل الصحافي، ما زالت تحمل عشقا سرمديا للرسم والتلوين وتبدع فيه.
تقول رجاء إن قربها من والدها الفنان التشكيلي والناقد الراحل أحمد الطيب زين العابدين ـ والذي وصل إلى منصب عميد الفنون ـ كان له أثر كبير في تكوينها الفني. وتضيف إنها قاومت الدخول في هذا المجال، لكن كانت إرادة الفن هي الأقوى. وعلى الرغم من أن والدها لم يفرض عليها هذا الإتجاه لكنها أصبحت في نهاية المطاف فنانة تشكيلية.
وبعد اختيارها لهذا الجنس من الفنون، استفادت كثيرا من البيئة المعنوية والمادية التي كانت تفرض سطوتها على بيتهم، فاحتشدت ذاكرتها الجمالية بجينات هذا الفن وتقول في ذلك:»الوالد كان مشبعا بهموم العمل الفني، سواء على مستوى الممارسة ـ وهو متخصص رسم وتلوين ـ أو الكتابة والتنظير وتأسيس المدارس الفكرية في هذا المجال، ومن خلال هذا الحصار التشكيلي وجدت نفسي في هذا الطريق».
وتقول إن الفنان يجب أن يكون على قدر كبير من الوعي الذي يتيح له التواصل مع كل فئات المجتمع. لكنها تعترف أن الفن التشكيلي عالم مليء بالتعقيدات والغموض:»فهو فن يحمل العديد من القيم المركبة، منها ما هو حياتي ومنها جوانب أخلاقية وأخرى اجتماعية. والفنان التشكيلي مطلوب منه أن يعمل ويبدع وفقا لهذه المعطيات المتمثلة فنيا في العمليات الذهنية والفكرية المعقدة. وعلى المستوى الاجتماعي عليه أن يكون بسيطا وعميقا في إبداعه حتى يصل تأثيره لجميع الفئات. ومعروف أن الفن التشكيلي يدخل في كل شؤون الحياة، وهذا يتطلب البساطة. ومن ناحية أخرى، يسعى الفنان التشكيلي لإبداع غير مسبوق يرتقي به ويضاف إلى ما أنتجته الإنسانية، وهنا يصبح عمله معقدا لا يتذوقه العامة وبين هذين المحورين تظهر موهبة وفرادة الفنان».
وتعدد رجاء أسباب غياب القواسم المشتركة في التذوق بين الفنان والجمهور، وترى أن السبب الأول هو خلو مناهج التعليم ـ من الأساس وحتى الجامعة ـ من الفنون التشكيلية التي تضع التلاميذ في مداخل تذوق الفن التشكيلي وتفتح لهم أبواب العوالم المدهشة، وهو ما خلق نوعا من الأميّة البصرية على حد تعبيرها.
أما السبب الثاني فهو قلة معارض الفن التشكيلي وصفويتها وتشرح ذلك بأنها عادة تقام في أماكن لا يستطيع المواطن الوصول إليها، وهي لا تلوم الجهات التي وفرت صالات العرض، ومعظمها مراكز ثقافية أوروبية، لكنها تلوم جهات أخرى وطنية (شعبية ورسمية) ترى أنها تقاعست عن دورها في جعل الفن التشكيلي ينتشر وسط العامة مثل الغناء والدراما.
وتقول رجاء إن الفن التشكيلي اليوم أصبح وسيلة مؤثرة لنقل الأفكار وتطبيع الناس على أنماط محددة من القيم والثقافات وبذلك يمكن أن يكون مدخلا للإستلاب، وتضرب مثلا بالرسوم المتحركة التي تقدم للأطفال، فهي تبذل لها إمكانيات ضخمة لتصبح جاذبة ومؤثرة، والخطورة في أن مضامينها تحمل ثقافة أخرى، وهذا يتطلب حدوث تطور لتقديم ثقافة المجتمع بشكل يضاهي لغة العصر، وفي الوقت نفسه،لا يتعارض مع قيم وثقافة المجتمع. وبمناسبة التطور التقني ترى أن الكمبيوتر لا يستطيع أن يبدع لوحده، وبالتالي فإنّ الأساس هو (روح الفنان) والكمبيوتر مجرد أداة تتيح للفنان قدرة أكبر للتعبير وإظهار مهاراته، ولكل ذلك فإن الفن المنتج بواسطة الكمبيوتر يخضع في المقام الأول لحرفية الفنان وقدرته على التعامل معه.
وتقول رجاء إن العمل الصحافي له تأثيره السالب والإيجابي على الفنان خاصّة إذا كان يعمل في مجال الإخراج. ففي الشق الأول، فهي ترى إنّ ضغوط الصحافة اليومية لا تتيح للفنان التفرغ لإبداعه أو حتى متابعة المعارض التشكيلية أو الندوات، أما الشق الإيجابي، بحسب تجربتها الشخصية، فالصحافة، مرئية كانت أم مكتوبة ـ تتيح للفنان التشكيلي مساحة مستمرة للإبداع وبالتالي التجويد من خلال منتج يومي.
ورغم أنها تعمل في مجال آخر غير تخصصها، فهي حريصة جدا على مواصلة الرسم والتلوين وتجد في ذلك متعة كبيرة، أنتجت من خلالها أعمالا متميزة.

“القدس العربي”

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..