أين تقف الآن؟ بعد “60” عاماً من انطلاق الحركة النسائية في السودان

الخرطوم – زهرة عكاشة
تميزت المرأة السودانية منذ عهود خلت بالدفاع عن حقوقها ومكتسباتها، وسبقت العديد من نظيراتها العربيات والأفريقيات في هذا الشأن وسطر التاريخ كيف دافعنّ رائدات الحركة الوطنية عن حقوقهنّ، حتى نالنّ حقوقهنّ، في التعليم والأجر والعمل المتساوي، وحاولنّ الحفاظ عليها، التي كادت أن تهدمها الرياح المعارضة لها. وبعد (60) عاماً من انطلاق الحركة النسائية كان لابد أن تتحسس موقعها، وهي في طريق تحقيق أهدافها، فأين تقف المرأة السودانية الآن؟
حفاظ على المكتسبات
“المرأة السودانية في مفترق الطرق”، هكذا ابتدرت الناشطة السياسية والحقوقية ومنسق البحوث في مركز الجندر نعمات كوكو حديثها، وقالت: “ذلك لأن وضع المرأة السودانية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بوضع السودان ومآلاته، وأكدت أن المرأة أحرزت الكثير من الانجازات بعد ثورة أكتوبر، لكن بالتراجع العام للمجتمع تراجع أيضاً وضع المرأة لارتباط الحركة النسائية بحركة المجتمع. وقالت: “بالنظر للتاريخ نجد أن المرأة السودانية وجدت وضعاً أفضل بعد الاستقلال مقارنة مع نظيراتها العربيات والأفريقيات، ونالت بعض الحقوق في العمل والتعليم وحتى المشاركة السياسية كان لها دور فاعل فيها، لأنها جزء من الحوار الوطني آنذاك، وكانت أولى قفزاتها إبان ثورة أكتوبر بعد أن وعي المجتمع وارتفع صوتها وتساوت في الأجر والعمل مع الرجل الذي كانت تقف بجانبه كتفاً بكتف، ودافعت باستماته عن حقوقها التي حصرها نظام مايو في التدبير المنزلي والحياكة”. ومضت في حديثها: ذلك لم يكن غريباً بعد تحوله (360) درجة وباتت مايو دكتاتورية رجعية، وحاول على إثرها نميري محو الحركة الثورية بممارسة الإجراءات القمعية بعد قوانين سبتمبر التي انتكس بعدها وضع المرأة، والحديث لـ(نعمات) التي قالت: بالرغم من الأوضاع القمعية إلا أن هناك مقاومة وحراكاً وطنياً كثيفاً للحفاظ على الحقوق والعمل والأجر المتساوي، وكانت إيجابية، حتى أننا نزلنا الشارع عند الانتفاضة واستمر الحراك للحفاظ على الديمقراطية والنظام العام. لكن بعد العام (89) ازداد الأمر سوءً – بحسب نعمات – وتراجع وضع المرأة بعد الحروب والنزاعات التي عانت منها المرأة وتأثرت بها أيما تأثير، في ظل النزوح وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وكانت أسوأ فترة مرت على المرأة والشعب السوداني، في ظل انعدام الوعي وولوج العديد من الثقافات الجديدة حيث عرفت البلاد زواج المسيار والمتعة، وانتهى بقانون الأحوال الشخصية لعام (1991)م الذي يعد أكبر كارثة على السودان، لما أحدثه من تراجع في الخريطة الاجتماعية للمرأة السودانية بعد أن هزمها وأهدر حقوقها وكرامتها الإنسانية، لكن نعمات تعود وتؤكد بقولها “رغم ذلك هناك بعض أشكال المقاومة التي تعمل من أجل المحافظة على بعض المكتسبات لارتباطها بالحراك العام، وأولياتنا الآن إيقاف الحرب وبناء السلام والعدالة الاجتماعية ومحاكمة مجرمي الحرب”.
تحصين مهم
وترى مثابة حاج حسن عضو المجلس الوطني ونائب رئيس هيئة البرلمانيات السودانية أن وضع المرأة السودانية في تحسن مستمر إذا ما تمت المقارنة بين الوضع السابق والراهن، وقالت: “نجد المرأة السودانية دخلت البرلمان في عام (1965)م ولم يكن هناك سوى فاطمة أحمد إبراهيم نائبة برلمانية، وفي الثمانينات أصبحنّ اثنتين، أما الآن هناك (130) على المستوى القومي و(21) على المستوى الولائي”. وأردفت: “وهذا يعني أن هناك تطوراً نسبته (30%) ليس على مستوى القوائم فقط وإنما على الدوائر الجغرافية أيضاً. أما في إطار المجتمع المدني ترى مثابة أن دور المرأة وسط الروابط والإدارات الأهلية أصبحت المرأة عمدة وتدير العديد من الجمعيات النسوية، بعد أن كان شيء لا يذكر”. ومضت قائلة: “وبالرغم من ضعف مشاركة المرأة في الجهاز التنفيذي إلا أن هناك تطوراً وتقدماً في مسيرة المرأة السودانية، فقط نحتاج إلى التحصن بالقوانين وزيادة الوعي المجتمعي حتى لا ننتكس وتتراجع الأوضاع”.
مناخ متقدم
فيما تعد مدير عام مركز دراسات المرأة نوال مصطفى مناخ المرأة السودانية متقدم على رصيفاتها في الدول العربية والأفريقية. وقالت: “المرأة السودانية قديماً كانت تجلس في سدة الحكم، وفي الوقت الذي كانت فيه ملكة وحاكمة كانت توأد في جزيرة العرب، وفي فترة الإسلام كانت قائدة مجتمعية خرجت العديد من المشايخ والعارفين من خلاويها ومدارسها، فيما استغلت وأهدرت حقوقها وعملت سخرة في المناجم بأفريقيا”.
وأضافت: “المرأة السودانية من الستينيات نالت حق الأجر والعمل المتساوي، واختارت مقعدها في البرلمان، حتى أنها ترشحت لرئاسة الجمهورية”. أما من ناحية القوانين تقول نوال: “السودان مهيئ لترسيخ القوانين والتشريعات الوطنية، وموقفه متقدم، غير أن هناك ملاحظات على القانون الجنائي وقانون الأحوال الشخصية لعام (1991)م، جارٍ تعديلهم وتنقيحهم من قبل لجنة التشريعات بالبرلمان”. وتابعت: سياسياً الدولة مهتمة بالمرأة وساعية لتطويرها.
ولفتت إلى أن هناك سلبيات تحف وضع المرأة اقتصادياً سيما في مشاريع التمويل الأصغر التي وضعت البنوك النسبة الموجهة للمرأة (3%) فقط وهي بسيطة. وقالت: “حتى على مستوى المشاريع الكبيرة والاستثمار فرصتها ضعيفة، لذلك محتاجين لحماية في كافة التشريعات”، مؤكدة أن نهوض المرأة اقتصادياً يغير وضع الأسرة إلى الأفضل، كما تحتاج المرأة إلى مزيد من الفرص في البرلمان ومراجعات للاستراتيجية الربع قرنية لأنها ضعيفة ولا تهتم بالمرأة. وتابعت: نأمل إيجاد معالجات في قطاع التعليم بفصل المدارس المختلطة وإنشاء مدارس في القرى المختلفة لأن عدد البنات خارج المدرسة (68%) وهي نسبة مخيفة. وأشارت نوال إلى انخفاض نسبة وفيات الأمهات والأطفال، وأرجعت ذلك إلى ارتفاع نسبة الوعي بين النساء. وقالت: “هو مؤشر تعافٍ نتوقع أن تسير الأمور على نحو أفضل في المستقبل

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. وضع المرأة في تطو مستمر والدليل على ذلك مواقد ستات الشاي والتي تنتشر في الطرقات قديما كانت المراة تجلس في بينها معززة مكرمة ياتيها رزقها لا تخرج إلا للضرورة والآن تستيقظ لتخرج قبل بزوغ الفجر لتضرب في الأرض بحثاً عن الرزق تاركة فلذات كبدها ببطون خاوية يجولون في الطرقات يتنظرون عودتها في المساء ليقتاتو مما جمعته في يومها فأين هو التطور

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..