إنتهازية الحركة وغباء النخبة

إنتهازية الحركة وغباء النخبة

الشريف جارالنبى
إنتهازية الحركة وغباء النخبة
[email protected]

فى ضاحية نيفاشا حصلت الحركة الشعبية على صغة حكم إنفرادى للإقليم الجنوبى، ومشاركتها فى حكم بقية أقاليم السودان خلال الفترة الإنتقالية الى موعد الإستفتاء، وقد عجز الشريكان من جعل الوحدة من أولوياتهم، ولم نسمع بحدة تنافس الشركيين من أجل الحيازة على لقب أميرة الوحدة، فكان الخصام تلو الخصام والإعتراك الدائم حول ضم بعض الأراضى شمالاً أو جنوباً، كما إتضح فى أبييى، تريدها الحركة خالية سياسياً من المسيرية مع الإحتفاظ بحق المرورفى موسم الرعى، وتغيبهم عن رسم مستقبل المنطقة السياسى جاعلين منهم غجر الروما فى جنوب كردفان، يتخلصون منهم متى ما إستتب الأمر لهم، وحتى غجر الروما لم يسلم من الترحيل فى أعر ق حصون الديمقراطية بالرغم من إنتمائهم للإتحاد الأوربى فما بالك بالروما الكردفانية.
خاض التجمع الديمقراطى تجربة العمل المسلح، إنطلاقاً من أرتيريا فأخفق وذلك يعود لعدة أسباب:
أولاً: إنعدام الوحدة السياسية لاحزاب التجمع، لذا كانت قطاعات الجيش متعددة الولاءات.
ثانياً: غياب القيادات الحزبية عن أرض المعركة وبقائها فى الهوتيلات فى القاهرة وما له
من تأثير نفسى ومعنوى فى الأداء القتالى.
ثالثاً: طبيعة وجغرافية أرض المعركة، حيث الطبيعة الجرداء المكشوفة، وفرت للجيش
السودانى حرية الحركة والإستطلاع.
رابعاً:تمركز قوات التجمع فى الأراضى الأرترية له سلبياته لخضوع هذه القوات لتقلبات سياسية الدولة المضيفة، والسياسة لا تدوم على حال.
فى المقابل نجد رصيفها “الجيش الشعبى لتحرير السودان” يتمركز داخل الأراضى السودانية بما عرف بالأراضى المحررة، وتواجد القيادة السياسية والعسكرية على أرض المعركة وسط الجنود والطبيعة الغابية لأرض المعركة، سهل عمليات نصب الكمائن للأفراد والمعدات وحتى الطيران العمودى حيث تتوفر المضادات الأرضية.
هذا ما حدى بالتجمع للتفكير فى إستمالة جيش الحركة الشعبية كجناح عسكرى ذو فعالية للتجمع، فقدموا للحركة فى مؤتمر أسمرا حق تقرير المصير على طبق من فضة إن شاؤ بقوا فى السودان الموحد أو الإنفصال، ولا أحكم بجهلهم لما سوف تؤل اليه الإمور بعد إزاحة نظام المؤتمر الوطنى، وكما للحركات الإنفصالية الجنوبية تاريخ إنفصالى موغل فى القدم، وتظهر جليأ عدم ديمقراطية التجمع ونظرته لكراسى الحكم فى الخرطوم، فى تصرفهم فيما لا يملكون ودون الرجوع للقواعد فى الداخل، ووضوح السلطة الأبوية على الشعب السودانى، هنالك من الأحزاب من طرح فكرة تقرير المصير على الحركة منفرداً، حزب الأمة مع جناح توريت فى شقدوم، المؤتمر الوطنى فى فرانكفورت، بعدها أخذ المؤتمر الوطنى بزمام المبادرة وقدم حق تقرير المصير على طبق من ذهب للحركة الشعبية مقابل التخلى عن فكرة السودان الجديد، والعدول عن فكرة السودان العلمانى والإكتفاء بعلمانية الجنوب وترك الشمال تحت أحكام ما يظنوه شريعة، وتخلى رفاق الأمس عن فكرة التجمع حتى لم يخطر على بالهم إشراك التجمع فى المفاوضات حيث كانت حكومة البشير فى أسوء أحوالها عسكرياً وسياسياً.
حيث الهزائم العسكرية المتلاحقة والضغط الأمريكى، وهذا يدل على رسوخ فكرة الإنفصال لدى قادة الحركة الشعبية لتحرير شعب جنوب السودان.
إنبتر الزراع العسكرى للتجمع، وتحول شعار “سَلِم تسَلَم” الى “نُسَلِم هل نَسلَم” وصاروا يتوافدون الى الخرطوم زرافاتٍ ووحدانا ولخور قوتهم وقلة حيلتهم نراهم يغازلون الحركة الشعبية من جديد” ومن الحب ما قتل” فسموا أنفسهم أحزاب جوبا، وصارت جوبا مرتع خيلهم، خيلهم التى أبت التوجه جنوباً إبان حكمهم فى العهد البرلمانى، وللأسف الشديد يعلمون أن الحركة الشعبية هى شريكة فى الحكم وتتقيد بإتفاقية نيفاشا ، ولها فى جعبة المؤتمر الوطنى الكثير تود الحصول عليه، وبرغم ذلك يتوددون لشريك الأمس الذى تقاسم السلطة والثروة ولم يترك لهم حتى الفتات، ذلك يعود لإنعدام الرؤى وفقدان الإستراتيجية السياسية لإنقاذ الوطن.
الحركة الشعبية ركبت قطار الإنفصال بلا عودة وبموافقة المجتمع الدولى، وحكومة الشمال تستجدى الدعم من الغرب بكل السبل، تنظر الى أرض السودان والى الجزرة المقسمة وهم فى حالة جوعٍ هستيرى، ومن يعقل ويعى مدلول كلمة إستقلال فى أدبيات الحركة يتوصل بأن الجنوب يرى نفسه فى حالة إنعتاق من الإستعمار الشمالى فكيف من إنعتق أن يعود بمحض إرادته للإستعمار مرة أخرى.
يعقد قريباً فى الداخل المؤتمر الجامع، وفى الخارج مؤتمر الجبهة الوطنية العريضة للمعارضة الجميع يتحدثون حول تقسيم السودان الى سبعة أقاليم ستة منها شمالية وواحد جنوبية، ألا تتفقون معى على سذاجة النخبة السودانية وإدمانها الفشل، يتحدثون عن الوحدة وما يدور فى أروقة الأمم المتحدة إشارة واضحة للإنفصال وحتى جنوبيى الشمال يتوقون للأنفصال ويودون البقاء فى الشمال حيث حياة المدن التى ألفوها، وفرص التعليم والعمل الشئ الذى قد لا يجدونه فى دولتهم الوليدة وبالرغم من التطبيق الأجوف للشريعة تجدهم متمسكون بالبقاء شمالاً، إذاً الكره ليس للشريعة ولا للمؤتمر الوطنى بل فى تعامل الشمال فى رفض الآخر وتقسيمه للمجتمع السودانى وتصنيفه الى درجات تفوق درجات سلم ما نتغنى به.
أعود للمؤتمرين فى توصية رقيقة، عليكم الإهتمام بباقى أقاليم السودان والسعى لبلورة فكرة لطريقة حكمها، فإذا جاء المؤتمر كمؤتمر أسمرا مسرحاً للخطب الرنانة والبحث عن زراع عسكرى ليقوم بإسقاط النظام وعودة الحياة البرلمانية التى عهدناها فهذه أحلام يغظة لا تجد من يرعها وكفاكم هدرأ للوقت والمال.
وقبل إسقاط النظام على المؤتمر السعى لإجاد صغة واضحة وأن تدرس دراسة مستفيضة من جهات الإختصاص حول كيفية حكم أقاليم السودان الشمالى، التغيير ليس الهدف فى حد ذاته، ولكن الهدف هو الحفاظ على مكتسبات التغيير والحفاظ عليها.
ويجب أن تكون نظرتنا الى إنتخابات ما بعد التغيير واضحة وأن تكون نسبة التمثيل النسبى وافرة، ومناصرى فكرة الغالبية للدوائر الإنتخابية هم من يريدوا أن يعيدونا الى الحلقة الشيطانية.
,أخيراً أقول لإخوتى فى الداخل، أن التغيير لا يأتى من الخارج، ووا جب المعارضة فى الخارج هو الضغط على النظام والتأثير على مراكز إتخاذ القرارات من أجل إسقاط النظام.

الشريف جارالنبى
ألمانيا 27.09.2010

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..