الويكة.. الغلاء يلحس اللايوق من أصابع الفقراء.. البحث عن بديل

الخرطوم ? محمد عبد الباقي
حينما ترفع صحيفة ما خبر بعينه ليصير مانيشتها الأول، هذا يعني أن الحدث يهم أكبر عدد من أفراد المجتمع المستهدفين بالخدمة الصحفية.. وبمنطق أهمية الأخبار لدى القارئ نشير لمانشيت صحفي عريض تصدر بعض صحف يوم الأربعاء السادس من أبريل الجاري حمل نبأ ارتفاع أسعار الويكة.
ودون شك أن خبر كهذا له مردود غير جيد على السواد الأعظم من الشعب السوداني في أريافه وحضره، ولن يسلم أولئك الذين يقبعون في شتات الهجرة في الدول العربية والأفريقية وكذلك في أوروبا.. أسباب زيادة أسعار الويكة عدَّدها بإسهاب من صرحوا للصحف المشار إليها، ولذا هنا سنذهب في مسلك آخر يُلقي حزمة ضوء على أشهر أسواقها بولاية القضارف ومناطق إنتاجها ومواسمها.
تاريخ متجذر
مثله وبقية أسواق مدينة القضارف، حمل سوق الويكة الشهير عصا ترحاله ردحا من الزمن وطاف على مناطق عدة حتى استقر أخيراً بموقعه الحالي، لهذا يصفه العاملون فيه بأنه أحد الأسواق التي ظلت تكابد من أجل البقاء في (حتة واحدة) منذ أكثر من نصف قرن تنقل خلالها من بقعة إلى أُخرى إلى أن استقر في مكانه الحالي على وسط مدينة القضارف، ومن ثم أخذت سمعته تتمدد إلى الخارج حتى دول الخليج والكثير من الدول الأفريقية والأروبية – بحسب إسحاق مبارك (تاجر ويكة) منذ سنوات طويلة – أحد القلائل الذين عاصروا البدايات الأولى للسوق، حيث قال: “إن موقع السوق الأول كان بالقرب من السكة حديد، وكان عبارة عن (كرانك) من القش، ثم رُحِّل إلى مكانه الحالي وشُيِّد في بادئ الأمر بالزنك قبل أن يقوم على المواد الثابتة، ويُملَّك للتجار وفقا لضوابط الشؤون الهندسية والجهات الأخرى”.
صراع المقطوعة والمفرولة
بعيدا عن تاريخ السوق وقريبا من الويكة، يشير إسحاق إبراهيم إلى أن الويكة تنقسم وفقا لقبائلها واستخداماتها إلى عدة أنواع، منها ما يستخدم محلياً، ومنها ما يُصدر إلى الولايات وإلى الخارج.. ومن أجود أنواعها المفرولة وسعر الربع منها (240) جنيهاً، مما يعني أن سعر الكيلة (480) جنيهاً، ثم الدهباية أو الكِرب بـ (200) جنيه، تليهما المشقوقة التي يتراوح سعر الربع بين (200 – 450) جنيهاً، وأخيراً المقطوعة ويباع الربع منها بـ (195) جنيها.
أم خرائط وكرش الفيل
أما أشهر المناطق التي ترد منها – على حد التاجر أحمد الأمين – للسوق هي أم خرائط، كرش الفيل، السرف الأحمر، وبربر، والجزولي بالقضارف والدالي والمزموم وأبوحجار والدندر بولاية سنار. وأضاف: “هناك نوع من الويكة يسمى (البلدية) تأتي من الخرطوم، والقليل منها يأتي من الجزيرة”، وبدوره يجزم يس عيد، بأن سوق الويكة بالقضارف أكبر الأسواق الناشطة في هذا النوع من التجارة في السودان قاطبة بعد ويأتي بعده سوق سنار، إذ تتحصل معظم ولايات السودان على إمدادها من (الويكة) منه بصورة مباشرة.
وأما عن أنواع الويكة المفضلة للمواطنين يقول يس عيد: “يفضل مواطنو الجزيرة الويكة المقطوعة أما المشقوقة والصماء فتذهب إلى كوستي، وناس الخرطوم يفضلون المفرولة والدقاقة”. واستطرد يس عيد أن الطلب على الويكة ازداد لأن اللحوم أصبحت تتسبب في الكثير من الأمراض، لهذا صار الناس في العاصمة وبقية المدن يلجأون إليها لأنها لا تلحق أي ضرر بالإنسان.
مواسم ومهام
للويكة موسم مهم يتم فيه حصادها، تحدث عنه المزارع علي الإمام، فأبان أنه يبدأ في شهر سبتمبر ويمتد حتى شهر نوفمبر، ومن ثم يشرع التجار في تخزينها بين شهري ديسمبر ويناير من كل عام، وبحلول يونيو ترتفع اسعارها لتبلغ ذروتها في يوليو وأغسطس.. لكن شهر رمضان هو مهرجانها الكبير، إذ ترتفع نسبة الإقبال عليها إلى درجة يعجز البعض في الحصول عليها فيه، إلا أنها وفي هذا العام خالفت نهجها وأطلقت احتفالها مبكرا قبل رمضان بشهرين، فتجاوزت أسعارها المعقولة رغم منطق المزراعين الذين أرجعوا السبب إلى قلة الإنتاج في العام الماضي جراء ضعف نباتها نتيجة لتعرضها للآفات مثل البياض الدقيقي والعسلة التي تفشت لعدم فعالية المبيدات المستخدمة، بالإضافة لقلة الأمطار وإشكاليات أخرى منها عدم توفر التقاوى في الوقت المناسب، مما دفع المزارعين لزراعة تقاوى غير جيدة جاءت نتيجتها مخيبة لتطلعاتهم فانعكست على المستهلك في بقية الولايات، وفي خارج السودان أيضاً.
اليوم التالي
دايرين ويكة مستورة من الصين …………………..