أخبار السودان

الشيخ الترابي بين السياسي والفقيه

نبيل أديب عبدالله – المحامي

يعتبر الترابي من أكثر الشخصيات السياسية السودانية في مرحلة بعد الإستقلال قدرة على الغعل السياسي. ورغم أن الترابي السياسي ينطلق من ايديولوجية إلا أنه لم يحبس فكره السياسي داخل قوالب أيديولوجية تفرض عليه المواقف السياسية. الترابي هو نمط فريد من الإيدولوجيين الذين لا يحفلون كثيرا بالإيدلوجية إلا بقدر ما تقدمه من ألق يساعد على الفعل السياسي، وذلك ليس لعدم رسوخ إيمانه بإدولوجيته، بل لإعتقاده بأن الإيديولوجيا لا أثر لها ما لم تدعمها السلطة السياسية لذلك فقد ظل عطاؤه الفقهي كمفكر إسلامي ثرياً في العبادات دون أن يجاريه عطاءً مماثلاً في أصول الحكم الإسلامي. ولنبدأ القصة من أولها

ولد حسن عبد الله الترابي في عام 1932 في مدينة كسلا ،ونشأ في أسرة متدينة ميسورة الحال، و حفـظ القرآن الكريم بعدة قراءات، ودرس علوم اللغة العربية والشريعة على يدي والده. ولكنه تلقى دراسته الأساسية والثانوية في المدارس الحكومية وفق المناهج العلمية الغربية فتلقى تعليمه بمناطق مختلفة من السودان، ودرس القانون في جامعة الخرطوم فتخرج عام 1955، ثم نال الماجستير من جامعة أكسفورد البريطانية 1957، والدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية 1964. أتاحت له دراسته بالغرب إتقان الإنجليزية والفرنسية والألمانية، والإطلاع على العلوم والثقافة الغربية.

الولوج لمركز الحدث
بعد إكماله دراسته في الخارج عاد الترابي الشاب وهو يحمل ارفع الدرجات العلمية ليلتحق بهيئة التدريس بكلية القانون، وليصبح سريعا عميدا للكلية في عام 1965 وقيل أنه كان على وشك أن يصبح عميداً لولا أنه إستقال ليتفرغ للعمل السياسي في قيادة حزبه إذ أن إستقالته سبقت إستقالة الدكتور محمد إبراهيم خليل الذي كان مفترضاً ان يخلفه الترابي على عمادة الكلية لولا ذلك. في كل الأحوال فقد شغل الدكتور الترابي آنذاك مركزاً أكاديمياً مرموقاً ، وهو مركز كفيل بأن ييسر لصاحبه رغد العيش والمكانة الإجتماعية المرموقة، وهو ما زال في بداية الثلاثينات من العمر. ولكن الترابي لن يلبس إلا قليلاً حتى يضحي بذلك المركز في سبيل التفرغ لقيادة الحزب. كان ما يشغل هم الترابي الأول هو تحويل جماعة الاخوان المسلمين الذين كان قد إنضم لهم أثناء دراسته الجامعية، إلى حزب سياسي فاعل في الحركة السياسية السودانية. وكان سبيله لذلك أن يحول ذلك الحزب من نادي فقهي إلى حزب سياسي. وأول ما يميز الحزب السياسي هو البحث عن السلطة السياسية. لم يبق الترابي طويلاً بعيداً عن مركز الحدث فسرعان ما قادته شخصيته الكاريزمية القيادية، إلى الوصول لتولي رئاسة الجماعة. رأى الترابي أن نظام الفريق عبود كان نظاما معزولاً ومؤهلاً للسقوط فوضع حزبه في قلب معارضة النظام. و لما كان النظام قد أجج نار القتال في جنوب السودان عقب إنتهاجه سياسة أسلمة وتعريب قسرية، فقد أصبحت مسألة الحرب في جنوب السودان هي المسألة التي تشكل كعب أخيل في سياسة النظام في ذلك الوقت . كانت الندوة التي تحدث فيها الترابي عن سياسة النظام في الجنوب، و التي إستخدم فيها قدراته الخطابية في الهجوم على النظام، وما تبع ذلك من هتافات أدت إلي تدخل الشرطة بإطلاق النار، و مقتل القرشي نتيجة لذلك، هي الشرارة التي إستخدمتها النقابات المهنية و العمالية لإسقاط النظام العسكري. رغم أن نجم الترابي السياسي قد إرتفع كثيرا نتيجة لما أبداه من شجاعة في حديثه في تلك الندوة، وهو الأمر الذي سيدفع به إلى نادي يضم عدداً محدوداً من الفاعلين السياسيين، إلا أن السياسة التي إنتهجها نظام عبود في الجنوب، لم تكن في واقع الأمر مختلفة عن السياسة التي سينتهجها الترابي عندما يصل إلي السلطة بعدما يقرب من ربع قرن من الزمان على تلك الأحداث.

البحث عن الفاعلية
أول ما قام به الترابي الشاب كرئيس لحزب الإخوان المسلمين هو صياغة تحالف إسلامي تحت مسمى جبهة الميثاق الإسلامي تولى الترابي رئاستها لتصبح وسيلته الرئيسية للعمل على إقامة حكم إسلامي. طرح الترابي آنذاك ضرورة الوصول إلي السلطة لتطبيق نظام إسلامي متكامل تحت شعار ” إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ” وهو الأمر الذي تسبب في إحداث إنقلاب داخل الإخوان المسلمين الذين كانوا يرون أن التربية الإسلامية هي عماد التغيير. ورغم إمكانيات الترابي الهائلة في البحث والدراسة فإنه ظل يفصل تماما بين الشعارات السياسية الداعية لتطبيق الشريعة، وإقامة الحكم الإسلامي، وبين دراسته النظرية في الفقه الإسلامي فلم يشغل باله على الإطلاق بدراسة تاكتيكات الوصول إلي السلطة، ولا تفاصيل نظم مباشرة السلطة وتداولها من منظور إسلامي. لم يكن الترابي مشغولاً بإيجاد أسس للعمل السياسي بالنسبة لحزب إسلامي، بل كان مهتما بتقوية العمل التنظيمي والذي يتطلب إيجاد الكوادر القادرة علي الفعل السياسي عن طريق قيادة العمل الجبهوي، وفقاً للخط الذي تطرحه قيادة الحزب مستفيدأ في ذلك من تجربة الشيوعيين في تكوين الجبهات وقيادتها. أما البرنامج السياسي للجبهة نفسه، فقد إنحصر في دعاوي غامضة وغير محددة بالدعوى لتطبيق الشريعة الإسلامية، و إقامة الدولة الإسلامية، وهي دعوى تخاطب العواطف الدينية التي لا تسأل بطبيعتها عن التفاصيل .

عمل الترابي على توسلع نفوذه السياسي عن طريق جبهة الميثاق الإسلامي بتجميع عدد من التكوينات الصوفية و القبلية تحت شعارات إسلامية تدعو لتطبيق الدستور الإسلامي. و قد أظهر الترابي فاعليته السياسية حين قادة جبهة الميثاق إلى تحالف مع الجناح الأكثر فاعلية في حزب الأمة، بقيادة قائد كاريزمي آخر، هو الصادق المهدي، في تجمع ضم بالإضافة للحزبين بعض التجمعات السياسية التي أقيمت على أساس إقليمي.

حل الحزب الشيوعي
لعب الترابي دورا رئيسيا في الدعوة لحل الحزب الشيوعي أثر ندوة خاض فيها طالب أعلن أنه ماركسي، في حديث الإفك. غلبت شخصية السياسي الفاعل الذي يرغب في إستبعاد منافسه عن طريقه، على شخصية الفقيه الملتزم بفكر يقوم على مثل يلتزم بها، مما جعله لا يرى في الحادث أكثر من أنه فرصة لتصفية حساباته مع الحزب الشيوعي. وربما تكون الظروف المحيطة بعمل تكوين جبهة الميثاق، والشحن العاطفي الذي كان ضرورياً للسير بها عكس تيار العلمانية الذي كان متجذراً آنذاك، هو الذي قاده لذلك الموقف.

وسرعان ما تكونت جبهة عريضة لحل الحزب الشيوعي تولى كبرها الدكتور حسن الترابي، وجذب إليها بالإضافة للجبهة التي كانت تكونت بالفعل من جبهة الميثاق وجناح الصادق من حزب الأمة وبغض التجمعات ذات المطالب الإقليمية أعزاب أخرى من الأوزان الثقيلة كالجناح الآخر من حزب الأمة والحزب الوطني الديقراطي و الذي كان قد تم تكوينه نتاج وحدة الحزب الوطني الإتحادي مع حزب الشعب الديقراطي تحت قيادة إسماعيل الأزهري. وقد تم تكوين تلك الجبهة تحت شعار محاربة الشيوعية. تم تقديم مشروع قانون للبرلمان بحل الحزب الشيوعي، وعندما إتضح أن بعض مواد المشروع تتعارض مع نص المادة الخامسة من الدستور القائم آنذاك والتي تنص على حرية التنظيم، تقدمت الحكومة بمشروع قانون لتعديل المادة الخامسة من الدستور وتمت إجازته بأغلبية 145 ومعارضة 25 وامتناع عضوين عن التصويت في جلسة 22 نوفمبر. وفي جلسة 16 ديسمبر تقدم الدكتور الترابي بمسألة مستعجلة تقول : إنه من رأي هذه الجمعية أن تقرر أنه بحكم الدستور والقانون قد سقطت العضوية من الأعضاء الشيوعيين الثمانية (إستثني القرار الأعضاء الثلاثة الذين أيدهم الحزب الشيوعي) وأن تكلف رئيسها بحفظ النظام بإبعاد هؤلاء الأفراد. وهو الأمر الذي كشف الوجه غير الديمقراطي لتجمع تلك الأحزاب حين أستخدمت أغلبيتها لتعديل الدستور و إصدار قانون حل الحزب الشيوعي وقررت طرد نوابه من الجمعية التأسيسية و إنتهي كل ذلك بتصادم مع الهيئة القضائية حين رفضت الحكومة الإمتثال لحكم القضاء و الذي قرر بطلان التعديل الدستوري وما نجم عنه من قانون و إجراءات. ولكن الجبهة إستمرت بعد ذلك في خطتها في تبني دستوراً أطلق عليه الدستور الإسلامي بغرض الوقوف ضد المد اليساري الذي كان يقوده الحزب الشيوعي.

رغم ان الترابي نجح في ما خطط له بوضع حزبه في قلب الأحداث، ومحاصرة الحزب الشيوعي، ومن ثم حله بل وانه عن طريق ذلك التجمع قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من تقرير دستور إسلامي، إلا أن ما تمت مناقشته من مشروع الدستور لم تكن تعكس منهجاً فكرياً محدداً، بل كانت مجرد بعض المبادئ الشرعية التي زج بها في دستور ذي طبيعة علمانية لم يكن من شأنها سوى أن تسبب خطورة على وحدة السودان ومعارضة قوية من القوى الإقليمية النافذة آنداك. على أي حال فالمسألة كلها إنتهت ببساطة شديدة حين سقط النظام بأكمله تحت سنابك العسكر المتأثرين بنفوذ اليسار المتصاعد آنذاك.

بناء التنظيم عبر نظام مايو
عقب محاولات الصدام الأولى مع نظام مايو والتي قادت الترابي للتحالف مع الحزبين الكبيرين إلى المشاركة في ثلاث مواجهات عنيفة مع نظام مايو: الأولى في أبا، والثانية في تحريك الجماهير في شعبان، ثم محاولة الغزو من الخارج في يوليو 76. قادت تلك المحاولات الترابي للإقتناع بأن الإسلاميين لن يفلحوا في تغيير النظام عبر التحالف مع الجبهة الوطنية، و إنهم حتى لو أفلحوا في ذلك، فإنهم لن يصلوا إلي السلطة إالا بإعتبارهم الشريك الأصغر في الجبهة وهو الأمر الذي لم يكن يرضي طموحه مما قاده في نهاية الأمر إلي قبول المصالحة الوطنية والتي رآها توفر لحزبه طريق لعمل سياسي مستقل يمكنه من الوصول إلى السلطة.

وفقاً لقناعة الترابي السياسية الرئيسية وهي أن سبيل بناء النظام الإسلامي يبدأ بالوصول إلى السلطة، قاد تنظيمه في ذلك الإتجاه من داخل الإتحاد الإشتراكي عن طريق المزاوجة بين العمل السري من جهة و العمل السياسي العلني. وقد كان العمل السري يتم عن طريق التغلغل في الأجهزة المختلفة للدولة، في حين يقوم العمل العلني على أمرين الأول العمل السياسي المشروع و الذي بدأ في المصالحة الوطنية عن طريق الإنضمام للإتحاد الإشتراكي و العمل من داخله لتعميق أطروحات الحركة الإسلامية و تكثيف ما أسماه حسن مكي لبناء واجهات العمل الميداني و المجتمعي في شكل منظمات الدعوة ومنظمات الإغاثة و المصارف و شركات التأمين و التجارة ( أنظر حسن مكي تجربة الحرة الإسلامية في السودان).

عندما طرح نميري أسلمة الدولة لم يكن محتاجا لتنظيم الإخوان المسلمين، بل كان في الواقع قد إستشعر خطورة التنظيم على حكمه ورأى ضرورة التخلص منه مستخدماً نفس التاكتيك الذي كان إستخدمه مع الشيوعيين، وهو أن يستلب الطرح الأساسي للتنظيم لنفسه لجذب جماهير التنظيم بعيدا عن قيادته. فكما فعل مع الشيوعيين حين قام بالتأميم والمصادرة، قام بإعلان الشريعة التي تمت صياغتها بعيدا تماما عن تنظيم الترابي وتم إبعاد الترابي نفسه من منصبه كنائب عام وتحويله لمنصب مستشار الجمهورية حتي يكون بعيدا تماما عن مشروع نميري الإسلامي. ولكن الترابي لم يقع في الفخ الذي وقعت فيه قيادة الحزب الشيوعي حين عارضت التطبيق المعوج لفكرها، فقد أيد الترابي تطبيق الشريعة الإسلامية بغض النظر عما صاحب التطبيق من أخطاء، بحجة أن الأخطاء يمكن تصحيحها .

الوصول إلي السلطة
ورغم أن مشروع النميري الإسلامي لم ينطلي على أحد بل عجل في إسقاطه، ألا أن الترابي كان قدنجح بالفعل في إستغلال مصالحته مع النميري في بناء تنظيم بالغ الثراء و القوة سرعان ما ظهر في الديمقراطية كقوة ثالثة لم يكن من الممكن تجاهلها وقد كانت قوة التنظيم وفاعليته مع عدم قدرته على الوصول إلي السلطة في ظل إنتخابات ديمقراطية حرة، هو السبب في أن يولي الترابي نظره نحو الجيش بإعتباره الجهاز الفاعل الذي يمكن له عن طريقه الإستيلاء على السلطة، خاصة بعد دخول الحركة الشعبية إلي دائرة الفعل السياسي بطرح معاكس تماما للطرح الإسلامي، وهو طرح كان قادرا علي إجتذاب المؤيدين في المناطق المهمشة. وهكذا قرر الترابي أن تأخير الوصول إلي السلطة قد يعني ضياع الفرصة إلي الأبد، وهكذا كانت الإنقاذ هي المحطة النهائية التي تم غبرها تطبيق المشروع الإسلامي. عند وصول تنظيم الترابي للسلطة لم يكن له طرح يتجاوز الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية.

الفقه والسياسة
ولكن الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية لا تصلح كبرنامج سياسي فالالشريعة الإسلامية ليست مجموعة أحكام مقننه ومتفق عليها بحيث يحتاج تطبيقها فقط لقرار سياسي يصدره الحاكم، بل هي بحور عميقة وواسعة من الخلافات، وإستنباط الأحكام، وهي تحتوي على قواعد في القانون الدولي، وفي القانون الدستوري، وفي أغلب فروع القانون الداخلي. وإذا نظرنا إلى كتابات الترابي قد نجد أحكاما متفرقة هنا وهناك بشأنها ولكننا لن نجد نظرية متكاملة.

ففي القانون الدولي مثلاً لانجد تناولاً للتقسيم الفقهي المستقر لما يحكم علاقة دولة الإسلام بباقي الدول في داري العهد والحرب. وإذا كان هناك رفض لذلك التقسيم المستقر في الفقه الإسلامي فعلى ماذا بني؟ وما هي الأسس الفكرية لإعتبار الفهم الجديد هو حكم إسلامي واجب التبني؟

وفي القانون الدستوري لم يتعرض الترابي للأسس الفقهية للخروج عن شروط الإمامة الكبرى، فقد تمسك أول الأمر بشرط الإسلام ولكنه عاد عنه دون تبرير فقهي، مكتتفياً فقط بالقول بأن الأغلبية المسلمة لن تنتخب غير مسلم للرئاسة، وهو قول محل نظر. أما بانسبة للشروط الأخرى التي إشترطها الفقهاء للإمامة كشرط عدم خروجها عن قريش و شرط الغلبة وأحكام البيعة فلا نجد شيئا، ولا في غير ذلك من المسائل الأقل أهمية مثل حق تولي المناصب العامة والدخول في الجندية أما ولاية المرأة فقد تم تناولها في إمامة الصلاة وليس الإمامة الكبرى . لذلك فعندما تولت الجبهة السلطة في يونيو 89 لم يكن لها أي اجابه على كل ذلك وقد دفعتها الضرورات السياسية إعتباراً من إتفاق الخرطوم للسلام وفي كافة الوثائق الدستورية التي تلت ذلك لقبول أحكام مغايرة. فتم قبول تأسيس الحقوق والواجبات الدستورية السياسية على رابطة المواطنة بدون إعتبار للدين، وهو ما يربط الحاكم بالمحكومين في دولة الإسلام، ودون تقديم مبررات فقهية في هذا الخصوص. وحتى الإستناد لدولة المدينة تم بتجاهل للأحكام التالية لها والتي يعتبرها الفقه التقليدي ناسخة لأحكامها.

كذلك لا نجد أي عمل فكري خاص حول الأحكام المتصلة بالقانون الجنائي أو المدني. وظل قانون المعاملات المدنية المنقول نقلاً مخلاً عن قوانين أجنبية دون أي تعديل من منظور إسلامي. أما التعديلات التي طرأت على أحكام الحدود والقصاص بقانون 91 فهي تعديلات طفيفة غير مؤسسة على نظرية واضحة، ولم تجد لها ظهيراً من أي عمل فكري.

كل ذلك الغموض النظري سمح لنظام الإنقاذ أن يتأرجح من أقصي اليسار لأقصى اليمين من المنظور الإسلامي، دون مشكلة ودون أي تبرير فكري . فدولة الإسلام التي فتحت حدودها للمسلمين بغض النظر عن جنسياتهم في أول الإنقاذ، بل وللمستجيرين (كارلوس) حتى ولو كانت إستجارتهم من القانون الجنائي العادي ، تحولت إلى دولة المواطنة في دستور 98 وقبلت بعض من كانت ترفع في وجوههم راية الجهاد حكام معها دون أن يدخلوا في دين الإسلام.

كذلك فقد تأرجحت السياسة الإقتصادية من تحديد قاطع للأسعار، وفرض صارم للرقابة على العملة، وصل لدرجة الإعدام، إلى انفتاح كامل وتحرير للسوق وخصخصة لا حدود لها دون أي تبرير فكري من منظور إسلامي .
من كل هذا يتضح فقدان الأسس الفكرية للخطاب الإسلامي الذي حمل الجبهة للسلطة. وقد ظلت الجبهة تعترف بأن السودان بلد متعدد الأديان وتطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية دون أن تواجه إشكاليات تطبيق الشريعة في بلد متعدد الأديان. خاصة وأن بعض هذه الأديان وثنية. وتطبيق الشريعة الإسلامية على مجتمع متعدد الأديان به إشكاليات لم تقطع فيها الجبهة برأي فقهي واضح. من أهمها أحكام غير المسلمين الذين لا يفرق الدستور بينهم وبين المسلمين وتحمل الأحكام الشرعية الخاصة بهم بحور من التفرقة دون تبرير نظري فقهي. وظل السوال الأساسي بغير إجابة، وهو كيف يكون الرباط بين المواطن والدولة هو حق المواطنة إذا بنيت العلاقة الأساسية في ذلك الرباط ?وهي القانون- على الدين؟

خاتمة
أظهرت العشرية الثانية للإنقاذ تحولات كبيرة في فكر، ومواقف الترابي العملية، فيما يتعلق بكل تلك المسائل، وأظهرت رغبة في دراسة كل تلك المسائل بشكل تفصيلي وحداثي، وأصبح موقفه من الحكم الديمقراطي أكثر وضوحاً، وأكثر إلتزاماً، وهو ما إنعكس على مواقفه السياسية فلم تعد مرتبطة بإرجاء الحلول لحين الوصول إلى السلطة، إلا أن إنشغاله بالعمل السياسي لم يسمح له بتناولها على الصعيد الفقهي بما أوتي من ملكات فكرية هائلة. وفي النهاية فقد ذهب الترابي تاركاً لأتباعه أن يتخذوا أحد الطريقين، إما أن يكملوا ما بدأه هو من ربط الفكر الديني بمتطلبات الحداثة، وحقوق الإنسان، أو أن ينقلبوا على أعقابهم فيعودوا إلى رفع اللافتة الدينية توسلاً للوصول إلى السلطة أو الإحتفاظ بها.
نبيل أديب عبدالله
المحامي

تعليق واحد

  1. الموضوع مش قدر علي (الفعل السياسي) كما وردت في صدر هذا المقال، الموضوع ببساطة القدرة علي المؤامرة والغدر والسياسة لغبة قذرة، الصحيح انه لم يكن احد يجاريه في هذا (الفعل السياسي) بس خلصت الحدوتة

  2. مؤسف يا استاذ نبيل أن يقع كاتب وباحث مثلك فى خطاء قاتل مثل الذى ذكرته عن دراسة الترابى بجامعة إكسفورد:

    الترابى لم يدخل جامعة إكسفورد مطلقا وهذه فرية يطلقها أنصاره دائما… وكان يجب عليك التدقيق فيما كتبت قبل أن تشاركهم فى تلك الأكذوبة.

    الترابى لم تكن درجاته الأكاديمية تؤهله لدخول إكسفورد ولذلك ذهب الى جامعة لندن… ثم لم يكن مستواه فى الماجستير يؤهله للتقديم للدكتوراة فى احد جامعات بريطانية المرموقة فذهب الى فرنسا جامعة السربون التى هى اقل كثير من مستوى إكسفورد وكيمبردج كما هو معروف.
    جامعة السربون كان ترتيبها رقم 67 فى العام 2012 فى قائمة الجامعات العالمية والحصول على درجة الدكتوراه فى فرنسا أسهل بكثير من إنجلترا او أمريكا.
    وكما يقول الأكاديميون ليس ثمة علاقة بين الذكاءومقدرة الشخص الحصول على درجة الدكتوراة بالرغم من أهميتها. فاغلب المخترعين فى العالم ليسوا من حملة الشهادات العليا.. وأغلب البشر الذين حولوا مجرى التاريخ بما فيهم الرسل لم تكن لهم شهادات عليا بل كان رسولنا (ص) أميا كا هو معلوم.
    أما من ناحية المعرفة باللغات، فاغلب الأروبيون يتحدثون أكثر من لغة، غالبا يتحدث كلهم الإنجليزية بجانب لغتهم والفرنسية وطبيعى جدا أن تجد شخص يتكلم الفرنسية والألمانية والانجليزية والهولندية والإيطالية او الإسبانية.. فقط أنظر اليوم الى لاعبى الكرة المحترفين تجدهم يتحدثون الإنجليزية والإسبانية، والفرنسية والألمانية والإيطالية ولا يفتخرون بذلك.
    السؤال هنا: هل كتب الترابى كتابا بأي من تلك اللغات التى يدعى انه ملما بها… النتيجة صفر..!

    الترابى ايضا ليس باحثا أو أكاديميا يمكن أن يشار إليه ولو كان كذلك لما ترك مجال البحث واتجه للسياسة.
    كان الترابى طوال عمره ميكافيليا من الطراز الأول استخدم المشروع وغير المشروع من الوسائل لبلوغ السلطة وقد كاد ولكنه فشل فشلا لم يسبقه عليه أحد.

  3. انسان درس القانون فى ارقى الجامعات ووصل الى درجة عميد كلية القانون فى جامعة محترمه وقتها بعد كل هذا يدفعه طموحه اسياسى وغيرته من منافسيه اعنى الحزب الشيوعى يدعوه كل ذلك للسباحه عكس التيار ويدوس على القانون والدستور والاعراف بل والاخلاق ويدعو الى اسقاط العضويه البرلمانيه عن نواب منتخبين وحل حزب له جمهوره فى وقت كان يتشدق فيه بالديمقراطيه مافعله الترابى وحليفه وقتها الصادق المهدى وهو ما بعانى منه الان والى وقت طويل قادم الله يهدينا

  4. يا استاذ نبيل الترابي سابقة سياسية خطيرة تمجد انانية الطموح الشخصي مستغلا السذج و دون اعتبار للمصلحة الوطنية. الشاهد خداعة للصادق المهدي بالمصاهرة و تملق نميري و استغلال البشير.الترابي ثعلب ماكر استغل تفشي الامية في السودان و بلاهة ساستة و عاث في السودان فوضي.نحن شهود علي العصر فلقد جلب مفاهيم التمكين و تشريد الناس. و فقة الضرورة و التحلل و انتج فسادا غير معهود وشرزم الوطن و تسبب في قتل الكثيرين من الشباب و الابرياء دون مسوغ قانوني .دعك من الجانب الانساني. اشتم حياءا في كتابتكم و عله الخوف من بطش العصابة. كنت اتوقع ان تكتب بلغة قانونية تحدد مسئولية هذا المجرم في خطورة جريمته الواضحة الاركان و الاثباتات. عجبي لشعب يصف رجال القانون فية مجرم بفقية و مفكر. و يا سبحان الله

  5. .
    ان المعارضة وفي سعيها من اجل تحقيق تحول ديمقراطي لا زالت تتوسل بالتحالف مع من وأدوا الديمقراطية من قبل ( حزب الامة …. الاسلاميون …. الاتحاديون ) وهؤلاء هم من تكتل من قبل لوأد الديمقراطية والغاء نظام دولة القانون عندما رفضوا الإمتثال لحكم القضاء و الذي قرر بطلان التعديل الدستوري وما نجم عنه من قانون و إجراءات ، حينما انتهوا الى إصدار قانون حل الحزب الشيوعي وقرار طرد نوابه من الجمعية التأسيسية ضاربين احكام القضاء عرض الحائط مهدرين لأهم مبادئ الديمقراطية .
    ومن المؤسف له لا زال التاريخ بالممارسة الفعلية والواقع الحقيقي يقول اننا لا زلنا نعيد انتاج ذات الازمة التي أصبحت مزمنة . وهو التعويل على من وأد الديمقراطية في ان يقيمها ، وقديماً قيل : ( وهل يُجنى من الشوك العنب …!!!)

  6. 1 – منذ أكتوبر 1964 و حتى الآن هنالك 52 عام .
    2 – هذة القتره الزمنيه منها عشره سنوات أحزاب و 42 سنه دكناتوريات .
    3 – هاتان الدكتاتوريتان هى التى قصمت ظهر السودان و أضرت بالبلاد و العباد
    ضرراً كبيراً و خاصة دكتاتورية البشير التى تعتبر الأسوء فى تاريخ السودان
    4 – دكتاتورية النميرى جاء بها الترابى لأنه لولا حل الحزب الشيوعى و طرد
    نوابه من البرلمان لما كان إنقلاب مايو .
    5 – دكتاتورية البشير جاء بها الترابى لأنه كان مهندس الإنقلاب من الألف إلى
    الياء و العقل المدبر لتنفيذه و العقل المفكر لإستمراه .
    6 – إذأ الترابى هو سبب دمار السودان و إنسان السودان .. و اى كلام غير ذلك
    يعتبر كلام فارغ . لأن الترابى كسياسى يهمنا أن نعرف كيف كان يمارس
    السياسة و كيف حكم السودان خلال العشرية الأولى للإنقاذ و لا يهمنا مكان
    ميلاده و لا تاريخ ميلاده و لا مؤهلاته العلمية و لا اللغات التى يتحدثها .

  7. الاستاذ نبيل أديب عبدالله – المحامي
    لك التحية
    جامعة الخرطوم خرجت الكثير من العباقرة اكاديميا وليس الترابى وحده لكن ما فعله هؤلاء العباقرة هو الاستمرار فى رسالتهم الاكاديمية لأثراء المجتمع الجامعى ببحوثهم وأسهاماتهم وخبراتهم لذلك لا أرى رابطا بين الفعلية السياسية والمقدرة الاكاديمية أضافة الى أن د الترابى يملك أصلا المؤهلات والخبرة الكافيين لعمادة كلية الحقوق وأيما كلية محترمة يختار للعمادة فيها عادة من يملكون المؤهلات والخبرة وليس تقلد المنصب لمجرد أن العميد (فى هذه الحالة د محمد ابراهيم خليل) قد تقدم باستقالته . يقول اتباع الترابى ومريديه أنه خبير دستورى وهو أمر لا تسنده خبرة عملية ولا مؤهلات مساندة ولم يحدث حتى بداية الثمانيات أن تقلد صاحب شهادات عليا جديد عمادة آى من الكليات فى جامعة الخرطوم بمجرد حصوله على درجة الدكتوراه ويدعون أنه قد وضع دستور دولة الامارات وهذا كذب بواح لان من وضع دستور دولةالامارات هو الفقيه الدستورى المصرى عبد الرزاق السنهورى باشا والرجل له خبرة عملية وأكاديمية ومعرفة بدساتير فرنسا وأنجلترى أضافة للدستور المصرى بالقدر الذى يتقاصر معه ما لدى د الترابى من مؤهلات وخبرة وعلى كل حال دولة الامارات ليست الدولة النموذجية التى يمكن التفاخر بدستورها وهى دولة هيكلها وتكوينها أقرب للنظام القبلى الملكى منها للدولة الدستورية الديمقراطية وما زالت الامارات تحكم بالمراسيم الشفهية الصادرة من شيوخها .
    تقول يا استاذ اديب “يعتبر الترابي من أكثر الشخصيات السياسية السودانية في مرحلة بعد الإستقلال قدرة على الفعل السياسي” ولا ادرى ما تقصده بالفعل السياسى الذى تنسبه للترابى فأن كنت تقصد أنه من خلال مناورته الحربائية غير الاخلاقية بنى تنظيما اسلاميا جماهيريا لجماعته ربما اتفقت معك رغم ما لسلوكه من انتهازية ووصولية توسل فيها بالمصاهرة بمن كان يوسمهم بالطائفية والتخلف لكن خواتيم وماال هذا البناء هو صفر كبير ومستقبل تنظيم الترابى حالك تماما كمستقبل الاخوان المسلمين فى مصر . فتنظيم الاخوان المسلمين رغم انه وصل للسلطة عن طريق الانتخابات وهى محمدة الا ان التعجل فى سياسة التمكين وخلو مشروعهم من الرؤي والبرنامج ونهافتهم على التماهى فى التنظيم الدولى للأخوان المسلمين قلب الطاولة على رؤوسهم بثورة شعبية دعمها الجيش المصرى وليس انقلاب كما بروج أخوان مصر أما أخوان السودان بزعامة الترابى فقد قاموا بانقلاب كامل الدسم أكتنفته النزعة الانتهازية الميكافيلية والتعجل نحو سياسة التمكين عن قصد وترصد مسبق فكان حصاد فعلهم كحصاد الهشيم . ما هى نتائج الفعل السياسى الذى تنسبه للترابى وكأنه محمدة له ؟ وأظنك تتفق معى أن أى فعل سياسى خالى من الاهداف والانجازات يعتبر عملا عبثيا لا جدوى ولا فائدة منه تماما كما فعل هتلر وموسواينى ببلديهما وان جاز لاتباع التلاابى التفاخر بالفعل السياسى للترابى لجاز للشعب الالمانى والايطالى الافتخار بقائديهما الذان تسييا فى تدمير كلا البلدين .
    تقول يا استاذ اديب “و حفـظ القرآن الكريم بعدة قراءات، ودرس علوم اللغة العربية والشريعة على يدي والده” و”، ثم نال الماجستير من جامعة أكسفورد البريطانية 1957، والدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية 1964 . أتاحت له دراسته بالغرب إتقان الإنجليزية والفرنسية والألمانية، والإطلاع على العلوم والثقافة الغربية.” واقول لك ما علاقة هذه السمات الاكاديمية بالفعل السياسى ؟ وهل تؤهل حاملها لتصدر المشهد السياسى ؟ دكتور محجوب عبيد عالم الفيزياء الجليل نال درجاته العلمية من أميز الجامعات الامريكية وهو من الاخوان المسلمين ويتمتع بكاريزما أكاديمية تفوق الترابى ورغم ذلك لم يتطلع الى عمادة كلية العلوم فى بداية حياته العلمية وأكيد أنه لم يخطر بباله أنه سيكون سياسيا فاعلا !! ومن هنا لا أرى جدوى لايراد السيرة الذاتية للدكتور الترابى وتزييلها بأنه حفظ القران بعدة قراءات وعلى كل حال الدكتور الترابى نفسه سخر فى مراجعاته المتأخرة من حفظه للقران وقراءاته باتبارها ترديدا ببغاويا وأقر بأن المهم هو تدبر القران وربطه بالانشطة الحياتية الفنية بكل تفرعاتها والرياضية والتعبيرية والعملية وغيرها .. الخ
    القول بأن د الترابى قد تخلص من اعدائه الشيوعيين وتامر على طردهم من الجمعية فى مخالفة صريحة للدستور تعنى أنه قد تنكر لمؤهلاته القانونية التى احرز بها ماجستير من أنجلترى ودكتوراه من فرنسا أما دفعه لاخوانه للأنقلاب العسكرى الانقاذى على الديمقراطية فهى قاصمة الظهر لخلفيته القانونية مما يعنى أنه شخص نذر نفسه لدراسات تتناقض تماما مع قناعاته الطبيعية مما يفسر أتجاهه للسياسة خدمة للايدولوجية الاسلامية المضطربة التى كان يؤمن بها .أما تعاونه المرحلى أو التكتيكى مع نميرى بعد أن أصابه اليأس عقب فشل الغزو الليبى فيدل على شخصية انتهازية أنانية هدفها السلطة بأى ثمن وبأى أسلوب وهكذا ظل الرجل طوال حياته الى أن وافته المنية مؤخرا .
    ظل د الترابى ممسكا بعنان السلطة المطلقة فى العشرية الاولى من عهد الانقاذ حيث اسس لسياسة التمكين وأسلمة المجتمع وأعادة صياغته (حسب الصبغة الاخوانية) والسيطرة على الاعلام والاقتصاد وتغيير القوانين لتسريع التمكين وأعلان الجهاد ضد الجنوب والعسكرة الاجبارية للمجتمع من خلال الدفاع الشعبى والسيطرة على القوات المسلحة بتسريح غير الموالين وأحلال الموالين مكانهم وتقوية القبضة الامنية وأعتماد أسليب عنفية غير مسبوقة لقهر المعارضين وأخراج الرأسمالية الوطنية من السوق من خلال الضرائب الجزافية , طوال هذه المدة لم يتكلم الرجل عن الديمقراطية ولا الحرية ولا المساواة ولا حتى عن حرية المرأة التى ظل يصدعنا بها مؤخرا . وحقيفة الامر أنه لجأ لمراجعة مبادئه خدمة لتكتيكاته بعد أن غيبه تلامذته نهائيا عن المشهد السياسى بحل حزبه ومصادرة ممتلكاته فاصبح ينادى بحرية المرأة وأشاعة الديمقراطية وبسط الحريات وأنتخاب الولاة وعودته تلك لم تكن بريئة .. ومن الواضح أن هذا الطرح المستجد المناقض هو تكتيك لخلق منافذ يتسلل منها وهو بلا شك خبير فى هذا .
    أخيرا يجدر الاشارة الى أن الكثير ممن يتصدون للفكروالفقه الاسلامى وخاصة السياسيون منهم يبدأون حياتهم الفكرية بالتشدد و التطرف (أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقران) ثم ينتبهون فى خواتيم حياتهم لسماحة الاسلام وتوجهه للتسهيل ورفع الحرج عن الأمة فيبدأون فى تبنى الوسطية (وجعلناكم أمة وسطا) وهكذا يتأرجح بعضهم بين الانتهازية السياسية من ناحية والسماحة الدينية التى تهدف الى ترقية السلوك الانسانى والحد من غلواء نزوة البشر من ناحية أخرى وفى هذا الاثناء تخسر الشعوبالاسلامية رفاهيتها وقوتها وامنها وكرامتها وهذا هو بالضبط ما حدث للشعب السودانى الذى أوقعه توقه وعاطفته الدينية للوقوع فى فخ سلطة الاسلام السياسى التى لم ترى فى الاسلام الا التمكين ظنا منها أن جماعة المسلمين ما ان تتمكن من السلطة تتفتح بركات الارض والسماء ونسوا ان السلطة المطلقة مفسدة مطلقة تغرى من يتقلدها بالتعالى والصلف والغرور حتى استحالت نزعاتهم الانسانية الى نزعات حيوانية تتحلق حول الانانية والنرجسية وحب الذات وتأصل لها من ذات العقيدة التى بدأت منها .
    أخيرا أستاذ أديب ان كنت ترى أن للترابى كاريزما ومقدرة على الفعل السياسى فمقدرته وكاريزمته لم تتعدى كونها ارضاء للذات وأشباع للغرور البشرى وهو أمر يضع من يقول ويروج له فى خانة المتغافل عن الاوضاع الانسانية المزرية التى يرزخ تحتها الشعب السودانى فى المدن والقرى والاطراف ويتناسى أن دماء المواطنين فى دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة تنزف بغزارة يوميا وأنهم يقصفون بالطائرات دون رحمة وترسل لهم قوات المرتزقة غير المنضبطة فتجردهم من أملاكهم القليلة وتغتصب نساءهم دون خوف من مساءلة ولا خوف من قصاص وأن كل هذه التداعيات هى نتيجة مباشرة لكاريزمة ومقدرة د الترابى التى تروج لها .
    رجائى منك يا استاذ أن تقرأ مقالك مرة أخرى قراءة متأنية وأن تربط بين انجازات الترابى وما تسميه كاريزما وفعالية سياسية أدناه :
    1- درس وتتلمذ على يد أبيه وجفظ القران بعدة قراءات ومن ثم نال الماجستير والدكتوراه .. الالوف من افراد الشعب حققوا نفس الانجاز ..
    2- كان من المفترض أن يتولى منصبا مرموقا .. د دفع الله الترابى نال نفس المؤهلات فى الهندسة وتقلد عمادة كلية الهندسة فى السودان والسعودية ونيجيريا وهو الان على رأس مجمع اللغة العربية ولم أرى أحدا يروج له …
    3- ماذا ترتب على مؤامرة حل الحزب الشيوعى التى نال كبرخا د الترابى ؟
    4- محاربة د ترابى للرئيس نميرى ومن ثم التحالف معه وقبوله بقوانين سبتمبر المعيبة رغم انك تقةل ان نميرى قد اتى بها لابعاد التلاابى وفصله من قاعدته الاسلامية .. ألا تقرأ فى هذا السلوك انتهازية وتهافت وطمع فى الحصول على السلطة بأى ثمن ؟
    5- ألم يكن جديرا بك الوقوف عند مجطة انقلاب د ترابى على الشرعية فقط لعدم تفويت الفرصة لتطبيق الشريعة الاسلامية كما ذكرت وهل العمل والفعالية السياسية هى فرصة !!!!!
    6- الم تلاحظ أن د الترابى الذى ظهر وسطع نجمه فى ندوة جامعة الخرطوم مدافعا عن الاخوة الجنوبيين هو نفس د الترابى الذى اشعل حربا جهادية استئصالية ضد الاخوة الجنوبيين ؟
    7- ألا تعتغد أن جماع شخصية د ترابى هى أنه شخص مغرور أنانى كرس مقدراته الذهنية(عبقريته) للنفاذ للسلطة مطبفا مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وأنه لم يتسنى له وقت للاجتهاد ألا عندما أدخله تلامذته السجن حيث اعترف هو شخصيا بان فترة السجن قد منحته الفرصة للتفكير فى التفسير التوحيدى للقران وعندها تذكر ان القران الذى تتلمذ فيه على والده لم يكن سوى الفاظ يرددها دون تدبر ؟
    لك التحية مرة اخرى …

  8. تعليق حسن رزق افضل واصدق من المقال محل الحوار …
    لا تعلم هل يمدح الاستاذ نبيل اديب الترابي ام يدس السم في الدسم

    كما تلاحظ العجلة في النشر الذي تم في تقديري دون قراءه ولو مرة واحدة لكثرة اخطاء الطباعة والتي تفسد المعني او تربك القارئ وهذا ايضا ما وقع فيه الاستاذ رزق ..

    لكن الذي يحيرني أن الاستاذ رزق قيادي في الحركة الاسلامية وهو الان نائب رئيس حركة الاصلاح الآن ويقول ما لم تقله اعداء الترابي صراحة وفي حده غريبه هل كان حسن رزق ينتمي كل تلك الفترة لحركة او تنظيم ويضمر لقيادته هذا القدر من الاحتقار …؟؟؟

    وهل يعتقد حسن رزق انه وجماعة الاصلاح الآن ستكون أفضل حالا من الترابي وزمرته ان تمكن من السلطة
    وهل تعلم حسن رزق من سقطات الترابي ومرسي التي يحسبها عليهم ..

    فقط كنت امينا يا رزق في وصف الترابي ولكن أنت ورفاقك علي الدرب تسير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..